أ.د. سلمان الجبوري
أداة المستعمر (فرق تسد) بيد عملائه المحليين
تأبى العصيُّ إذا اجتمعنَ تكسراً وإذا افترقنَ تكسَّرتْ آحادا
ترقى الشعوب والأمم بوحدة مكوناتها وتضعف وتصبح لقمة سائغة للمتربصين بها إذا ما تشظت ووضعت جدارا عازلا يفصل بين تلك المكونات على أساس ديني او مذهبي او عشائري او مناطقي او غير ذلك من الأسس التي تفرق بين أبناء الشعب الواحد بأسلوب يتناغم مع شعار (فرق تسد) الذي اعتمده المستعمر مذ وطئت قدماه ارض الرافدين منذ منتصف العقد الثاني من القرن الماضي. ان الوطن هو الجامع الوحيد ضمن المساحة الجغرافية التي تتواجد فيها تلك المكونات وما عداه فهو مفرق. وبقدر تعلق الامر بالعراق فأننا لم نشهد أي تمييز بين أبناء الوطن الواحد لاعلى المستوى الرسمي ولا المستوى الشعبي، اذ عاش العراقيون بمختلف مكوناتهم موزائيكا جميلا يسر الناظرين اخوة متحابين لايهمهم من أي قومية او دين او طائفة من هو يزاملهم او يجاورهم حتى عام الغزو الأسود في 2003 يوم وجد العدو فيمن اتى بهم ملتصقين ببساطيل جنوده أداة جاهزة للاستخدام في عملية التدمير الوطني والمجتمعي من خلال ما نادوا به من شعارات ك (نريد حاكم جعفري) وادعاء المظلومية وغيرها او ما بثوه من ممارسات التفرقة واشاعة التقاتل الأهلي من خلال الاعتداء على المكونات الأخرى والذي أدى الى شحن تلك المكونات بالكراهية مما أدى الى سلوك أسلوب العدوانية كفعل مقابل مضاد حتى دخل النظام الإيراني على الخط بمباركة من الولايات المتحدة الأميركية لتؤجج الطائفية بين مكونات الشعب لكي يسهل عليها فعل ما لم تفلح به في بدء عدواناتها المتكررة منذ مجئ الخميني للسلطة وانتقاما لخسارتها الحرب في القادسية الثانية قادسية صدام المجيدة التي جُرّع فيها الخميني كأس السم ومحاولتها دعم فعل عملائها في صفحة الغدر والخيانة بعد انتهاء معارك العدوان الثلاثيني وانسحاب الجيش العراقي من الكويت.لقد نفذ العملاء ذيول ايران الى داخل الوطن عن طريق تزويق اجرامهم بأستقدام المحتل وفتح الأبواب مشرعة امام الفرس تحت يافطة المظلومية واكاذيب أخرى كأدعاء تفوّق الشيعة عدديا.
ان ادعاءات تفوّق المكون الشيعي عدديا على المكون السني في العراق عموما طيلة عمرالدولة العراقية لغاية عام 2003 يمكن دحضها من عدة جوانب:
الجانب الأول، هو عدم صدق ما ادعي به من تفوّق سكاني للمكون الشيعي وذلك بشهادة وثائق واحصاءات رسمية معضدة امميا، وكدليل على عدم صدق تلك الادعاءات نحيلكم الى اخر إحصائية نشرت في زمن وزير التخطيط ما بعد الاحتلال مهدي الحافظ أجرتها المنظة الإنسانية الدولية.
عام 2003Humanitarian Coordinator For Iraq
وهي منظمة دولية تم تكليفها من قبل منظمة الاحصاء الدولية في الامم المتحدة والتي تبين اعداد ونسب مكونات الشعب العراقي على مستوى المحافظات والعراق ككل والتي يظهر من خلالها انه في عام 2003 كان عدد السنة 15,922,337 نسمه أي بنسبة 58% وعدد الشيعة قد بلغ 10,946,347 نسمة أي بنسبة 40% من اصل سكان العراق الذي كان حينها 27,457,700 نسمه وكما توضحه الوثيقة المرفقة في ادناه:
والجانب الثاني، هو عدم صدق المظلومية وتسيّد المكون السني في إدارة الدولة، وأكبر دليل على عدم صدق هذا الادعاء هو عدم وجود أي اثر للطائفية او للمحاصصة سواء في فكر البعث او قيادة النظام الوطني او الأنظمة التي سبقته منذ تأسيس الدولة العراقية وكان ارتقاء السلم الحزبي او الوطيفي طيلة فترة حكم الحزب يعتمد أسس الوطنية والكفاءة وعليه فأن أي احد لم يكن يفكر في معرفة طائفة او دين او قومية أي ممن يشاركونه الوطن وكذلك الامر على مستوى المجتمع. ولو رجعنا بالذاكرة الى الوراء والقينا نظرة على الهوية القومية او الدينية او المذهبية لوجدنا ان أي منهما لم تكن معيارا لتبوء أي من المواقع العامة ولوجدنا في بعض الأزمنة وخاصة خلال الخمسة وثلاثين سنة من فترة حكم النظام الوطني ان عدد الأشخاص من المكون الذي يدّعون مظلوميتة ربما يفوق عدد الاخرين من أي مكون اخر وذلك وكما اسلفت على أساس معايير الوطنية والنزاهة والكفاءة فقط.
اما على مستوى ممارسة الطقوس الدينية وبقدر تعلق الامر بالمذهب الجعفري فأن نظام البعث سواء على المستوى الفكري او العملي لم يمارس أي تقييد على تلك الممارسات، بل أراد ان لاتخرج عن اطارها الحضاري والديني بهدف عدم تشويه سمعة المواطن العراقي ، كما ان تلك الطقوس وخاصة في عاشوراء كان جميع مسلمي العراق يشتركون فيها قبل ان يتم اخراجها ولأسباب تخريبية
وإشاعة الفرقة بين أبناء البلد الواحد بهدف تخريب النسيج الاجتماعي الوطني
ان ما مورس من قبل الأحزاب الإسلامية الشيعية باسم المكون الشيعي العراقي أساء كثيرا الى هذا المذهب واتباعه العراقيين الاصلاء بدفع من الجانب الفارسي الذي أضمر الحقد للإسلام والعرب منذ الفتوحات الإسلامية في صدر الإسلام والذي استطاعوا ان يحققوه من خلال النفوذ عبر بسطاء شيعة العراق وذلك بتسميم أفكارهم وزرع الضغينة في صفوفهم اتجاه المكون السني والذي تعاظم أثره بعد ان سمحت اميركا لإيران ان يكون لها موطئ قدم في العراق منذ 2003
ان حجم الضرر الذي لحق بالمكون الشيعي منذ استلام من كانوا يستخدمون سلاح المظلومية الشيعية للسلطة في البلاد قد تعاظم بشكل كبير ويشهد على ذلك ما يشاهده ويلمسه المرء من أوضاع مزرية ومعاناة يعيشها المواطن العراقي في المناطق التي فيها اغلبية شيعية .
يضاف الى كل ماسبق هو ما جرى بعد هذه الإحصائية وبسبب دقة الأرقام الواردة فيها وخاصة في بغداد والبصرة وديالى وكذلك الموصل فقد جرت تغييرات ديمغرافية كبيرة واسكان وتنقلات من قبل القوى الشيعية لغرض تغيير الواقع ومن تلك التغييرات تهجير اعداد كبيرة من الطائفة السنية وخاصة من ديالى والبصرة بالإضافة الى اسكان الالاف من الاخوة من الطائفة الشيعية في بغداد رافقها تغييرات في المكونات الاخرى التي هاجرت من العراق منهم المكون المسيحي الذين كان عددهم بحدود مليون و٦٢٠ الف مواطن متمركزين بشكل كبير في بغداد ثم الموصل ثم البصرة حتى وصل العدد الحالي بحدود ٣٥٠ ألف فقط. وكذلك هجرة الصابئة المندائيين من العمارة والبصرة وأصبح العدد في العراق لا يزيد عن ٥٠ ألف مواطن بينما كانوا بحدود ٤٢٠ الف ورافق ايضا هجرة الاخوة الايزيدية من مناطقهم القريبة من الموصل وكان عددهم يتراوح بين ٥٠٠ الف الى ٦٠٠ الف واليوم عددهم لا يزيد عن ١٤٠الف ولاتزال عملية التغيير الديمغرافي مستمرة ، ويجري التركيز الان على التغيير الديمغرافي في قرى سهل نينوى حيث يتم اسكان الشبك وهم من الاخوة الشيعة لكي تصبح الموصل وقرى سهل نينوى يتغلب فيها المذهب الشيعي على حساب الاخوة السنة والمكونات الأخرى! وهكذا يتم طمس الهوية الطائفية للأخوة السنة كما يحدث الان في سامراء.
المرفقات :
إحصائية المنظمة الإنسانية الدولية عام 2003 .
المصدر: وزارة التخطيط العرااقية
1429 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع