ضحى عبد الرحمن
مباحث في اللغة والأدب/٧٨ الهمج والرعاع في التراث
معنى الهمج
قال ابن منظور" همج: هَمَجَتِ الإِبلُ مِنَ الْمَاءِ تَهْمُجُ هَمْجاً، وَهِيَ هامِجةٌ: شَرِبَتْ مِنْهُ فَاشْتَكَتْ عَنْهُ؛ وَهِيَ إِبِلٌ هَوامِجٌ. والهَمَجُ: جَمْعُ هَمَجَةٍ، وَهِيَ ذُبَابٌ صَغِيرٌ كَالْبَعُوضِ يَسْقُطُ عَلَى وُجُوهِ الْغَنَمِ والحُمُرِ وأَعينها. وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ، رَضِيَ الله تعالى عنه: سُبْحَانَ مَنْ أَدْمَجَ قَوَائِمَ الذَّرَّة والهَمَجَةِ
؛ هِيَ وَاحِدَةُ الْهَمَجِ ذبابٌ صَغِيرٌ يَسْقُطُ عَلَى وُجُوهِ الإِبل وَالْغَنَمِ وَالْحَمِيرِ وأَعينها؛ وَقِيلَ: الهَمَجُ صِغَارُ الدَّوَابِّ. اللَّيْثُ: الهَمَجُ كلُّ دُودٍ يَنْفَقِئُ عَنْ ذباب أَو بَعُوض، ويقال لرُذالَة النَّاسِ: هَمَجٌ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: والهَمَجُ البَعُوضُ وَالذُّبَابُ. والهَمَجُ، فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: أَصله الْبَعُوضُ، الْوَاحِدَةُ هَمَجة، ثُمَّ يُقَالُ لِرِذَالِ النَّاسِ: هَمَجٌ هامِجٌ؛ قَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: الهَمَجُ الْجُوعُ، وَبِهِ سمِّي الْبَعُوضُ لأَنه إِذا جَاعَ عَاشَ، وإِذا شَبِعَ مَاتَ. والهَمَجُ: الجوعُ. وهَمَجَ إِذا جَاعَ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
قَدْ هَلَكَتْ جارَتُنا مِنَ الهَمَجْ، ... وإِن تَجُعْ تأْكلْ عَتُوداً أَو بَذَجْ
والهَمَجُ: الرَّعاعُ مِنَ النَّاسِ؛ وَقِيلَ: هُمُ الأَخلاط، وَقِيلَ: هُمُ الهَمَلُ الَّذِينَ لَا نِظَامَ لَهُمْ. وَكُلُّ شَيْءٍ تُرِكَ بَعْضُهُ يَموجُ فِي بَعْضٍ، فَهُوَ هامجٌ. وَقَالُوا: هَمَجٌ هامِجٌ، فإِما أَن يَكُونَ عَلَى ذَلِكَ، وإِما أَن يَكُونَ عَلَى الْمُبَالَغَةِ؛ قَالَ الحارثُ بْنُ حِلِّزَةَ:
يَتْرُكُ مَا رَقَّحَ مِنْ عَيْشِه، ... يَعِيثُ فِيهِ هَمَجٌ هامِجُ
وَقَوْلُهُمْ: هَمَجٌ هامِجٌ، تَوْكِيدٌ لَهُ كَقَوْلِكَ: لَيْلٌ لائِلٌ. وَيُقَالُ للرَّعاع مِنَ النَّاسِ الحَمْقَى: إِنما هُمْ هَمَجٌ هامِج؛ وَقَوْلُ أَبي مُحْرِز المُحارِبي:
قَدْ هَلَكَتْ جَارَتُنَا مِنَ الهَمَج
قَالُوا: سُوءُ التَّدْبِيرِ فِي الْمَعَاشِ؛ وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ الله عَنْهُ: وسائرُ الناسِ هَمَجٌ رَعاعٌ
؛ شَبَّه عليٌّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، رَعاعَ النَّاسِ بِالْبَعُوضِ. والهَمَجُ: رُذالُ النَّاسِ. وَيُقَالُ لأُشابَة النَّاسِ الَّذِينَ لَا عُقُولَ لَهُمْ وَلَا مُرُوءَةَ: هَمَجٌ هَامِجٌ. وقومٌ هَمَجٌ: لَا خَيْرَ فِيهِمْ؛ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ:
هَمِيجٌ تَعَلَّلَ عَنْ خادِلٍ، ... نَتِيجُ ثلاثٍ، بَغِيضُ الثَّرَى
يَعْنِي الْوَلَدُ نَتِيجُ ثَلَاثٍ بَغِيضٌ. وَرَجُلٌ هَمَجٌ وهَمَجة: أَحمق، والأُنثى بِالْهَاءِ لَا غَيْرُ، وجمعُ الهَمَج أَهْماجٌ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
فِي مُرْشِقاتٍ لَسْنَ بالأَهْماج
أَبو سَعِيدٍ: الهَمَجةُ مِنَ النَّاسِ الأَحمق الَّذِي لَا يَتَمَاسَكُ، والهَمَجُ: جَمْعُ الهَمَجة. والهَمَجة: الشَّاةُ الْمَهْزُولَةُ؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
كأَنَّ ابْنةَ السَّهْمِيِّ، يَومَ لقِيتُها ... مُوَشَّحَةً بالطُّرَّتَيْنِ، هَمِيجُ
قَالُوا: ظبيةٌ ذُعِرَتْ مِنَ الهَمَج. وَيُقَالُ لِلنَّعْجَةِ إِذا هَرِمَتْ: هَمَجَةٌ وعَشَمةٌ. والهَمَجةُ: النَّعْجَةُ. والهَمِيجُ مِنَ الظِّبَاءِ: الَّذِي لَهُ جُدَّتانِ عَلَى ظَهْرِهِ سِوَى لَوْنِهِ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا فِي الأُدْمِ مِنْهَا، يَعْنِي البِيضَ، وَكَذَلِكَ الأُنثى بِغَيْرِ هاءِ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي لَهَا جُدَّتانِ فِي طُرَّتَيْها؛ وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي هَزَلَها الرَّضاعُ؛ وَقِيلَ: هِيَ الفَتِيَّةُ الحَسَنةُ الْجِسْمِ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ ظَبْيَةً:
موشَّحة بالطُّرَّتَينِ هَمِيجُ". (لسان العرب2/393)
ـ ذكر مرتضى الزبيدي" في حديث عليّ :ورَعَاعُ الهَمجِ يَميلون مع كلِّ رِيح". (تاج العروس4/70).
وذكر أَنشد ابو مُحْرِزٍ المُحَارِبِيّ:
قد هَلَكَتْ جارَتُنا من الهَمَجْ وإِنْ تَجُعْ تَأْكُلْ عَتُوداً و بَذَجْ
قال ابنُ خَالَوَيْه: الهَمَجُ هنا: الجُوعُ، قال: وبه سُمِّيَ البَعُوضُ، لأَنّه إِذا جاعَ عاشَ، و ِذا شَبِعَ ماتَ". (تاج العروس3/292).
ـ ذكر نشوان الحميري" الهَمَج: ارُذال الناس. وفي حديث علي بن ابي طالب" الناس ثلاثة ، عالم رباني ومتعلم على سبيل النجاة وهمج رعاع أتباع كل ناطق.
والهمج هو الجوع، قال ابو محرز عبيد المحاربي"
قَدْ هَلَكَتْ جَارَتُنا من الهَمَج وان تجع تاكل عتودا او بذج
والهمج ايضا البعوض، وقيل الدٌبا".(شمس العلوم10/533). (النهاية لابن الأثير5/273).
قال ابن دريد" الهمج من النَّاس: الَّذين لَا نظام لَهُم. قَالَ الشَّاعِر:
يتْرك مَا رقح من عيشه ... يعيث فِيهِ همج هامج
وَبِه سمي البق همجا. والهمج من النَّاس: مثل الهمل سَوَاء.
والهامج من كل شَيْء: الْمَتْرُوك يموج بعضه فِي بعض. وظبية هميج وَهِي الْفتية زَعَمُوا والحسنة الْجِسْم. وَقَالَ آخَرُونَ: الهميج من الظباء: المغزل الَّتِي قد هزلها الرَّضَاع. وَيُقَال: اهتمجت نفس الرجل واهتمج الرجل نَفسه إِذا ضعف". (جمهرة اللغة1/496)
ـ ذكر ابن السكيت" الهَمْج: مصدر هَمَجت الإبل من الماء تَهْمجُ، إذا شربت منه, والهَمَج: جمع هَمَجة، وهو ذبابٌ صغير يسقط على وجوه الإبل والغنم والحمير وأعينها، ويقال: هو ضَرْبٌ من البعوض، ويقال: للرعاع من الناس الحَمْقَىْ: إنما هُم هَمَج, قال الحارث بن حلزة:
يعيث فيه هَمَج هامجُ ". (اصلاح المنطق/65).
ـ قال الشربيني" ينشأ الفلاح في الريف على التعب والنصب، والهم والغم، والطرد والجري، وقلة الدين والجهل، فلا يجد من يرشده للعبادة والصلاة، فيصير في هذه الحالة همج الهمج، لا يعرفون غير الثور والمحراث، فحكمهم حكم البهائم". (هز القحوف/11).
قَالَ الْحَارِث بن حلزة:
يتْرك مَا رقح من عيشه ... يعيث فِيهِ همج هامج
(جمهرة اللغة1/520).
ـ قال نجم الدين الغزي" الهمج: هو ذباب صغار كالبعوض، يقع على وجوه الغنم والحمير وأعينها؛ الواحدة: همجة، والهمجة أيضاً: الشاة المهزولة.". (حسن التنبيه11/230). وقال الجوهري" يقال للرعاع من الناس الحمقى: إنما هم همج، وقولهم: (همج هامج) تأكيد له". (الصحاح1/351). وأضاف " الهمجً: سوء التدبير في المعاش والجوع، وعليهما حُمِلَ قول الراجز:
قَدْ هَلَكَتْ جارَتُنا مِنَ الْهَمَجِ وَإِنْ تَجُعْ تَأْكُلْ عتوداً أَوْ هرج
(مجالس ثعلب/100). (معجم مقاييس اللغة لابن فارس1/217).
ـ قال ابن سيده" َقَالَ رَعَاع النَّاس وهَمَجُهم - صِغَارُهم وَأنْشد: يَعِيثُ فِيهِ هَمَجٌ هامِجُ وأصل الهَمَج البَعُوض وَقيل الهَمَج من النَّاس الهَمَل الَّذِي لَا نِظَامَ لَهُ" . (المخصص1/298).
الهمج في الشعر
ـ قال الشاعر:
لا أعتب قلب الغافل عنك ... فليس على الأعمى حرج
ما الناس سوى قوم عرفوك ... وغيرهم همج همج
قوم فعلوا خيراً فعلوا ... وعلى الدرج العليا درجوا (الكشكول1/63)
قولهم إنما هم ناس همج
الهمج: ذباب صغير يقع على وجوه الغنم والحمير وأعينها، وهو واحد وجمع.
ويقال: واحدته همجة. ويقال: هو ضرب من البعوض. وقال الحارث بن حلزة:
يترك ما رقَّح منْ عيشهِ ... يعيثُ فيهِ همجٌ هامجُ
(أحسن ما سمعت/309). (كنز الكتاب/644)
ـ قال الحارث بن حلزة اليشكري:
بينا الفتى يَسْعى ويُسعى له تاح له من أمره خالجُ
يتركُ ما رقَّح من عيشه يعيث فيه هَمَجٌ هامج
(شمس العلوم4/620).
ـ قال فارس الشدياق:
من أوى إلى البيت ... مثل بيتي الحرج
ضاق صدره سدما ... وأنزوى مع الهمج .(الساق على الساق/286).
ـ قال محمد بن حبان" أنشدني الكريزي
والناس صنفان ذو عقل وذو أدب ... كمعدن الفضة البيضاء والذهب
وسائر الناس من بين الورى همج ... كانوا موالي أو كانوا من العرب
(روضة العقلاء/219).
حكايات وأقوال في الهمج
قال الراغب الأصفهاني" قال عليه الصلاة والسلام: الناس عالم ومتعلم وما سواهما هَمَج". (تفضيل النشأتين/89).
قال ابن قتيبة الدينوري " الهَمَج هي صغار البعوض، ولذلك قيل للجَهَلة والصغار: هَمَجٌ". (أدب الكاتب/172)
ـ قال علي عليه السّلام: الناس عالم ومتعلم، وسائر الناس همج لا خير فيهم".( ربيع الأبرار4/78).
ـ قال الطرطوشي" عن كميل بن زياد النخعي: خرجت مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى الجبانة، فلما أصحرنا تنفس الصعداء، ثم قال: يا كميل بن زياد، إن القلوب أوعية فخيرها أوعاها للخير. احفظ عني ما أقول لك: الناس ثلاثة: فعالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجئوا منه إلى ركن وثيق". ( سراج الملوك/65).
ـ قال تقي الدين المقريزي" مملكة هديّة: طولها ثمانية أيام وملكها أكثر الجميع عسكرا، وزيهم كزى أهل أرابينى حتى في المعاملة وإليها يجلب الخصيان الخدام الذين يعرفون في أرض مصر بالطواشية، واحدهم طواشى، فإن صاحب أمحرة يمنع من خصى العبيد ويشدد في ذلك، فتأتى بهم السرّاق إلى مدينة وستلوا وأهلها همج لا دين لهم فتخصى بها العبيد". (رسائل المقريزي/235)
الرعاع
ذكر ابن منظور" فِي حَدِيثِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَن المَوسم يَجمع رَعاع النَّاسِ، أَي غَوْغاءهم وسُقّاطَهم وأَخلاطَهم، الْوَاحِدُ رَعاعة؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ، عُثْمَانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حِينَ تَنَكَّرَ لَهُ النَّاسُ: إِن هَؤُلَاءِ النَّفَرَ رَعاع غَثَرةٌ. وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَسَائِرُ الناسِ هَمَجٌ رَعاعٌ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: قرأْت بِخَطِّ شَمِرٍ والرُّعاعُ كَالزُّجَاجِ مِنَ النَّاسِ، وَهُمُ الرُّذال الضُّعفاء، وَهُمُ الَّذِينَ إِذا فَزِعوا طَارُوا؛ قَالَ أَبو العَمَيْثَل: وَيُقَالُ لِلنَّعَامَةِ رَعاعة لأَنها أَبداً كأَنها مَنْخوبة فَزعةٌ. وتَرَعْرعت سِنُّه وتَزَعْزعت إِذا تَحَرَّكَتْ. والرَّعْرعة: اضطرابُ الْمَاءِ الصَّافِي الرَّقِيقِ عَلَى وَجْهُ الأَرض، وَمِنْهُ قِيلَ: غُلَامٌ رَعْرعٌ، وَرُبَّمَا قِيلَ: تَرَعْرع السَّراب عَلَى التَّشْبِيهِ بِالْمَاءِ. والرَّعْرعةُ: حُسْنُ شَبابِ الغُلام وتحرُّكه. وشابٌّ رُعْرُعٌ ورُعْرعة؛ عَنْ كُرَاعٍ، ورَعْرَعٌ ورَعْراعٌ؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ جِنِّي: مُراهِق حسَن الاعْتِدال، وَقِيلَ مُحْتَلِم، وَقِيلَ قَدْ تَحَرَّكَ وكَبِرَ، وَالْجَمْعُ الرَّعارِعُ؛ قَالَ لَبِيدٌ وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ، وَقِيلَ هُوَ للبَعِيث:
تُبَكِّي عَلَى إِثْرِ الشَّبابِ الَّذِي مَضَى أَلا إِنّ أَخْدانَ الشَّبابِ الرَّعارِعُ
(لسان العرب6/128).
ضحى عبد الرحمن
شباط 2024
1464 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع