ضحى عبد الرحمن
كاتبة عراقية
مباحث في اللغة والأدب ٤٧
زرقاء في المصادر التأريخية
قال نصر بن مزاحم المنقري" سار تبع من المدينة في جيوشه، حتى إذا كان عند جبل على ليلة من اليمامة قال له الطسمي: توقف أيها الملك فإن لي أختا متزوجة في جديس يقال لها يمامة أبصر خلق الله على بعد، وإني أخاف أن ترانا فتنذرهم بنا، فأقام تبع، أمر رجلا فصعد الجبل ليرى ما هناك، فدخل في رجله شوكة بالجبل، فأكب يستخرجها، فأبصرته اليمامة، وكانت زرقاء العين، فقالت لهم: إني أرى على الجبل الفلاني رجلا وما أظنه إلا عينا، فقالوا: ما يصنع؟ فقالت: إما يخصف نعلا أو ينهش كتفا، فكذبوها، ثم قال الطسمي لتبع: إن بصرها بالليل أنفذ فمر أصحابك ليقطعوا من الشجر أغصانا ليستتروا بها فيشبهوا عليها الأمر، ففعلوا، حتى إذا دنوا من اليمامة ليلا؛ فنظرت اليمامة فقالت: يا جديس سارت إليكم الشجر، أو جاءتكم أوائل خيل حمير، فكذبوها، فصبّحتهم حمير، فهرب الأسود في نفر من قومه لجبلي طيء وفتح أهل المدينة حصون اليمامة، وامتنع عليهم حصن زرقاء اليمامة؛ فصابره تبع حتى افتتحه، وقبض عليها، وسألها: كيف أبصرتهم؟ فأخبرته بخبر الذي صعد الجبل، فسأله تبع، فقال: صعدت فانقطع شراك نعلي وأصابتني شوكة؛ فعالجت إصلاحها و إصلاح قبالي بفمي، فقال لها: أنّى لك هذا؟ قالت: كنت آخذ حجرا أسود فأدقه وأكتحل به: فكان يقوي بصري، فيقال: إنها أول من اكتحل بالإثمد، فأمر تبع بقلع عينيها ليرى ما فيهما، فوجد عروقها كلها محشوة بالإثمد، وخربت اليمامة يومئذ؛ لأن تبعا قتل أهلها، ولم يخلف بها أحدا، ورجع إلى المدينة". (وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى1/148).
ـ قال عباس القمي" زرقاء اليمامة كانت من أعظم الكهنة و السحرة قد ملكت قومها بسحرها، و كانت حادّة البصر تنظر من مسيرة ثلاثة أيّام كما ينظر الإنسان الى الذي بين يديه، و لا يمكن لأعداء قومها الخروج اليهم لأنّها تخبرهم فيأخذون حذرهم حتّى احتالت عليها جماعة الغسان و هم أربعة آلاف،فعمد كلّ واحد الى شجرة فقطعها و جعلها قدّامه فسار في ظلّها و جعلوا أمامهم رجلا معه كتف بعير يلوّح به و نعل يخصفه،فلمّا رأتهم الزرقاء و أخبرت قومها بذلك قال بعضهم لبعض:انّ الزرقاء قد خرفت،فهل رأيتم شجرا يسير و رجلا يلوّح بكتف بعير إن هذا الاّ وسواس و جنون،فلم يلبثوا بذلك الاّ قليلا حتّى جاء العدوّ فكبسوا اليمامة فقتلوا الرجال و أخذوا الأموال و سبوا النسوان و هدموا البنيان ثمّ ولّوا راجعين فوقع بقومها الندامة و أعقبتهم الملامة،و بالجملة قد كتب سطيح الكاهن إليها يسألها عن العجائب التي ظهرت في ابّان ولادة خاتم الأنبياء صلّى اللّه عليه و آله و سلّم،فأجابته بقرب ظهور النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و أمرته بأن يخرج الى مكّة و قالت:انّي راحلة إليها لأعرف هذا الأمر على حقيقته فلعلّنا نتساعد على هذا المولود فنعمل فيه الحيلة عسى أن نظفر بهلاكه و نخمد نوره قبل إشراقه". (سفينة البحار ومدينة الحكم والآثار3/466).
ـ قالت زينب فواز" زقاء اليمامة ابنة مرة الطسمي: هي أخت رياح بن مرة كانت حادة البصر ليس على وجه الأرض أبصر منها وكانت تبصر الراكب على مسيرة ثلاث ليال، فلما أغار على قومها الملك حسان أحد ملوم اليمن وكان أخوها مع القوم وذلك في خبر طويل، وحين قربوا من اليمامة حذرهم رياح من أخته وأخبرهم بأنها تنظر الراكب من مسيرة كذا ميلا وأمرهم أن يقلعوا الشجر وكل شخص يحمل أمامه شجرة ففعلوا، ثم ساروا، ولما أشرفت من منظرها قالت: يا جديس، لقد سارت إليكم الشجر قالوا لها: ما ذاك؟ قالت: أشجار يسير وراءها شيء وإني لأرى رجلا من وراء شجرة ينهش كتفا أو يخصف نعلا فكذبوها وكان ذلك كما ذكرت فغفلوا عن أخذ أهبة الحرب ففي ذلك تقول الزرقاء لجديس تحذرهم:
إني أرى شجرا منخلفها بشـــر فكيف يجتمع الأشجار والبشر
(الدر المنثور في طبقات ربات الخدور1/221).
ـ قال ابن الجوزي" كانت فيهم الزرقاء، و اسمها: اليمامة، و بها سمّي بلدها: اليمامة، و هي من بنات لقمان بن عاد، و قيل: هي من جديس و طسم. فلما قصدهم جيش حسان بن تبّع بقي بينه و بينهم مسيرة ثلاثة أيام، فأبصرتهم و قد حمل كل رجل منهم شجرة يسير بها، فقالت:
تاللَّه لقد دب الشجر أو حمير قد أخذت شيئا تجر.
فلم يصدقوها، فقالت: أقسم باللَّه لقد رأى رجلا منهم ينهش كتفا أو يخصف نعلا، فلم يستعدوا.
فصبّحهم حسان فاجتاحهم، فأخذها فشقّ عينيها، و إذا فيها عروق من الأثمد
قال مؤلف الكتاب: وبنظر هذه المرأة يضرب المثل. وكانت زرقاء اليمامة قد نظرت إلى سرب من حمام طائر، [فإذا فيه ست و ستون حمامة، وعندها حمامة واحدة، فقالت:
ليت الحمام ليّه إلى حمامتيه
ونصفه قديه ثم الحمام مية
فقال النابغة يخاطب النعمان و يقول:
واحكم كحكم فتاة الحي إذا نظرت إلى حمام سراع وارد الثمد
". (المنتظم في تأريخ الأمم والملوك2/51).
ـ قال ابن قتيبة" ثم ملك ابنه (حسان بن تبع)، وهو الّذي بعث إلى جديس باليمامة فأبادها، وكانت طسم» وجديس تنزل اليمامة، وكان لها ملك من طسم، قد ساءت سيرته، وكانوا لا يزوّجون امرأة من جديس، إلا بعث بها إليه ليلة إهدائها فافترعها قبل زوجها. فوثبت جديس على طسم، وهي غارّة، فقتلت منها مقتلة عظيمة، وقتلت ذلك الملك. ومضى رجل من طسم إلى حسان بن تبع يستصرخه، فوجه حسان جيشا إلى اليمامة، واسم اليمامة يومئذ (جو) وبها امرأة يقال لها: اليمامة ، تبصر الركب من مسيرة ثلاثة أيام. وباسمها سميت: جو اليمامة. فلما خافوا أن تبصرهم قطعوا الشجر، وجعل كل رجل منهم بين يديه شجرة، فنظرت اليمامة، فقالت: يا معشر جديس، لقد سار إليكم الشجر، ولقد أتتكم حمير
قالوا: ما ذاك؟!
قالت: أرى في الشجر رجلا معه كتف يأكلها أو نعل يخصها، فكذبوها. فصبحتهم حمير. وأوقعت بهم وقعة أفنتهم إلا يسيرا. وقد ذكرت الشعراء قصة المرأة، قال الأعشى:
ما نظرت ذات أشفار كما نظرت يوما ولا نظر الذئبى إذ سجعا
قالت أرى رجلا في كفّه كتف أو يخصف النعل لهفي أية صنعا
فكذّبوها بما قالت فصبّحهم ذو آل حسّان يزجى السّم والسّلعا
فاستنزلوا أهل جوّ من مساكنهم وهدّموا رافع البنيان فاتضعا
ولم يزل حسان بن تبع، يتجنى على قتلة أبيه، فقتلهم واحدا واحدا، وأخذهم بالغزو، واشتدّ عليهم، فأتوا أخاه عمرو بن تبع، فبايعهم وبايعوه على قتل أخيه، وتمليكه بعده، خلا رجل من أشرافهم، يقال له: ذو رعين، فإنه نهاه عن ذلك، وحذره سوء العاقبة، وأعلم أنه إن فعل ذلك منع منه النوم، فلم يقبل منه، فقتل أخاه حسانا". (المعارف/663).
ـ ذكر الواحدي" قال المتنبي:
وأبصر من زرقاء جو لأنني إذا نظرت عيناي ساواهما علمي
جو قصبة اليمامة وزرقاء اسم امرأة من أهل جو كانت شديدة البصر تدرك ببصرها الشيء البعيد فضربت العرب بها المثل فقالوا أبصر من زرقاء اليمامة وفضل نفسه عليها فقال إذا نظرت عيناي ساواهما علمي أي أنهما لا يسبقان علمي فإذا رأيت الشيء ببصري علمته بقلبي ". (شرح ديوان المتنبي/67). (تأريخ العرب القديم/26)
ـ قال ابو البقاء العكبري" الْيَمَامَة وزرقاء اسْم امْرَأَة من أهل جو حَدِيدَة الْبَصَر كَانَت تدْرك ببصرها الشَّيْء الْبعيد فَضربت الْعَرَب بهَا الْمثل فَقَالُوا أبْصر من زرقاء الْيَمَامَة وَقيل اسْمهَا الْيَمَامَة وَبهَا سميت الْيَمَامَة وَهِي من بَنَات لُقْمَان بن عَاد وَقَالَ قوم هِيَ من جديس وقصدهم طسم فِي جَيش حسان بن تبع فَلَمَّا صَارُوا بالجو على مسيرَة ثَلَاثَة أَيَّام أبصرتهم وَقد حمل كل رجل مِنْهُم شَجَرَة يسْتَتر بهَا فَأَخْبَرتهمْ فكذبوها ثمَّ قَالَت بِاللَّه لقد أرى رجلا ينهش كَتفًا أَبُو يخصف نعلا فكذبوها فصبحهم جَيش حسان فاجتاحهم وَأَخذهَا فشق عينيها وَإِذا فِيهَا عرق من الأثمد فوصفها الْأَعْشَى بقوله:
قالَتْ أرَى رَجُلاً فِي كَفِه كَتِفٌ أوْ يخْصَفُ النَّعْلَ لَهْفي إنَّهُ صَنَعا
فَكَذَّبُوها بِما قالَتْ فَصَبَّحَهُمُ ذُو آل حَسَّانَ يُزْجى الموْتَ وَالسِّرعا
(شرح ديوان المتنبي4/51)
ـ ذكر جواد علي" قالوا عن جديس إنهم حي من عاد، وهم إخوة طسم، أو إنهم ، يذكر أهل الأخبار أن جديسًا لما قتلتْ "عملوقًا" ومن كان معه من قومه طسم، هرب رجل من طسم اسمه "رباح بن مُرّة"، حتى أتى "حسّان بن تُبَّع" فاستغاث به، فخرج "حسّان" في حِمْيَر، فأباد جديسًا, وخرب بلادهم، وهدم قصورهم وحصونهم5. يرى "كوسين دي برسفال" أن إغارة حمير المذكورة كانت حوالي سنة 250 بعد الميلا. ويرتبط بخبر هذه الإبادة قصة امرأة زعم أنها كانت أقوى الناس بصرًا، ترى من مسافات بعيدة جدًّ عرفت بزرقاء اليمام. وقد ورد قصص عنها ذكره أهل الأخبار. وورد في بعض الأخبار أن (جذيمة الأبرش) كان قد حارب طسمًو جديسًا. ويذكر أهل الأخبار أن (حسّان بن تُبّع) الذي أوقع بجديس، هو ذو معاهر، وهو (تبع بن تبع تبان أسعد أبي كرب بن ملكيكرب بن تبع بن أقرن)، وهو أبو( تبّع بن حسان)، الذي يزعم أهل اليمن أنه قدم مكة ويثرب، وأنه وجّه ابنه حسان إلى (السند) وابنه (شمرد الجناح" الى (سمر). ويذكر أهل الأخبار أيضا أن التي أبصرت جند حسان اسمها (اليمامة)، وكانت أول من اكتحلت بالإثمد، ولهذا تكوّنت في عينيها عروق سود منه، كانت هي السبب في نشوء حدة البصر عندها، وأن حسان أمر ففقئت عيناها لإدراك سبب حدة بصرها، فاكتشف وجود الإثمد بهما، ويزعمون أنه أمر بإبدال اسم (جوّ) مساكن طسم وجديس إلى اليمامة، فعرفت بهذه التسمية مذ ذلك الحين. وإذا كان ما جاء في شعر الأعشى عن "اليمامة" وعن حسان صحيحاً، فإن ذلك يدل على أن القصة المذكورة كانت شائعة معروفة في أيامه بل وربما قبل أيامه، والظاهر أن أهل الأخبار قد أخذوا اسم اليمامة من اسم المكان، فصيّروه امرأة ذات بصر حديد. ونجد قصة اليمامة ومجيء التبع في شعر للنمر بن تولب العُكلي. ونجد اتفاقًا بين القول المنسوب إلى اليمامة في سياق القصة وبين قولها في الشعر المنسوب إلى الأعشى وإلى النمر. وقد ذكر ابن دريد أن (تبع) أرسل على مقدمته (عبد كلال بن مثوب بن ذي حرث بن الحارث بن مالك بن غيدان) إلى اليمامة، فقتل طسمًا وجديسًا. ولم يذكر اسم ذلك التبع". (المفصل في تأريخ العرب1/336)
ـ قال محمد بيومي مهران" تستمر الأقصوصة، فتذهب إلى أن أخا الشموس "الأسود بن غفار بن جديس" سيد قومه وصاحب الرأي فيهم، قد تحركت نخوته، كما أحس المذلة قومه من جديس، فاتفق القوم على ملك طسم، ومن ثم فقد نصبوا له ولخاصة قومه الشباك، وكتب لهم في مهمتهم هذه نجحا بعيد المدى، واستطاع رجل من طسم أن يفر من المذبحة، وأن يستنجد بحسان بن تبع ملك حمير، الذي يعد جيشًا كثيفًا، بغية أن يقضي به على جديس، وبينما كان هذا الجيش العرمرم على مبعدة ثلاثة أيام من اليمامة، يخبر هذا المستجير -ويسمونه رباح بن مرة- ملك حمير، أن له أختًا في جديس ترى على مسيرة ثلاثة أيام، وأنه يخشى أن تراهم فتحذر القوم منهم، ومن ثم فإنه يقترح أن يحمل كل جندي فرعًا من شجرة كبيرة يستتر وراءها، حتى يستطيعوا أن يفجئوا جديسًا قبل أن يتحوطوا للقائهم. وتطلعت أخت الطسمي -وتدعى زرقاء اليمامة- إلى ناحية الجنوب الغربي، وصاحت في جديس تحذرهم من حمير، فهي ترى شجرًا يتحرك ومن ورائه جنودًا تحمل سلاحًا، ولكن القوم ظنوا بها الظنون فلم يصدقوها، حتى حلت الكارثة، فأبيد الرجال، وسبيت النساء، وقتلت الأطفال، وهدمت البيوت والحصون، وفقئت عيني الزرقاء، وتغير اسم مساكن طسم وجديس من "جو" إلى اليمامة، وهكذا كان فناء جديس على يد الحميريين، ومن ثم فقد لحق القومان "طسم وجديس" بعاد وثمود، وصاروا من العرب البائدة
(دراسة في تأريخ العرب القديم1/150).
ـ قال ابو العلاء المعري" زرقاء جوٍّ: هي زرقاء اليمامة، وكانت موصوفة بحدة البصر وقد روى شأواهما علمي: وهي تثنية الشأو، وهو الغاية. أي غايتهما علمي والتثنية للعينين أي سابقهما وهو فاعل من شاء إذا سبق وروى سأواهما علمي يقول ردني السرى خفيفاً بصيراً أبصر من هذه المرأة؛ لأنها أبصرت بعينها، وأنا أبصر بالقلب والعلم. علمي يسبق نظر عيني فقبل إبصار العينين تبصر عيني كما هو عليه.
كأني دحوت الأرض من خبرتي بها كأني بني الإسكندر السد من عزمي
( معجز أحمد/67)
ـ قال لويس شيخو" أبصر من زرقاء اليمامة: هي عنزة اليمامة. واليمامة اسمها وبها سمي البلد وهي امرأة من جديس. وذكر الجاحظ أنها كانت تبصر الشيء من مسيرة ثلاثة أيام. فلما قتلت جديس طمسا خرج رجل من طسم إلى حسان بن تبع فاستجاشه ورغبه في الغنائم فجهز إليهم جيشا. فلما صاروا من جو على مسيرة ثلاث ليال صعدت الزرقاء فنظرت إلى الجيش. وقد أمروا أن يحمل كل رجل منهم شجرة يستتر بها ليلبسوا عليها. فقالت: يا قوم أتتكم الأشجار أو أتتكم حمير فلم يصدقوها. فقالت على مثال رجز:
أقسم بالله لقد دب الشجر أو حمير قد أخذت شيئا بجر
فلم يصدقوها فقالت: بالله لقد أرى رجلا ينهش كتفا أو يخصف النعل فلم يصدقوها. ولم يستعدوا حتى صبهم حسان فاجتاحهم. وكانت أول من اكتحل بالإثمد من العرب". (مجاني الأدب في حدائق العرب5/63)
ـ ذكر المقري التلمساني" قال الشاعر:
سبحان من قسم الحظوظ فلا عتاب ولا ملامه
أعمى وأعشى ثم ذو بصر وزرقاء اليمامه
ومسدد أو جائر أو حائر يشكو ظلامه
لولا استقامة من هداه لما تبينت العلامه
(نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب1/7).
ـ قال ابن عقيل" زرقاء اليمامة، و هى امرأة من بنات لقمان بن عاد، و كانت ملكة اليمامة، و اليمامة حذام، اسم امرأة، زعم بعض أرباب الحواشى أنها الزباء، وقال: و قيل غيرها، ونقول: الذى عليه الأدباء أنها اسمها، فسميت البلد باسمها، زعموا أنها كانت تبصر من مسيرة ثلاثة أيام، و هى التى يشير إليها النابغة الذبيانى فى قوله:
واحكم كحكم فتاة الحىّ إذ نظرت إلى حمام سراع وارد الثّمد
قالت: ألا ليتما هذا الحمام لنا إلى حمامتنا أو نصفه فقد
(شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك1/105).
ـ قال ابن عساكر" يذكر زرقاء اليمامة لما أخبرت أهل اليمامة برؤيتها ما رأت من مكان بعيد لم يعلم آدمي أدرك مرئيا من مثل مداه. فلم يصدّقوها، فأتاهم العدو الذي أنذرتهم به، فاستباحهم وخرّب ديارهم:
ما نظرت ذات أشفار كنظرتها حقا كما صدق الذئبي إذ سجعا
قالت أرى رجلا في كفّه كتف أو يخصف النعل لهفي أية صنعا
فكذّبوها بما قالت، فصبّحهم ذوآل حسّان يزجي الموت والشّرعا
فاستنزلوا أهل جوّ من منازلهم واستخفضوا شاخص البنيان فاتضعا
قال المعافى: قوله: الذئبي، يعني سطيحا لأنه من ولد ذئب بن حجن، وبسطيح الذئبي كان يعرف. وقد قال له عبد المسيح ابن أخته حين وفد عليه من عند كسرى
يا فاصل الخطة أعيت من ومن أتاك شيخ الحي من أهل سنن وأمه من آل ذئب بن حجن". (تأريخ دمشق72/213)
ـ قال بشير يموت" يقال إن اسمها عنز, وهي من بني جديس, من أهل اليمامة, كانت حادة البصر وذكروا من أخبارها أن حسان بن تبع الحميري غزا جديس فحذرت قومها وأنذرتهم بوصول جيشه فلم يصدقوها, فاجتاحهم عدوهم. قالت تحذر قومها من عدوهم وأنه آتٍ مختبئاً وراء الشجر:
خذوا حذركم يا قوم ينفعكـــــم فليس ما قد أرى بالأمر يحتقر
(شاعرات العرب في الجاهلية والإسلام1/74).
ـ قال ابن سعد الخير" قيل في زرقاء اليمامة، واسمها عنز، حين أخذ حسان بن تبع اليمامة، وفقأ عينيها، وأتيت بالجمال لتركيه، فلم تدر ما الجمل من الغرة، فقال فيها الشاعر شعرا من جملته:
قيل عنز ولستوت راكبة فوق صعب لم يقتل ذللا
شر يوميها، وأخزاه لها ركبت عنز بحدج جملا
لا ترى من بيتها خارجة وتراهن إليها رسلا
(القرط على الكامل/95)
ـ قال ابن عبد ربه " زرقاء بنت نمير امْرَأَة كَانَت تبصر الشعرة الْبَيْضَاء فى اللَّبن وَتنظر الرَّاكِب على مسيرَة ثَلَاثَة أَيَّام وَكَانَت تنذر قَومهَا الجيوش إِذا غزتهم فَلَا يَأْتِيهم جَيش إِلَّا وَقد اسْتَعدوا لَهُ حَتَّى احتال لَهَا بعض من غزاهم فَأمر اصحابه فَقطعُوا شَجرا أمسكوه أَمَامه بِأَيْدِيهِم وَنظرت الزَّرْقَاء فَقَالَت إنى أرى الشّجر قد أقبل إِلَيْكُم قَالُوا قد ورق عقلك وَذهب بَصرك فكذبوها وصبحتهم الْخَيل وأغارت عَلَيْهِم وَقتلت الزَّرْقَاء قَالَ فقوروا عينيها قد غرقت فى الإثمد من كَثْرَة مَا كَانَت تكتحل بِهِ". (طبائع النساء/243).
ـ قال عبد السلام هارون" في خبر زرقاء اليمامة ان حسان بن تبع ساق اليها جيشا من قبيلة طسم فلما كانوا علي مسيرة ثلاث ليال منها صعدت الحصن الذي يقال له حصن الكلب فنظرت الي ذلك الجيش وقد استتر كل رجل بشجرة تلبيسا عليها فقالت: اقسم بالله لقد دب الشجر او حمير قد اخذت شيئا تجر.
فهذا سبق عربي قديم في الحيل الحربية عند اسلافنا العرب". (كناشة النوادر1/61).
ـ ذكر نشوان الحميري" مضى رياح بن مرة الذي أفلت من القتل حتى أتى الملك حسان بن أسعد الكامل مستغيثاً، فوجده بنجران معسكراً يريد التوجه إلى العراق، فدخل عليه وشكا إليه ما كان من غدر جديس بطسم وبمليكهم عمليق، وأنه كان في طاعته، فغضب حسان من فعل جديس وغدرهم بطسم، ونهض إليهم بجنوده، فقال له رياح الطسم: أيّها الملك، إنَّ فيهم امرأة - زرقاء - تنظر على مسيرة ثلاثة أيام، وستنذر قومها إذا رأت الجنود فيهربون، فأمر الملك حسان جنده، أنْ يحمل كل واحد منهم غصناً من الشجر فتكون فيأيديهم، فيغطون بتلك الأغصان نفوسهم، ففعلوا ذلك وساروا إلى اليمامة، فنظرت الزرقاء إلى الجيوش قد أقبلت، ورأت رجلاً منفرداً من الجيش يخصف نعلا له. فقال قوكها: ما ترين؟ فقالت لقد جاءتكم حمير، وسارت إليكم الشجر، قالوا كيف تسير الشجر، لقد خولط عقلك، فكذبوها حتى ورد عليهم حسان بن أسعد تبع بالجنود وهم على غير استعداد للحرب ولا للهرب، فتحصنوا في قصورهم، فأقاموا يحاربهم حتى اسنزلهم، فضرب أعناقهم جميعاً، فلم يفلت منهم أحد، وأمر الملك بالزرقاء فأدخلت عليه، فقال لها: بم نلت هذا البصر؟ فقالت بحجر الأيمد، كنت أدقه وأكتحل به كل ليلة إذا أويت إلى فراشي، فأمر الملك بقلع عينها، فوجدوا للحدقتين عروقاً سوداء من الكحل وكثرته، وكانت المرأة تسمى اليمامة، وكان وادي اليمامة يسمى جوا، فسمي باسم اليمامة. وقد ذكرها الشعراء، قال بعضهم وهو سطيح الكاهن:
ما أبصرت ذات أشفار كنظرتها ... يوماً كما صدق الدنيا إذا سجعا
(خلاصة السير الجامعة لعجائب أخبار الملوك التبابعة1/50)
وأضاق نشوان الحميري" جديس وطسم: هما أمتان عظيمتان من الأمم الماضية انقرضوا فلا بقية لهم. وجديس؛ أخو ثمود. وهما ابنا عابر بن إرم بن سام بن نوح. وطسم، ابن لاوذ بن سام بن نوح. وكانت طسم وجديس يسكنون اليمامة، وكان لهم ملك من طسم سيئ السيرة، وكانوا لا يزوجون امرأة من جديس إلا بعث غليها ليلة زففها فافترعها قبل زوجها. فوثبت جديس على ذلك الملك في غرة فقتلوه، وقتلوا معه من طسم مقتلة عظيمة. فمضى رجل من طسم إلى حسان بن أسعد تبع ابن كلي كرب بن تبع الأكبر بن تبع الأقرن بن شمر برعش بن إفريقيش ابن أبرهة ذي المنار بن الحارث الرائش الحميري يستصرخه فوجه معه جيشاً إلى اليمامة، وكانت اليمامة تسمى يومئذ جو، وكانت بها امرأة اسمها اليمامة، وهي الزرقاء، وكانت تبصر الراكب من مسيرة أيام. وباسمها سميت جو اليمامة". (الحور العين/15)
ـ ذكر المطهر بن طاهر المقدسي" كانت في جديس جارية زرقاء يقال لها اليمامة وبها سميت اليمامة وكانت كاهنة تبصر الراكب من مسيرة يوم ويقال من مسيرة ثلاث فخاف الجيش أن تبصرهم اليمامة فتخبر القوم بهم فقطعوا الشجر وجعل كل رجل بين يديه شجرة يمشي خلفها يستتر بها عن اليمامة ونظرت اليمامة فرأت الشجر فنادت يا آل جديس سارت إليكم الشجر أو أتتكم حمير قالوا وما ذاك قالت أرى رجلا في يده كتف يأكلها أو نعل يخصفها فكذبوها فصبحتهم الخيل فقتلتهم وأقصتهم وانقضى أمر جديس وطسم وفيه يقول الأعشى :
قالت أرى رجلا في كفه كتف أو يخصف النعل لهفى أية صنعا
فكذبوها بما قالت فصبّحهم ذو آل غسّان يزجى السمر والسلعا
فاستنزلوا أهل جوّ من مساكنهم وهدّموا شاخص البنيان فاتضعا
(البدء والتأريخ3/30).
الزرقاء هي أول امرأة اكتحلت بالاثمد
ـ قال القلقشندي" أوّل امرأة اكتحلت بالإثمد زرقاء اليمامة، وكانت تنظر مسيرة ثلاثة أيام". (صبح الأعشى1/494). ذكر ابو هلال العسكري" أول امرأة اكتحلت بالاثمد زرقاء اليمامة واسمها طسم، وسميت بلدها بها، قال محمد بن حبيب: كانت تبصر من مسيرة أيام، وكانت من جديس طسم، خرج قوم من طسم الى حسان تبع، فاستجاشوه على جديس، فجهز اليهم جيشا، فلما صاروا فى الجو على مسيرة ثلاثة أيام، صعدت فرأت الجيش، وقد حمل كل رجل منهم شجرة يستتر بها ليلبسوا عليها، فقالت: قد أتتكم الشجر، وأتتكم حمير قد أخذت شيئا شجرة، فلم يصدقوها، فقالت: أحلف لقد أرى رجلا ينهش كتفا أو يخصف نعلا! فلم يصدقومها فصبحهم حسان فاجتاحهم وأخذ الزرقاء، فشق عينيها، فاذا فيها عروق سود من الاثمد.
1160 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع