أحمد العبداللّه
صواريخ صدّام..و(صواويخ هيفا)!!
عندما ابتدأ العدوان الثلاثيني على بلادنا في 17-1-1991, بعث الرئيس صدّام حسين أمرًا تحريريًا بيد أحد مرافقيه, موجّهًا للعميد الركن حازم عبد الرزاق الأيوبي قائد لواء الصواريخ, بقصف(الكيان الصهيوني بأثقل ما يمكن من النيران), ومشدّدًا عليه بضرورة؛(التنبّه تجاه احتمالات الكشف, وأن تنفذ الضربات بالعتاد التقليدي للصواريخ. ويستمر الرمي حتى إشعار آخر). ونُفّذت الضربة الصاروخية الأولى بستة صواريخ في الساعة 330, أي؛بعد(25)ساعة فقط من بدء العدوان.
وبذلك أوفى(صدّام حسين)بما تعهّد به من قبل, بأن سقوط أول صاروخ أمريكي على بغداد, فإن الصاروخ الثاني سيكون عراقيًّا على تل أبيب. وعلى مدى الأيام الأربعين التالية, تم ضرب الكيان الإسرائيلي بـ(39)صاروخا, رغم الظروف الصعبة وسيطرة طيران التحالف الدولي على أجواء العراق؛(سيادة جوية كاملة),وأصابت أهدافها وفشلت صواريخ(الباتريوت)الأمريكية في اعتراضها. وكان العراق يستذكر في كل عام يوم الثامن عشر من شهر كانون الثاني, وأطلقت عليه تسمية؛(يوم العِلم), وذلك لغاية الاحتلال في 2003. وقد تحدّى صدّام حسين العرب قائلا؛(من يطلق الصاروخ الأربعين؟).
https://www.youtube.com/watch?v=U7YbJsDYNi4&t=8s
وفي عام 2021، وبمناسبة مرور ثلاثين عاما على الهجمات الصاروخية العراقية على إسرائيل، أفرج الجيش الإسرائيلي عن(جزء)من أرشيفه, كشف عن أن الهجمات الصاروخية العراقية أسفرت عن سقوط 14 قتيلا وأكثر من 200 جريح أصيبوا بشكل مباشر، فضلا عن علاج أكثر من 500 آخرين من الذعر. وأظهرت مقاطع مصورة أرشيفية نشرتها وسائل إعلام إسرائيلية تعرّض مبانٍ لأضرار واشتعال النيران بمصانع، كما يظهر فيها إسرائيليون مرعوبون في غرف إغلاق محكمة بمنازلهم وهم يرتدون أقنعة واقية من الغاز، وتُسمع صافرات الإنذار في أنحاء البلاد.
ولكن إحصاءات أخرى يُعتدّ بها, أشارت إلى إن الصواريخ العراقية أدت لمقتل وجرح أكثر من(300)مستوطن, فضلا عن العشرات قد قضوا رعبا من أثر النوبات القلبية, أو اختناقا. وأضرار أخرى جسيمة في الممتلكات المادية, كالأبنية السكنية والسيارات والمحال التجارية.
ومن الحكايات الطريفة التي نقلت من داخل إسرائيل, إنه أثناء الهجمات الصاروخية العراقية كان هناك طبيب جراح ومساعدوه في أحد مشافي تل أبيب, قد أنتهوا للتوّ من إجراء عملية استئصال الزائدة لأحد الأشخاص. وفي تلك الأثناء دوّت صفارات الإنذار بأن صواريخ عراقية في الطريق, فارتدى الطبيب ومساعدوه أقنعة الغاز, امتثالا للتعليمات. وبعد قليل استيقظ المريض, ولما تطلّع حوله وجد نفسه محاطا بمخلوقات غريبة لها عيون كبيرة وأنوف طويلة, فظن نفسه في جهنم مع الشياطين, أو في كوكب آخر, فأغمي عليه من الرعب!!.
*****
والآن لنقارن الصواريخ العراقية, بصواريخ إيران الخشبية الفارغة وطائراتها المسيّرة(السلحفاتية)!!التي أطلقتها على إسرائيل برشقتين في يومي 13 نيسان و1 تشرين الأول 2024, بعد عقود من التهديدات الصوتية بـ(مسح إسرائيل من الخريطة)وتدميرها في(7 دقائق)!!, فلما تمخّضت ولدت فأرًا مشوّهًا, وغدت أضحوكة للعالمين. فأكثر من(90%)من الصواريخ والمسيرات لم تصل لأهدافها, وسقط بعضها أو أُسقط في الأراضي العراقية والأردنية. وكان بعضها الآخر مصنوعا من الخشب, وأخرى على شكل أنابيب معدنية فارغة تشبه(الكيزرات), ولا تحتوي على حشوات متفجرة!!.
وفي الرشقتين, أطلق الإيرانيون حوالي 500 مقذوف بين طائرة مسيّرة وصاروخ, أي أكثر مما أطلقه العراق بأكثر من(12)ضعف!!, ولكن الحصاد كان صفرًا تقريبا. ففي الضربة الأولى كانت(الخسائر)إصابة طفلة صغيرة بجروح من قرية بدوية بمنطقة النقب. وفي الضربة الثانية, لم يُصب أي إسرائيلي, بل كان الضحية مواطن فلسطيني من مدينة أريحا, إذ سقط عليه أحد الصواريخ مباشرة, وقُتل في الحال!!.
https://www.youtube.com/shorts/_CuSFWI5JMo
وحتى هذا الرد المسرحي, ما كان ليحصل لو لم تستهدف إسرائيل كبار قادة(الحرس الثوري)في سوريا, والتي بلغت ذروتها في قصف الطيران الإسرائيلي لمبنى القنصلية الإيرانية المجاور لسفارتها في دمشق في الأول من نيسان 2024, وقتل في الغارة 16 شخصًا، من بينهم الجنرال محمد رضا زاهدي، والذي هو أكبر قائد في(فيلق القدس)تقضي عليه إسرائيل, مع سبعة قادة آخرين. ثم أعقب ذلك اغتيال زعيم حركة حماس إسماعيل هنية عندما كان يحلُّ ضيفا في طهران, وتعرض ذراع إيران القوي(حزب اللات)لتصفيات بالجملة لجميع قياداته بقصف جوي إسرائيلي تُوّج بقتل زعيم الحزب نفسه(حسن نصر اللات)في غارة جوية عنيفة فور وصوله لعقد اجتماع في سردابه في الضاحية الجنوبية, وهلك معه المستشار في الحرس الثوري( العميد عباس نيلفروشان)نائب قائد العمليات, والمسؤول عن ملف سوريا ولبنان.
وفي الوقت الذي تحرص فيه الدول على إخفاء نواياها الهجومية تجاه أعدائها, وتحيط خططها بالسرية والكتمان الشديدين, وتلجأ للمخادعة والتضليل لتحقيق مبدأ المباغتة, فإن الإيرانيين فعلوا عكس ذلك تماما!!. فعندما بلغ السيل الزبى وتكاثرت عليهم الركلات والبصقات من(الشيطان الأصغر)!!, ولم يبقَ في قوس(صبرهم الاستراتيجي)من منزع,(أفتى)خامنئي بالردّ, فأطلقوا مسيّراتهم البطيئة وصواريخهم الفارغة, وأذاعوا ذلك على الهواء!!. واستغرق وصولها أكثر من سبع ساعات. وكانوا قد أبلغوا الإسرائيليين قبل أيام عن طريق أطراف ثالثة بطبيعة الرد وتوقيته.فكانت مسرحية هابطة وبائسة وسخيفة.
أما صواريخ حزبالة(الدقيقة)!!, التي كان يهدّد بها(حسن زمّيرة)منذ 18 سنة, وزعم إنها تستطيع الوصول؛(إلى حيفا وما بعد حيفا, وما بعد ما بعد حيفا)!!, وإن عددها يزيد على الـ(150)ألف(صاووخ). فقد بان هزالها عندما ورّطوا حركة حماس بمغامرة(طوفان الأقصى), وتركوها وحيدة بمواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية التدميرية, وسقط شعارهم المخادع؛(وحدة الساحات). واكتفى(نصراللات)بعمليات مشاغلة شكلية بقذائف(الكاتيوشا)المتخلفة, والتي تسقط غالبا في مناطق فارغة أو في عرض البحر, فكانت أشبه بـ(مهارشة الكلاب), وفي ظنه إن المسألة لن تطول سوى لأيام أو أسابيع قليلة, ثم تخرج إيران ومحورها لتحتفي بـ(النصر على النظام الإسرائيلي)!!.وعلى مدى سنة كاملة, كانت خسائر إسرائيل على جبهة لبنان قليلة وغير مؤثرة. وغدت صواريخ(حزبالة)مادة للتندّر, وأطلق عليها اللبنانيون,(صواويخ هيفا, وما بعد هيفا)!!.
https://www.youtube.com/watch?v=dPQyq29luzk
896 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع