ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
طالب مشتاق ١٩٠٠-١٩٧٧ السياسي العروبي والمربي والدبلوماسي العراقي الكبير
وسألني عنه احد طلبة الدراسات العليا ، وقال انه يريد نبذة عنه ، فوعدته ان اكتب عنه مقالا ، خاصة وانني وجدت ان مادةَُ قد كتبتْ عنه في انسكلوبيديا الكترونية مشهورة ، قد حذفت ، ولا ادري ما هو السبب .
وبيني وبين المرحوم الاستاذ طالب مشتاق الشخصية التربوية والادارية والسياسية والوطنية والعروبية القومية اكثر من وشيجة ، وعندما كتبتُ اطروحتي للدكتوراه عن (تطور السياسة التعليمية في العراق في عهدي الاحتلال والانتداب البريطانيين 1914-1932) ـ وطبعت في كتاب حمل عنوان ( تطور التعليم الوطني في العراق 1869-1932) نشره مركز دراسات الخليج العربي بجامعة البصرة 1983 ، كان حاضرا في عدد من المباحث .
وثانيا ان المرحوم ولده البروفيسور الدكتور حازم طالب مشتاق كان صديقي وقد زودني ببعض اوراق والده في مجال السياسة التعليمية والتربوية وخاصة فيما كان يكتبه عن (شؤون المعارف في العراق) . هذا فضلا عن انه في حينها اخبرني بأن اول مقالة كتبها والده كانت في صحيفة تركية سنة 1918 بعنوان ( لماذا يجب ان نترقى ؟ ) .وقد كتبتُ عن الاستاذ طالب مشتاق 1900-1977 ، ووجدت انه شخصية فريدة واستثنائية وله مذكرات رائعة ، وقيمة بعنوان (اوراق ايامي 1900- 1958 ) طبعتها دار الطليعة ببيروت سنة 1968 ولدي في مكتبتي نسخة منها .
الاستاذ طالب مشتاق عروبي قومي لم يكن يرتاح اليه اصحاب الاجندات المذهبية والدينية والطائفية والسياسية المتعصبة وقد شغل مناصب مهمة وخطيرة خلال العهد الملكي 1921-1958 منها انه كان سفيرا للعراق في تركيا بعد ثورة 14 تموز 1958 وسقوط النظام الملكي وتأسيس جمهورية العراق .هو خريج كلية الحقوق العراقية المؤسسة في بغداد سنة 1908 وقد توجه الى ميدان التربية فعمل مدرسا ثم مديرا للثانوية المركزية بغداد وبعدها نقلت خدماته الى وزارة الخارجية فعين قائما بأعمال المفوضية العراقية في انقرة وبعدها اعيد الى ديوان وزارة الخارجية ببغداد بمنصب (مدير الشؤون القنصلية) سنة 1935 .
عندما قامت حركة مايس -ايار سنة 1941 التحررية كان هو احد رجالاتها وفيها اصدم الجيش العراقي الفتي بالقوات البريطانية الغازية التي اعادت احتلال بغداد ثانية وهو ما سمي في تاريخ العراق المعاصر ب(الاحتلال البريطاني الثاني للعراق ) وقد اعتقل وفصل من وظيفته وطرد لكن ثورة 14 تموز 1958 والقائمين بها اعادوا له الاعتبار وعوضوه عن فصله بتعيينه سفيرا لجمهورية العراق في انقرة .
في الاول من كانون الثاني سنة 1964 وصل طالب مشتاق الى السن القانونية للتقاعد الا ان وزارة الخارجية استحصلت قرارا من مجلس الوزراء بتمديد خدمته سنة اضافية وقد تقاعد سنة 1965 ويومها عاد الى بغداد وبقي ردحا من الزمن ثم انتقل الى بيروت للاستجمام وكانت عقيلته ام حازم معه وبعدها انصرف لتدوين مذكراته .
مما يتسم به المرحوم الاستاذ طالب مشتاق وقد توفي سنة 1977 انه اصطدم بالمستشارين التربويين الانكليز وعاب عليهم سياستهم وقد تسنم عمادة دار المعلمين العالية المؤسسة منذ سنة 1923 وهي نفسها اليوم (كلية التربية ابن رشد - جامعة بغداد) وفي مقالتي عن دار المعلمين العالية وهي منشورة في موقع الحوار المتمدن قلت :" تولى منصب عمادة دار المعلمين العالية خلال المدة من 1923 ـ 1958 كل من الأستاذ ساطع ألحصري (1923) ،الأستاذ طالب مشتاق (1927) ، الدكتور ناجي (1939) ، الأستاذ الأصيل (1929) ، الدكتور محمد مظهر سعيد (1936) ، الدكتور متي عقراوي، الأستاذ درويش المقدادي (1940) ، الأستاذ محي الدين يوسف (1941) ، الدكتور خالد الهاشمي (1945) ، الدكتور عبد الحميد كاظم (1948) ، الدكتور جابر عمر (1950) ، الأستاذ تحسين إبراهيم (1952) ، الدكتور عبد الحميد كاظم (1952) ، الأستاذ تحسين إبراهيم (1953) ، الدكتور خالد الهاشمي (1954) ، الدكتور إبراهيم شوكت (1956) ، الدكتور محمد ناصر (1957) ، الأستاذ كمال إبراهيم (1958).
كان المرحوم الاستاذ طالب مشتاق حاد المزاج يغضب بسرعة وكان لا يهدأ في الدفاع عن مبادئه العربية القومية يكتب ويناقش الافكار الاستعمارية والرجعية في الصحف والمجلات وكان معروفا في الاوساط العربية وله حضور في المشهد الثقافي العراقي المعاصر خلال الثلاثينات والاربعينات ورأيت له كما من المقالات في الصحف البغدادية .وقد ترجم كتابا للمفكر والمربي الكبير الاستاذ ساطع الحصري وكان يعده استاذه بعنوان ( آفات الكحول ) سنة 1923 كما ان له كتاب نشر غفلا من اسمه وبإسم مستعار هو (عراقي) وعنوان الكتاب ( أيام النكبة) سنة 1937 نشره بعد نجاح الفريق الركن بكر صدقي بانقلابه العسكري سنة 1936 ومن كتبه ( رحلة الامير عبد الله في الالوية الشمالية ) طبع ببيروت سنة 1940 هذا فضلا عن مذكراته الشهرية التي اشرت اليها وهي الموسومة ( اوراق أيامي بغداد والعراق والوطن العربي 1900-1958) ) ، طبع ببيروت سنة 1968 وهناك طبعات اخرى منها طبعة دار واسط للدراسات والنشر والتوزيع ببغداد 1989 وترون صورة غلافها الى جانب هذه السطور .
ولده صديقي المرحوم الاستاذ الدكتور حازم كنت اراه نسخة من ابيه في التوجه والطبع والسلوك والاستاذ طالب مشتاق من الممكن ان يكون موضوعا قيما لرسالة ماجستير رحمه الله وطيب ثراه وجزاه خيرا على ما قدم .
1156 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع