قراءة جمالية في قصيدة ( النجمة الخضراء)لوهيب عجمي

د. عصام الشرتح

قراءة جمالية في قصيدة ( النجمة الخضراء)لوهيب عجمي

مقدمة الدراسة:
تهدف الدراسة إلى كشف القيم الجمالية التي تتأسس عليها قصيدة (النجمة الخضراء) من حيث القيمة الجمالية والبنى التشكيلية التي تتأسس عليها في خلق الاستثارة الجمالية؛ وهذا يعني أن القيم الجمالية التي تتأسس عليها قصيدته تلك تقع ضمن ما يسمى التفعيل النصي، أو التضافر النصي على مستوى الجمل من أول جملة في تشكيلها إلى آخر لبنة في تشكيلها النصي الإبداعي، ومن هنا، فإن الكشف الجمالي النصي الذي ترومه هذه الدراسة هو كشف نصي عميق في البنى والمؤثرات الجمالية التي تحفز القصيدة وموحياتها على المستوى الفني والجمالي والإبداعي المثير، وهذا ما يحسب لهذه الدراسة في مسارها النقدي التأسيسي المهم.
أولاً- نص قصيدة النجمة الخضراء:

أنا من أبلغَ الأزمانَ شعري بأنكِ فرحتي، مجدي،وفخري
طبيبةُ خافقي بل نورُ عيني وأسرارُ الصبا بورودِ عمري
وأنتِ النجمةُ الخضرا سماءٌ وأنتِ الأرضُ يجري فيكِ نهري
فأسبحُ في هواكِ مستحماً بأمواجٍ تدغدغني ببحري
فأغرقُ حينما تدعينَ ضلعي وأطفو حينما تغلين صدري
وأنتِ النورُ إن داهمتْ فؤادي سواداتٌ جناها حزنُ دهري
وما قلبي تعثر في ظلامٍ لأنكِ في ظلامِ الليلِ بدري
وأنت قصيدتي أشواقُ بعدي وساقيتي وزقزقتي وطيري
وأنت زرافتي في الروضِ تلهو وداليتي على سطحي وخمري
وأنتِ فتاةُ أضلاعي وعشقي وهمسُ الصبحِ في آذانِ زهري
ودفئي إن أتاني زمهريرٌ وثلجي إن كواني كيدُ حَرِّ
وأنتِ جُنينتي وردي وفلي وفاكهتي فيها حُلوي ومُرَّي
على أغصانكِ الفرعاءُ تشدو كناراتي على أوتارِ فجري
سواعدُكِ الكرومُ لكلّ طيبٍ زهوركِ في رباها زهو عطري
أحنُّ إليكِ في الأحلامِ أمضي أفتشُ عنك في بحري وبري
أطيرُ إليكِ عشقاً، ثم أهوي كعصفورٍ على نيرانِ هجري
يثورُ القلبُ بركاناً بعشقٍ لما في العشقِ من لهبٍ وجمرِ
فينفجرُ اليراعُ بكوخِ قلبي ويرميني الغرامُ بساحِ قصرِ
أُلملمُ ما تلاشي من فؤادي يميلُ لنوركِ الخلاقِ شعري
تعالي عانقيني لاتبالي فإني في هواكِ كشفتُ امري
أدوِّنُ في ملاكي الدهرَ شعراً أُكحلُ عينَ ملهمتي بشعري
بوجهكِ هذه الدنيا جمالٌ وسحرٌ ظلَّ يعشقُ كلَّ سحرِ"(1).

ثانياً- التحليل النصي:

يخطئ من يظن أن الشعرية في عصر الحداثة بالإمكان التقاطها وتحديد مدلولها ومقصودها في النص الشعري بسهولة ويسر،وهذا أمر مغلوط منافٍ للحقيقة إطلاقاً،لأن الشعرية هي الأفق الشعري المتنامي على الدوام ، هي باختصار الأفق الإبداعي اللامتناهي أو اللاملتقط؛ هذا الأفق الجمالي الواسع الذي لا تحده الحدود؛ ولا تدركه مختلف القرائن الدالة مهما تنوعت واختلفت مؤثرتها ومتغيراتها الأسلوبية؛ولهذا إننا لو بحثنا في الشعرية فإننا لانبحث في حقيقة الأمر إلا عن ظلال الجمالية في الشعر، أو لنقل عن الظلال الشعرية في الشعر؛ فالشعر الحقيقي في تطور رؤيوي باستمرار تبعاً لاختلاف القرائن والبنى الدالة على مر الأيام؛وقد يتساءل القارئ ما معنى اختلاف القرائن والبنى الدالة؟!! هل المقصود بذلك إعادة تشكيل النص من جديد؟ بعلائق وقرائن لغوية جديدة؟ أم ما تقصده أن النص الشعري يتغير مع كل قراءة أو مطالعة لبناه الشعرية من قريب أو بعيد؟
لاشك في أن القرائن اللغوية قرائن راسخة في النص لحظة إبداعه وتشكيله،ما يتغير حقيقة منظورنا للشعر وحقيقية رؤيتنا للحياة من زاوية العين الرائية أو العين المتلقية للنص التي تنظر إليه من زاوية خاصة، فلا قيمة للغة والقرائن اللغوية في تجديد ملمس النص وحركته الجمالية،لأن النص اتخذ شكلاً معيناً ولغة خاصة تشكلت وانتهت، ما يتطور في النص القارئ،وما يتطور في النص المؤول الحساس لمكامن الدهشة الجمالية ومحور ثقلها الإبداعي في النص الشعري المخصوص بالدراسة؛ فالقارئ الجمالي يحيا حيوات جمالية مع كل قراءة جمالية للنص،ومع كل التفاتة جمالية تبحث في أسس التشكيلات اللغوية، ووفق هذا التصور، فالخصوبة الجمالية للنص الشعري تختلف بحسب القيمة المعرفية والجمالية للنص؛وبحسب الإفرازات الجمالية في تأويل النص والخبرات الإبداعية في طريقة الكشف النصي عن القوى الفاعلة في تحريك الشعرية من الصميم.
والسؤال المهم الذي نطرحه في هذه الدراسة: ما هي المؤشرات على بلاغة القرائن اللغوية في النص الشعري؟ وما مدى التفاعل الجمالي الذي حققه النص مع القارئ أو المؤول الجمالي للنص؟ هل القارئ الجمالي هو الذي يصنع النص الشعري مع المبدع؟ وما أهمية هذا القرين الجمالي في تحفيز النص؟ وهل القارئ الجمالي هو الذي يخلق النص من جديد؟ وما أهمية القراءة الجمالية للنص في ترجمة مخزونه الإبداعي وطاقته الخلاقة؟
وهل القارئ الجمالي هو المنتج الحقيقي للنص ؟ أم المبدع الشاعر الذي شكل هذه الشبكة اللغوية العلائقية في تحفيز القصيدة وتحقيق متغيرها الجمالي؟
يخطئ من يظن أن النص الشعري مجرد علائق وقرائن لغوية قد تشكلت وانتهت،إن النص الشعري هو كائن حي ينمو ويتطور ويزداد إشراقاً مع كل قراءة جمالية تطاله من قريب أو بعيد تخلق فيه حياة جديدة وملمساً إبداعياً خاصاً؛لأن النص الشعري ليس الكلام المنتهي بل هو الكلام المفتوح اللامتناهي، ومادام كذلك فإن قيمه الجمالية في تنامِ دائم وازدهار لغوي إبداعي على الدوام،ومن هذا المنطلق اختلفت المنظورات الإبداعية للشعرية، تبعاً لكل مؤول أو قارئ جمالي للنص يتفاعل مع حيثاته الجزئية من قريب أو بعيد؛لأن النص الشعري في تشكل إبداعي على الدوام،وهذا التشكل الإبداعي تتحكم فيه الكثير من المؤشرات الجمالية والمظاهر النفسية والرؤيوية لدى الشاعر المبدع أولاً ،و المؤول، ثانياً أي مساحة الرؤيا تبقى مفتوحة،وما دامت مساحة الرؤيا مفتوحة فمعناه أن النص الشعري في توالد مستمر وتفاعل حثيث مع كل لحظة يعيشها المؤول الجمالي ويحياها في محراب النص الشعري الإبداعي الحقيقي.
ووفق هذا التصور الإبداعي الحقيقي للنص يمكن أن نقول عن قصائد العجمي إن قصائده غير منتهية في إفرازاتها الجمالية ، فهي تتجدد في النص كتجدد الدماء في الجسد الحي،لأن معدنها معدن إبداعي حقيقي ، عاش الشاعر حيوات الإبداع ولحظاته المحمومة في فترة من الفترات فأنتج هذه الجمالية التي حققت الأريحية الشعورية في تلقيها وتفعيلها جمالياً.
ومن هذا المنطلق يمكن القول:إن قصيدة النجمة الخضراء هي القصيدة اللامنتهية في جمالياتها، فما قد نكتشفه من قيم جمالية فيها قد نجد نقيضه في المستقبل القريب فنكتشف مظاهر جمالية ما اكتشفناها وما أدركنا سيرورتها في قراءتنا الأولى، أي إن محراب الإبداع الشعري في قصائد العجمي في تطور وابتكار وخصوصية إبداعية يرتقي فيها العجمي درجات من الوعي والاستشراف الفني، والخصوبة الجمالية لاسيما في تلقيها مرات ومرات وتفكيك عناصر القيم الجمالية التي شكلت منحاها النصي التفاعلي في خلق المباغتة والإدهاش الجمالي.
وأولى العتبات النصية التي تدفعنا للبحث عن سيرورة منحاها الاستقصائي الجمالي الانزياح التعبيري في لفظة:[ النجمة ] التي أتبعها بصفة لا تناسبها على مستوى التوقع ،وهي لفظة الخضراء؛ فلو قال الشاعر النجمة الحمراء أو البيضاء أو الصفراء لما أحدث هذه القشعريرة الجمالية، وكأن هذه النجمة هي المحبوبة والخضراء صفة الحياة والربيع والخضرة التي تبثها المحبوبة في عالمه الوجودي، فهي رمز الخصوبة والخير والجمال،وهي بهذه الصفة( الخضراء) أضفت على القصيدة ظلالها الدالة على التجدد والخصوبة، والخير، والعطاء، فهي مصدر الحياة للموجودات من حولها، وهكذا،استطاع الشاعر أن يتلاعب بالأنساق الشعرية تلاعباً فنياً مهندساً للدلالات والبنى الدالة؛وهكذا؛ جاءت العتبة العنوانية دالة بقوة على مقصودها التحفيزي ليدخلنا الشاعر منطق الاستثارة والجمالية عبر الفاتحة الاستهلالية التالية:

أنا من أبلغَ الأزمانَ شعري بأنكِ فرحتي، مجدي،وفخري
طبيبةُ خافقي بل نورُ عيني وأسرارُ الصبا بورودِ عمري
وأنتِ النجمةُ الخضرا سماءٌ وأنتِ الأرضُ يجري فيكِ نهري
فأسبحُ في هواكِ مستحماً بأمواجٍ تدغدغني ببحري
فأغرقُ حينما تدعينَ ضلعي وأطفو حينما تغلين صدري

هنا، يستهل الشاعر القصيدة بافتتاحية مؤثرة في استجرار الدلالات والمعاني الجديدة،إذ ابتدأ القصيدة بالضمير (أنا)؛ والضمير –هنا- لايشكل نرجسية في الرؤيا،وإنما يشكل حضوره الكاشف في ماهية العشق ليحقق كينونته وماهيته الوجودية التي لا ترقى إلا بالأنثى ولا تكتمل إلا بموج خضرتها وزهوها وإشراقها الوجودي ،ولهذا جاء قوله مؤكداً بالضمير الأنثوي الموجه للمحبوبة:[وأنتِ النجمةُ الخضرا سماءٌ/ وأنت الأرضُ يجري فيكِ نهري]؛ليدلل على أن تعلقه بالأنثى ليس تعلقَ حاجةٍ جسدية محضة، وإنما تعلقه بها تعلق روحي مشبوب بالعاطفة التي تحقق كينونة الذات الشعرية نفسها في ارتدادها من الذات للمحبوبة،ومن المحبوبة إلى الذات،لأن المقصود في هذه الماهية الأنثى لا الذات، ولهذا كثف الصور الملتقطة في الكشف عن مرايا هذه الذات وعلاقتها بالوجود، كما في قوله:" فأغرق حينما تدعين ضلعي/ وأطفو حينما تغلين صدري"؛لتكون الأنثى هي كينونة حياته وإثبات هويته الوجودية، فلولاها لامحى وجودياً ولا قيمة لماهيته الوجودية دون خضرة الأنثى وحضنها الدافق بالخصوبة والود والحنان، وهكذا جاءت الفاتحة الاستهلالية ذات قيمة تحفيزية في استشراف الدلالات، والمعاني الجديدة، وكأن رغبة الشاعر الوجودية رغبة حياة لا موت ، رغبة إثبات الذات أمام رغبة المحو بكينونة الأنثى، وهذا دليل أن القيمة التعبيرية في هذه القصائد قيم تحولية انبثاقية تمتلك غائية الدلالة،وتمتلك الحنكة الجمالية في الاستشراف والتركيب الجمالي.
واللافت –على المستوى الإبداعي الجمالي- أن الأبيات تتلاحم في مؤشراتها الدلالية؛ لتحقق قيمتها المثلى في الاستثارة والتحفيز الجمالي، بمعنى أدق :إن العجمي في تشكيلاته اللغوية لا يعتمد الاقتصاد اللغوي والبلاغة مؤولاً أسلوبياً في التحفيز النصي؛وإنما يخلق الرؤية الشعرية خلقاً جديداً، ويرسمها رسماً بريشة الفن اللغوي العذب، كما في رشاقة الأبيات وسلاسة إيقاعها وبلاغة ما تشير إليه من مؤثرات فنية، كما في قوله:
وأنتِ النورُ إن داهمتْ فؤادي سواداتٌ جناها حزنُ دهري
وما قلبي تعثر في ظلامٍ لأنكِ في ظلامِ الليلِ بدري
وأنت قصيدتي أشواقُ بعدي وساقيتي وزقزقتي وطيري
وأنت زرافتي في الروضِ تلهو وداليتي على سطحي وخمري
وأنتِ فتاةُ أضلاعي وعشقي وهمسُ الصبحِ في آذانِ زهري
ودفئي إن أتاني زمهريرٌ وثلجي إن كواني كيدُ حَرِّ
وأنتِ جُنينتي وردي وفلي وفاكهتي فيها حُلوي ومُرَّي
هنا،إن تكرار ضمير المحبوبة(أنت) لم يأتِ عن عبث،وإنما جاء راسماً منعرجات شعوره وأحاسيسه المحمومة، باللجوء إلى التكرار؛ للتنفيس عن ضغط المشاعر الغزلية التي تعتصر كيانه، فينتقل إلى الضمير ذاته يكرره دون أن يتعداه، ليؤكد حضورها في كيانه وروحه، فهي جنته ورياضه ونور فؤاده إن داهمته الأحزان والآلام،وهي قافيته الشعرية والدالية الخضراء على سطح بيته تزين سماءه العاشقة،وهي فاكهته الصباحية وحلاوة كلماته الرقاقة بالحس والجمال والشعور،وهكذا تزدهي القصيدة بمتحولاتها الجمالية وترتقي حيزاً جمالياً بتكرار الضمير، لدرجة أن الشاعر إبان تكرار كل ضمير يخلق صورة جمالية من صور المحبوبة المشرقة لتشكل عالمه الوجودي، الذي يفيض بالعذوبة والرقة والجمال.
ولو تفحص القارئ المنعرجات الدلالية لأبياته الشعرية التي تزدهي بها هذه القصيدة لتأكد له أن الشاعر يلون الدلالات بالانتقال من دلالة إلى دلالة ومن رؤية إلى رؤية، ليحقق القيمة الجمالية العظمى في المباغتة والتأثير الجمالي، كما في قوله:
على أغصانكِ الفرعاءُ تشدو كناراتي على أوتارِ فجري
سواعدُكِ الكرومُ لكلّ طيبٍ زهوركِ في رباها زهو عطري
أحنُّ إليكِ في الأحلامِ أمضي أفتشُ عنك في بحري وبري
أطيرُ إليكِ عشقاً، ثم أهوي كعصفورٍ على نيرانِ هجري
يثورُ القلبُ بركاناً بعشقٍ لما في العشقِ من لهبٍ وجمرِ
فينفجرُ اليراعُ بكوخِ قلبي ويرميني الغرامُ بساحِ قصرِ
أُلملمُ ما تلاشي من فؤادي يميلُ لنوركِ الخلاقِ شعري
إن القارئ هنا، يدرك اللعبة الجمالية في التشكيلات اللغوية الوصفية ،وتفعيل الدلالات بالصور الشعرية الرقراقة بالدلالات والمعاني الجديدة،كما في قوله:(على أغصانك الفرعاء تشدو كناراتي = سواعدك الكروم لكل طيب=أهوي كعصفور على نيران هجري= يميل لنورك الخلاق شعري)،وهكذا تأتي الصور الشعرية براقة بمؤثراتها الصوتية المتناغمة ودينامية الصور المتوهجة بإيحاءاتها ودلالاتها المؤثرة؛ ليؤكد للقارئ أن الشعرية قيمة تحولية في استشراف الدلالات والمعاني الغزلية الجديدة.
وهنا ينتابنا سؤال مهم : هل أدرك العجمي أن شعريته متغيرة متطورة كتطور الحياة ذاتها،ولهذا لا يستطيع الناقد الجمالي الكشف عنها دون تطوير أدواته ورؤاه الشعرية ليلتقط ما تجدد واستحدث فيها من تغيرات؛ سواء بالشكل اللغوي أم بالمعاني والدلالات والمتغيرات الأسلوبية الجديدة،ولهذا نلحظ الحنكة الأسلوبية الجمالية في الانتقال من أسلوب إلى أسلوب،ومن تشكيل جمالي إلى آخر،محققاً اللعبة الجمالية في التحفيز النصي،كما في القفلة النصية التي جاءت ذات قيمة عليا في التكثيف والتحفيز الجمالي على شاكلة قوله:
تعالي عانقيني لا تبالي فإني في هواكِ كشفتُ أمري
أدوِّنُ في ملاكي الدهرَ شعراً أُكحلُ عينَ ملهمتي بشعري
بوجهكِ هذه الدنيا جمالٌ وسحرٌ ظلَّ يعشقُ كلَّ سحرِ"(1).
إن القارئ هنا، يتحثث هذه الحركة الجمالية في قفلته النصية من خلال سلاسة الصور ورشاقتها وقيمتها التحفيزية العالية :[أكحل عين ملهمتي بشعري]، فهذه الصورة الجمالية لا يقولها إلا شاعر مغرم مؤثر في استشفاف المعاني الجمالية ونقلها للقارئ،وهكذا عودنا العجمي أن يستقي القيم الجمالية في قصائده،إذ يلونها بالدلالات الجديدة،ويبنيها بالمؤثرات التصويرية الخلاقة أو المتوهجة في إيقاعها الصوتي، وتناغم مفرداتها لاسيما بتكرار ضمير المتكلم المتلاحق:[ ملاكي= أمري = ملهمتي = بشعري]؛وهذا دليل أن العجمي في شعريته كلها ثمة قيم جمالية تشي بها تراكيبه غنية بالدلالات والاستثارات والمحفزات إن كانت تصويرية أو صوتية أو دلالية أو نفسية أو لقطات تصويرية وصفية للمشاهد الشعرية المؤثرة.
وصفوة القول:
إن قصيدة( النجمة الخضراء ) لوهيب عجمي تشكل مرجعها الجمالي من الخلخلة، اللامتوقعة للأنساق الشعرية والتوليف المثير للصور لتجري في نسق عاطفي محموم بالرؤى والدلالات النصية،وهذا إن دل على شيء فيدل على القيمة الإبداعية العالية لقصائد وهيب عجمي الشعرية التي تغامر بكل شيء لتؤكد سيرورة إبداعها وحركتها الجمالية.
ونخلص من هذه الدراسة إلى النتائج التالية:
1-إن الرؤية الجمالية التي تثيرها هذه القصيدة رؤية إبداعية غزلية استطاع من خلالها العجمي أن يتلاعب بالقارئ جمالياً بالانتقال من قيمة جمالية مؤثرة إلى قيمة ،وهذا ما تتميز به القصائد المثيرة في مكوناتها ومفاصلها النصية.
2-إن شعرية اللغة وانسيابها الجمالي هو ما يميز هذه القصيدة في الكثير من متحولاتها الجمالية، ولهذا تمتاز هذه القصيدة بحراكها الإبداعي النصي، وحياكتها النصية المراوغة، وتفنن قوافيها وكأنها مرسومة رسماً بإيقاع تحفيزي شاعري آسر.
3-إن غنى المؤثرات الجمالية في هذه القصيدة من غنى مكوناتها ورؤاها الجمالية، ولهذا يلحظ القارئ تكاملها الجمالي من الفاتحة الاستهلالية إلى الخاتمة النصية، وهذا ما يضمن تحقيق شعريتها وإيقاعها الجمالي.

الحواشي:
(1)عجمي،وهيب،2018-ديوان وردة العشق، دار البنان،ط1، ص38-41

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

981 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع