"مبدعون تركوا مآثر خالدة في التأريخ والتراث ومنهم شيخ المؤرخين الدكتور حسين امين"

سرور ميرزا محمود

"مبدعون تركوا مآثر خالدة في التأريخ والتراث ومنهم شيخ المؤرخين الدكتور حسين امين"

في كل مدينة وساحاتها القديمة وعند او قرب الشواطئ والانهار هناك زوايا وأمكنة محبّبة وجذّابة أنشأت مقاهي لتكون ملتقى وذكرى لجلاسها، تلك المقاهي لعبت دورا مهما في حياة شعوب عديدة، فقد كانت بمثابة البرلمان المفتوح الذي يمارس فيه الناس الكلام في وقت أحكمت السلطة الخناق عليهم في ممارسة حقهم في اختيار حكوماتهم وفي اطلاق الكثير من الحركات التحررية العربي، كما شكلت بالنسبة للمبدعين من الأدباء والشعراء التي ولدت لهم أولى تجارب الشعر وكتابة الرواية والمقالة الصحفية، فكانت بمثابة وسيلة الإعلام الجماهيرية التي تصنع شهرتهم، كما انها المنتدى ومجتمع الاحبة والأصدقاء، وبالنسبة لي فالمقهى يمثل جزأً من حياتي، وإن تعددت الأغراض من ارتياده، بين رغبة في جلسة مع الأصدقاء، وبين رغبة في المطالعة أو في كتابة مقالة، أو بين حنين الى الماضي وذكرياته، كم يكون الحديث مشوقا وكم تكون الجلسة مع الأصدقاء لذيذة ومسلية، تشعر أنك تعيش في دنيا أخرى غير التي تعيش فيها حيث تحب أن تنسى هموم ومشاكل وضغوط الحياة، فالحياة دائما تحفل بحقب كافة الحضارات والأمم في كافة العصور التي مرت بالإنسانية، وزاخرة بالعديد من العلماء والمدونين الذين اخذوا على عاتقهم تدوين الاحداث وحفظها، لتنتقل الى الأجيال اللاحقة وتغدوا من خلال الكُتُب، والمُؤلفات التي وصلتنا من الماضي سواءً المحفوظة في المكتبات، أو التي تمَّ تناقُلُها بالتوارثِ من جيلٍ إلى جيل، جمعتني جلسة مع أصدقاء صباحاً ودارت أحاديث كثيرة ومتنوعة، ولا بد للثقافة من دور فيها، فبادرني أحدهم بالقول: لقد احسنت بالكتابة عن العالم وشيخ المؤرخين الدكتور عبد العزيز الدوري في مجلة الكاردينيا، فيا ليتك تكتب عن اخرين من المؤرخين والمفكرين العراقيين اللامعين في العصر الحديث الذين أسهموا بحظ وافر في إثراء الثقافة العربية المعاصرة ومنها تشعبت المناقشة حول احد الشخصيات البارزة لاحد المفكرين والمدونين الذين ساهموا في تجاوز المناهج التقليدية في كتابة التأريخ العربي والإسلامي وهو الدكتور حسين امين الذي اضحى بمكانة مرموقة في مجتمعنا العراقي والعربي ، وبدأت رحلتنا لتلقي الضوء في هذا المقال على شخصية الدكتور حسين امين ومكانته واهم ماورد عنه.
ظهر اهتمام الإنسان بالتاريخ منذ بداية تدويــن شــؤون حياتــه منــذ ظهــرت أولــى الحضــارات الإنسانية، لا ســيما فــي وادي الرافديــن ومصر، حيــن اخترع الحــرف المســماري والكتابــة الهيروغليفيــة، وهكــذا فــإن الإنسان تعــرف علــى تاريخــه بأحــداث الماضــي وتدوينهــا في بداية حضارته الاولى
، فقد تشكّل الوعي الإنساني بالزمن وسيرورته، وإن اختلفت طبيعة نظرة الإنسان حينها للتاريخ وماهيّته باختلاف اهتماماته وأولوياته، وباختلاف الثقافات السائدة في المجتمعات في عصر محدّد أو في عصور مختلفة، وفي هذا السّياق جاء اهتمام بعض الملوك بتسجيل انتصاراتهم على أعدائهم كنوع من الإجلال لأنفسهم في حياتهم وتخليدًا لها في ذاكرة الأجيال اللاّحقة، وكذلك جاء نقل خُبرات الآباء لأبنائهم كنوع من التاريخ الشفوي غالبًا والمكتوبِ أحيانًا وذلك انطلاقًا من محبّتهم لأبنائهم وحرصًا منهم على سلامتهم وازدهارهم، في منطقتنا راعى المؤرخون العرب في تأريخهم، صدق الرواية لأنفسهم، ولغيرهم من الأمم الأخرى، وكانت أغلب مصنفاتهم، تدور حول تاريخ الإسلام، وتاريخ البلدان التي فتحوها، وتاريخ المدن والأقطار، مثل مكة، والمدينة، وبغداد، ودمشق، والأندلس، والمغرب، ومصر، وقد قام المؤرخون بدراسة كافة مظاهر الحياة الاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية، والسياسية، في الماضي والحاضر، على حد سواء، وذلك لاستخلاص العبر والدروس منها، وعكفوا على إعداد سجلات لهذه الأحداث، وهي معروفة بكتب التاريخ، حيث ترك القدماء العديد من الآثار، بما في ذلك القصص الشعبية، والأعمال الفنية، والتقاليد، والمخلفات الأثرية، وغيرها من المدونات، ويدرس معظم المؤرخين الماضي بشكل رئيسي، في ضوء ما هو مدون، في الوثائق المكتوبة، فأهمية التأريخ تنطوي لما يصل الينا من احداث تأريخية سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية وسردها مع ذكر علاقتها بالأشخاص المعاصرين.
مازال تعريف ابن خلدون للتأريخ في مقدمته يعتبر من ادق ما قيل عن هذا العلم عند العرب وهو تعريف اعجب به وأشار اليه ذوي كبار المؤرخين في الغرب من أمثال كولن جوود وتويني، يستنبط ابن خلدون طبيعة التاريخ ووظيفته، ويضفي لذلك بعدًا فلسفيًا عميقًا، فهو يرى التاريخ وينظر إليه على أنه يبحث في طباع البشر والأسس التي عليها بنيت مجتمعاتهم، كما إنه "التاريخ" يفعل ذلك كله عن طريق الإخبار بأحوال الماضي وأخباره، أي التعريف الذي يفهمه ويعنيه الكثيرون.
اعتبر التاريخ علما مستقلا له منهجه وموضوعه الخاص وليس تابعا أو خادما لأي من العلوم الأخرى، سواء كانت دينية أو غير ذلك، فيقول في هذا الصدد واصفا علم التاريخ بأنه: «فن عزيز المذهب، جم الفائدة، شريف الغاية» وأنه لذلك «أصيل في الحكمة عريق، وجدير بأن يعد في علومها وخليق» كيف لا يكون كذلك وهو حسب وصف ابن خلدون «يوقِفُنا على أحوال الماضينَ من الأمم والأنبياء، والملوك وسِياسَتهم» وفي هذا بيان صريح من ابن خلدون أن عملية التدوين التاريخي لا تقف عند فئة محددة من البشر، كرواة الحديث على سبيل المثال، وإنما تشمل أحوال الأمم بصفة عامة وما يتفرع عن هذه الأحوال من “توحش وتأنس وعصبيات وتغلب الناس بعضهم على بعض”
ويعرّف الدوري التاريخ، بأنه موضوع حي يقوم بدور بليغ في الثقافة، وفي التكوين الاجتماعي والخلقي، وله أثره في فهم الأوضاع القائمة وفي تقدير بعض الاتجاهات والتطورات المقبلة، وهو يتأثر بالتيارات الفكرية وبالتطورات العامة، بجعل التاريخ علم المستقبل عبر "استقراء الظروف والتطورات التي أدت إلى ما حصل وربما للتطلع إلى المستقبل"، وهو ما نبهه إلى دعوة "إعادة كتابة التاريخ من منظور قومي"، التاريخ عند الأستاذ الدكتور حسين أمين، سيد العلوم، وفي هذا المجال يقول إنه يكفي التاريخ انه يؤرخ لكل العلوم ولكل صنوف المعرفة فهو سجل للحوارات التي أثرت في حياة الإنسان، وهو يعني أيضاً بتوضيح العلاقة السببية بين السابق واللاحق من الحوادث الاجتماعية، وبهذا المعنى فان التاريخ بنظر الدكتور أمين "هو الذي يلهمنا كيف نواجه الأحداث، ونتعامل مع الأزمات"،
وحول الفرق بين (المؤرخ) و(السياسي) يقول الدكتور حسين أمين، بأننا إذا كنا نؤمن بإن التاريخ كما يقول المؤرخ البريطاني سيلي، سياسة ماضية، وأن السياسة تاريخ حاضر، فإن المؤرخ هو الذي ينظر إلى الماضي ويتعرض للحاضر كنتيجة، أي أنه يحلل الماضي ليتنبأ بالحاضر وعندها تكون السياسة تحليلا لحاضر يساعدنا في التنبؤ بالمستقبل ومن كل الوجوه يكون المؤرخ هو الذي يخلق السياسة"، وكان يردد "أن تاريخنا لم يكتب بعد"
و قولة : "سنعيد كتابه تاريخ الأمة بأسلوب علمي و موضوعي" و برز في طرح الأفكار الحديثة لقراءته التاريخية بنظرة جديدة تختلف عمن سبقه في هذا المجال،
فالحديث عن قامة عملاقة وظاهرة ثقافية، المؤرخ العراقي الدكتور حسين امين رئيس اتحاد المؤرخين العرب ورئيس الجمعية التاريخية العراقية نال لقب شيخ المؤرخين العرب باستحقاق جدير بالوقوف والتأمل.
ولد الدكتور حسين امين عبد المجيد العجلي في بغداد (محلة الطوب) عام 1923، وهي إحدى المحلات التي كانت ملاصقة لسور بغداد القديم، فـي اسـرة معروفـة باعتـدالها وكرمها واهتمامهـا بتربيـة اولادهـا، ختم القرآن الكريم لأكثر من مرة عند (الملا عبد) في باب المعظم وملا آخر هندي في منطقة (تبة الكرد) ، وانتسب لأعرق مدرسة ابتدائية وهي المأمونية ودرس المرحلة الابتدائية فيها ابتداء من عام 1931، وتابع دراسته في المتوسطة الغربية، ثم الثانوية المركزية عام 1941، انخرط في صفوف دار المعلمين الابتدائية القسم العالي، ثم في مدرسة تطبيقات دار المعلمين الابتدائية، التحق بجامعة الاسكندرية وحصل منها على الماجستير عام 1958 بتقدير امتياز، عاد إلى العراق فعين مدرسا معيدا في كلية الآداب جامعة بغداد، ثم رقي إلى مرتبة مـدرس، حتى سنحت فرصة اكمال دراسـة الـدكتوراه واختـار جامعتـه وكليتـه السـابقتين فـي الاسـكندرية، ونـال درجـة الـدكتوراه فـي التـاريخ الاسـلامي عـن اطروحتـه (العـراق فـي العهـد السـلجوقي) بتقـدير امتيـاز وبدرجــة الشــرف الاولــى عــام 1962، وبــذلك يكــون اول طالــب عراقــي ينــال هــذه الشــهادة مــن جامعة الاسكندرية في التاريخ الاسلامي، فضلا عن كونه اول طالب عربي ينال جائزة تقديرية من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر .
اول نشاط سياسي له وهو في المتوسطة الغربية، وفي هذه المدرسة بدأ هو وزملائه في تكوين جمعية ثقافية وطنية باسم ( الشبيبة العربية). وفي سنة 1939، واثر مقتل الملك غازي ( نيسان 1939)، قام هو بقيادة تظاهرة كبيرة، دعت الشعب إلى الثورة ضد الحكومة المتواطئة مع الأجنبي في قتل الملك غازي، وقد اعتقل وعدد من زملائه وقدم إلى المجلس العرفي الذي حكم عليهم بدفع غرامة مالية. أما ثاني أكبر نشاط سياسي له فهو اختياره ضابطاً للارتباط بين الضباط الأحرار قبل حركة 14 تموز 1958 بواسطة الليثي عبد الناصر زميله في الدراسة.
عرف عنه وجها اذاعيا وتلفزيونيا لما قدمه من برامج التراث والتأريخ العلمي، اشتهر بظهوره في عقد الستينيات ببرامج التلفاز حيث قدم برنامج ثقافي عن التاريخ في تلفاز العراق باسم " ثقافة الأسبوع"، وكان يقدمه مع الاساتذة الدكتور مصطفى جواد وسالم الآلوسي وفؤاد عباس والدكتور علي الوردي والدكتور صفاء خلوصي وجعفر الخليلي و غيرهم، وقدم أكثر من 650 حديثا للإذاعة في قضايا التراث والتاريخ.
كان أول عراقي يتولى رئاسة قسم الدراسات التاريخية في مركز البحوث والدراسات العربية، جامعة الدول العربية في العام 1987، وأول رئيس تحرير للمجلة التاريخية التي اسست العام 1969، وكان يؤمن بان على المؤرخ ان يمارس دورا فاعلًا في بناء نهضة أمته ، لذلك بذل خلال السنوات الأربعين الماضية جهودا حثيثة لجمع المؤرخين العراقيين (في الجمعية التاريخية العراقية ) والمؤرخين العرب ( في اتحاد المؤرخين العرب).
يتحدث عن فلسفته فيقول أنه ينتهل كل رأي مصيب لأي إنسان و((الاصطفاء لما أرى من أخلاقهِ الفاضلة، فإن اللؤلؤة النادرة والغالية لا تهان لهوان غائصها الذي أستخرجها من قاع البحر)).
كرّس الأستاذ الدكتور حسين أمين المؤرخ والكاتب والمختص الرصين بالتأريخ لا سيما الحضارة العربية الإسلامية وتراثها سبعة عقـود مـن عمـره العتيـد للتـاريخ والتـراث والحضـارة، فكـان حريصـاً علـى إبـراز جوانـب التـراث العربـي والاسـلامي الخالـد فـي مؤلفاتـه وأبحاثـه ومحاضراته ومناظراته العديـدة، التـي تميـزت بسلاسـتها ورصـانة لغتهـا وأسـلوبها، لـذا تسـحب القـارئ والمتلقي في سياحة تاريخية غزيرة بالمعلومات الموثقة بالمصادر والمرجعيات المختلفة بأسلوب أدبي رصين ماتع. ونقل "روح الأدب" إلى التاريخ؛ فأصبح التاريخ معه أكثر سلاسة وجذبًا وإبهارًا، كما نجح في أخذ التاريخ بعيدًا عن ساحات "الصراع والعصبية “إلى فضاء الشهود والتحضر والحضارة التي تـُعنى بالإنسان، والزمان، والمكان، والمهن.
قدم الدكتور حسين امين صاحب الشخصية المتوازنة والجديرة بالاهتمام، عطاءً علمياً الغزير سواء كان ذلك في ميدان البحث و التأليف و النشر و المشاركات العلمية و المؤتمرات و الندوات داخل العراق و خارجه، أو في مجال عمله الوظيفي و الأكاديمي و المهني، فقد عرف الدكتور امين بموضوعية كتاباته ودقتها ومنهجها العلمي ورحلته المعرفية، ولاشـك ان مـن يتـابع نتاجـه العلمـي وطروحاتـه النقاشـية يجـدها تتصـف بالأصالة والابـداع.
بذل الدكتور حسين أمين جهدا علمياً متواصـلاً فـي مركـز احيـاء التـراث فـي جامعـة بغـداد، وبــذلك وجــه رســالة علميــة إلــى كــل الاســاتذة والمتخصصــين، "بــأن مــن صــلب مســؤولياتهم العلميـة والادبيـة وهـو تقـديم العطـاء بـلا حـدود إلـى مؤسسـاتهم وان يرفـدوها بخبـرتهم وعلمهـم".
اهتم الــدكتور حســين أمــين بقضــايا التــراث وجوانبــه المختلفــة منطلقــاً مــن خصوصـيته وحيويتـه، لـذلك أسـتلزم استحضـار واستلهام جوانبـه الناصـعة، ومـن ثـم تقـديمها مـادة فعالة ومؤثرة في نضوج عقلية الجيل الصاعد، وبناء شخصيته الاجتماعية والمعرفية، فهو يؤكد ((بأن التراث ليس فقط هو ما متواجد في المتاحف أو المخازن، إنما هذا التراث يتجدد ويتطور بما نبذل نحن من جهود مخلصة من أجل الحفاظ عليه، والاعتبار به وتجديده بالشكل الذي يليق وتاريخ أمتنا الخالد))، وكان يؤكد باستمرار بأن العرب أجادوا كتابة التاريخ، وبخاصة في كتابة المعاجم، والتاريخ المرتب على حوادث السنين (الحوليات) وقبل أن يظهر ابن خلدون، ظهر مؤرخون عرب ثقاة، فنحن نعتبرهم الرواد الأوائل في التقصي والبحث العلمي المجرد ومن هؤلاء الطبري والبلاذري والمسعودي وابن الأثير، الذين كتبوا تاريخ الأمة منذ نشأتها وأضاف ((الصحيح أن بعضهم كان يعمل على سرد الحوادث ولكن الصفة الواضحة، وظهر ابن خلدون بعدهم، فجاء بطريقته العلمية وبنظرته الموضوعية، حيث ربط حدوث بعض الحوادث بمسببات قد تكون اقتصادية أو طبيعية)). وقد أثبت العرب أن ما كتبه مؤرخوهم يتميز بالأصالة فهم لم يكونوا عالة على غيرهم، وقد تحدث كثيراً حول هذا الموضوع في حوار أجراهُ معه الأستاذ جمعة عبد الصبور ونشره في مجلة الثقافة العربية (الليبية)، السنة (6) العدد (3)، مارس ـ آذار 1979 وقال أن الباحثين، عربا وأجانب، وضعوا أيديهم على كنز هائل من التراث الفكري العربي والإسلامي والذي هو حصيلة ضخمة وكبيرة ونافعة لمسيرة وديمومة حياتها من أجل الغد الأفضل، ومن واجب المؤرخين التأكيد بأن التراث ليس شيئا جامدا ولا بد من استلهامه واستحضار جوانبه الناصعة وتقديمها لأجيالنا الصاعدة وحينما سأله المحاور عن سبب اهتمامه بالفيلسوف والإمام الغزالي حتى أنه حقق كتاب ( المقدمة في التصوف) للإمام أبي عبد الرحمن السلمي البغدادي المتوفى سنة (12 هجرية / 1021م) قال بان الغزالي بدأ شاكا ورافضا ثم انتهى متصوفا وقد أعجبت به لهذا فان ((اتجاهي ثوري، ولكن أميل للتصوف))!.
لعب دورًا رائدًا في تطوير البحث التاريخي بما قدمه من كتب ودراسات معمقة، وكان له اطلاع واسع على الفلسفة والحضارة والفقه والتشريع والقوانين والدساتير والأدب نثرا وشعرا، تميز بالعبقرية اضاء بعلمه واعماله الفكرية والادبية مسيرة الباحثين وطلاب العلم، اثرى خزائن العراق الثقافية والعربية بمؤلفات ترفد اجيالا واجيالا تلهمهم تراثنا الثقافي والتاريخي، وترك بصمـاته على الثقافة العراقية وأرثـا ثقافيا كبيرا للأجيال العراقية القادمة، فقد اصدر 12 كتابا، منها المدرسة المستنصرية بغداد 1960، التأريخ الإسلامي 1960 بمشاركة البعض من الزملاء لتدريسه في المتوسطة، الامام الغزالي بغداد 1963، تاريخ العراق في العصر السلجوقي بغداد 1965، شط العرب ووضعه التاريخي بغداد 1981، القدس وعلاقتها ببعض المدن والعواصم الاسلامية بغداد 1988، زرقاء اليمامة بغداد 1988، وحقق مقدمة في التصوف السلمي بغداد 1984، الإسلام في بلاد الرافدين بالإنكليزية بناءُ على طلب من اليونسكو 1984، تاريخ التربية والتعليم في الإسلام، وكتاب في التاريخ الإسلامي، الخلافة والوزارة بحث لجامعة الدول العربية بناءً على طلبها سنة 2002، بغداد تأريخ وحضارة سنة 2006، بغداد منذ تأسيسها وحتى الوقت الحاضر سنة 2009، كما ترجم كتبا من لغات أجنبية إلى العربية .. وكتب اكثر من 180 بحثا علميا في مجلات عالمية، فقد سأل عن اهم الكتب، فأجاب هو: (تاريخ العراق في العصر السلجوقي) لانه دراسة علمية لفترة مهمة من تاريخ العراق حيث حكم السلاجقة في القرنين الرابع والخامس الهجريين، وهو محطة مهمة في حياتي لأنه جعلني اكتب في اللغتين التركية والفارسية لان المصادر كانت باللغتين هاتين، كما ترجم كتبا من لغات أجنبية إلى العربية.
كان مواظبا على حضور المجالس الأدبية والثقافية واحياناً يشارك من خلال القاء المحاضرات، ويمكن أدراج بعض منها وهي : مجلس المخزومي الثقافية ومجلس الشيخ محمد الكسنزاني ومجلس الغبان ومجلس الدكتور حسين علي محفوظ ومجلس الخاقاني..
توفي شيخ المؤرخين العراقيين العلامة حسين أمين أمس في إحدى مستشفيات العاصمة الأردنية عمان عن عمر ناهز ال"88" عاما يوم الأحد 24 /3 / 2013 في العاصمة الأردنية، وبرحيله فقد العراق وامته العربية علماً من أعلامه البارزين ورمزاً من رموزه الخالدين الذين وضعوا بصمات علمية لا تمحى في التأريخ والتراث.

ما قيل عنه:
قال عنه البروفسور جيوفاني اومان / أستاذ التأريخ في جامعة روما: مؤرخ ممتاز، وباحث جليل، يتصف بالعلمية وبالروح الموضوعية، انه شخصية محبوبة يمتاز بتواضع العلماء، وقال عنه الاستاذ “رؤوف عباس” رئيس قسم التاريخ – جامعة القاهرة: من ابرز مؤرخي القرنين العشرين والحادي والعشرين، وعلى جانب من الاخلاق العالية، و يمتلك قدرة كبيرة على النقد العلمي وتحليل الاحداث التاريخية بروح علمية، يقول الاسـتاذ الـدكتور الحبيـب الجنحـاني اسـتاذ التـاريخ فـي الجامعـة التونسـية عـن نشـاط الـدكتور حسـين ٣٨ أمين (لقد عملت معه في اتحـاد المـؤرخين العـرب لمـدة عشـر سـنوات وهـو عنـدي انجـح وأقـدر الشخصـيات التي تولت ادارة اتحاد المؤرخين العرب لما يمتلك من الكفاءة العلميـة وقـدرة كبيـرة علـى حسـن التنظـيم وادارة المؤتمرات والندوات العلمية)، ويؤيد هذا الراي البروفسور هلموت مايشر استاذ التاريخ بجامعة توبنكن بالقول:
"ساهمت معه في مؤتمرات علمية اعجبت بنقاشه العلمي وتعليقاتـه التـي تـدل علـى خبرتـه الواسـعة ومعرفتـه الكبيرة في مجال التاريخ"،، قال عنه الأديب حسين الجاف الذي كان أحد تلامذته "حسين أمين بغدادي بكرمه وقيمه وأريحيته عامة، ولد هو أبوه وجده في بغداد، فعشق بغداد وكرّس لها كتاباته ليخوضها عن طريق العلم والبحث"، كما أشاد به، الاســتاذة الــدكتورة زاهيــه قــدورة رئــيس قســم التــاريخ الجامعــة اللبنانيــة فــي بيــروت، والاستاذة الـدكتورة خيريـة قاسـمية جامعـة دمشق كلية الاداب، وقد وصفه المؤرخ مـونتجمري وات رئـيس قسـم الدراسات الشـرقية فـي جامعـة ادنبـره بريطانيا: بانه شخصية جذابـة وأشـاد بـه الباحـث والعـالم السـعودي حمـد الجاسـر والاسـتاذ الـدكتور عبـد االله صالح العثيمين.
كان فخورا بالعراق ومحبا له ويقول في احدى لقاءاته الصحفية" العراق في جسدي، واتباهى فيه، واني لست بشاعر ولكني الفت كم بيتأ اعتز بها:
أنا العراق تاريخه وتراثه .. أدعو له بالآفاق وله مشتاق
إن العراق عزة وكرامة .. رمز السلام وللخير سباق
نسيمه عذب ماؤه عطر .. أصيل شعبه مبدع خلاق
أتباهى بالعراق وأغني له .. أنا العراق ويحيا العراق
رحل و على شفتيه كلمة (انا العراق – اتباهى بالعراق – انا العراق – انا العراق)، رحل . رجل الاصالة والابداع العالم المتبحر والثقة الصدوق الذي تربع مكانه متميزة بين العلماء الأفذاذ مؤسس الجمعية التاريخية العراقية 1969 واول امين عام لاتحاد المؤرخين العرب عام 1974، شيخ المؤرخين الأستاذ الدكتور حسين امين الذي عرفه العراقيون من خلال برنامجه التراثي الشيق الذي احبه الناس واحبوا تاريخ بلدهم وامتهم الاسلامية والعربية، تاركاً مآثر خالدة من الكتب والبحوث والدراسات التأريخية، ومن الله التوفيق..
سرور ميرزا محمود

 

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

627 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع