د.عبد يونس لافي
من رسائلِ البلاطِ الملكيِّ الماريِّ
الرسالة الثامنة
حول حُلْمٍ في منام
هذه الرسالةُ هي
خاتمةُ ما وُثِّقَ من رسائلِ البلاطِ الملكي؛
فيها يُخبِرُ كبري – دگان (Kibrī - Dagan)،
حاكمُ طَرْقا (Terqa) ، سيِّدَه الملك،
عما أخبرهُ رجلٌ من رعاياهُ،
حول حُلْمٍ في منامهِ قد تكرَّر.
بدأ الحاكمُ رسالتَه كالعادةِ
بِطمأنةِ الملكِ عن أنَّ الإلهيْنِ
دَگان (Dagan*)
وإكروب – إيل ) (Ikrub - EL** بخير،
وكذا المدينةَ وعمومَ المنطقة.
يبدو أنَّ عبارةً في مقدمة الرسالة،
كانت قد سقطت لكسرٍ في اللوح،
الذي دُوِّنَت عليه الرسالة؛
وأتوقَّعُ أنَّ ما هو مفقودٌ،
ربَّما كان مقدمةً لموضوع الرسالة،
أو التعريفَ بذلك الرجلِ
صاحبِ الحُلم الذي
يدور حول موضوعٍ واحدٍ،
هو معارضة الآلهةِ الشديدة،
لإعادة بناءِ معبدٍ في ارضٍ خَرِبَة.
وأنه اذا ما اعيد بناؤُهُ
في تلك الخرائب، فسيُهْدَمُ
ليؤولَ الى الإنهيارِ في نهر الفرات.
يبدو ان المعبدَ وما يحيطُ به
من أبنيةٍ على ضفافِ الفرات،
كانت قد آلَت الى خرابٍ لسببٍ ما،
لم يتَّضِحْ من فحوى الرسالة.
لم يُخْبِرِ الرجلٌ احدًا بهذا الحُلمِ
في اليوم الاول،
ولكنَّ الحلمَ تكرَّرَ في اليوم الثاني،
حيث رأى الآلههَ تخاطب اهلَ طرقةَ
وتتوعَّدُهم بألّا يُعيدوا البناءَ - فإنْ فعلوا-
فستجعله أثرًا بعد عينٍ،
في قاع الفرات.
وللتدليلِ على ضمانِ الروايةِ،
اخذ الحاكمُ قطعةً من ثوبِ الرجلِ،
وخصلةً من شَعرهِ،
وارسلها الى الملك مع الرسالة.
في نهاية الرسالة،
ذكر ان ذلك الرجل،
ظلَّ مريضًا طريحَ الفراش،
منذ اليوم الاولِ لذلك الحُلم!
والآن نأْتي الى نصِّ الرِّسالة:
أخبرْ سيدي،
كبري – دگان (Kibrī - Dagan)،
حاكمُ طَرْقا (Terqa) ،
يرسل الرسالة الآتية:
الآلهة دَگان (Dagan)،
وإكروب – إيل ) (Ikrub - EL بخير،
مدينة طَرْقا (Terqa) والمنطقة بخير.
[...] هذا ما رآه في حلمه:
(قالت الآلهة)
" لا تعيدوا بناءَ هذا المعبدِ في خرائب؛
إذا أعيد بناء هذا المعبد،
سأجعله ينهارُ في نهر (الفرات)."
في اليوم الذي رأى فيه هذا الحلم،
لم يخبر أحدًا به.
في اليوم الذي تلاه،
رأى نفس الحلم؛
هذا ما قالته الآلهة:
" لا تعيدوا، أنتم يا أهل ترقا،
بناءَ هذا المعبدِ فإن فعلتم،
فسأجعلُه يهوي الى النهر. "
ها أنذا أرسل إلى سيدي،
قطعةً من طرف ثوبهِ،
وخصلةً من شَعرهِ،
(كضمانٍ على صدقِه)!
منذ اليوم الأول
وهذا الرجل، ذو الحلمِ المتكرِّرِ، مريض.
وانتهت الرسالة
[...] كسر في اللوح
* دگان (Dagan) هو إله خصوبة المحاصيل، وكان ممن يعبد في تلك الحقبة، ويأتي بالمرتبة الثانية أهميَّةً بعد الإله المتقدم إكروب – إيل.
** إكروب – إيل (Ikrub - El)، إله النعم والبركات، الذي كان يعبد في طرقا، ايام الدولة البابلية القديمة، في حضارة وادي الرافدين.
1105 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع