الدكتور أسعد شريف الامارة*
رابطة الفضاء الفرويدي الدولي
من سيجموند فرويد "النمساوي" مؤسس التحليل النفسي إلى جاك لاكان "الفرنسي" رحلة عمق الفكر الفرويدي وتأصيله في العلاج والتدريس وتحليل الظواهر النفسية باسرها، كتب "مصطفى زيور" رحمه الله وهو أول من أسس لفكر التحليل النفسي العربي في مصر والوطن العربي نقلا عن "سيجموند فرويد" في رسالته إلى "فليس" أن البحث في ميدان التحليل النفسي يتميز بصفة لا مثيل لها في ميادين البحث الأخرى، فالبحث في أحوال النفس يقتضي من الباحث فحصًا ونضالًا فوق فحصه ونضاله مع الوقائع موضوع البحث، يقتضي منه فحصًا لذات الباحث ومغالبة للنفس حتى يغلب عزوفها عن الحق والمعرفة ذلك أن البحث في أعماق شخصية الإنسان يتصل اتصالًا وثيقًا بشخصية الباحث نفسه ويرتد في النهاية إليه، فكأن موقفه أشبه بموقف الرجل أمام المرآة لا يكاد ينظر فيها حتى يرى نفسه.
ثم جاء الفرنسي "جاك لاكان" ويحق لنا أن نسميه فيلسوف التحليل النفسي اضاف الكثير لهذه المدرسة العريقة التي وضعت أسس علم النفس الحديث، علم نفس الأعماق أن تمتد لجميع معارف الحياة وعلومها، أستطاع أن يؤسس منحى عميق في رؤيته للتحليل النفسي فهو الذي عرض رؤيته عن علاقة ثنائية بين أنا وأنا آخر، وقوله قد يكمن بالنسبة للذات في موقعة التكاثر الخيالي، ودراسته المعمقة عن اللاشعور برؤى مختلفه وَعد أن للاشعور لغة خاصة ، وكان يعتقد "لاكان" أن للغة فلسفة خاصة لاسيما أنه تعمق في اللسانيات ودرس المعطيات اللسانية بطريقة نفسية تحليلية، وقوله: إن الكلمة هي حضور الشيء الذي تدل عليه وغيابه في آن معًا، وهي تطرحه في ذاته، في نظامه الواقعي، ومن ثم يترتب عن فعل الدلالة "هذا" نظامان منفصلان رغم أنهما إحاليان: أي الواقعي واللغة.
نحن في رابطة الفضاء الفرويدي الدولي نعرض ونتحاور ونناقش أراء علماء التحليل النفسي بجميع اتجاهاته والاضافات التي تواكب الظواهر النفسية وما كتب عنها وتم معالجتها، وأساليب العلاج النفسي التحليلي.
تضم هذه الرابطة أعضاء من كل دول العالم والدول العربية ممن تخصص في التحليل النفسي ودرسه ومارسه في العلاج والتدريس ونشر أفكاره في كل مجالات المعرفة من المسرح والفن والسينما والعلاج بالسيكودراما ونذكر في ذلك العلامة الدكتور حسين عبد القادر الذي تخصص في العلاج النفسي التحليلي الفرويدي بالمسرح وطبق فكرة علاج الفصام من خلال المسرح النفسي، فقد عرض في رسالته للماجستير "الفصام : بحث في العلاقة بالموضوع كما تظهر في السيكودراما" أبان عن أن السيكودراما ليست غير تنويعه وكوكبة من بين تشكيلة التباينات التي يمكن أن يتخذها النمط الكيفي الواحد لكل العلاجات النفسية، فضلا عن الرواية والقصة والفنون الاخرى في هذا الفضاء الفرويدي الدولي، تكون أمام معرفة ليس لها مثيل في أن تبحر بفكر التحليل النفسي من سيجموند فرويد النمساوي إلى فكر مصطفى زيور العربي المصري مؤسس مدرسة عين شمس في القاهرة ومصطفى صفوان ، وفرج أحمد فرج، وصلاح مخيمر، ومحمد شعلان، وفرج طه ، إلى عدنان حب الله اللبناني ، إلى ميلاني كلاين وهيلين دويتش وأنا فرويد ثم " جاك لاكان" في عمقه من اللغة إلى اللاشعور والخيال العميق ثم الرمز في كل مجالات الحياة، أنه يعبر بك لربط العلاقة بين الدال والمدلول، أنه يسبر غور النفس الإنسانية في السواء واللاسواء، في الذهانات والاوديب ، ولا ننسى بصمات العلامة المصري العربي الشهير مصطفى صفوان وما تركه من عمق في الفكر الإنساني عالميًا من خلال قراءاته المعمقة عن النفس والاوديب والسلطة والإنسان العربي. أننا في رابطة الفضاء الفرويدي الدولي نستمتع بعبق النفس الإنسانية ونسبر أغوارها مع معالجين تخصصوا في التحليل النفسي من فرنسا يشاركون الكل في لقاءاتهم بمحاضرات قيمه عن تطبيقات الفكر الفرويدي الإنساني عن الطفوله كما أدلت به المحللة النفسية المعاصرة الفرنسية " جيزلين ديبوس كورتي" في محاضراتها على منصات التواصل عن العلاج النفسي للأطفال وكانت بعنوان خلق الصور النفسية وإعادة تنشيطها أثناء العلاج في لحظات إعادة إيقاظ حلم اليقظة. وكذلك "أوريليا ميستر" المحللة النفسية والفيلسوفة والمدرسة بجامعات باريس 7، 13، 1 . وتعرض ما قدمته الحركة الاكلانية "فكر جاك لاكان" للتحليل النفسي.
تتناول رابطة الفضاء الفرويدي الدولي في باريس موضوعات مثل الرؤية اللاكانية للنسيان الفرويدي من "فرويد إلى لاكان" حيث يديرها من تخصص في العلاج النفسي التحليلي ويمارس عمله العلاجي في باريس وهو الدكتور محمد درويش المصري الذي يمسك زمام الفكر الفرويدي التحليلي بكل فروعه، رغم أنه أجاد في الفكر الفرويدي الكلاسيكي بمدرسة مصطفى زيور في عين شمس إلا أنه غَرف من الفكر التحليلي اللاكاني ممارسة وتطبيقا للعلاج النفسي التحليلي والتعليم والتطبيقات الميدانية.
تعود بنا هذه الرابطة الدولية للفضاء الفرويدي بقوة طروحاتها على الفرد ذاته كمتخصص وإنسان عشق التخصص في التحليل النفسي ومارسه بصدق وعمق، حيث تكشف لنا هذه الرابطة بلقاءاتها المنتظمة وبمشاركة ممن تخصصوا بالتحليل النفسي بكل مجالات العلوم النفسية وآمنوا بالتحليل النفسي فكرا ومبدءًا وطريقة للعلاج من مختلف الدول العربية، من مصر وسورية والاردن والعراق ودول أوروبية اخرى، ويستمر عطاء هؤلاء الناس ممن تخصصوا في العلاج النفسي التحليلي والتدريس في الجامعات العربية والأوربية والتحليل النفسي للفن والأدب والشعر والرواية والقصة، حيث يمارس المحلل أعلى درجات التخصص في علم النفس، شفاء الموجود الإنساني، شفاء في الأعماق، وتحليل للأعمال الفنية، التحليل الأعمق والأروع والاصعب كما يقول "بيير داكو" وخلاصة قولنا أن المحلل النفسي هو جراح للنفس.
* استاذ في علم النفس
* عضو رابطة الفضاء الفرويدي الدولي- باريس
543 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع