الصحابة الكرام؛ والذين يبغضونهم

                                                  

                          أحمد العبدالله

الصحابة الكرام؛ والذين يبغضونهم

الصحابي؛ كل مَن لقِي النبي الكريم محمّد؛(صلى الله عليه وسلم) مؤمناً به، ومات على الإسلام. وعقيدة أهل السُنّة والجماعة في الصحابة الكرام, إنهم كلّهم عدول, ولكنهم يتفاوتون في الدرجة, ولا نقول بعصمتهم, لأن العصمة للأنبياء فقط. وقد زكّاهم الله في القرآن الكريم في آيات عديدة, منها قوله تعالى؛(( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)). كما أثنى عليهم النبي الكريم(صلى الله عليه وسلم)في أحاديث كثيرة.

وقد امتدح اللَّه عزّ وجلّ المهاجرين, بقوله: (﴿ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّه وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّه وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ)). ثم ثنَّى بالأنصار: (﴿ وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ)).
ثم الصنف الثالث من المؤمنين الذين جاؤوا من بعدهم إلى يوم القيامة؛ ﴿( وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾)، فقد استوعبت هذه الآيات جميع المسلمين, وليس أحدٌ إلاّ له فيها حق. ويقول أبو مظفر السمعاني: (وفي الآية دليل على أن الترحم للسلف، والدعاء لهم بالخير، وترك ذكرهم بالسوء من علامة المؤمنين).
وفي الحديث الشريف المتفق عليه؛(لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي.. لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي.. فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ). وروى الطبراني بإسناده إلى ابن عباس(رضي الله عنهما), أن النبي الكريم (صلى الله عليه وسلم),قال: (من سبَّ أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه؛منهاج السُنّة النبوية: (فُضّلت اليهود والنصارى على الرافضة بخصلتين: سُئلت اليهود من خير أهل ملتكم؟ قالوا: أصحاب موسى. وسُئلت النصارى من خير أهل ملّتكم؟ قالوا: حواريّو عيسى. وسُئلت الرافضة من شرُّ أهل ملّتكم؟ قالوا: أصحاب محمد. أُمروا بالاستغفار لهم فسبّوهم، فالسيف مسلول عليهم إلى يوم القيامة لا يثبت لهم قدم ولا تقوم لهم راية ولا تجتمع لهم كلمة، دعوتهم مدحوضة وجمعهم متفرق، كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله عز وجل).
وفي عقيدة الشيعة؛ أن الصحابة (رضي الله عنهم), قد ارتدّوا جميعا بعد موت النبي الكريم(صلى الله عليه وسلم), إلاّ ثلاثة !!. ففي تفسير محمد بن مسعود العياشي وغيره, عن الباقر, إنه قال: (كان الناس أهل ردة بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلاّ ثلاثة، فقلت: ومن الثلاثة؟ قال: المقداد وأبو ذر وسلمان الفارسي).
وبلغ عبدالله بن عُمَر (رضي الله عنهما), أَنَّ رجلا نال من عثمان, فدعاه وأقعده بين يديه وقرأَ عليه؛(( لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ )), إِلى آخر الْآية, قَال مِن هؤلَاء أَنت؟ قَال لا. ثم قَرأَ علَيه: (( وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ والإيمان من قبلهم )), إلى آخر الآية, ثم قَال له: أمِن هؤلاءِ أَنت؟ قَال: لا. ثم قَرأَ: (( وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إنك رءوف رحيم )), ثم قَال أمِن هؤلاء أَنت؟. قَال أَرجو أَن أَكون منهم. فقَال عبد اللَّه بن عمر؛ لا والله.. ما يكون منهم من يتناولهم وكان في قَلبه الغِلُّ عليهم.
وجاء في كتاب الصارم المسلول على شاتم الرسول لشيخ الإسلام إبن تيمية؛ (وقال مالك رضي الله عنه، إنما هؤلاء أقوام أرادوا القدح في النبي عليه الصلاة والسلام، فلم يمكنهم ذلك، فقدحوا في الصحابة حتى يقال؛ رجل سوء، ولو كان رجلا صالحاً, لكان أصحابه صالحين).
ورحم الله الإمام مالك, إمام دار الهجرة, فقد استدلَّ بنص الآية الكريمة؛(( مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ۗ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا )), فأفتى بكفر من يبغض الصحابة الكرام(رضي الله عنهم جميعا). فكيف بمن يسبّهم ويبهتهم وينتقص منهم ؟!!!.
وقد توّعد سبحانه وتعالى من يُؤذي الحبيب المصطفى بالطرد من رحمة الله في الدنيا والآخرة, والعذاب المهين يوم القيامة, إذ قال في كتابه العزيز؛ (( إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا)).. وهل هناك أشدُّ أذىً من أن يُطعن النبي الكريم محمّد(صلى الله عليه وسلم), في عرضه, ويُساء لأصحابه المقرّبين ؟!!.
والخلاصة؛ أن سبَّ الصحابة الأخيار من أكبر الكبائر وأعظم الذنوب وأشدّ الآثام وأقبح الأفعال وأبغض الصفات، وأن من ابتُلي بذلك فهو من الذين ضلَّ سعيهم في الحياة الدنيا, وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً. وقد جمع الإمام الذهبي الذنوب التي هي من الكبائر في كتابه؛(الكبائر), وعدَّ سبّ الصحابة منها, وقال إن من سبّهم؛(فقد بارز الله تعالى بالمحاربة).

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1065 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع