سعد السامرائي
نظرية المؤامرة ونظرية الرفض!
غالبا تكون طريقة عمل الدماغ البشري في التذكر عن طريق تبادل الروابط المتناسقة او المتلاصقة او التي تبدو منطقية اليك فمثلا حين تسمع كلمة حرب فان الروابط ستكون كثيرة لكن اقربها اليك لتتذكرها هي الحرب التي أثرت عليك سواء كان ذلك بمشاركتك بها او تأثيرها عليك او على اقرب الناس اليك .. لكن بوجود وتوفر مدخلات جديدة فانها تحفز على نشوء روابط جديدة قد تؤدي الى خلق مفاهيم وذكريات جديدة ..نوضح ذلك بالاتي: نحن عراقيين ام عرب حين نستمع الى كلمة أقليم فاننا سنتذكر اقليم كردستان لأنه موجودا وماثلا امامنا لكن اذا اضفنا كلمة سني على اقليم فان العقل سيتذكر معه التقسيم !, لماذا ؟..لأنه تم تلقين العقل العراقي بالذات منذ بداية الاحتلال على ان انشاء الاقليم السني سيؤدي لتقسيم العراق !! وهكذا ازاحت هذه الفكرة كل الافكار الجميلة الاخرى لانشاء الاقليم السني ورفضتها من غير ان تستمع أو تعطي فرصة لطرح افكار الاخرين, وهكذا يتم تخزين المعلومات التي يراد منها ان تنطلق لمجرد وصول الاشارة فتمنع الاشخاص من التفكير والتمعن بالطروحات المعينة فهي مخزنة مقدما كمثل شخصا يفكر وهو في طريقه للقاء شخص اخر فيشتغل عقله طول المسافة الفاصلة بينهما ويبدأ بِحَث نفسه على كيفية الرد واذا قال كذا سأرد بكذا او لن اسمح له بالتمادي او توجيه اي اهانة لي وعلي ان ارد عليه بسرعة خصوصا انه فعلها سابقا ووو وهكذا فتقوم بصورة لا ارادية بشحن العقل ضد ذلك الشخص بحيث ما ان تصل اليه ويكلمك فتعتقد انه بدأ يهينك فسترتفع يدك تلقائيا وتضربه بدون تفكير, أو تقل ادبك عليه تبعا لحالة بناء شخصيتك !
من هذا المدخل اردنا ان نتكلم عن اصحاب نظرية المؤامرة وهي اصلا تسمية قد تكون غير صحيحة فهناك فئة يتهمون من يختلف معهم فكريا بانهم اصحاب نظرية المؤامرة ذلك لسببين الاول لأنهم يرفضون أي تبرير حكومي كان أم صادر من مؤسسة ما او أي جهة من غير أن يتم تمحيصه ويتهمون هذه الجهات بأن ما تفعله هو مؤامرة ضد البشرية أو ضد بلد أو جهة معينة او حتى طائفة.. والثاني أنها اصبحت شماعة سهلة لاخفاء وخداع البشر من الطيبة قلوبهم فأنت بدلا عن أن تقدم براهينك ومصادرك التي تدحض اتهامات من يختلفون معك يكفيك أن تطلق عليهم بانهم من اصحاب نظرية المؤامرة فتنسف ارائهم .. هناك طرف ثالث لا علاقة له بهذا الحدث او غيره ,بهذه المؤامرة او غيرها ,بهذا الفعل او غير ,وهم من الاتباع الذين يطبقون طوعا او مغلوبا على أمرهم طلبات وأوامر من يصنعون المؤامرة !,بحيث يمكننا أن نسميهم القطيع ايضا لكن أن تجد من هؤلاء من يكيل لك الشتائم ويتهمك بانك من اصحاب نظرية المؤامرة وهو لا يستطيع أن يقنعك برأيه او أن يجيب على اسئلتك الخاصة بهذا الموضوع كما انه لم تكن له علاقة بصناعة هذا القرار او غيره وجدنا ذلك في عملية التطعيم ضد فايروس كورونا فلا هو صنع التطعيم ولا يستطيع ان يقول لك ماهي مكونات هذا التطعيم ثم يتهمك بانك متخلف!, ولماذا ؟ لأنه طيب لحد السذاجة ودائما يقول ليس من المعقول أن يكون التطعيم مؤامرة دولية ..(يا أخي ماذا تقول هل من المعقول أن يقتلوا ثلثين البشر؟فان عقله لا يستوعب امكانية وجود الشر بعقول بعض المتنفذين وهؤلاء هم من نطلق عليهم (اصحاب نظرية الرفض ) وهذه براءة اختراع باسمي لهذه الفئة التي ترفض ما نقول وما نلمح وتتهمك بهؤلاء الاصحاب .وصانعي المؤامرة انفسهم كل فترة يغيرون استنتاجاتهم وارائهم واسبابهم وما عليك الا ان تطيع فان رفضت فانت متهم !,اصحاب نظرية الرفض يقولون يجب ان يفرض عليك التطعيم لأن الفايروس يتحور عند غير المطعمين ويشكل خطرا عليهم ولذ لك فيتوجب عليهم اخذ لقاح ثالث !!! .ولا ندري كيف يدخل الفايروس جسم الغير ملقح ويتحور ليكون خطيرا ثم يخرج منه من غير ان يقتله ليصيب الملقح ويقتله او يصيبه بالمرض الشديد !مئات السنين نرى مسيرة حياة الفايروسات التي تتحور ونتيجة ذلك تفقد بعض خواصها وهكذا تستمر بالتحورالى ان تكون ضعيفة وتنتهي بموتها ,لكنها تجد مقاومة عند المطعمين فتلجأ للتحور و تحصين نفسها بمناعة ضد التطعيم الى ان تتغلب عليه ويصبح التطعيم غير فعال !وهكذا يعرضون اللقاح الثالث كحل حماية لا نهاية له .!
الانسان خلق حرا ولا نريد أن يعتقد البعض اننا نمنع او نطلب من الاخرين الامتناع عن أخذ اللقاح فلكل انسان عقل وهو مخير (كما يفترض) ان يأخذ اللقاح أم لا ,لا ان يتم فرض رأي معين على الاخرين .ولنخرج من هذا المثل كي لا نتهم بالتحريض ضد اللقاحات الغير مستوفية شروطها الطبية!.
أصحاب نظرية الرفض يرفضون أي منطق كان حقيقة أو برهان فاذا قلت لهم – اصحاب العمايم يأخذوكم للهاوية يقولون غير معقول هم اسيادنا!,كيف اصبحوا سادة ؟ ثم من اين جائتهم السيادة هل هي لمجرد لبسهم العمامة و اصحاب نظرية الرفض لا يملكون اجابة عن كيف لفارسي غير عربي ان يكون من ال البيت وال البيت عربا اقحاح .؟ اذن هؤلاء لا يمتلكون الجرئة للتفكير والاقتناع بانهم يمكن ان يكونوا مخطئين فهم لا يختلفون عن كفار قريش من حيث الطريقة : فيرددون بانفسهم هكذا وجدنا ابائنا أو من يقول لك ان الحكومة تقول ذلك وكأن الحكومات لا تخطأ اولا يمثلها بشر وان الانسان معصوم من الخطأ او الشرور.
هذا بالنسبة لاصحاب نظرية الرفض الذين يتهمون الاخرين بانهم يكذبون فماذا عن اصحاب نظرية المؤامرة الذين يوجد بينهم من يكذب و يحرف الامورايضا والسبب يريدون ان يثبتوا نظريتهم بأي طريقة ربما! ثم ان فحوى اهدافهم هي كما يقولون نابعة من فضح مؤامرات الاشرار ولذلك اطلق عليهم اصحاب نظرية المؤامرة !!..يفسر علماء الاجتماع الميل لتصديق نظريات المؤامرة من كون الأخيرة قادرة على إعطاء تفسيرات وبراهين بسيطة للأحداث، لا سيما عندما تكون المعلومات المتوفرة عنها ضئيلة، إلى جانب ميل العقل البشري للبحث عن الأنماط كما قلنا فيسهل الربط بين الفرضيات لانشاء حقيقة معينة,وتبقى الحقيقة والمؤامرة خفية لأن أي من الطرفين لن يعترف بخطأه او بانه يقود مؤامرة .لكن غالب الامور تتجه لتصديق اصحاب نظرية المؤامرة ربما بسبب كثرة المصايب التي تحدث او ربما لانهم يملكون وعيا وادراكا أكثرمن الطيبين اصحاب نظرية الرفض.
على الانسان أن يقاوم ما يحب فليس كل ما يحب هو خير وقويم ,وعليه أن يتحمل ما يكره فلرب ضارة نافعة ونختم بقول للامام علي ( لاتستوحشوا طريق الحق لقلة سالكي ) وقيل لا يغرنك في طريق الباطل كثرة الهالكين, ولا يوحشنك في درب الحق قلة, فان نهج الحق لا يوزن بكثرة سالكيه ويقول المولى ( وأِن تطع أكثر من في الارض يضلوك عن سبيل الله .) الانعام
3970 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع