ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
ولاية بغداد العثمانية في كتاب حبيب شيحا افندي ١٩٠٨
رحم الله شيخي ، واستاذي الاستاذ الدكتور عبد العزيز سليمان نوار المؤرخ المصري المتخصص بتاريخ العراق العثماني ، درسني في قسم التاريخ بكلية التربية بين سنوات 1964و1967 .درسني مادة ( تاريخ العراق الحديث) ، ولازلت اتذكر انه في اول محاضرة تحدث لنا عن مصادر ومراجع مادة (تاريخ العراق الحديث) ، وكان عندئذ قد اصدر كتابيه ( داؤد باشا آخر الولاة المماليك في العراق) و(تاريخ العراق الحديث من نهاية حكم داؤد باشا الى نهاية حكم مدحت باشا 1872 ) .
المهم انه قال ان من المصادر المعتمدة ، فضلا عن الوثائق العثمانية في الارشيف العثماني باسطنبول ، والوثائق البريطانية في لندن والوثائق العراقية في بغداد ، كتب الرحالة ، ومنها رحلة ريج في العراق ، وكتاب (تاريخ بغداد) للمؤرخ العراقي سليمان فائق ، وكتاب عثمان بن سند (مطالع السعود) ، وكتاب (تاريخ العراق بين احتلالين) للمحامي عباس العزاوي ، وكتاب لونكرك (اربعة قرون من تاريخ العراق الحديث) ، وكتاب محمد بهجت الاثري (اعلام العراق) ، وكتاب احمد الصوفي ( المماليك في العراق) ، وكتاب علي ظريف الاعظمي ( مختصر تاريخ بغداد) ، وكتب كثيرة اخرى واتذكر انه تحدث عن كتاب (حبيب شيحا) عن ولاية بغداد وهو باللغة الفرنسية ومضت السنون من 1967 حتى يومنا هذا لنرى الكتاب مترجما الى اللغة العربية ترجمته الاستاذة نوف عبد المجيد علاوي ، والكتاب المترجم متوفر الان في مكتبات شارع المتنبي ببغداد واشار اليه الاخ الاستاذ موفق الطائي .
واعدت الذاكرة الى هذا الكتاب الذي سمعت به ، ورأيت نسخته الفرنسية في المكتبة الوطنية قبل اكثر من نصف قرن . وحسنا فعلت الاخت المترجمة فقد سهلت لطلبة الدراسات العليا والمهتمين والمتخصصين بالتاريخ العثماني العودة اليه ، ومؤلفه (الاستاذ حبيب افندي شيحا ) وبالمناسبة قرأت له مقالات في مجلة (المشرق ) منها مقاله المنشور في اغسطس - آب سنة 1898 عن (البيطرة عند الاعراب) في اكثر من جزء .
ويذكر الدكتور صباح الناصري في مقال له عن الصور التي ضمها كتاب حبيب شيحا وفي الرابط التالي :https://sabahalnassery.wordpress.com/
فقال :" أن الرحالة الـهـولـنـدي ( آيـنـهـولـت ) الّـذي زار بـغـداد في 1866ــ 1867 ذكر أنّـه الـتـقى بـحـبـيـب شـيـحـة (أو شـيـحـا كـمـا يـكـتـبـه الـبـعـض) الّـذي كـان يـعـمـل كـاتـبـاً عـنـد تـاجـر سـويـسـري مـقـيـم في بـغـداد اسـمـه (مـسـيـو ويـبـر ) . ورحلة آينهولت الـهـولـنـدي إلى الـعـراق سـنـة 1866ــ1867″، تـرجـمـها المرحوم الاستاذ مـيـر بـصـري.
وكـان حـبـيـب شـيـحـة هـذا سـوريـاً ، عـثـمـاني الـجـنـسـيـة يـتـقـن الـلـغـة الـفـرنـسـيـة. وقـد نـشـر في الـقـاهـرة سنة 1908 كـتـابـه الشهير عن بغداد الذي اتحدث عن ترجمته الى العربية اليوم . ومما وجدته عند الدكتور صباح الناصري ان الكتاب كتب بنسخة بـالـلـغـة الـعـربـيـة تـحـت عـنـوان (ولايـة بـغـداد) . وهـو يـذكـر في مـقـدمـة كـتـابـه أنّـه كـان قـد عـاش في بـغـداد أربـعـيـن سـنـة، أي أنّـه جـاء إلـيـهـا في حـدود سنة 1866ــ 1867، وهي السنوات التي التقى فيها بالرحالة الـهـولـنـدي آيـنـهـولـت في بـغـداد. وقد وجد تعليقا على هذا الكتاب في مـجـلـة ( الـمـقـتـبـس) الـقـاهـريـة، الـعـدد 47 الـصّـادر في 1 ـ 1 ـ 1908 هـذا نـصّـه :” (ولايـة بـغـداد) كـتـاب في (338) صـفـحـة طـبـعـه بـالـعـربـيـة حـبـيـب أفـنـدي شـيـحـة، وفـيـه وصـف هـذه الـولايـة ومـاضـيـهـا وتـاريـخـهـا ووصـف سـكـة بـغـداد الـحـديـديـة ، وبـحـث في الـقـبـائـل الـبـاديـة بـيـن الـنّـهـريـن”.
أمّـا الـصّـيـغـة الـثّـانـيـة ، فـهي بـالـلـغـة الـفـرنـسـيـة وترون صورة غلافها الى جانب هذه السطور ونـشـرهـا أيـضـاً في الـقـاهـرة، مـطـبـعـة الـمـعـارف. وكـتـب اسـمـه : Habîb K.CHIHA . وعـنـوان الـكـتـاب بـكـامـلـه :
La Province de Bagdad, son passé, son avenir, contenant aussi des notes sur le chemin de fer de Bagdad et une étude inédite sur les tribus nomades de la Mésopotamie. Le Caire, impr. Al-Maaref, Neguib MITRI 1908.
وتـرجـمـتـه : (ولايـة بـغـداد، تـاريـخـهـا ومـسـتـقـبـلـهـا) ، ويـحـتـوي أيـضـاً عـلى مـعـلـومـات عـن سـكـة بـغـداد الـحـديـديـة ، ودراسـة لـم يـسـبـق نـشـرهـا عـن قـبـائـل الأعـراب الـرُّحّـل في بـلاد مـا بـيـن الـنّـهـريـن. الـقـاهـرة، مـطـبـعـة الـمـعـارف، نـجـيـب مـتـري 1908. وفي مـجـلّـة ( الـهـلال) المصرية ، الـعـدد 17 الـصّـادر في 1909 تعليقا عن الكتاب بنسخته الانكليزية : ( كـتـاب ولايـة بـغـداد ) ، ألـفـه في الـفـرنـسـاويـة حـبـيـب أفـنـدي شـيـحـا ، وضـمـنـه مـلاحـظـات عـلى الـسـكـة الـحـديـديـة هـنـاك ، وعـن قـبـائـل الـبـاديـة في مـا بـيـن الـنـهـريـن ويـطـلـب مـن مـكـتـبـة الـتّـألـيـف بـشـارع عـبـد الـعـزيـز”. ويـحـتـوي الـكـتـاب عـلى (12 ) صورة فـوتـوغـرافـيـة لا بـد أنّـهـا كـانـت قـد الـتـقـطـت قـبـل سنة 1908، رقّـمـهـا الـمـؤلّـف مـن ( 1 إلى 12) ، وكـتـب تـحـت كـلّ واحـدة تـعـلـيـقـاً . وللأسف الصور غير واضحة وسيئة الطباعة في الاصل ، ولاشك انها اسودت بمرور الزمن . ويـذكـر حـبـيـب أفـنـدي شـيـحـة في مـقـدمـة كـتـابـه : “ولأنـنـا سـكـنّـا ولايـة بـغـداد مـدّة أربـعـيـن سـنّـة، نـعـتـقـد أنّـه يـمـكـنـنـا، بـفـضـل تـجـربـتـنـا الـطّـويـلـة، الـكـلام عـن هـذه الـولايـة الّـتي لا يـعـرف الـقـارئ عـنـهـا الـكـثـيـر”. وقـد قـسّـم شـيـحـة كـتـابـه إلى قـسـمـيـن ، خـصـص الأوّل لـتـاريـخ بـغـداد، والـثّـاني لـولايـة بـغـداد “الـحـالـيـة” أي في زمـنـه : الـنّـصـف الـثّـاني مـن الـقـرن الـتّـاسـع عـشـر وبـدايـة الـقـرن الـعـشـريـن. وفي الـقـسـم الأوّل فـصـلـيـن، أوّلـهـمـا عـن تـأسـيـس الـمـديـنـة وعـن أسـوارهـا ، وأبـوابـهـا الأربـعـة، وعـن الـخـلـفـاء الـعـبـاسـيـيـن.ويـتـكـلّـم في الـفـصـل الـثّـاني عـن فـيـضـانـات دجـلـة وعـن الـمـرّات الّـتي احـتـرقـت فـيـهـا الـمـديـنـة، وعـن الـهـزّات الأرضـيـة الّـتي هـدّمـت أجـزاء مـنـهـا. ثـمّ يـتـكـلّـم عـن حـكـم الـتـتـر وعـن سـيـطـرة (تـيـمـور لـنـك) عـلى الـبـلاد، ثـمّ سـيـطـرة الـفـرس عـلـيـهـا و(تـحـريـر) الـسّـلـطـان الـعـثـمـاني مـراد الـرّابـع لـهـا (على حد تعبيره) .ويـتـكـلّـم في الـفـصـل الـثّـالـث، عـن ولاة بـغـداد الـعـثـمـانـيـيـن ، ويـضـع لـهـم قـوائـم مـفـصّـلـة يـذكـر فـيـهـا سـنـوات حـكـمـهـم حـتّى زمـنـه، ويـفـصّـل الـكـلام عـن بـعـضـهـم لأهـمـيـتـهـم.ويـبـدأ الـفـصـل الأوّل مـن الـقـسـم الـثّـاني مـن الـكـتـاب بـالـتّـقـسـيـم الإداري لـلـولايـة، وبـذكـر الأنـهـار والـقـنـوات، وفـتـرات فـيـضـانـاتـهـا، وطـرق الـرّي. ثـمّ يـتـكـلّـم عـن الـطـقـس وعـن (حـبّـة بـغـداد) . ويـذكـر مـا تـنـتـجـه الـولايـة. ثـمّ يـفـصـل الـحـديـث عـن سـكـانـهـا الّـذيـن قـدّرهـم بـ (850 ) ألـف نـسـمـة (400) ألـف مـنـهـم في بـغـداد ومـا حـولـهـا، و( 250 ) ألـف في الـحـلّـة ومـا حـولـهـا، و ( 200 ) ألـف في كـربـلاء ومـا حـولـهـا)، وعـن أديـانـهـم : الـسّـنـة ، والـشّـيـعـة ، والـمـسـيـحـيـيـن ، والـيـهـود، وعـن لـغـاتـهـم ومـدارسـهـم. كـمـا تـكـلّـم عـن عـادات أهـل الـولايـة ، وتـقـالـيـدهـم. وخـصـص الـفـصـل الـثّـاني لـلـكـلام عـن سـنـجـقـيـن ( لواءين ) ضـمـن ولايـة بـغـداد : سـنـجـق (لواء) الـدّيـوانـيـة وسـنـجـق (لواء) كـربـلاء.
ويـتـكـلّـم في الـفـصـل الـثّـالـث عـن صـنـاعـات بـغـداد ، وتـجـارتـهـا، وعـن الاستيراد والـتـصـديـر، وعـن الـزّراعـة وتـجـارة الـبـهـائـم، وتـربـيـة الـحـيـوانـات وتـجـارة الأبـل، وعـن الـطّـيـور والأسـمـاك، وعـن تـجـارة الـلـؤلـؤ، ثـمّ يـتـكـلّـم عـن الـحـشـرات وعـن الـمـنـاجـم ،وجـمـع الـمـلـح.
ويـتـكـلّـم في الـفـصـل الـرّابـع ، عـن الآثـار والـتّـنـقـيـبـات الأثـريـة، ويـوجـز الـكـلام عـن عـلـم الآشـوريـات، ثـمّ يـعـود لـذكـر الـحـفـريـات الّـتي أجـريـت في ولايـة بـغـداد. ثـمّ يـخـصـص الـفـصـل الـتّـالي لـمـديـنـة بـغـداد في زمـنـه ولـسـكـانـهـا ، وعـاداتـهـم وتـقـالـيـدهـم، وعـن مـعـالـم الـمـديـنـة ومـسـاجـدهـا.
ويـتـكـلّـم المؤلف في الـفـصـل الـخـامـس عـن مـزارات الـمـسـلـمـيـن والـيـهـود، ويـصـف أمـاكـنـهـم الـمـقـدّسـة، وعـن قـوافـل الـحـجـاج ، وعـن الإجـراءات الـصّـحـيـة لـتـفـادي تـفـشي الأمـراض بـيـنـهـم. ويـعـود الـمـؤلّـف في الـفـصـل الـتـالي إلى بـعـض الـعـادات والـتـقـالـيـد واحـتـفـالات الـزّواج ومـراسـيـم دفـن الموتى عـنـد الـمـسـلـمـيـن والـمـسـيـحـيـيـن.
ويـتـكـلّـم في الـفـصـل الـثّـامـن ، عـن وسـائـل الـنّـقـل والـقـوافـل، وعـن طـرق الـمـواصـلات بـيـن بـغـداد وحـلـب ودمـشـق، وخـاصـة طـريـق الـبـاديـة. كـمـا يـتـكـلّـم عـن طـرق الـنّـقـل الـنّـهـريـة ، وعـن بـواخـر الـشّـركـتـيـن الـعـثـمـانـيـة والإنـكـلـيـزيـة. كـمـا يـروي كـيـف تـجـري سـفـرة بـيـن بـغـداد والـبـصـرة عـن طـريـق دجـلـة. ويـصـف لـلـقـارئ الـسّـفـن الـشّـراعـيـة والأكـلاك.
ويـخـصـص الـفـصـل الـتّـاسـع لـسـكـة بـغـداد الـحـديـديـة، والـعـاشـر لـلـجـالـيـات والـقـنـصـلـيـات الأجـنـبـيـة : الإنـكـلـيـزيـة ، والـفـارسـيـة ، والـفـرنـسـيـة والألـمـانـيـة والـرّوسـيـة، وعـن قـنـصـلـيـتي الـنّـمـسـا والـولايـات الـمـتّـحـدة الأمـريـكـيـة. ثـمّ يـتـكـلّـم عـن قـبـائـل الـبـاديـة في مـا بـيـن الـنـهـريـن (الولايات العراقية ) .
رحم الله الاستاذ حبيب شيحا ، ورحم الله الاستاذ مير بصري وبارك الله بالدكتور صباح كامل الناصري ، وبارك الله بجهد الاخت الاستاذة نوف عبد المجيد علاوي ، فكلهم قدموا للقارئ ما يفيده في معرفة جوانب من تاريخ العراق ، وتاريخ بغداد الحبيبة دار السلام فهي تستحق من الجميع الخير والاهتمام .
1201 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع