د. جابر أبي جابر
أوكرانيا والروس- عرض تاريخي
لمحة تاريخية: في القرن السابع عشر كان جزء كبير من أراضي أوكرانيا تحت سيطرة دولة "رتش بوسبوليتا" المؤلفة من مملكة بولندا وإمارة ليتوانيا الكبرى. وقد كان السكان هناك يعانون من الاضطهاد القومي والمذهبي حيث تحول قسم كبير منهم إلى الكاثوليكية أو طائفة الروم الكاثوليك تحت ضغط السلطات ورجال الدين الكاثوليك. وكان القوزاق في منطقة زابوروجيه ينتفضون باستمرار ضد الوجود البولندي. وفي عام 1648 انتفض القوزاق برئاسة الهتمان بوغدان خملنيتسكي وأسسوا لهم دولة في جزء لابأس به من أوكرانيا سُميت "هتمانستفو". وفي العام نفسه طلب خملنتسكي من القيصر الروسي ألكسي ميخائيلوفتش (والد بطرس الاكبر) الانضمام إلى روسيا. ولكن القيصر ارتأى أنه من الأفضل التمهل في الموافقة على ذلك لأن الروس لم يكونوا مستعدين لمحاربة دولة رتش بوسبيليتا. ومع ذلك ففي 1 تشرين1/أكتوبر عام 1653 التأم في موسكو المجمع العام، الذي ضم شتى الشرائح الاجتماعية وقرر قبول طلب انضمام الشعب الأوكراني الأرثوذكسي تحت سلطة القيصر. ولهذا الغرض أرسلت روسيا سفارة إلى أوكرانيا برئاسة الدبلوماسي المخضرم والشخصية العسكرية البارزة فاسيلي بوتورلين.
وفي 8 كانون2/يناير عام 1654 اتخذ مجلس ييرسلافل الكبير بالإجماع قراراً لصالح انضمام أوكرانيا في قوام الدولة الروسية. وعلى أثر ذلك دخلت روسيا في حرب طويلة ضد رتش بوسبيليتا (1654-1667) وتمخضت هذه الحرب عن تحرير الجزء الأكبر من أراضي اوكرانيا. وبعد التحرير وضعت السلطات الكنسية الروسية بعض العراقيل أمام عودة السكان إلى الكنيسة الأرثوذكسية. ومن أبرزها مسألة إعادة التعميد. ولكن بطريرك انطاكيا وسائر المشرق مكاريوس الزعيم ، الذي كان آنذاك موجوداً في موسكو بزيارة طويلة دامت ثلاث سنوات، أقنع الأساقفة الروس بعدم ضرورة إعادة التعميد بعد نقاشات حامية دامت خمس ساعات. وقد سهل هذا الأمر عودة عدد كبير من السكان إلى الارثوذكسية (بولس الحلبي. رحلة البطريرك مكاريوس إلى روسيا. دار نشر" ديركت ميديا"، موسكو، 2010- الطبعة الروسية).
وبعد تقسيم بولندا في نهاية القرن الثامن عشر بين روسيا وألنمسا- المجر وبروسيا أصبح جزء كبير من الأراضي الأوكرانية الغربية تحت حكم روسيا، التي استولت أيضاً على المناطق الجنوبية لأوكرانيا عقب سيطرتها على شبه جزيرة القرم وضمها لروسيا في عهد القيصرة كاترين الثانية. خلال حرب الشمال (1700-1721) صارت أراضي أوكرانيا برمتها مسرحاً لعمليات عسكرية واسعة النطاق بين العديد من الدول الأجنبية بما في ذلك السويد وبولندا وروسيا. وفي هذه الأثناء كان يترأس قوات زابوروجيه (1687-1709) الهتمان ايفان مازيبا، الذي كان في نفس الوقت مساعداً للقيصر بطرس الأكبر في قضايا السياسة الداخلية والخارجية. وفي عام 1708 انتقل فجأة إلى صفوف قوات ملك السويد كارل الثاني عشر بعد علمه ان القيصر يسعى إلى استبداله بألكسندر منشيكوف.
وقد تجلى رد فعل الروس على خيانة مازيبا وقواته بارتكاب مجزرة فظيعة . فلدى وصول خبر انتقال مازيبا إلى جانب العدو انفجر القيصر بطرس الأكبر غيظاً وأمر منشيكوف بالتوجه فوراً إلى عاصمة الهتمانستفو مقر مازيبا الرسمي وتسوية بلدة باتورين بالأرض. وبناء على ذلك قامت قوات موسكو بقيادة منشيكوف بهدم البلدة وحرقها برمتها بعد ذبح جميع السكان بما في ذلك النساء والأطفال. وقد جرى صلب الرجال القوزاق على الصلبان. وبعد هزيمة السويديين هرب مازيبا إلى الدولة العثمانية.
ويعتبر المؤرخون الروس والسلطات الروسية الرسمية الهتمان مازيبا خائناً للدولة بينما يرى الأوكرانيون أنه بطل قومي. والمعروف عنه أنه كان واسع الثقافة. فقد تلقى علومه في بولندا وهولندا وفرنسا، وكان يتقن اللغات الأوكرانية والروسية والبولندية والتترية، ويلم بالفرنسية والألمانية والإيطالية. كما كان لديه مكتبة رائعة بالعديد من اللغات. وقد لعب دوراً هاماً في التطوير الاقتصادي للمناطق التابعة له. وكان في الوقت ذاته شديد الاهتمام بالشؤون الدينية وفي بناء الكنائس الأرثوذكسية وترميم الكنائس القديمة. والجدير بالذكر انه قام في عام 1708 بتمويل أول طبعة للإنجيل باللغة العربية في مطبعة" أثينا الآسيوية" بمدينة حلب. وقد كان قد قدم إلى بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق أثناثيوس الثالث دباس 6 آلاف قطعة ذهبية نصفها لطباعة الإنجيل والنصف الآخر لتطوير الكنيسة.
في منتصف القرن التاسع عشر تشكلت بناء على مبادرة المؤرخ المعروف نيكولاي كوستوماروف "أخوية سيريل وميثوديوس" السرية المعادية لنظام القنانة في الإمبراطورية الروسية. وقد استهدف هذا التنظيم إنشاء اتحاد للبلدان السلافية مركزه كييف. وأُفرد للأوكرانيين دور خاص في هذا الاتحاد نظراً لكونهم، كما هو معروف، يتميزون بحب الحرية والنزعة الديمقراطية.
وقد تبنت الأخوية الأفكار المسيحية والسلافية ووضعت أمامها مهمة لبرنة الحياة السياسية والثقافية في روسيا وتحرير أوكرانيا قوميا واجتماعياً عبر القضاء على القنانة والامتيازات الطبقية وإعلان حرية الضمير. وكان من المقرر أن يشمل الاتحاد السلافي أوكرانيا وروسيا وبولندا والتشيك وصربيا وبلغاريا. وارتأت الأخوية أن يكون تحقيق مبادئها السياسية بطريقة إصلاحية سلمية وفق "قواعد الإنجيل في المحبة والوداعة والصبر".
ويرى المؤرخ ريم سيمونينكو أن الأهمية التاريخية لهذا التنظيم تكمن في أنه أول محاولة للإنتلجنسيا الأوكرانية في النضال من أجل حقوق الشعب الأوكراني. وأكد على أن الأخوية صاغت برنامجاً واسعاً أضاء الطريق لأتباعها وأنها كانت أول تنظيم سياسي في الإمبراطورية الروسية. كما أن الشاعر الكبير تاراس شفتشينكو ترك تأثيراً ملحوظاً على التكوين الفكري لأعضاء الأخوية وأنشطتهم العملية. ولكن بعد اكتشاف أمرهم قامت قوات الدرك بسحقها واعتقال معظم أعضائها ثم زجهم في السجون أو نفيهم غلى أماكن بعيدة. وقد نفي المؤرخ كوستوماروف إلى مدينة روستوف وألحق شفتشينكو بالجيش كجندي عادي. والمعروف أن مؤلفاته لعبت دوراً هاماً في النهضة القومية للشعب الأوكراني.
دأب معظم القياصرة الروس على ترويس أوكرانيا. ففي عام 1720 أصدر بطرس الأكبر مرسوماً يقضي بحذف كافة العناصر اللغوية الأوكرانية من المؤلفات اللاهوتية المنشورة في المطابع الأوكرانية. وقد قامت القيصرة كاترين الثانية في عام 1764 بحل دولة" هتمانستفو"، التي تتمتع بحكم ذاتي، وحولتها إلى مقاطعة. كما أنها ركزت كافة مساعيها في هذا المجال على نقل ما تبقى من الكاثوليك والتابعين لطائفة الروم الكاثوليك إلى الأرثوذكسية مما سيساعد على ترويسهم.
وفي عام 1940 ألغى نيكولاي الأول الإدارة المحلية في المدن الأوكرانية فضلاً عن لائحة القوانين المحلية التي تعود إلى حقبة الحكم البولندي- الليتواني. وقد انتهجت حكومته سياسة ترمي إلى الترويس الثقافي للمناطق الأوكرانية بما في ذلك وضع صياغة جديدة للأحداث التاريخية الجارية في أوكرانيا للتدريس في المدارس والجامعات. وقد استخدمت اللغة الروسية وثقافتها والتاريخ كأدوات في سياسة الدولة الرامية بشكل خاص إلى ترويس المقاطعات الغربية التي كانت لفترة طويلة ضمن الأراضي البولندية. وفي عهد ألكسندر الثاني منع استيراد كافة المطبوعات الصادرة باللغة الأوكرانية، وكذلك نشر الكتب الدينية وكراريس تعليم القراءة والكتابة والنحو للناس البسطاء، إلى جانب الأعمال الادبية للطبقات العليا. وقد استهدفت هذه التدابير ضمن أمور أخرى كبح تطور الأدب الأوكراني.
وفي عام 1876 أصدر ألكسندر الثاني أثناء إقامته للاستجمام في المانيا مرسوماً سُمي بقانون يوسيفوفتش حول إبعاد الكتب الأوكرانية عن مكتبات المدارس ومنع عرض التمثيليات وأداء الأغاني وتلاوة الشعر باللغة الأوكرانية. كما نص القانون على اتخاذ إجراءات صارمة بحق النشطاء الأوكرانيين. وفي إطار ذلك أغلق فرع كييف للجمعية الجغرافية الإمبراطورية، الذي اعتبر مركزاً للنشاط الفكري والنزعة القومية الأوكرانية. وقد جرى أيضاً إقفال مركز تلغراف كييف، وأرسلت تعليمات إلى عمدات كييف وخاركوف وأوديسا بمراقبة الأشخاص من ذوي الميول القومية الأوكرانية والتبليغ عنهم. كما ملأ الروس كافة الوظائف التربوية. ومن جهة أخرى أُرسل المعلمون الأوكرانيون إلى روسيا للتدريس هناك. ويؤكد المؤرخون الأوكرانيون أن إصدار قانون يوسيفوفتش كان خطأ فادحاً من جانب السلطات الروسية، وهو إذ استهدف بصورة رئيسية انصار المازيبينية وأصحاب النزعة الانفصالية الأوكرانية انتهى به الأمر إلى تحويل الحركة القومية في أوكرانيا بمجملها إلى معاداة مكشوفة للروس وتعاطف قوي مع ألنمسا.
وحول هذا الموضوع أشار رئيس أكاديمية العلوم الأوكرانية العالِم المعروف فلاديمير فرنادسكي(1863-1945) في مقالة لم تنشر إلا بعد رفع الرقابة بأن" جوهر المسألة الأوكرانية يكمن في أن هذه القومية تشكلت في شخصية اثنوغرافية واضحة المعالم وذات وعي قومي راسخ. وبفضل هذه السمات فإن كافة المحاولات من جانب الأقارب والأباعد الرامية إلى تحويل هذه الشخصية لمادة اثنوغرافية بسيطة باءت بالفشل.
لقد تطور الوعي القومي للأوكرانيين على أساس التباين الإثني والخصائص النفسية والتجاذبات الثقافية، التي تربط أوكرانيا بأوروبا الغربية، بالإضافة إلى نمط حياة الشعب الراسخ تاريخياً والمتشبع بالنزعة الديمقراطية (فلاديمير فرنادسكي. المسألة الأوكرانية والمجتمع الروسي. مجلة "دروجبا نارودوف"، 1990، العدد3،ص. 249). ويرى الاشتراكي الديمقراطي الأوكراني فولوديمير فينيتشنكو أن أوكرانيا كانت بالنسبة لروسيا وخاصة للطبقات المسيطرة مجرد مستعمَرة كان الروس ينهبونها بلا رحمة. كما أن الثوريين الأوكرانيين كانوا يتحدثون عن الوضعية الكولونيالية لأوكرانيا باعتبار ذلك أمراً لا شك فيه ولا يتطلب أي بحث.
منذ أواخر القرن التاسع عشر بدأت تتشكل أحزاب أوكرانية وقد طرح بعضها مطالب بإنشاء حكم ذاتي في أوكرانيا. وفي مطلع القرن العشرين كان حوالي80% من الأوكرانيين يعيشون في أراضي الإمبراطورية الروسية و20% منهم في أراضي الإمبراطورية النمساوية المجرية. وكان 80% من الأوكرانيين يعيشون في الأرياف، بينما كان القسم الباقي يعيش في المدن مع الروس واليهود. وكان معظم النبلاء الأوكرانيين من أنصار الإمبراطورية الروسية وخاصة أولئك المنحدرون من الجزء الشرقي لأوكرانيا. وكانت أغلبية الروس من الموظفين والضباط والجنود. وكان يسكن في المقاطعات الغربية والوسطى العديد من الإقطاعيين البولنديين. فضلاً عن سكان مناطق المعزل اليهودي.
وقد نشأت في بداية القرن حركات قومية تحررية قوية. ففي عام 1900 ظهرت بمدينة خاركوف مجموعة سياسية سرية تحت اسم" الحزب الثوري الأوكراني". وكان هذا الحزب يهدف إلى النضال من أجل ضمان الجقوق القومية وإشعال نيران الثورة الاجتماعية. وقد دعا أعضاء هذا التنظيم إلى إقامة نظام فدرالي لروسيا الديمقراطية المقبلة تدخل ضمنه أوكرانيا ذاتية الحكم. وفي هذه الأثناء كان ينشط هناك أيضاً الاشتراكيون الثوريون والاشتراكيون الديمقراطيون (البلاشفة والمناشفة) والكاديت والأكتوبريون.
وفي غمرة المشاعر المرتبطة باندلاع ثورة فبراير عام 1917وتخلي القيصر نيكولاي الثاني عن العرش وتشكيل الحكومة المؤقتة في بتروغراد العاصمة، تم في كييف إنشاء الرادا المركزية (السوفيت المركزي) كهيئة تمثيلية سياسية واجتماعية وثقافية في 17 آذار/مارس. وقد ضمت الرادا ممثلين عن التنظيمات القومية والأحزاب الاشتراكية المعتدلة.
فتحت ثورة فبراير أمام الأوكرانيين مجالاً واسعاً لتحقيق آمالهم بأن يكون التعليم في المدارس باللغة الأوكرانية وباستعمال لغتهم الأم في معاملات الدوائر والمؤسسات الحكومية وتطوير الصحافة ورفع المستوى الثقافي العام للشعب لتعميق الوعي القومي للجماهير.
ومنذ الأسابيع الأولى لثورة فبراير طرحت الرادا مطلب الحصول على حكم ذاتي قومي وبدأ العمل لتأسيس جيش وطني أوكراني. وقد اجرى الجانب الأوكراني مفاوضات مع وفد الحكومة المؤقتة بهذا الخصوص. وعرض الأوكرانيون على الوفد الروسي مشروعهم حول الوضع القانوني اللاحق لأوكرانيا. ثم توجه وفد أوكراني إلى بتروغراد لمتابعة بحث القضايا العالقة بين الجانبين. غير أن الروس في نهاية المطاف رفضوا المشروع الأوكراني مما أدى إلى نشوب اصطدامات بين القوات الموالية للحكومة المؤقتة والقوات الأوكرانية.
وبعد إطاحة البلاشفة بالحكومة المؤقتة في بتروغراد يوم 25 أكتوبر عام 1917 أدانت الرادا هذا العمل ورفضت الاعتراف بحكومة لينين ثم مالبثت أن أعلنت الأمانة العامة هيئة تنفيذية عليا للسلطة في أوكرانيا وأقرت المرسوم الثالث حول إنشاء جمهورية أوكرانيا الشعبية ذات الصلة الفدرالية مع روسيا. كما اصدرت العديد من القرارات بخصوص تأميم الأرض وتحديد يوم عمل بثماني ساعات وفرض الرقابة على الإنتاج وتوسيع الإدارة المحلية وضمان حرية التعبير والصحافة والمعتقدات الدينية والتجمعات والجمعيات والإضرابات وحصانة الفرد والمسكن وإلغاء الحكم بالإعدام.
لم تتوصل الرادا مع البلاشفة إلى أي اتفاق بصدد التعاون مع السلطة السوفيتية. ولذلك قام البلاشفة بانتفاضة يوم 16 كانون2/ يناير عام 1918 انتهت بفشل ذريع. وفي ضوء ذلك كلف لينين المجلس العسكري الثوري بإعداد هجوم كاسح على أوكرانيا لاحتلالها بأي شكل من الاشكال . فتوجهت قوات الحرس الأحمر إلى خاركوف وتشيرنيغوف وهناك انضمت إليها فصائل مسلحة عديدة من الموالين لموسكو وتابعت هذه القوات في زحفها حتى احتلت عدة مدن كبرى بما فيها كييف(26 كانون2) وأعلنت جمهورية أوكرانيا الاشتراكية السوفيتية كدولة مستقلة ترأس حكومتها البلغاري خريستيان راكوفسكي.
وفي الوقت نفسه وقع مندوبو الرادا المركزية على صلح انفرادي مع ممثلي ألمانيا وألنمسا-المجر في بريست- ليتوفسك. وعقب ذلك طلبوا منهم مساعدتهم في طرد القوات السوفيتية من أوكرانيا. واستناداً إلى ذلك جرى احتلال أوكرانيا من قبل القوات النمساوية والألمانية. ولكن في نيسان/أبريل من العام نفسه تم حل الرادا المركزية على أثر الانقلاب، الذي قام به الهتمان بافيل سكوروبادسكي بدعم من سلطات الاحتلال.
وعلى العموم شهدت أراضي أوكرانيا خلال الحرب الأهلية الروسية (1918-1921) العديد من النزاعات الحادة والمعارك الضارية جرى خلالها تعاقب لساطات عديدة مثل الرادا المركزية الممثلة للاشتراكيين والقوميين المعتدلين وكذلك سلطة الهتمان سكوروبادسكي، والزعيم الأناركي نستور ماخنو قائد الجيش الثوري، والبلاشفة والروس البيض (جيش المتطوعين). وفي نهاية المطاف استتب الأمر لسلطات موسكو السوفيتية. وفي أواخر عام 1922 شاركت أوكرانيا بتأسيس الاتحاد السوفيتي كجمهورية أوكرانيا الاشتراكية السوفيتية. وفيما بعد مرت أوكرانيا بكافة المراحل التي شهدتها شقيقاتها الجمهوريات السوفيتية الأخرى من تطور صناعي واجتماعي وثقافي ومآسي فظيعة خلال العهد الستاليني ببطشه ومجاعاته وحروبه، والعهود اللا حقة التي تدني فيها مستوى القمع والتنكيل بحق السكان.
خلال الأعوام (1929-1933) أثارت عملية نزع ممتلكات الكولاك والنشر القسري للمزارع التعاونية حالات عصيان وتمرد كثيرة جداً (حوالي ألفي حالة شملت 700 ألف مشارك) رافقها إضرام النيران في ممتلكات الكولخوزات( 30 ألف حالة في عام 1930 لوحده). وقد كان الفلاحون يعمدون إلى قتل العمال من مجموعة الخمسة وعشرين ألف عامل متطوع، الذي يشرفون على عمليات المصادرة. كما أنهم اضطروا إلى الذبح الجماعي لماشيتهم لكي لا يقعوا في قائمة الكولاك وتجنباً لمصادرتها ونقلها إلى ملكية الكولخوزات. وشهدت هذه الفترة نزوح ملايين الفلاحين من الأرياف إلى المدن.
لم تتورع فرق مصادرة فوائض الحبوب عن حرمان الفلاحين من الكميات اللازمة للبذار. كما كانت تلجأ إلى مصادرة بقية المحاصيل الزراعية لدى الفلاحين، الذين لم يتمكنوا من تسليم كميات الحبوب المقررة.
في عام 1932 لم يكن محصول الحبوب جيداً بمناطق عديدة ورغم ذلك كان على الفلاحين تسليم الكميات الاعتيادية المقررة فاضطروا عملياً إلى تسليم مجمل المحصول مما أدى إلى انتشار واسع للمجاعات في سيبيريا الغربية وكازاخستان والأورال وحوض الفولغا المتوسط والأسفل وأوكرانيا التي انتشرت فيها ظاهرة أكل لحوم البشر. وقد أتت هذه المجاعات بنتائج فظيعة حيث حصدت أرواح 7-8 ملايين شخص وخاصة في أوكرانيا (3,5 ملايين)، إذ أن السلطات استغلت هذا الوضع لتركيع الفلاحين الرافضين لعملية الكلخزة هناك. وقد شددت السلطات أعمال القمع تجاه هذه الجمهورية بالذات حيث قامت قوات وزارة الداخلية بمحاصرة مناطق ريفية منكوبة بأكملها لمنع الفلاحين من مغادرة قراهم وتركهم تحت رحمة القدر. ومن جهة أخرى رفضت الحكومة السوفيتية آنذاك قبول المعونات الغذائية الدولية. وقد كان المهاجرون الأوكرانيون المقيمون في كندا والولايات المتحدة قد جمعوا تبرعات كبيرة لشراء القمح من أجل إغائة أبناء جلدتهم وأرسلوه في قطارات شحن إلى الحدود التشيكوسلوفاكية - السوفيتية. ولكن سلطات موسكو لم تسمح لها بدخول البلد، ولم ترغب في تفريغ عربات القطارات المليئة بالقمح حيث أعلنت عدم احتياج الاتحاد السوفيتي له وأكد على أنه بات يصدّر القمح الفائض إلى الخارج. وفي هذا الوقت بالذات لم يعد أمام السكان الجائعين أي خيار آخر سوى أكل الأعشاب والنباتات المختلفة والحيوانات الأليفة والجرذان بالإضافة إلى أكل لحوم البشر في بعض الحالات.
ولا تتوفر حتى الآن معطيات دقيقة حول عدد ضحايا عملية التجويع الجماعي، التي شهدتها أوكرانيا في تلك الفترة. فحسب التقديرات، التي أوردها معهد تاريخ أوكرانيا في عام 2015 والتي تؤكدها مجموعة من المؤرخين الغربيين، بلغت الخسائر الديمغرافية لهذه المجاعة 3,9 ملايين شخص. وتشير النسخة الإلكترونية للموسوعة البريطانية إلى أن عدد الضحايا يتراوح بين 4 و5 ملايين من الأوكرانيين. ووفقاً لإحصائيات موسوعة "بروكغاوزر" يتراوح عدد ضحايا المجاعات في الاتحاد السوفيتي خلال العامين المذكورين بين 4 و7 ملايين. وكان الجزء الأكبر من هذه الخسائر البشرية من نصيب أوكرانيا. أما المعطيات، التي قدمها في عام 2002 الخبيران الديمغرافيان الفرنسيان من المعهد الوطني للدراسات الديمغرافية جاك فالين وفرانس ميسليه بالاشتراك مع الباحثين الروسيين سيرغي بيروشكوف وفكتور شكولنيكوف، فإنها تشير إلى أن عدد ضحايا المجاعة، التي اجتاحت أوكرانيا في العامين 1932-1933، يصل إلى 4,6 ملايين. وتعتبر الحكومة الأوكرانية هذه الكارثة الفظيعة التي تسميها "غولودا مور"، أي الإبادة بالتجويع، إبادة جماعية. وقد اتخذ البرلمان الأوروبي في عام 2008 قراراً باعتبار عملية التجويع المتعمد في أوكرانيا خلال العامين 1932- 1933جريمة ضد البشرية.
عقب الهجوم الباغت للقوات النازية وحلفائها على الاتحاد السوفيتي واحتلال القسم الأعظم من أوكرانيا عرض الكثيرون من سكان أوكرانيا خدماتهم على المحتلين الألمان. وقد شمل ذلك مجالات عديدة بدءاً من المشاركة في فصائل التخريب والاستطلاع وهياكل الإدارة وأقسام الشرطة وانتهاء بالخدمة في صفوف الجيش الألماني والقوات الخاصة(اس.اس). كما كانوا يساعدون الألمان بكل حماس في ملاحقة وإبادة الشيوعيين واليهود والجنود السوفيت المحاصرين. وترجع أسباب هذا التعاون الكثيف إلى ميول أغلبية السكان المعادية للسوفيت وخاصة ردود فعلهم على كارثة "غولودو مور" أثناء عملية الكلخزة القسرية (1932-1933). ومن الأسباب الأخرى لهذا التعاون الطوعي أن بعض أراضي أوكرانيا كانت تقع ضمن الإمبراطورية النمساوية المجرية خلال فترات طويلة وأن العديد من السكان كان يجيد اللغة الألمانية أو خدموا في الجيش النمساوي المجري.
وفي غضون هذه الفترة القصيرة ظهرت منظمة سرية قوية وهي "منظمة القوميين الأوكرانيين". وقد حاول زعماء هذه المنظمة عقب مجيء الألمان إنشاء حكومتين أوكرانيتين مستقلتين في لفوف وكييف، ولكن الألمان قاموا بحلهما وزجوا بزعمائهما في السجون. وفيما بعد لجأ القوميون الأوكرانيون إلى التعاون مع الألمان فانتسب بعضهم إلى وحدات"غاليتشينا" العسكرية، وقام آخرون بمساعدة المحتلين النازيين في البحث عن الشيوعيين وملاحقة اليهود. ولكنهم سرعان ما أدركوا أن السلطات الألمانية غير مكترثة بإنشاء دولة أوكرانية مستقلة ولذلك أعلنت منظمة القوميين الأوكرانيين الحرب على جبهتين "ضد ستالين وضد هتلر". ومع ذلك فإن الجهود الأساسية لنضالهم المسلح انصبت ضد الجيش الأحمر.
وفي تموز/ يوليو عام 1944 وبعد دخول القوات السوفيتية إلى أوكرانيا الغربية قامت هذه المنظمة بتشكيل "مجلس التحرير الأوكراني الأعلى". وقد أصبح زعيم المنظمة رومان شوخوفتش، الذي اتخذ لنفسه اسم الجنرال تاراس تشوبرينيك، قائداً للجيش الثوري الأوكراني.
وبعد هزيمة ألمانيا النازية واحتلال السوفيت لأوروبا الشرقية كان زعماء المنظمة المذكورة يأملون في إحداث انتفاضة شاملة مدعومة من شعوب البلدان، التي أضحت تحت الاحتلال السوفيتي. وكان ذلك أمراً متعذر التحقيق. فاضطرت المنظمة إلى الاكتفاء في خوض العمليات العسكرية بقواها الخاصة. وكانت المهمة الرئيسية تنحصر في حماية سكان أوكرانيا الغربية من خطر اندلاع موجة جديدة من الإرهاب والتهجير الجماعي التي جرا في الأعوام (1939-1941). وكان هؤلاء السكان يدعمون المنظمة مما أتاح لها مواصلة الكفاح المسلح في غضون سنوات عديدة عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية.
وفي الأعوام 1944 – 1947 وجهت القيادة السوفيتية وحكومة جمهورية أوكرانيا السوفيتية الاشتراكية إلى الثوار ستة نداءات لإلقاء السلاح مع وعدهم بالعفو العام عنهم. وفي عام 1945 كانت المناطق الأساسية في أوكرانيا الغربية تحت سيطرة القوميين الأوكرانيين. وهناك قاطعت أغلبية السكان انتخابات مجلس السوفيت الأعلى، التي جرت في شباط عام 1946. ولكن الإعلام الرسمي كان يؤكد كالعادة أن السكان صوتوا للمرشحين بالإجماع.
وخلال سنوات الكفاح المسلح تعرض برنامج القوميين الأوكرانيين إلى تعديلات جوهرية. ففي عام 1950 طالبت المنظمة بالتصفية الشاملة للكولخوزات، كما أعلنت عن تمسكها بحرية التنظيمات السياسية والاجتماعية. وتشير المصادر الأوكرانية إلى تطور إيديولوجيا المنظمة تدريجياً نحو الديمقراطية والليبرالية.
وإلى جانب خوض العمليات القتالية كان الثوار يوزعون المناشير ويقومون بهجمات خاصة في سلوفاكيا والجزء الشرقي من أوكرانيا وكذلك في بيلوروسيا ورومانيا. وكانوا يجهزون بلا هوادة على ضباط وجنود قوات وزارة الداخلية السوفيتية، الذين يقعون في قبضتهم، وكذلك على نشطاء الحزب الشيوعي. غير أنهم كانوا في بعض الأحيان يخلون سبيل العسكريين من وحدات الجيش السوفيتي النظامية ويزودونهم بالمواد الغذائية والمطبوعات الدعائية. ومع ذلك فإن القسوة الوحشية من كلا الطرفين كانت ظاهرة اعتيادية.
وقد امتد نطاق عمل المنظمة إلى بعض مناطق بولندا وسلوفاكيا. وبالنسبة لتعداد الثوار القوميين الأوكرانيين فإن المصادر السوفيتية الرسمية لم تكن تعطي أية معلومات حول ذلك. وحسب تقدير المصادر البولندية فإن عدد، الذين كانوا ينشطون في الأراضي البولندية المحاذية للحدود السوفيتية وحدها، وصل إلى 6 آلاف مقاتل. وقد استمرت العمليات القتالية في أوكرانيا الغربيىة ضد السلطة السوفيتية حتى عام 1956. وحسب المعطيات السوفيتية الرسمية قتل من الجانب السوفيتي حوالي 22 ألف عسكري، بينما فقد المتمردون الأوكرانيون زهاء 150 ألف شخص.
كانت حادثة انفجار المفاعل الرابع لمحطة تشرنوبل الكهرذرية يوم 26 نيسان/أبريل عام 1986 دافعاً قوياً لإيقاظ المجتمع الأوكراني من سباته السياسي. والمعروف أن السلطات تكتمت على هذه الواقعة الفظيعة وعلى تداعياتها الوخيمة بحيث أن أوكرانيا شهدت يوم الأول من ايار/مايو بمناسبة عيد العمال العالمي مسيرات احتفالية في كييف والمدن الأخرى دون تحذير السكان بخطر الطرح الإشعاعي. كما أن سكان السويد علموا عن هذه الحادثة قبل سكان أوكرانيا. ولم ينشر التحذير الرسمي بشأن انفجار المفاعل إلا يوم الخامس من أيار/ مايو أي بعد عشرة أيام. وفضلاً عن ذلك فإن وسائل الإعلام سعت إلى إقناع المواطنين بأن الحادث لا يشكل خطراً على الصحة العامة.
وقد ساعدت سياسة العلنية والبيريسترويكا على انطلاق عملية النهضة القومية الأوكرانية وظهور بدائل للحزب الشيوعي الأوكراني من أحزاب وحركات سياسية معظمها قومية ديمقراطية مثل مجموعات"الخضر" ، التي بدأت تنشط كجمعيات تنويرية ثم اتخذت تدريجياً طابعاً سياسياً. كما أن اتحاد الكتاب الأوكرانيين طرح فكرة إنشاء الحركة الشعبية الأوكرانية(روح) من أجل البيريسترويكا. وفي تلك الأثناء اشتد ساعد الحركة العمالية الأوكرانية. فلدى انعقاد المؤتمر الأول لعمال المناجم السوفيت في حزيران/يونيو عام 1990 كان الأوكرانيون يشكلون أكثر من نصف المندوبين وتقريباً جميع أعضاء اللجنة التنفيذية. وقد دعا المؤتمر إلى استقالة حكومة نيكولاي ريجكوف وتشكيل حكومة ثقة شعبية. كما اعتبر أن الحزب الشيوعي السوفيتي لم يعد يعبر عن مصالح البروليتاريا.
ولكن خلال فترة قصيرة نشأت حركات قومية متطرفة تهتدي بأفكار التنظيمات القومية الأوكرانية، التي كانت تعمل في الحقبة ما بين الحربين العالميتين الأولى والثانية. ومن هذه الحركات: "القطاع الأيمن" و"حزب الحرية" وكتيبة"آزوف" وحزب"الفيلق القومي". ومن مطالب هؤلاء إعادة الوضع النووي لأوكرانيا والسماح للمواطنين بحيازة الأسلحة واعتبار روسيا الاتحادية بلداً معادياً وفرض اللغة الأوكرانية كلغة رسمية وحيدة.
بعد فشل تمرد 19 آب/ أغسطس عام 1991 ، الذي قام به كبار المسؤلون الشيوعيون المحافظون، أعلن السوفيت الأعلى لأوكرانيا استقلال الجمهورية ثم تم تأكيد ذلك عقب الاستفتاء الشعبي، الذي جرى في الأول من كانون1/ديسمبر من العام نفسه وانتخب خلال هذا اليوم ليونيد كرافتشوك رئيساً لأوكرانيا. وفي الشهر نفسه انهار الاتحاد السوفيتي . ومن الطبيعي ان موسكو عولت على إبقاء نفوذها عن طريق رابطة الدولة المستقلة وكذلك بفضل توريدات الغاز الروسي الرخيص. ولكن الأمور لم تسر على هذا النحو حيث أن روسيا وبيلوروسيا شكلتا دولة اتحادية فيما بينهما بينما كانت أوكرانيا تنظر أكثر فأكثر إلى الغرب. وقد سارت أوكرانيا في طريق الديمقراطيات الغربية فترسخ لديها تقليد التبادل السلمي للسلطة. أما روسيا فيبدو أنها حادت عن هذا الطريق. ومع ذلك فإن أوكرانيا انضمت في عام 1994 إلى معاهدة إلى معاهدة عدم انتشار السلاح النووي. وبعد عامين تخلت عن ترسانتها النووية الضخمة لصالح روسيا مقابل ضمانات الأمن والحفاظ على وحدة ترابها الوطني(مذكرة بودابست- عام 1994). وتنص المذكرة ما يلي:
1- احترام استقلال أوكرانيا وسيادتها على أراضيها.
2- حماية أوكرانيا من العدوان الخارجي والامتناع عن القيام بعدوان عليها.
3- عدم ممارسة ضغوط اقتصادية على أوكرانيا للتأثير على سياساتها.
4- عدم استخدام أسلحة نووية ضد أوكرانيا.
وفي عام 1997 اعترفت روسيا بحدود أوكرانيا بما في ذلك شبه جزيرة القرم من خلال توقيعها "المعاهدة الكبرى" وتقاسمت الدولتان أسطول البحر الأسود.
وكما كان الحال في روسيا أثار الانتقال من النظام الأوامري- الإداري في تسيير الاقتصاد (الاقتصاد الموجه) إلى اقتصاد السوق توتراً في المجال الاقتصادي الاجتماعي وأدى إلى إحداث أزمة سياسية في البلد. وفي ضوء ذلك تقرر إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية مبكرة في 7 آذار/مارس عام 1994. وقد أظهرت نتائج الانتخابات رجحان كفة القوى اليسارية وانتخب ليونيد كوتشما رئيساً لأوكرانيا.
وخلال الانتخابات البرلمانية ، التي جرت في عام 1998، فاز اليساريون مجدداً بأغلبية المقاعد. وبعد عام انتخب كوتشما لولاية ثانية. وفي أواخر العام نفسه أصبح فكتور يوشينكو المعروف بميوله الإصلاحية رئيساً للحكومة.
وفي عام 2003 بدأت الصداقة بين البلدين في التصدع. فعقب قرار موسكو بناء سد في مضيق كيرتش وهو ما اعتبرته كييف محاولة لإعادة ترسيم الحدود.
ومع حلول عام 2004 نشبت أزمة سياسية كبرى أثناء الانتخابات الرئاسية التي تنافس فيها على الرئاسة يانكوفتش ويوشينكو. ففي الجولة الاولى فاز يانكوفتش. ولكن ما لبث أن تبين حدوث تزوير واسع النطاق لنتائج الانتخابات مما أسفر عن انطلاق احتجاجات عارمة تركزت في ميدان الاستقلال بالعاصمة الأوكرانية وسميت بالثورة البرتقالية. ولدى إعادة الانتخابات نجح يوشينكو بنسبة 51,99 % من الأصوات بعد أن تعرض إلى تشويه وجهه في حادث غامض للغاية. وقد أصبح فوزه منعطفاً كبيراً في سياسة موسكو تجاه أوكرانيا. وخلال ولاية يوشينكو قامت موسكو مرتين بقطع الغاز عن أوكرانيا (في العامين 2006 و2009) مما أدى إلى عدم انتظام توريدات الغاز إلى أوروبا.
وقد كان لمحاولة جورج بوش الابن في قمة الناتو ببوخارست عام 2009 التوصل إلى تقديم خطة عمل لإعداد أوكرانيا وجورجيا لعضوية الناتو وقع الصاعقة على الرئيس بوتين. ولهذا ألمحت موسكو إلى أنها في حالة كهذه لن تعترف على النحو الكامل باستقلال أوكرانيا. وفي النتيجة عرقلت فرنسا وألمانيا خطة بوش وأكدتا للجموريتين المذكورتين العمل على قبولهما في عضوية الحلف ولكن دون تحديد موعد ما لذلك. وخلال الانتخابات الرئاسية لعام 2010 قدمت روسيا دعماً قوياً ليانكوفتش بحيث استطاع ضمان فوزه في هذه المرة. وبعد إخفاق أوكرانيا في تسريع موعد انضمامها إلى حلف الناتو توجهت للعمل من أجل الاندماج الاقتصادي في الاتحاد الأوروبي عن طريق عقد اتفاقية شراكة معه. ورداً على ذلك قامت السلطات الروسية في صيف عام 2013 أي قبل عدة شهور من التوقيع المزمع على هذه الاتفاقية في ممارسة ضغوط اقتصادية هائلة على كييف وصلت إلى حد ايقاف معظم الصادرات الأوكرانية إلى روسيا. وفي خريف العام نفسه اندلعت بكييف في "الميدان الأوروبي" تظاهرة احتجاجية كبرى بخصوص تعليق الحكومة الأوكرانية لعملية التحضير لتوقيع اتفاقية الشراكة بين أوكرانيا والاتحاد الأوروبي بعد سنوات طويلة من إعدادها. وقد فسر رئيس الحكومة الأوكرانية نيكولاي آزاروف امتناعه عن توقيع وثيقة الاتفاقية بأن الاندماج مع أوروبا سيكون له آثار سلبية على اقتصاد البلد. وقد طالب المتظاهرون باستقالة الحكومة نظراً لخيانتها المصالح القومية. كما دعوا إلى عقد جلسة استثنائية للرادا العليا لاتخاذ قوانين تتعلق بالاندماج مع الاتحاد الأوروبي. وأكدوا أيضاً ضرورة عزل الرئيس يانكوفتش في حال رفضه أداء واجباته الدستورية وامتناعه عن توقيع اتفاقية الشراكة المذكورة. وقد واجه رجال الأمن هذه الاحتجاجات بقمع شديد وسقط في الميدان عدد كبير من القتلى والجرحى.
وفي المحصلة أثارت أحداث الميدان الأوروبي أزمة سياسية حادة تمخضت عن مغادرة الرئيس الأوكراني يانكوفتش كييف وهربه إلى روسيا وتبدل سلطة الدولة حيث تولى رئيس الرادا العليا ألكسندر تورتشينوف مهام رئيس الدولة. وقد استغلت موسكو فراغ السلطة فلجأت إلى إرسال آلاف العسكريين بدون شارات تمييز إلى شبه جزيرة القرم وإجراء استفتاء هناك حول الانضمام إلى روسيا على خلفية سيطرتها العسكرية هناك ثم ضمت القرم. وفي الوقت نفسه ظهرت بمقاطعتي دونيتسك ولوغانسك ذاتي الأغلبية الروسية حركة انفصالية بدعم مادي وعسكري من قبل روسيا. وما لبثت هاتان المقاطعتان أن أعلنتا نفسيهما جمهوريتين شعبيتين كان يوجهما رجال بلا شارات تمييز. وآنذال كان رد كييف بطيئاً، إلى حد ما، حيث تعيّن انتظار نتائج الانتخابات الرئاسية في أيار/مايو . ثم قررت السلطات الأوكرانية بعد ذلك استخدام القوة بإلإعلان عن"عملية مكافحة الإرهاب". وفي مطلع حزيران/يونيو التقى الرئيس الأوكراني الجديد بيوتر بوروشينكو في باريس مع بوتين للمرة الأولى وذلك بوساطة الزعيمين الألماني والفرنسي. وعلى هذا النحو ظهر ما يسمى "صيغة النورماندي" من أجل حل النزاع في دونيتسك ولوغانسك. وقد انتهت العمليات العسكرية هناك بتوقيع اتفاقية مينسك. ولكنها كانت تنتهك من وقت لآخر.
وفي تموز/يوليو عام 2014 أسقطت طائرة بوينغ 777 التابعة للخطوط الجوية الماليزية فوق مقاطعة دونيتسك بمنطقة المواجهة العسكرية مما اسفر عن مصرع 290 راكباً وطاقم الطائرة (15 شخصاً). وقد اتضح من التحقيقات، التي قامت بها هولندا، أن الطائرة أُسقطت من منطقة تقع تحت سيطرة الانفصاليين الموالين لروسيا.
بعد ضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا في عام 2014، ونشوء الحركات الانفصالية في مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك، ووصول بيوتر بوروشينكو إلى سدة الرئاسة في أوكرانيا نشب صراع حاد داخل الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية على خلفية الأحداث المذكورة. وقد شرعت الكنيسة الأرثوذكسية لأوكرانيا برئاسة المطران إبيفاني بتعزيز مواقعها بدعم من السلطة الجديدة وقررت الانفصال بشكل تام عن بطركية موسكو. وفي هذا السياق وجه بوروشينكو يوم 17 نيسان/أبريل عام 2018 نداء إلى البطريرك المسكوني ( بطريرك القسطنطينية) برثلماوس يطلب منه منح الكنيسة الأوكرانية وضعية كنيسة مستقلة. وقد وافق البرلمان الأوكراني على هذا النداء في جلسة خاصة. وطلب النواب بدورهم من غبطة البطريرك إبطال مفعول مرسوم عام 1686 القاضي بضم مطرانية كييف إلى بطركية موسكو ,وأشاروا إلى أنه من جراء العدوان الروسي على أوكرانيا واحتلال جزء من أراضيها لم يعد الأوكرانيون يعتبرون فكرة الوحدة الكنسية مع البطريرك كيريل ممكنة بعد أن لعب دوراً ملحوظاً في حرب موسكو ضد كييف.
وفي مطلع عام 2019 اعترف البطريرك المسكوني برثلماوس بالكنيسة الأرثوذكسية لأوكرانيا كعضو منفصل ومستقل ومتساو في شراكة الكنائس الأرثوذكسية العالمية وألغى مرسوم عام 1686 الصادر عن بطركية القسطنطينية. ورداً على ذلك قطعت بطركية موسكو شراكتها مع القسطنطينية نظراً للدور الذي لعبته البطركية الأرثوذكسية الاولى في إنشاء الكنيسة الجديدة. وترى بطركية موسكو أن الروس والأوكرانيين شعب واحد ولذلك يجب أن يكونوا موحدين في كنيسة واحدة. أما في كييف فثمة وجهة نظر مختلفة تمام الاختلاف ،إذ يرفضون بشدة، حسب قول المطران إبيفاني، التقاليد الإمبراطورية الروسية" وهم شعب منفصل بثقافته الفريدة ولهذا يحتاجون إلى كنيسة مستقلة.
هذا عن الانشقاق الكنسي. وثمة انشقاق آخر جرى في نفس الوقت ضمن المجتمع الأوكراني وهو يتعلق بمسألة الوضع القانوني للغة الروسية. وقد أصبحت هذه المسألة أكثر من مرة أداة للصراع السياسي في أوكرانيا بين شتى القوى الاجتماعية والسياسية وخاصة أثناء الحملات الانتخابية. ومن المعروف أن ملايين الروس يقطنون شبه جزيرة القرم ومقاطعتي دونيتسك ولوغانسك وبعض مناطق شرق وجنوب أوكرانيا مثل ماريوبول وأوديسا وخاركوف. وفي هذه المناطق كانت اللغة الروسية تستخدم رسمياً غلى جانب اللغة الأوكرانية بناء على قرارات المجالس والسلطات المحلية بوصفها لغة محلية.
وفي 10آب/أغسطس عام 2012 بدأ يسري مفعول قانون"أسس السياسة اللغوية الحكومية" الذي أقره البرلمان الأوكراني في جزيران/يونيو من العام نفسه. وينص هذا القانون على السماح باستخدام اللغة المحلية التي يتحدث بها 10% أو أكثر من السكان في هذه المنطقة أوتلك إلى جانب اللغة الروسية. غير أنه بعد تبدل السلطة على أثر هروب الرئيس يانكوفتش في شباط/فبراير عام 2014 صون نواب الرادا العليا(البرلمان) على قرار بإلغاء هذا القانون رغم اعتراض رئيس الرادا. وقد أثار قرار الإلغاء عاصفة استياء شديد لدى السكان الروس والهنغاريين (المجريين) والرومانيين. وزاد في الطين بلة الرئيس الأوكراني بيوتر بوروشينكو، الذي أصدر خلال ولايته العديد من القوانين الخاصة بتحجيم استخدام اللغة الروسية في مجالات كثيرة ومنها وسائل الإعلام والغناء والمسرح. وفي أيلول/سبتمبر من عام 2017 وقع بوروشينكو على قانون يقضي بمنع التدريس في المدارس بأي لغة عدا اللغة الأوكرانية مما أثار حفيظة هنغاريا ورومانيا إلى جانب روسيا بالطبع.
في مطلع ايار/كايو عام 2019 أي عقب انتخاب فلاديمير زيلينسكي رئيساً لأوكرانيا أقر البرلمان الأوكراني القانون الذي يحمل تسمية" حول ضمان عمل اللغة الأوكرانية كلغة الدولة"، الذي يؤكد على أنها اللغة الرسمية الوحيدة للبلد. ورغم أن زيلينسكي ابتعد أثناء حملته الانتخابية عن دعم مشروع القانون المذكور، مشيراً إلى صعوبة التنبؤ بتداعياته وأنه يفتقر إلى البحث المسبق الواسع من قبل الأوساط الاجتماعية، فقد انتهى به الأمر بعد انتخابه إلى تأييد هذا القانون حيث قال:" إن اعتماده يعتبر قراراً تاريخياً يقف في صف واحد مع إعادة بناء االجيش الأوكراني وحصول الكنيسة على استقلالها"
على كل حال بعد تبدل السلطة في كييف ووصول زيلينسكي إلى سدة الرئاسة ظهرت بعض الآمال بخصوص إمكانية تسوية النزاع في دونباس عبر التوصل إلى اتفاقات معينة وعقب إعلان الرئيس الأوكراني الجديد بأن هدفه الأساسي تحقيق السلام بين البلدين من خلال إنجاز تقدم ملموس في تنفيذ اتفاقيات مينسك. ومن بشائر هذا النهج قيام موسكو بإطلاق سراح المخرج السينمائي الأوكراني أوليغ سنتسوف وكذلك البحارة الأوكرانيين المحتجزين عقب حادثة مضيق كيرتش في تشرين2/نوفمبر عام 2018 في إطار عملية تبادل للسجناء.
وخلال قمة"الصيغة النورماندية" المنعقدة في كانون1/ديسمبر عام 2019 بباريس(ألمانيا وروسيا وأوكرانيا وفرنسا) صادق زعماء الرباعية على الخطوات التي ينبغي اتخاذها من أجل تنفيذ اتفاقيات مينسك (شباط/فبراير عام 2015). وهي تنص على إيجاد وسيلة لنزع فتيل النزاع في دونيتسك ولوغانسك عبر وقف إطلاق النار وسحب الأسلحة الثقيلة باشراف منظمة الأمن والتعاون في أوروبا وضرورة الدخول في حوار ووضع الآليات اللازمة لإجراء انتخابات محلية في هاتين المقاطعتين وتبادل للأسرى وتقديم المساعدات الإنسانية إلخ. ويرى العديد من المحللين الغربيين أن لهذه الاتفاقيات نقاط ضعف واضحة تكمن في الإيحاء بأن روسيا ليس طرفاً في النزاع العسكري بمنطقة دونباس وأنه كان من الضرورة مشاركة الولايات المتحدة كشريك مفاوض مباشر.
ومن المؤشرات الإيجابية بخصوص النزاع في دونباس أن الكرملين استبدل فلاديسلاف سوركوف المسؤول عن المفاوضات مع الجانب الأوكراني والمعروف بأنه من "الصقور" بدمتري كوزاك الذي يتصف بمرونته وميله إلى الحلول التوفيقية. وفي البداية استطاع كوزاك ونائب مديرمكتب الرئيس أندريه يرماك إيجاد لغة مشتركة والتعاون بنجاح معاً. فقد تسنى لهما إنشاء مجلس استشاري ضمن مجموعة الاتصالات الثلاثية الخاصة بتسوية الوضع في شرق أوكرانيا وهو المنصة التي تتيح لممثلي الجمهوريتين غير المعترف بهما الدخول في حوار مباشر مع كييف حول شتى القضايا. وما أن أصبح معلوماً أن كوزاك ويرماك سيوقعان الاتفاقية حتى سارعت المعارضة الأوكرانية باتهام فريق الرئيس بالخيانة مما دفعه إلى العدول عن التوقيع. وفي هذا السياق أدرك فريق زيلينسكي أن أي تسوية حول دنباس وبالأخص تنفيذ اتفاقيات مينسك في صورتها الحالية ستؤدي إلى فقدان الرئيس للسلطة لا محالة. ولهذا بدأت السلطة في الأخذ بعين الاعتبار بكل جدية الحالة الداخلية في البلد.
وفي ضوء هذا الوضع اعتبر زيلينسكي أن النزاع الناشئ في مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك هو ، في واقع الأمر، نزاع مع روسيا ولذلك ينبغي حله عن طريق المفاوضات مع الجانب الروسي بالذات وليس مع دونيتسك ولوغانسك. وأعرب الرئيس الأوكراني عن استعداده لإجراء مباحثات بهذا الشأن مع بوتين. أما الكرملين فقد اعلن معارضته لاتصالات كهذه، إذ لا ينبغي، حسب اعتقاده، بحث النزاع في دونباس بين الدولتين لكونه نزاع داخلي وإنما يجب علىيهما مناقشة العلاقات الثنائية. وهنا توقف الحديث عن لقاء قمة روسية- أوكرانية.
وفي خريف عام 2021 شرعت موسكو بنشاط في الرد على كييف. ففي أيلول/سبتمبر أعلن بوتين بدء الاندماج الاقتصادي مع الجمهوريتين غير المعترف بهما وإزالة الحواجز الجمركية, وفي تشرين2/نوفمبر أصدر الرئيس الروسي مرسوماً يجعل بموجبه السوق الروسية متاحة للسلع المنتجة في دونيتسك ولوغانسك واعتبر ذلك رداً على عدم تنفيذ أوكرانيا لاتفاقيات مينسك.
ورغم طلبات كييف وباريس وبرلين العديدة رفضت موسكو رفضاً قاطعاً عقد قمة جديدة في نطاق الصيغة النورماندية قبل أن ينفذ الجانب الأوكراني اتفاقيات لقاء باريس. كما أن موسكو لم توافق على إجراء لقاء لوزراء خارجية الرباعية النورماندية. وعلى العموم كان عقد القمة المذكورة الفرصة الأخيرة للتهدئة وبديلاً عن خيار الحرب.
ويرى أستاذ العلوم السياسية فولوديمير شوماكوف أن" فشل جهود الرباعية كان متوقعاً. فهي لن تقدم أي شيء لأن روسيا إذا أرادت الحرب ستبدأها حتماً، وأمرها بيد بوتين وليس بيد ماكرون أو أوكرانيا... على كل حال لن تقبل أوكرانيا بمفاوضة قادة الانفصاليين مباشرة كما تطلب روسيا. فهي ترفض ذلك لأن هؤلاء ليسوا أوكرانيين أصلاً وإنما هم روس يحملون الجواز الروسي ويديرهم الكرملين.... وإن أي تنازلات بهذا الصدد ستفهم من قبل الشارع الاوكراني على أنها خيانة غير مقبولة. ففي حقيقة الأمر ليس لدينا ما نقدمه من تنازلات، إذ لسنا المعتدين وإنما روسيا والموالون لها".
في 17 كانون1/ ديسمبر عام 2021 أعلنت وزارة الخارجية الروسية مشروع اتفاق روسي- أمريكي حول الضمانات الأمنية المتبادلة. ويضم المشروع اقتراحات روسية تطلب من الناتو التعهد بعدم التوسع شرقاً وخاصة باتجاه أوكرانيا. وفي مؤتمر صحفي عقده يوم 23 من الشهر نفسه اتهم بوتين الحلف بالتخطيط لقبول أوكرانيا في عضويته. وأكد على ضرورة منح بلده مثل هذه الضمانات على الفور من قبل الحلف. وهكذا فقد طرحت موسكو مطالب قاسية أمام الغرب وذلك على خلفية حشود عسكرية ضخمة قامت بها على حدودها مع أوكرانيا بذريعة إجراء مناورات هناك.
ومن أهم نقاط هذه المقترحات:
- وقف توسع الناتو وعدم انضمام أوكرانيا إليه.
-عدم نشر قوات وأسلحة إضافية خارج الدول التي كانت منضمة إلى الحلف قبل عام 1997.
- تخلي الناتو عن أي نشاط عسكري في أوكرانيا وشرق أوروبا والقوقاز وأسيا الوسطى وعدم نشر صواريخ متوسطة المدى في أماكن يمكن أن تصيب منها أراضي الجانب الآخر.
وفيما بعد حصل الجانب الروسي على رد خطي من الإدارة الأمريكية بخصوص مقترحاته بشأن ضمانات الأمن التي يمكن أن تقدمها واشنطن والناتو بما في ذلك عدم قبول أوكرانيا في الحلف. ومن بنود هذا الرد العديدة:
- ضرورة تحديث وثيقة فيينا الخاصة بالرقابة على التسلح.
- زيادة إجراءات الشفافية المتعلقة بالمناورات العسكرية.
- إعادة قنوات التواصل واستئناف عمل بعثتي الناتو وروسيا لدى موسكو وبروكسل.
- سحب القوات الروسية من أوكرانيا(القرم ودونباس) وجورجيا( ابخازيا وأوسيتيا الجنوبية) ومولدوفا(بريدنيستروفيه). - احترام سيادة جميع الدول وحقها في تشكيل تحالفات عسكرية وتحديد سياساتهالخارجية (مع تأكيد التزام الناتو بسياسة الأبواب المفتوحة).
وقد أعربت موسكو عن خيبة أملها في الرد الأمريكي وأكدت أنه يتجاهل الهواجس الروسية الأمنية، ولا يتضمن أي شيء إيجابي بخصوص المسألة الرئيسية، وهي الطلب الروسي بوقف تمدد حلف الناتو شرقاً ونشر منظومات هجومية من شأنها أن تشكل خطراً على أراضي روسيا. وفي 21 شباط/فبراير عام 2022 أعلن بوتين اعتراف بلاده بجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين دولتين مستقلتين عن أوكرانيا مما أثار استياء عارماً لدى كييف والحلفاء الغربيين.
وبعد ثلاثة أيام جاءت الصدمة الكبرى باقتحام القوات الروسية الأراضي الأوكرانية من جهة روسيا وبيلوروسيا واندلاع الحرب الروسية الاوكرانية التي هزت العالم. وقد أدى ذلك إلى ردود فعل عنيفة من قبل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى. و سارعت جميعها إلى فرض عقوبات اقتصادية غير مسبوقة في كافة المجالات. وفي غضون بضعة أسابيع من الحرب لجأ 4 ملايين أوكراني إلى البلدان الأوروبية وروسيا.
402 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع