أحمد العبدالله
مجزرة الزركة؛ الجريمة التي فضحت نفاق المرجعيات والأحزاب الشيعيّة
خلال زيارة العاشر من محرم الشيعية, وقبل 15 سنة مضت, وقعت مجزرة كبيرة في منطقة(الزركة),شمال مدينة النجف, حيث قتل أكثر من 500 من الزوار الشيعة المتوجهين إلى كربلاء خلال ساعات قليلة, على يد القوات الحكومية الميليشياوية المدعومة بالطائرات الأمريكية التي قصفت جموع الزوار بالقنابل والصواريخ, والتي كان تدخلها بطلب حكومي, على أساس وجود تهديد إرهابي كبير.
كانت الأحزاب الشيعية وأتباعها في ذلك الحين, لا زالت تعيش(نشوة) التخلّص من كابوس صدام حسين, والذي تم إعدامه قبل شهر واحد من ذلك التاريخ في أول أيام عيد الأضحى, باحتفال طائفي بغيض, في مقر الاستخبارات العسكرية العراقية السابق الذي كانت تُدار منه الحرب مع إيران, في ميدانها الاستخباري, وفي ذلك إشارة ذات مغزى, وكان ذلك بصفقة أمريكية-إيرانية, لطيِّ صفحة الرجل الذي سبّب لهم صداعاً مزمناً, وأرعبهم حيّاً, كما يرعبهم الآن ميتا.
أشاعت السلطة المحلية في النجف قبيل تنفيذ الجريمة، بأن مراقد الأئمة ستُهاجم من طرف (الإرهابيين) لذلك تم استنفار القوات الأمنية الميليشياوية. ولما كان الجيش الأمريكي قد سلَّم ملف الأمن في النجف إلى تلك القوات، فقد تم استدعاء قوات الاحتلال من قبل المسؤولين الحكوميين وأبلغوهم بوجود تحشد للإرهابيين في قرية الزركة, وعندما استطلعت الطائرات الأميركية القرية, رصدت فعلا حشداً بشرياً غير عادي، من دون أن تدرك القوات الأميركية بأن هؤلاء تجمعوا لأجل المسير إلى كربلاء في موكب خاص بهم، فقصفت قوات الاحتلال ,المنطقة بثماني طائرات مقاتلة ومروحيّة، على أساس إنهم إرهابيون.
ومع الساعات الأولى لذلك اليوم الدامي, سارع المسؤولون في النجف إلى القول؛ بأنهم يخوضون مواجهة عنيفة مع (جماعة سُنيّة)!!, ثم توالت تصريحاتهم لتؤكد إن الجماعة تنظيم ظاهره التشيُّع وباطنه غير ذلك, وأنه ربما يكون مرتبطاً بشكل أو بآخر, بتنظيم القاعدة, مع حرصهم على تجنب ذكر؛ إن المجاميع المعنيّة هي شيعيّة, لتضليل الرأي العام. ولكن الحقيقة ظهرت في نهاية المطاف، إذ بعد وقوع المجزرة , تبين أن هذه المواكب, ينتمي أفرادها إلى عشائر شيعية, وإن الدافع الرئيس للهجوم على الزركه, هو التخلص من جماعة شيعية منافسة, لها معتقدات تتسم بالهرطقة, ولم تكن المعركة من أجل الأمن او حماية الزوار في النجف, بل صفحة من صفحات الصراع الشيعي-الشيعي,على السلطة والمال والنفوذ, فالمجموعتان الشيعيتان الرئيستان في النجف, المتمثلتان بجماعة الحكيم وجماعة الصدر, كانتا تخشيان ظهور منافسين جدد. وهذا يكشف السبب الذي دعا رئيس مكتب الصدر في الديوانية, ليتّهم (جند السماء) كونهم مدعومين من قبل جماعات معادية للشيعة مثل؛ القاعدة، الوهابيون، أنصار صدام، ودول أجنبية, بل وحتى جهاز الموساد الاسرائيلي,تم زجّه ضمن (قائمة المتهمين)!!.
وزعم محافظ النجف(الرفحاوي) أسعد ابو كلل: إنهم عثروا مع الاسرى على جوازات بريطانية ووثائق, متهماً كل من سوريا، والسعودية، وبريطانيا، والإمارات، وحزب البعث,ب(التورط) في الأمر، وإن هناك (ماكيير), جيء به من بريطانيا لتزيين قائد الجماعة المسلحة المدعو؛ ضياء الكرعاوي؛(قتل خلال المواجهات), لكي يبدو قريبا في شكله من أوصاف (الإمام المهدي), المذكورة في الروايات الشيعية, وإنه قد تم تدريب جماعته في سوريا والرمادي!!.
ليس هناك ما يثبت ادعاء الحكومة بوجود متطرفين أجانب ضمن مجموعة(جند السماء). فحينما دقّقت (القوات الأمنية) جثث القتلى, لم تجد سوى شيعة عراقيين فقراء. وخلال المعركة، كان أعضاء الجماعة الدينية يبثون على موجة إرسال الشرطة العراقية, بعد استيلائهم على إحدى سياراتها, مرددين رسالة مفادها؛ الإمام المهدي قادم.. الإمام المهدي قادم!!. وفي النهاية، قتل معظمهم تقريبا, دون أيّ علامة على ظهور المهدي.
لم تصمد طويلاً روايات الدجل والكذب الملفقة التي ساقها الإعلام العراقي الرسمي المضلل المتمثل بقناة العراقية، ومن على شاكلتها كقناة الفرات التابعة للحكيم, وتصريحات المسؤولين العراقيين, في التغطية على حقيقة ما جرى من مجزرة جماعية بشعة ضد مئات الزوار الشيعة في المنطقة التي لا تبعد كثيرا عن المكان الذي حصلت فيه حادثة(خان النص)عام 1977,والتي نفخت فيها الأحزاب الشيعية كثيرا, ولا زالت, وصوّرت الحالة وكأنها(حرب إبادة من حكومة سنيّة ضد زوار شيعة مسالمين)!!,وحينها شُكّلت لجنة تحقيقية عليا من أعضاء القيادة القطرية ,ومن ضمنهم اثنين من الشيعة, وتم الحكم على خمسة أو ستة أشخاص فقط, بالإعدام, لارتكابهم جرائم قتل. فأين هذه من تلك ؟!!.
اعتقلت الشرطة العراقية المئات من أفراد الطائفة وأحيلوا ألى المحكمة الجنائية في النجف, التي أصدرت أحكامها في أيلول 2007، بالإعدام على عشرة مدانين, وبالسجن المؤبد على 130 آخرين, كما حكمت على 262 مدانا آخر بالسجن لمدد تراوحت بين 15 و10 أعوام, وبرّأت ساحة 56 متهماً. ولا زال العشرات في عداد المفقودين ولا أحد يعرف مصيرهم ، وهناك معلومات تشير لوجودهم في سجون سرية في إيران.
ومن خلال الاطلاع على حصيلة الخسائر في الجانب الحكومي, والتي لم تتجاوز الأحد عشر جنديا وشرطيا, إضافة الى جنديين أمريكيين, يتأكد إن الضحايا كانوا عُزّلا ولا يحملون سوى بعض الأسلحة الشخصية البسيطة, فكيف لهؤلاء القدرة على احتلال المراقد وقتل المراجع, وهم لا يملكون العدّة والعتاد؟!!.
لقد صدّعوا رؤوسنا وعلى مدى سنين طوال, ب(مجازر) النظام السابق في العراق, وانتهاكاته لحقوق الإنسان, ودبّجوا المقالات ونظّموا التجمعات والمؤتمرات, وملئوا الدنيا ضجيجاً وصراخاً بما أسموه؛ (المقابر الجماعية) المزعومة. وإذا بهم يرتكبون أبشع المجازر بحق أبناء جلدتهم, فسقطت شعاراتهم الكاذبة, سقوطاً ذريعاً, وافتضح دجلهم ونفاقهم, بأنهم جاءوا لرفع (المظلومية)!!عنهم, والتي امتدت؛ (من أبي بكر إلى حزب أحمد حسن البكر)!!! حسب قول الفاسد الساقط؛(بهاء الأعرجي) في برنامج تلفازي على قناة البغدادية.
وسيأتي اليوم الذي ينالون فيه هؤلاء؛ السفلة الأوغاد المنحطّون المجرمون, الجزاء الذي يستحقون, وسيكون ذلك اليوم عليهم؛ يوماً عبوساً قمطريرا.. وما الله بغافل عمّا يعمل الظالمون.
666 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع