أحمد العبدالله
(آية الله)!! سترو؛يفضح التحالف الإيراني-الإسرائيلي
تعدُّ صفحة(التحالف الإستراتيجي الخفي)؛ الإيراني-الإسرائيلي, الذي ربط بين الطرفين نحو عدوهما المشترك؛العراق, في عقد الثمانينات, أحد أكثر الصفحات عاراً وشناراً في تاريخ ملالي طهران الدجالين المتخم بالمخازي والعهر السياسي والنفاق. فهم جعلوا من قضية فلسطين والقدس؛ أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين, بما تشكله من رمزية عند العرب والمسلمين, مجالا رحبا للـ (استثمار) !!, لتصدير مشروعهم العدواني التوسعي العنصري والمغلف بأقنعة عديدة. فهم مع الشيعة خارج إيران, يُقدّمون أنفسهم بأنهم المدافعون عن(المذهب) وأتباعه, ومع أهل السُنّة والجماعة يعزفون على وتر التقريب بين (المذاهب)!!, وموضوع القدس والعداء المزعوم لإسرائيل. ومع دول العالم الثالث أو دول الجنوب, يروّجون لشعارات مقاومة(الاستكبار العالمي), وهلّم جرا.
بينما هم في حقيقة الأمر ينامون معاً في فراش واحد. ففي معلومات لمسؤولين كانوا في نظام الملالي ثم انشقوا عنه لاحقا, إن الدجال خميني قد (أفتى) بهجرة الآلاف من اليهود الإيرانيين مقابل قطع غيار لطائرات (الفانتوم) التي بحوزة إيران. كما اجتمع مسؤولون إيرانيون وضباط إسرائيليون في فرنسا للتحضير لضرب المفاعل الذري العراقي, وزوّدت طهران تل أبيب بصور ومعلومات عنه. كما عرضت على إسرائيل إمكانية هبوط طائراتها في مطار تبريز عند الطوارئ. ورتّب صفقات السلاح وكذلك التعاون لضرب المفاعل العراقي, الإبن الأصغر (لآية الله كاشاني) الذي زار تل أبيب في الثمانينات!!.
وكذلك أقام في إيران خلال فترة الحرب العراقية - الإيرانية, ما لا يقل عن ألف مستشار وفني إسرائيلي داخل معسكر شديد الحماية والتحصين شمال طهران حتى نهاية تلك الحرب. ورغم أن إيران تملك عدة منشآت نووية شبه متكاملة، فإن الغرب وإسرائيل قد سمحا لها بوصول برنامجها النووي إلى حافة الاكتمال دون اعتراض جدّي, واستبعاد الخيار العسكري خلال السنوات الماضية. ويؤكد الإسرائيليون إن الهدف الإستراتيجي لطهران ليس تدمير إسرائيل!!.
كل ذلك معروف ومتداول, ولكن الجديد هذه المرة هو الكلام الخطير لجاك سترو؛ وزير الخارجية البريطاني؛(2001 - 2006), فقد أصدر في 2020 كتابا عنوانه؛(الوظيفة البريطانية/ كيف نفهم إيران؟), وهو بمعظمه يتحدث عن إيران, واحتوى على معلومات موثقة وتعليقات سياسية ذات أهمية كبيرة حول عمق العلاقات الإسرائيلية - الإيرانية في مختلف الميادين, وعن تزويد إسرائيل لإيران بالأسلحة خلال الحرب العراقية - الإيرانية، وتكشف عن تعاون مخابراتي لتدمير مفاعل تموز النووي العراقي السلمي عام 1981, لمنع العراق من تطوير مشروعه الذري. وإن الدعم الإسرائيلي لإيران كان من أجل أن؛ (تحقق طهران الإنتصار على نظام صدام في الحرب, لأن تل أبيب ترى في هذا النظام خطرا عليها بعد أن عبّأ الشارع العربي ضدها, حتى إن الإسرائيليين كانوا ينصحون الأمريكان بالتقرّب من إيران)!!. وذلك يفضح زيف شعارات العداء الإيراني لإسرائيل.
وكشف (سترو) في كتابه؛ إنه خلال حرب الثمانينات كانت إسرائيل المورد الغربي الأساس والموثوق لأسلحة إيران، إذ قال؛ (الناس لا يكادون يصدقون ذلك، لكني وثّقت هذا بالأدلّة). وأضاف؛ إن إسرائيل كانت رابع مورّد رئيسي للأسلحة لإيران بعد الصين وكوريا الشمالية وليبيا, وإن الصادرات الإسرائيلية من السلاح لإيران بلغت حينها ما قيمته ملياري دولار, وكان هناك مبعوث إسرائيلي من أصول إيرانية يقيم في طهران كسفير فوق العادة يتولى التنسيق والمتابعة بينهما طيلة فترة الحرب.
ويبرّر(سترو) هذا الموقف الإسرائيلي من إيران بقوله؛ (اسرائيل قَدّرت أنه على المدى البعيد, إن إيران ليست عدوتها وهي مشغولة بثورتها التي انطلقت للتو، وأن العدو الأكبر هو العراق. (صدام) هَدّد اسرائيل مراراً وحرّض الشارع العربي ضدها. وبالطبع العراق أقرب جغرافياً لإسرائيل من ايران، لذلك توصل الإسرائيليون لاستنتاج وهو أن من مصلحتهم أن تستمر الحرب وسيكون لفوز العراق بالحرب نتائج كارثية على إسرائيل, وكان ذلك وشيكاً بالمناسبة)!!.
و(جاك سترو), هو على شاكلة ساسة غربيين كثيرين, أصابهم هوس العشق والذوبان في حبِّ إيران!!. ففي ثنايا الكتاب نجد عبارات كثيرة تثبت ذلك, منها وصفه لإيران, بأنها؛(مجتمع متماسك)!!. ثم يضيف قائلا؛ (لإيران تاريخ طويل يمتد لأكثر من ثلاثة آلاف سنة، وورثت ثقافة راقية... و(أنا) لا أخفي إعجابي الشديد بسحر هذا البلد)!!. كما إنه أول وزير بريطاني يزور إيران في 2001 منذ (الثورة الخمينية). وبعد خروجه من منصبه, قام في 2015 بزيارة سياحية لإيران مع زوجته واثنين من أصدقائه, وخلال تنقله على إحدى الطرقات, يتم إيقافه وإهانته من قبل مفرزة للـ(البسيج), مما دعاه لاختصار الزيارة, ومغادرة طهران. ولكنه (بلع) تلك الإهانة, واستمر في كيل المديح للإيرانيين, حتى أطلق عليه بعض البريطانيين تهكماً, لقب؛(آية الله سترو)!!.
وتكمن أهمية الكتاب من أهمية وثقل كاتبه السياسي, وحساسية الموقع الذي شغله وبحكم إطلاعه على ملفات وأسرار كثيرة, فلا يمكن الطعن بما أورده. كما إنه من جهة أخرى, فهو صديق للطرفين, فسلفه(بلفور), صاحب الوعد المشهور, والذي على أساسه تأسست إسرائيل برعاية بريطانية كاملة. أما موقفه من إيران, فأضيف إلى ما سبق ذكره, إن ولهه وإعجابه بإيران وصل لدرجة (القرف), حتى إنه استخدم في كتابه, المصطلح الإيراني؛(الحرب المفروضة) !!, في تسميته للعدوان الإيراني على العراق.
454 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع