ازمة طالبي اللجوء تتفاقم

                                                    

                            سلام مسافر

ازمة طالبي اللجوء تتفاقم
—————

حسابات القيصر وأمنيات ابن الشوارع!

في وقت باشرت مينسك ببناء مخيمات لطالبي اللجوء العالقين على الحدود البيلاروسية البولونية؛ حذّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، نظيره البيلاروسي الكسندر لوكاشينكو من مغبة تنفيذ تهديده بقطع إمدادات الغاز الروسي العابر للتراب البيلاروسي نحو أوروبا.
وقال بوتين ليلة امس إن مثل هذا الإجراء سيؤثر على علاقات روسيا مع بيلاروس ومع الإتحاد الاوربي.
يسعى الكسندر لوكاشينكو الى جر موسكو الى حربه التي توصف " بالهجينة " مع الإتحاد الاوربي، في وقت يسعى الكرملين الى تفويت الفرصة على الغرب وزعيمته الولايات المتحدة، تصعيد التوتر على حدود روسيا الشمالية، وفي الجنوب، على البحر الاسود، بارسال قطع بحرية وغواصات وحاملة طائرات تحوم حول شبه جزيرة القرم، بذريعة إجراء مناورات مشتركة مع اعضاء في حلف الناتو بينهم تركيا.
وفيما أعتبر بوتين الحشود العسكرية الأميركية ، تهديدا للأمن القومي الروسي، فانه أستبعد الرد بالمثل كما طلبت وزارة الدفاع الروسية، مشددا على أن موسكو لا تسعى الى التصعيد وتفضل الحوار.
يستخدم لوكاشينكو في حربه الهجينة مع الإتحاد الاوربي طالبي اللجوء من بلدان الشرق الاوسط، دروعا بشرية، الامر الذي يفسر تغاضي السلطات في مينسك عن النشاط العلني للمهربين، ودفع القادمين الى العاصمة البيلاروسية بتاشيرات سياحية، تصل قيمتها الى 2500 دولار، نحو الحدود مع بولندا وليتوانيا، والسماح لطالبي اللجوء باقتناء معدات لقص واختراق الأسلاك الشائكة.
تناصب بولندا روسيا العداء، على خلفية اتهامات غير مدعومة بدلائل أو براهين، عن دور روسي في مصرع عشرات المسؤولين، في مقدمتهم الرئيس البولوني وعقيلته بحادث تحطم الطائرة الرئاسية داخل الاجواء الروسية ربيع العام 2010.
فقد قُتل الرئيس البولندي ليخ كاتشينسكي وزوجته وعدد من المسؤولين والقادة العسكريين البولنديين في اثناء محاولة الطائرة الرئاسية الهبوط قرب مطارمدينة سمولينسك الروسية.
وبلغ عدد القتلى 96 شخصا هم جميع من كانوا على متن الطائرة بما فيهم أفراد الطاقم الثمانية، وذكر مسؤولون محليون في مدينة سمولينسك، حينها، أن الطائرة وهي من طراز (توبوليف 154) أصطدمت بالاشجار بسبب الضباب الكثيف عند محاولتها الهبوط في مطار المدينة.
وترفض وارشو، نتائج التحقيقات الروسية، وتشن منذ ذلك الحين، حربا إعلامية على موسكو، وتتبنى أكثر المواقف عدوانية و تطرفا في الاتحاد الأوربي ، ضد روسيا.
واذا كان الكرملين، يحاول تطويق أزمة لوكاشينكو مع الإتحاد الأوربي، بالدعوة الى الحوار، فان الرئيس البيلاروسي، المتهم، "باستيراد" طالبي اللجوء، وحشرهم على الحدود، لابتزاز الغرب، يواصل التصعيد، بالإعتماد على الحليف الروسي القوي،دون الأخذ بنظر الاعتبار، ان حسابات موسكو، بعيدة المدى،لا تتفق مع خطوات مينسك التكتيكية التي تبدو الى الآن خاسرة.
صحيح ان روسيا لن تتخلى عن الشقيقة السلافية بيلاروس، وان الدولة الصغيرة، تمثل جزءا مهما من إستراتيجية المنطقة العازلة بين العملاق الروسي، ودول الناتو، الا ان الكرملين، خبّر على مدى سنوات تقلبات لوكاشينكو الذي وإن اعتبره حليفًا إستراتيجيًا، لكنه لا يعترف صراحة بعائدية شبه جزيرة القرم الى روسيا، انسجاما مع الموقف الغربي، وليترك خط الرجعة على أبواب الإتحاد الاوربي مفتوحا أمام مينسك.
تعيش بيلاروس،ظروفا إقتصادية صعبة، وقد ينهار الاقتصاد، اذا قطعت روسيا المساعدات. كما ان إستخدام لوكاشينكو، ورقة اللاجئين، لابتزاز الاوربيين، وارغامهم على التفاوض مع مينسك، قد تنقلب الى وبال جديد على الاقتصاد البيلاروسي، في حال فرضت اوروبا البراغماتية عقوبات أشد ، من المتوقع ان تشمل كل المصادر الحيوية للاقتصاد البيلاروسي، بما في ذلك فرض حصار بري، بعد الحصار الجوي، ومنع إستيراد الاغذية البيلاروسية والفوسفات وغيرها من الحقول التجارية والاقتصادية التي تمثل اذرع مينسك المالية .
يدرك صنّاع القرار في روسيا، ان تهور الحليف المتقلب، يمكن ان يفسد، او في الاقل، يعرقل خطط فلاديمير بوتين بعيدة المدى والاهداف، في مقارعة الغرب وزعيمته الولايات المتحدة، الذي ادرج روسيا في خانة" العدو اللدود" والصين
" المنافس اللدود" مع قناعة راسخة لدى استراتيجي واشنطن وبروكسل، بان قيام تحالف روسي صيني، سوف يفشل خططهم، الامر الذي يفسر مناورات واشنطن السياسية، بغض النظر عن الحزب الحاكم في البيت الأبيض، لمنع موسكو وبكين من تشكيل ثنائي يستقطب دولا اخرى، في مواجهة مفتوحة مع القطب الأميركي .
تعمل موسكو، ويدها على الزناد، لمنع نشوب حرب محدودة أو شاملة، من منطلق المسؤلية عن أمن شعوب العالم، وتحاول تطويق معركة خاسرة يخوضها لوكاشينكو مع طواحين الغرب، بهدف الحصول على مكاسب آنية، تزدريها العقلية الإستراتيجية لفلاديمير بوتين.
في آخر مقابلة تلفزيونية، قال لوكاشينكو، مستعرضا قوة علاقته الشخصية مع بوتين:
فلاديمير ابن الحارة ، وانا ابن الشوارع!
واضاف:
كلانا عانى من الفقر والحرمان والتيتم ، وهذا ما يوحدنا.
من غير المؤكد ان القيصر بوتين، يطرب للتشبيه، فالرئيس الروسي، حتما لا يرغب في شراكة غير آمنة مع أبناء الشوارع!
سلام مسافر

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

863 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع