سعاد عزيز
ومع ذلك يبشرون بتحسين الاوضاع الاقتصادية
بين الفترة والاخرى، يتم الادلاء بتصريحات تطمينية من جانب القادة والمسٶولون في النظام الايراني تشير الى إن الاوضاع الاقتصادية تسير أو ستسير نحو التحسن وستتغير الاوضاع تبعا لذلك وستفشل خطط ومٶمرات الأعداء. هذه التصريحات ومع قيام وسائل الاعلام بإضفاء الکثير من الرتوشات عليها بحيث تجعل الاوضاع وکأنها قاب قوسين أو أدنى من التغيير بإتجاه الافضل بکثير، ليست لها من أي صدى وإنعکاس إيجابي في قلوب ونفوس الشعب الذي سمع الکثير من هذه التصريحات التي لم تکن في نهاية الامر سوى مجرد هواء في شبك.
الاوضاع العامة في إيران والتي تخضع بصورة وأخرى للأوضاع الاقتصادية التي ترسم مساراتها وخطوطها العامة، لازالت سيئة وليس هناك مايبعث على الثقة بتحسنها ولو بشکل طفيف، خصوصا وإننا عندما نتمعن فيما قد أفاد به صندوق النقد الدولي بذلك الانخفاض المذهل في احتياطي إيران من النقد الأجنبي – من 125 مليار دولار في عام 2018 إلى 4 مليارات دولار في عام 2020. وانخفضت مبيعات النفط، وهي المصدر الحيوي للدخل، بمتوسط مليوني برميل يوميا. وعدم القدرة على تصدير الغاز الطبيعي المسال يترجم إلى خسارة مذهلة في الإيرادات بقيمة 400 مليار دولار، فإن تصريحات التطمين والتبشير بالخير تنفجر کفقاعات أمام هذه الحقائق الدامغة.
وبطبيعة الحال فإن التطمينات الاخيرة للمرشد العام للنظام فيما يتعلق بالاوضاع الاقتصادية والتي أدلى بها بمناسبة عيد النوروز قبل بضعة أيام، لو وضعناها قبالة توقعات بخصوص خطط التنمية الخاصة والتي کانت تشير الى أن صناعة البتروكيماويات ستدر أكثر من 40 مليار دولار بحلول عام 2022. إلا أن الواقع يرسم صورة قاتمة. وحتى مع الأخذ في الاعتبار الأرقام المضخمة وتكلفة التهرب من العقوبات، فإن أرباح الصناعة لعام 2023 تقدر بـ23 مليار دولار فقط. وتعاني صناعة الحديد والصلب من خسائر مماثلة، حيث تقدر الخسائر بما يقرب من 400 مليون دولار من عائدات التصدير في عام 2022 وحده، فإن تطمينات خامنئي تبدو وکأنها مجرد تخمينات نظرية بحتة لاتستند على أية أسس من الواقع.
کما إن الضرر الاقتصادي يمتد الى ماهو أبعد من قطاعات محدودة، حيث أدت العقوبات بالاضافة الى سوء الإدارة، الى زيادة التضخم، مما تضاعفت معه معدلاته مقارنةً بالعقد الأول من القرن الحادي والعشرين. هذا يترجم إلى خسائر مذهلة مرتبطة بالتضخم بلغت 2 تريليون دولار على مدى الأعوام السبعة عشر الماضية. وعندما يقترن هذا الضرر بالعائدات المفقودة من النفط والغاز وغيرها من القطاعات، فإن الأضرار الإجمالية تصل إلى 4 تريليونات دولار أمريكي، حتى في أكثر التقديرات تفاؤلا.
وبنفس السياق، فقد فشلت المليارات التي تدفقت على محطة بوشهر للطاقة النووية، والتي تم بناؤها بمساعدة روسية، في تحقيق أهدافها. ولا يزال نقص الغاز والكهرباء يشكل تهديدا مستمرا، مما يؤدي إلى شلل الصناعات وتأثيره على الأسر على حد سواء.
داود منظور، رئيس هيئة التخطيط والميزانية التابعة للنظام، يرسم صورة قاتمة، حيث يبلغ إجمالي ميزانية التنمية في إيران 5 مليارات دولار فقط. ووفقا لتقديرات الدكتور حسين صلاح ورزي، الرئيس السابق لغرفة التجارة الإيرانية، فإن التكلفة المباشرة للعقوبات على مدى الاثني عشر عاما الماضية بلغت نحو 1.21 تريليون دولار أمريكي، وهو متوسط سنوي يبلغ 101 مليار دولار أمريكي، تم سلبها من حياة الإيرانيين العاديين. وهذا مايمکن عکسه کحقيقة مروعة: الأضرار التي تسببها العقوبات تزيد عن عشرين ضعف ميزانية التنمية السنوية للبلاد وتتجاوز ميزانية التنمية الكلية لإيران على مدار 240 عاما الماضية! لقد أدى الهوس النووي للنظام إلى إهدار ما يعادل موارد التنمية الإيرانية منذ العهد الصفوي.
793 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع