بسام شكري
معجم حكام العراق - الحلقة الثانية والعشرين/الاحتلال البريطاني للعراق
في هذه الحلقة: الاحتلال البريطاني للعراق – حكام العراق البريطانيين بعد الاحتلال - اختيار الأمير فيصل بن الحسين ملكا على العراق- الحكومة المؤقتة وإدارة المناطق المحتلة وتقسيمها بين الاحتلال المباشر والإدارة الهندية وإدارة وزارة الخارجية البريطانية - وصول السير برسي كوكس الى العراق ودوره في إدارة العراق وتشكيل الحكومة العربية المؤقتة – نقل الموصل من الانتداب الفرنسي الى البريطاني- عرض لورنس على الأمير عبد الله التخلي عن عرش العراش لأخيه الأمير فيصل لقاء عرش سوريا – مقابلة كورنواليس الأمير فيصل في لندن وعرض عرش العراق عليه .
دخلت الجيوش البريطانية بغداد عاصمة الولاية العثمانية على أثر انسحاب الجيش التركي منها وذلك في اليوم الحادي عشر من شهر آذار سنة 1917 م فانتشرت الفوضى وكثر اللصوص والذعار ونهبت أكثر دور الحكومة ثم هيمن الجيش البريطاني على المدينة ونظم شؤونها ووضع الشرطة والجيش في الطرقات لحفظ المن وصيانة النفوس والأموال.
ثم أذاع القائد الانجليزي الجنرال مود منشورا في بغداد جاء فيه ما معناه أن الجيوش البريطانية لم تدخل العراق محتله غازية وإنما جاءت محررة البلاد من الاستعمار التركي ولا غرض لها إلا طرد الأتراك من أراضي العراق وإشاعة الهدوء والرفاهية بين السكان وأن الانجليز يرغبون رغبة صادقة مخلصة أكيدة في مساعدة العرب على أحياء مجدهم المفقود وبعث تراثهم المد ثور وإعادة عزهم واستقلالهم محاولا تهدئة النفوس وخداع العراقيين عن حقيقة الاحتلال وأهدافه , ومنذ هذا الحين صارت بغداد تحكم عسكري من قبل الجيوش الانجليزية والهندية الفاتحة ويعينهم على ذلك من خفت موازينهم من العملاء ذوى الضمائر العفنة ,وفي الثلاثين من شهر تشرين الأول سنة 1918 م عقدت الهدنة بين الانجليز والأتراك وبعد مضى شهر كامل من ذلك طلب الانجليز من العراقيين الإجابة عن الأسئلة التالية: -
1- هل يرغب العراقيين بإقامة حكومة عربية مستقلة تحت الوصاية البريطانية؟
2- هل يرغب العراقيون أن يرأس هذه الحكومة أمير عربي؟
3- من يكون هذا الأمير الذي يختارونه لهذا الأمر؟
فكان جواب العراقيين في بغداد وفي أغلب أنحاء البلاد هو تكوين دولة عربية مستقلة. وفي أواخر شهر حريزان سنة 1920 م اندلعت نار الثورة العراقية المعروفة في أكثر أرجاء البلاد وعند ذلك علم الانجليز استحالة حكم البلاد مباشرة وقهرا بالقوة والجيش فقرروا لذلك إنشاء حكومة عربية يرأسها أمير عربي يختاره العراقيون فعهد إلى السيد عبدالرحمن النقيب أمر تأليف حكومة مؤقتة في البلاد لإشراك العراقيين في إدارة شؤون بلادهم وإجراء استفتاء عام في البلاد عن الأمور أو الأسئلة التي تقدم بها الانجليز وقد وقع الاختيار عند إجراء هذا الاستفتاء على الأمير فيصل بن الحسين بالمناداة به ملكا دستوريا على البلاد وقد جرى ذلك في احتفال مهيب رائع يوم 23 آب سنة 1921 م
وستأتي في الصفحات التالية على تفاصيل تعيين الأمير فيصل من قبل الإنجليز وتفضلهم الحكم الملكي على الجمهوري.
حكام العراق البريطانيين بعد انسحاب الأتراك
احتل الانجليز بغداد في اليوم الحادي عشر من شهر مارس سنة 1917 م الموافق لليوم الخامس عشر من شهر جمادى الأول سنة 1335 هـ على أثر انسحاب القوات التركية منها فحكمت بغداد حكما ًعسكريا ً بالقوات الانجليزية والهندية وغيرها وقد حكمها منهم: -
1- الجنرال ستانلي مود 1335 هـ - 1917 م
قاد الحملة البريطانية على العراق وقد بقي فيها مدة قصيرة ثم توفى ببغداد في شهر تشرين الثاني من السنة نفسها ودفن في مقبرة الإنكليز في منطقة الوزيرية في بغداد وقد كان قد ولد في جبل طارق سنة 1824.
2- الجنرال هاوكر 1336 هـ - 1917 م
بقي مديدة في الحكم وقد أسس حكومة عسكرية في بغداد بمشاركة الميجور جوردن والكابتن اوليفر وقامت تلك الحكومة بتنظيم اولي لمدينة بغداد وقامت بجني الضرائب ثم نقل الى خارج العراق.
3- السير برسي كوكس (1) 1336 هـ - 1917 م
ولد سنة 1864 في منطقة اكسس البريطانية من ابوين يهوديين وهو مخطط السيطرة على العراق والخليج العربي وجزيرة العرب عين حاكما عاما للعراق ثم نقل إلى إيران.
4- الكولونيل هاول 1337 هـ - 1918 م
عين حاكما عسكريا لمدينة بغداد وما حولها من المدن القريبة والمحيطة بها, وقد كان له دور قانوني مهم في تشكيل وإدارة القوانين في العراق قبل ان يعين حاكما على العراق.
6- السر ارنلد ولسن 1337 هـ - 1918 م
عين حاكما عاما للعراق خلفا للسربرسي كوكس وفي عهده نشبت الثورة العراقية المعروفة في أواخر شهر حزيران سنة 1920 م - 1339 هـ - كما سنشرح أسبابها ونتائجها فيما بعد
7- المبجر بولارد 1339 هـ - 1920 م
عين حاكما عسكريا وسياسيا لمدينة بغداد وكان له قبل ذلك دور في تنظيم وإدارة القوانين في بغدا.
8- السربرسي كوكس (2) 1339 هـ - 1920 م
عين مندوبا ساميا للعراق وفي عهده شكلت حكومة مؤقتة ببغداد لإدارة شؤون البلاد وإجراء استفتاء عام في العراق وقد أجرى ذلك الاستفتاء عن شكل الحكومة وعن رئيسها فأسفرت النتيجة عن اختيار الأمير فيصل بن الحسن ملكا دستوريا على البلاد وذلك في اليوم الثالث والعشرين من شهر آب سنة 1921 م
الحكومة المؤقتة وكيفية انتخاب الأميرفيصل ملكا على العراق
بريطانيا وإدارة المناطق المحتلة
كانــت اتفاقية سايكس بيكو السـرية التي عقــدت بيــن بريطانيا وفرنسا في 15 -17 أيار سنة 1916 م قد قسمت البلاد العربية إلى مناطق نفوذ بينهما قبل أن يتم انتزاعها من الإمبراطورية العثمانية وكان الحلفاء قد عقدوا اتفاقات أخرى لاقتسام أملاك تلك الإمبراطورية قبل أن يتم انهيارها تحقيقا ً لمطامحهم القديمة فيها فكان الاستيلاء على بغداد والموصل وحلب ودمشق الشام من الضرورات التي قضت بها أحكام اتفاقية سايكس بيكو المذكورة , ولما تم للإنجليز احتلال بغداد في 11 آذار سنة 1917 م اتخذت الدوائر البريطانية المختصة قرارات هامة حول كيفية إدارة المناطق المحتلة في الخليج العربي وفي العراق بلغها وزير الهند في لندن إلى سكرتير الشؤون الخارجية وإلى الدوائر العسكرية والمدنية في العراق في برقية مؤرخة 29 آذار 1917م هذا نصها :-
1- تدار المناطق المحتلة من قبل الحكومة البريطانية وليس من قبل حكومة الهند الشرقية.
2- أن تبقى البصرة والناصرية وشط الحي وبدره بحدودها الغربية والشمالية تحت الإدارة البريطانية بصورة دائمة.
3- تكون بغداد مملكة عربية يديرها حاكم أو حكومات من أهلها تحت حماية بريطانية في كل شيء إلا الاسم فإنه يبقى عربيا وبطبيعة الحال سوف لا تكون لها علاقة مع الدول الأجنبية التي يجب على قناصلها أن يقدموا اوراقهم إلى الحكومة البريطانية.
4- تدار بغداد خلف ستار عربي كإقليم عربي بقدر المستطاع بواسطة وكالة وفقا للقوانين والشرائع الموجودة نخص بالذكر منها: -
(أ) لا يستعمل القانون العراقي – الموضوع للبصرة – بل تبقى القوانين المحلية مرعية بموادها وموظفيها على أن تحل فيها كل العربي محل كلمة التركي.
(ب) يطبق التحوير نفسه فيما يتعلق بالإدارتين التنفيذية والإدارية وأن تبعث الإدارة القبلية والمجالس الإدارية والبلدية وغيرها من جديد.
(ج) لا يمس نظام جباية الأرض في الوقت الحاضر.
(د) لا يستخدم الهنود في جميع فروع الإدارة بصورة مطلقة لآن ذلك يخالف المبادئ المقررة أعلاه ولا يستخدم أي أسيوي خارجي إلا من كان عربيا أو فارسيا في الأصل أو كان مقيما في بغداد كذلك يطبق هذا الأمر على ولاية البصرة مهما أمكن.
5 - في حالة ما إذا كانت البصرة لم تلحق ببغداد فإن رئيس الإدارة العراقية العام يكون المندوب السامي المقيم في بغداد وتكون البصرة تحت إدارة حاكم يرتبط به أما إذا ألحقت بها فإن رئيس الإدارة العراقية يسمى آنئذ حاكم البصرة ومندوب العراق السامي على أن يكون له مقـــرا اسمي في البصرة، أمـــا إقامته الدائمة فتكـــون بغداد ويكون له وكيل حاكم في البصرة ووكيل مندوب في بغداد فينوبان مناوبة عند غيابه.
6- ينتخب الموظفون من خليط من موظفي الخدمة الانجليزية والسودانية وسوريا ولبنان على أن يكون ذلك وفق الأصول المرعية في تبادل الموظفين أما إذا احتيج إلى خدمات ضباط بريطانيين من الخدمة الهندية المدنية فيعارون مؤقتا وفق أنظمة الخدمة الخارجية أما الذين هم الآن في الخدمة فيسمح لهم الآن بالتطوع للخدمة على أن ينقلوا إليها نهائيا.
7- تكون أماكن الشيعة المقدسة إدارة مستقلة غير خاضعة للهيمنة البريطانية المباشرة على أن ينتبه إلى عدم إدخال أراضي سقي أو قابلة للسقي فيها.
8- تكون مراقبة أعمال الري والملاحة وصيانة الأنهار للولايتين بغداد والبصرة تحت إدارة بريطانية واحدة.
9- تدار الكويت والبلاد العربية الساحلية بما فيها عمان من قبل البصرة.
10- أما عدن وحضرموت فتنتقل إداراتهما إلى وزارة الخارجية.
11- وأما جنوب إيران بما فيها عربستان وفارس فتكون منطقة نفوذ للحكومة الهندية.
12- ومن الأهمية بمكان أن تكون الإدارة في بغداد منطقة منذ البدء على المبادئ المذكورة أعلاه.
ومع أن السلطات البريطانية المسئولة لم تقرر في هذه البرقية منح العراقيين نوع الحكم الذي كانوا ينشدونه أو الذي وعدهم به الحلفاء حتى في المنظور الذي أذاعه جنرال مود فاتح بغداد قبل وصول هذه البرقية بعشرة أيام فان الجنرال مود الم,مي إليه احتج على ما جاء في هذه البرقية لأنه كان يرى أن إتباع هذه السياسة غير ضروري وفي غير أوانه وأعتبر أن هذا التصريح وهذه السياسة سيخلقان بلبلة في أذهان العرب حول نوايا بريطانية المقبلة ويثيران أمالهم ومطامحهم في وقت يجب أن تكون سلطة الجيش البريطاني هي العليا ومطلقة في المناطق المحتلة .
فلما قرر مجلس الحلفاء الأعلى في 25 نيسان سنة 1920 م فرض الانتداب البريطاني على العراق كانت الحكومة البريطانية قد توصلت إلى تعديل اتفاقية سيكس بيكون السرية مع الحكومة الفرنسية قبل يوم واحد تعديلا جعل ولاية الموصل تحت نفوذها بعد أن كانت لفرنسا في تلك الاتفاقية فأخذ وزير خارجية بريطاني وهو يومئذ لورد كرزن يفكر في كيفية إدارة العراق ولا سيما وقد انتشرت فيه الروح الاستقلالية انتشارا سريعا وصار الأهلون يقاومون كل هيمنة أجنبية ولما كنت المادة ( 22 ) من عهد عصبة الأمم التي فرض بموجبها هذا الانتداب اعتبرت البلدان المنتزعة من الإمبراطورية العثمانية مستقلة على أن تستمد المعونة من أحدى الدول الكبرى حتى تصبح قادرة على السير بمفردها , فقد درست الحكومة البريطانية القضية العراقية في ضوء هذه التطورات ورسمت الخطوط الأساسية لنوع الحكم الذي يجب أن يؤسس في العراق فأذاع نائب الحاكم الملكي العام في بغداد بلاغا في 17 حريزان سنة 1920 هنا نصه :- " حيث أن حكومة جلال ملك بريطانيا العظمي قد تقررت وكالتها في خصوص العراق فتتوقع أنه سيكون من الشروط التالية :
1- جعل العراق حكومة مستقلة تضمن استقلالها جمعية الأمم وتوكل بريطانيا العظمى وكالة بها.
2- تكليف الحكومة البريطانية بالمسئولية عن حفظ السلم الداخلي والأمن الخارجي.
3- إلزامها بتشكيل قانون أساسي ( دستور) وبان تستشير أهالي العراق في مسألة تشكيلة مع ملاحظة حقوق الأجناس المختلفة الموجودة في بلاد العراق ورغائبها ومنافعها.
فتحتوي الوكالة المذكورة على شروط لتمهيد مسالك الرقي للعراق بصفة حكومة مستقلة إلى أن تتمكن على الوقوف بنفسها فحينئذ تنتهي مدة الوكالة، فقررت حكومة جلالة الملك تكليف السير برسي كوكس بتنفيذ هذه المهمة، فعليه سيرجع سعادته إلى بغداد في موسم الخريف ويتقلد وظيفة الممثل الأعلى للحكومة البريطانية في العراق بعد انقضاء الإدارة العسكرية الموجودة الآن وستعطى السلطة لسير برسي كوكس لتنظيم مؤقت: -
1- مجلس شورى تحت رئاسة عربي.
2- مؤتمر عراقي ممثل جميع أهالي العراق ينتخب أعضاؤه باختيارهم فيكون مما يجب عليه تجهيز القانون الأساسي (الدستور) المار ذكره باستشارة المؤتمر العراقي.
وقد وقف لورد كرزن وزير خارجية بريطانية في مجلس اللوردات في 25 حزيران 1920 فقال: ليس أحب ألينا من تصريح يكشف من غير مواربة أو غموض عن تفضيل نظام معين أو حتى حاكم مقصود وأخذ يبحث عن الشخص الذي يرضى العراقيين ويحافظ على مصالح البريطانيين في نفس الوقت فكان هذا البحث مثارا للتحاسد والتشاحن بين طلاب العروش اديا إلى عدم الاتفاق على الشخص المنشود وكانت عوامل الثورة العراقية قد تهيأت ومهيجاتها قد نضجت واتخذت شكلا يصعب التغلب عليه فاندفع لهيبها بعد اسبوعين وسرت في الجهات سريان النار في الهشيم وعمت مدنا كانت السلطة لا تزال تعتقد بولاء أهلها .
فلما فقد الأمير فيصل بن الحسين عرشه في سوريا في 25 تموز 1920 م واضطر إلى مغادرتها ابرق لورد كرزن كوزير للخارجية وكرئيس للجنة الشؤون الشرقية في تلك الوزارة برقية إلى نائب الحاكم الملكي العام في العراق في 30 من هذا الشهر يذكر له فيها ما أصاب الأمير العربي ويطلب إليه بيان رأيه في الموقف فرد النائب المذكور على البرقية بهذا الرد : تنص برقيتكم المؤرخة 30 تموز على أن الأمير فيصل قد جلي إلى درعا في منطقة النفوذ البريطاني بناء على أمر الفرنسيين ويرى من في بغداد أن ذلك يعنى أحد أمرين فأما أن يكون الأمير في طريق عودته إلى الحجاز أو أنه ينوى البقاء في هذا الجزء من سوريا المشمول بالنفوذ البريطاني , فإن بقى في درعا واستمر على الادعاء بعرش سوريا فإنه سيجمع حوله عددا لا باس به من موظفيه السابقين فيكون مصدر إزعاج دائم للفرنسيين أما إذا تنازل عن مطالبة في سوريا وطالب بزعامة فلسطين فقط فإن وجوده فيها سيخلق المتاعب لفرنسا ويجعلنا في وضع صعب جدا فهل الحكومة صاحب الجلالة أن تفكر في أمكان إسناد إمارة العراق إليه ؟
إن الاعتراضات التي قامت هنا بصدد إيجاد الإمارة كانت تتجمع مبدئيا حول عدم وجود الشخص المناسب لها وكنا نعتبر فيصلا مهيا لعرش سوريه وما من شيء سمعته خلال الأشهر القليلة الماضية غير رأيي في عدم أهلية الأمير عبدالله كما أن خبرتنا في بغداد خلال بضعة الأسابيع الأخيرة دلت بوضوح على عدم وجود مرشح يستطيع أن يحوز على تأييد يمكنه من القيام بمهمته , أن فيصلا هو الوحيد بين زعماء العرب الذي يدرك المشكلات العملية في إدارة حكومة متمدنة بموجب الطرق العربية وأنه لا يخطئ في التقدير بأن المساعدة الأجنبية أمر حيوي لاستمرار وجود دولة عربية كما أنه يدرك الخطر الذي ينجم من الاعتماد على جيش عربي فإذا قدمنا إليه إمارة العراق فإننا لا نسترجع مكانتنا في نظر العالم العربي حسب ولكنا قد ننجح إلى حد كبير في القضاء على التهمة التي قد توجه إلينا بخيانتنا لفيصل ولأهل هذه البلاد فإذا عزمت حكومة صاحب الجلال انقاص نفقاتها في هذه البلاد إنقاصا محسوسا فإن ذلك لا يتحقق بصورة تامة إلا بواسطة فيصل دون أي حلول أخرى , لقد سر لورد كرزن بجواب نائب الحاكم الملكي في العراق سرورا عظيما وكان هذا النائب قبل إذ يعارض فكرة إقامة حكومة عربية للأسباب التي ذكرها في تلابيب برقيته كما أن الوزير كرزن كان يريد الأمير عبدالله ملكا من قبل فقررت الحكومة البريطانية دعوة الامير فيصل إلى انجلترا فورا فجاء إلى لندن في 2 كانون الأول عام 1920 م وقابل الملك جورج الخامس في اليوم الرابع لتقديم الشكر على الهدايا التي أهداها الملك جورج إلى والده الملك حسين ثم أوفدت وزارة الخارجية البريطانية مستر كرنواليس الملحق بالوزارة المذكورة إليه ليعرض عليه عرش العراق فاجتمع بسموه في ليلة 17 من هذا الشهر ولما فاتحه بالمهمة التي جاء من أجلها إجابة الأمير أن العراقيين في الشام كانوا قد نادوا بأخيه الأمير عبدالله ملكا على العراق في اليوم الذي نادى الشاميين فيه بفيصل ملكا على سوريا فكيف يسوغ له أن ينافس أخاه على عرش العراق وكان الأمير عبدالله يجمع قواته ليثأر لأخيه في حادثه إخراجه من الشام فندبت الحكومة البريطانية كولونيل تي . أي . لورنس ليعرض عليه عرش سوريا لقاء تنازله لأخيه الأمير فيصل عن عرش العراق فوافق على ما عرض عليه من دون قيد وشرط فرجع لورنس إلى لندن مغتبطا بهذه النتيجة فعدت الحكومة البريطانية هذه الموافقة فوزا لسياستها في الشرق الأوسط وندبت مستر كورنواليس ليقابل الأمير فيصل مرة أخرى ويعرض عليه موافقة أخيه عبدالله على تبوئه عرش العراق فلم يشأ الأمير أن يستبق الحوادث فابرق إلى الأردن يتوثق من أخيه صحة الخبر فجاء الجواب محققا لرغبته فما كادت وزارة الخارجية الفرنسية تحيط علما بهذه المفاوضات حتى احتجت عليها مدعية أن تنصيب الأمير فيصل في العراق بعد إخراجه من سوريا مباشرة يعد بنظر الفرنسيين عملا غير ودي وادعت الصحف الفرنسية أن إنجلترا وعدت فرنسا بمساعدتها ضد الأمير فيصل لقاء وضع الموصل تحت الانتداب البريطاني بعد أن كانت قد خصصت للفرنسيين فما وسع لورد كرزن غير التسليم بواقع الحال فأجل البحث في الموضوع ريثما تمسك قشرة الكرامة الفرنسية ويكثف حسها فيعمل إذا ذاك ما يشاء ولكن إسناد منصب وزارة المستعمرات إلى مستر تشرشل في 14 شباط 1921 م وفتح دائرة خاصة في هذه الوزارة تتوحد فيها قضايا الشرق سهلا حل المشكلة بعد أمد قصير .
الى اللقاء في الحلقة القادمة
الباحث
بسام شكري
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
للراغبين الأطلاع على الحلقة السابقة:
https://www.algardenia.com/maqalat/61789-2024-01-10-12-12-12.html
445 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع