المعايشـة

                                                     

                            المحامي المستشار
                        محي الدين محمد يونس


المعايشـة

استمرت الحرب العراقية - الإيرانية مدة ثمان سنوات متواصلة لتكون بذلك أطول فترة حرب في القرن العشرين بعد الحرب العالمية الثانية وكانت تداعيات هذه الحرب المدمرة على الشعبين يفوق التصور في الخسائر البشرية وعلى البلدين في الخسائر المادية والتي بدأها النظام العراقي فــي 22 أيلول 1980 بعد ان تيقن بأن الحرب قائمة بين البلدين لامحالة بعد رحيل نظام الشاه (محمد رضا بهلوي) ومجيئ نظام الامام (الخميني) والذي أخذ يلوح فور مسكه بزمام الأمور في إيران بالحرب بهدف تخليص الشعب العراقي من نظام (صدام حسين) الكافر حسب ادعائه.

    

                    الرئيس العراقي السابق صدام حسين

هذا الاعتقاد الراسخ في ذهن الرئيس العراقي من حتمية اندلاع الحرب جعلته يبدأها على ضوء المثل العراقي القائل (اتغده بي قبل ما يتعشه بيه) وقبل ان تقوى شوكة النظام الإيراني الجديد ويعيد تنظيم قواه العسكرية ، وللتاكيد على صحة وجهة نظرنا يذكر القيادي السابق في حزب البعث (صلاح عمر العلي) في لقاء له مع (أحمد منصور) بتاريخ 6 تموز 2003 في برنامج شاهد على العصر والذي تبثه قناة الجزيرة الفضائية حيث يذكر من انه كان برفقة الرئيس العراقي (صدام حسين) باعتباره ممثل العراق في الأمم المتحدة عند حضوره قمة عدم الانحياز في كوبا في أيلول 1979 وعلى هامش المؤتمر التقيا بوزير الخارجية الإيراني (إبراهيم يزدي) وكان لقاءً ودياً بين الطرفين وابدى وزير الخارجية الإيراني تجاوباً في استعداد بلاده لحل المشاكل العالقة وعدم فسح المجال في تصاعد الازمة بين البلدين.

     

لقاء أحمد منصور مع صلاح عمر العلي في برنامج شاهد على العصر

يضيف محدثنا بعد انتهاء اللقاء لاحظ الرئيس العراقي (صدام حسين) ارتياحي وتفاؤلي وسعادتي من الموقف الإيجابي والمسؤول لوزير الخارجية الإيراني فخاطبني قائلاً ... أي صلح ، أي حل للمشكلة بيننا وبين ايران، يا صلاح هذه الفرصة ربما لا تحصل في القرن مرة واحدة، هؤلاء اخذوا الاهواز من عندنا، اخذوا شط العرب من عندنا، اعتدوا علينا، يهددوننا، يصدرون الثورة الينا وبالتالي فرصتنا الان ... ها الان مواتية، مفككين، جيش تبعثر، قواتهم موزعة، التصارع بيناتهم، ناس تقتل ناس، فاذن الان فرصتنا التاريخية في ان نسترجع كافة حقوقنا بالكامل وهذا الامر أقول لك إياه، حضر نفسك انت كممثل للعراق في الأمم المتحدة، راح اضربهم ضربة اخلي كل الكرة الأرضية تسمع صوتها واسترجع كامل حقوقنا. وكان هذا الحديث بعد أسابيع قليلة من سيطرة صدام على السلطة.
على كل حال انتهت هذه الحرب في 8 آب 1988 بعد أن شملت جميع مكونات وشرائح الشعب العراقي بويلاته ومآسيه حيث شهدت ابتكار القائمين عليها طرق وأساليب تصب في محصلتها النهائية في إبادة اكبر عدد من شباب العراق من خلال سوقهم الى محرقة الحرب بمختلف الأساليب القسرية وبالرغم من ارادتهم وعدم قناعتهم بجدواها.

         

لقد تكبد الجيش العراقي خسائر فادحة في صفوفه من خلال الاستدعاء المتكرر للمواليد طيلة فترة الحرب حيث نجم عن ذلك انخفاض نسبة عدد الاحياء في بعض المواليد بشكل ملحوظ كما هو الحال بالنسبة لمواليد 1949 اذ قتل معظمهم لطول فترة بقائهم في الخدمة العسكرية إثناء الحرب والسلطات العراقية لم تكتفي بالذين تستلزم مواقعهم ومسؤولياتهم الاشتراك في هذه الحرب بل امتدت الى معظم شرائح المجتمع العراقي من خلال: -
أولاً- قواطع الجيش الشعبي المرتبطة بقيادات الفرق الحزبية للبعث وواجبها القيام بحملات ملاحقة المدنيين عند الحاجة لجمع العدد المطلوب للمشاركة في القاطع المزمع ارساله الى جبهات القتال بعد التنسيق مع القطعات العسكرية المعنية ولفترة محددة لهذا الواجب الذي كان مثار قلق وازعاج لهم ولعوائلهم وقد احتفظت ذاكرتي بالملاحظات التالية عن عملية جمع المقاتلين وارسالهم الى جبهات القتال: -
1- المشمولين بالمشاركة الجبرية في هذه القواطع هم من المدنيين ومن جميع أصناف وشرائح المجتمع العراقي من الموظفين الرسميين في دوائر الدولة او العاملين ضمن النشاط الحرفي كافة المجالات والأنشطة دون استثناء.

                           

                        شعار الجيش الشعبي

2- كانت عمليات اعداد القواطع تستلزم ملاحقة الأشخاص المراد السيطرة عليهم وتهيئتهم والحاقهم مع قاطعهم الى ساحة العمليات القتالية المخصصة لهم وكانت عمليات الكر والفر هي سمة تنفيذ هذه الواجبات حيث المطاردة من شارع الى اخر ومن زقاق الى اخر ومداهمة منازل ودوائر المقصود اشراكهم في هذا الواجب في مختلف الأوقات والذين كانوا يحاولون الاختفاء وتغيير محلات تواجدهم وسكناهم لحين انتهاء الحملة، وبهذه المناسبة تحضرني حكاية طريفة عندما اخبرت بمرض احد معارفي وقمت بزيارته في داره ولاحظت عليه علامات المرض والهزال وكان المثير للضحك هو عندما اخبرني عن سبب مرضه حيث ذكر لي بانه وقبل اربعة أيام وعندما كان في داره ليلاً سمع طرقاً على الباب حيث انه كان مطلوبا لقاطع الجيش الشعبي وعند اخباره من قبل أولاده من كون الطارقين على الباب هم جماعة الجيش الشعبي فقد أسرع الى سطح داره ونزل بداخل خزان الماء المملوء وكان الفصل شتاءً وبعد بحث المذكورين عنه وعندما لم يجدوه انصرفوا الى حالهم متوعدين إياه بالويل والثبور كان يحدثنا عن حاله عندما كان مستقراً داخل خزان الماء البارد المثلج وفي هذا الليل حالك الظلام وهو يرتعش وتصطك أسنانه خوفاً وبرداً، مرت الدقائق عليه وكأنها سنين، قضينا معه وقتاً جميلاً وهو يحدثنا عن معاناته ويقطع الحديث عندما كنا متفقين سراً مع أحد أولاده للقيام بطرق باب داره وتخويفه على كل حال توسطت له في اليوم التالي لدى آمر القاطع ومسحت اسمه من الترشيح في المشاركة مع القاطع وكان هذا حالي في الكثير من الحالات المماثلة.

     

             طه ياسين رمضان قائد الجيش الشعبي

3- المساقون للخدمة في قواطع الجيش الشعبي لم تكن أعمارهم محددة فربما كنت ترى من هو طاعن في السن أو صغير لم يكمل الثامنة عشرة من عمره كما كانت الحالة البدنية والصحية للمراد سوقه يتم غض الطرف عنها في كثير من الأحيان.
4- لابد من الاشارة الى أن جميع الأشخاص لم تكن تشملهم حملات الجيش الشعبي حيث كانت هناك استثناءات لذوي النفوذ الحزبي والحكومي وأقاربهم بالإضافة الى تأثير الرشاوي المالية والعينية في هذا الجانب والسوق كان يقتصر على ولد (الخايبة) بالتعبير العراقي. وهنا تعود بي ذاكرتي الى موقف عندما شكى لي صديق من ان احد الرفاق المتنفذين يخيره بين ان يشتري منه ساعة يدوية فيها صورة (صدام حسين) بمبلغ خمسمائة دينار او يسوقه مع احدى قواطع الجيش الشعبي.
5- لقى الكثير من المشاركين في قواطع الجيش الشعبي حتفهم في جبهات القتال أو أصيبوا بأنواع الجروح والعاهات أو تأسروا وكانت معاملة السلطات الإيرانية معهم قاسية باعتبارهم متطوعين للقتال كما حصل مع أسرى الجيش الشعبي عند سقوط مدينة المحمرة بيد القوات الإيرانية.
6- الخسائر المادية والمعنوية للمساق ضمن قواطع الجيش الشعبي بسبب تركه لعمله ومصدر رزقه وخاصة فيما يخص المزاولين للعمل الحر طيلة فترة بقائهم في المهمة المكلفين بها والتي كانت تستغرق شهور عديدة قابلة للتمديد احياناً وحسب الظروف بالإضافة الى الجانب المعنوي في غياب الرجال عن مهمة الاشراف ورعاية عوائلهم.
وهنا لابد أن نشير الى أن قواطع الجيش الشعبي كانت تكلف بواجبات أخرى للحفاظ على الأمن في المناطق الساخنة وعلى الأخص ضمن المحافظات (أربيل، السليمانية، دهوك) وتعود بي ذاكرتي الى حادث تعرض احدى قواطع الجيش الشعبي القادمة من بغداد والمكلفة بواجب مراباة طريق أربيل – التون كوبري الى هجوم من قبل قوات البيشمركه في احدى الليالي وقد نجم عن الهجوم خسائر فادحة في صفوف مقاتلي القاطع يربو على العشرون مقاتلاً بين قتيل وجريح وكما استذكر حكاية لطيفة عندما كلف الرفيق (أبو ميسون) وهو من أهالي البصرة بقيادة قاطع الجيش الشعبي في جبل قره جوغ القريب من قضاء مخمور والذي يتردد اسمه حالياً بسبب تعرضه لهجمات من قبل مقاتلي داعش، المهم في الامر من ان الرفيق (أبو ميسون) استصحب معه كلبه (وولف دوكَ) وكان ضخماً ومثار خوف وفزع في نظر من يراه وعندما سُئِل (أبو ميسون) عن سبب اصطحابه للكلب معه أجاب حرفياً (ليش أني مخبل اعتمد على ذوله المقاتلين الغشمه) تعبيراً منه بعدم ثقته بكفاءتهم وجاهزيتهم لتنفيذ الواجبات العسكرية.
والحديث عن أبو ميسون والذي قتل في احداث الانتفاضة في أربيل يوم 12/3/1991 يذكرني بقرار كان قد صدر من قيادة حزب البعث في الثمانينيات من القرن الماضي فحواه إجبار ذوي الملتحقين بالأحزاب والتنظيمات المعادية لها في انهاء ارتباطهم بتلك الجماعات والعودة الى الصف الوطني وكانت وسائل الاجبار تتم بصيغ مختلفة ومتنوعة ومنها حجز عائلة الشخص الملتحق بتلك الجماعات لفترات غير محددة نعود للحديث عن (أبو ميسون) والذي دخلت عليه في مكتبة في أحد الأيام وشاهدت عنده (محمد معصوم) شقيق (فؤاد معصوم) رئيس جمهورية العراق السابق وكان يحاوره قائلاً:- شوف اخ محمد احنا راح ننطيك مجال شهر واحد تتصل بشقيقك (فؤاد) وتقنعة في إنهاء ارتباطه بالخونة والعملاء جماعة (جلال الطالباني) رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني وان يعود للصف الوطني ويترك صفوف المعادين للثورة والحزب.

    

كاتب المقال في صورة تجمعه مع رئيس جمهورية العراق السابق
(فؤاد معصوم)

وكان (محمد) خلال حديث أبو ميسون معه ينظر لي مستغرباً من هذا الطلب التعجيزي ويطلب منه اعفاءه من هذه المهمة لاستحالة تمكنه من إنجازها والمذكور يكرر عليه الطلب ويوقعه على التبليغ به وبعد انصرافه استفسرت من (أبو ميسون)عن كيفية تكليف المذكور في اقناع شقيقه (فؤاد) وهو القيادي ومن مؤسسي ذلك الحزب للعودة وترك نشاطه الحزبي المعادي للسلطة في العراق واستحالة ذلك، أجابني (إحنا شعلينا هاي أوامر الحزب أن نبلغ المشمولين بيها انت لا تتدخل) وعلى كل حال هذه حال الدنيا يوم لك ويوم عليك ودارت الأيام كما تقول (أم كلثوم) فلقي (أبو ميسون) حتفه وعاد (فؤاد معصوم) ليصبح رئيس جمهورية العراق ويلتحق بالصف الوطني التوافقي تنقصه الصلاحيات والهيبة المرافقة لها كما كان رئيس النظام السابق (صدام حسين) ذو الصلاحيات المطلقة والهيبة المتميزة والشيء بالشيء يذكر وانا اكتب عن (محمد معصوم) تفاجأت بخبر وفاته هذا اليوم 6/1/2022 وقاتله هذا المرض اللعين كورونا.
ثانياً - سوق جميع منتسبي قوى الامن الداخلي (الشرطة، المرور، الجنسية، الدفاع المدني) الى جبهات القتال ضمن وجبات شهرية منتظمة اجبارية تسمى بواجب المعايشة وقد أدى هذا التصرف من قبل السلطات العراقية الى فقدان الكثير منهم لحياتهم او اصابتهم بجروح وعاهات او فقدانهم او اسرهم من قبل القوات الإيرانية اثناء المعارك الدائرة بين الطرفين وما سببه ذلك من معاناة واذى لهم ولعوائلهم وتعود بي ذاكرتي ونحن نتحدث عن واجب المعايشة حيث كنت ضمن احدى الوجبات المحددة للمشاركة فيها في شهر اب من عام 1985 وكان عددنا يربو على المائة وخمسون ضابطاً من مختلف الرتب ودوائر قوى الامن الداخلي من كافة انحاء العراق وكانت نقطة تجمعنا والانطلاق من كلية الشرطة في بغداد ومنها نقلنا الى محافظة ميسان حيث مقر الفيلق الرابع والذي قام بدوره بتوزيعنا على وحداته والوحدات المتجحفلة معه في ذلك القاطع وكان عددنا يتناقص كلما اتجهنا بالعمق نحو الحدود العراقية الإيرانية حيث وصلت ومعي ثلاثة ضباط الى احدى كتائب المدفعية في منطقة الشيب وكنت في حينه برتبة رائد والأخر برتبة نقيب والثالث برتبة ملازم اول والأخير برتبة ملازم، كان واجبنا المعايشة في هذه الكتيبة لمدة شهر، استقبلنا من قبل امرها والذي كان برتبة عميد واسمه الذي لا يمكن ان انساه (سامي) رحب بنا واعطانا فكرة عن وضع المنطقة من الناحية العسكرية وتضاريسها والمخاطر التي قد تواجهنا وارشاداته لنا في ان نكون يقضين وحذرين على الدوام وكيفية التصرف في حالات تعرضنا للقصف او الهجوم المعادي، استغرق جلوسنا معه لمدة ساعة وبعد قيامه بواجب الضيافة في غرفته والتي كانت محصنة وتحت الأرض اخبرنا بانني والضابطين الاخرين سيتم نقلنا الى المواقع الامامية (الرصد) عدا النقيب حيث سيبقى في مقر الكتيبة.

          

ومن اجل ذلك امر احد مرافقيه بإحضار سائق مع سيارته (الواز) ومن ثم نهض وودعنا وخرجنا من مكمنه والغيض يملئ قلبي من قراره بإبقاء النقيب في مقره وسوقي انا الرائد الى الخطوط الامامية فاختمرت في ذهني فكرة نفذتها في الحال حيث استدرت وعدت الى غرفة العميد (سامي)، واديت له التحية وبادرته بالسؤال:-
"سيدي: شلون ما اشوف انت يبين عليك كردي؟"
اجابني ضاحكاً: "أي اني كردي..ليش تسأل شعندك؟"
قلبت الموجة على الإذاعة الكردية وتحدثت معه بلغتها متسائلاً:
"سيدي.. ليش النقيب بقيته عندك بالمقر واني الرائد سفرتني للخطوط الامامية للرصد؟"
اجابني: "النقيب مو اني بقيته بي توصية من قائد الفرقة"
اجبته: "زين ماكو مشكلة اذا النقيب بي توصية من قائد الفرقة خلي اني تكون عندي توصية منك بالبقاء في مقر الكتيبة"
ابتسم وطلب مني الجلوس وامر السائق بايصال الضابطين الى الموقع المحدد وابقائي بحجة ارسالي الى طبابة المعسكر للعلاج، بقيت جالساً عنده في ذلك اليوم وباقي أيام الشهر ونحن نتجاذب اطراف الحديث في مختلف الأمور والاحداث وتعرفت عليه وكان انساناً غاية في الخلق والادب واصبح صديقاً لي واستمرت علاقتي به حتى بعد انتهاء واجبي وكان من محافظة كركوك وهي المرة الأولى في حياتي اتوكل فيها على الجانب العرقي لغرض ان اتخلص من ما انا فيه واخفف من معاناة المعايشة.
لم تحصل اي حوادث خلال شهر المعايشة وكانت الجبهة ساكنة وهادئة وبالمناسبة أتذكر بانه في احد الأيام حيث كنا مدعوين على الغداء من قبل ضباط الكتيبة وجذب انتباهي بث التلفزيون على قناة إيرانية باللغة العربية وكانت تجري لقاءات مع الاسرى العراقيين حيث تكلم احد الجنود وذكر اسمه وانه من قضاء المحاويل ويرجو ممن يسمع صوته ان يخبر اهله بانه في الاسر وبصحة جيدة وهنا انبرى احد الضباط من نفس المنطقة وتطوع لإخبار عائلة الجندي الأسير غير ان الأخير تمادى في غيّه كما يقال وأخذ يكيل السباب للرئيس العراقي (صدام حسين) والمديح للإمام (الخميني) فما كان من الضابط الا ان يتراجع عن قراره ويلعن هذا الأسير ويمطره بمختلف كلمات الشتم والسباب وعند استفساري من الحاضرين عن سبب مشاهدة هذه القناة أفادوا بان البث التلفزيوني العراقي لا يصل الى هذه المنطقة ومشاهدة القنوات الإيرانية مسموح به لدواعي استخباراتية.
نعود اخيراً لنذكر بمقتل او جرح او فقدان او اسر العديد ممن شاركوا في واجب المعايشة من منتسبي قوى الامن الداخلي او من شرائح المدنيين دون مبرر سوى الاستهانة بالقيمة الإنسانية للمواطن العراقي الذي أصبح حطباً لهذه الحرب كل هذه الفترة الطويلة والتي انتهت دون ان يحقق أي طرف من طرفيها اية نتائج إيجابية وختمت بان لا يكون هناك غالب او مغلوب وعدم صدور أي قرار من مجلس الامن الدولي بإدانة اي طرف لوحده وتحميله عواقب هذه الحرب المكلفة لاتفاق القوى الدولية العظمى على اشعال هذه الحرب ووضع سيناريو نهايتها بهذا الشكل وتحقيق هدف اضعاف الدولتين المارقتين وإزالة مخاطرهما على دول المنطقة والعالم.
اترككم بعناية الله وحفظه وينجيكم من المشاركة في قواطع الجيش الشعبي ووجبات المعايشة حتى في احلامكم وأنتم تغطون في نوم عميق على ضوء ما سردته لكم من تفاصيل حول احداثها بالنسبة للذين لم يعايشوها ونأمل من الذين شملتهم عذاباتها ان يتحفونا بالمزيد من المعلومات عنها لضآلة ما كتب عن هذا الجانب من قادسية صدام ونختصر مجمل ما تحدثنا به في وصف حالة الفرد العراقي في ظل النظام السابق من حيث المعاناة والقلق الدائم وهاجس الخوف من ما ينتظره من احداث ووقائع سيئة ومؤذية عليه وعلى عائلته ومقربيه عندما كان يفاجئ بإحدى دعوات المواليد للخدمة العسكرية او السوق ضمن احدى قواطع الجيش الشعبي ولقد استمرت هيمنة هذا النظام على السلطة في العراق لفترة طويلة واصبح التفكير بزواله امراً ميؤوساً منه لولا الأخطاء الاستراتيجية التي اقترفها رأس النظام (صدام حسين) والتي اباحت وبررت للولايات المتحدة الامريكية والدول المتحالفة معها بالقيام بحملة سياسية وعسكرية في عام 2003 مهدت لوضع نهاية لهذا النظام وقلعه من جذوره ومعه رئيسه الذي سار نحو حتفه بتخبطه وجهله بعواقب الأمور وتداعياتها على هذا البلد وشعبه المسكين المغلوب على امره ليأتي بعده نظام جديد من ابرز سماته الفساد والجهل والفقر والتخلف وبذلك تحققت تنبؤات (صدام حسين) عندما كان يردد (من يفكر في ازاحتنا واستلام السلطة في العراق بعدنا سيجده خاوياً محطماً).

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

995 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع