عائشة سلطان
عاصفة في فنجان
نقول بهدوء للتقليل من أمر حدث كعاصفة ثم انتهى سريعاً: لقد كان مجرد عاصفة في فنجان! لتلك المسائل والحوادث البالغة البساطة والعادية التي يأخذها البعض على محل الجد والزعيق والغضب أكثر مما ينبغي، وذلك تعبيراً عن استهانتنا بهكذا أمور، نرى البعض يتحمسون لها لغير ما سبب ثم سرعان ما يذوب ذلك الحماس وتنتهي العاصفة سريعاً ودون أية أمطار أو خسائر!
في العربية نقول (عاصفة في فنجان) أما الإنجليز فيقولون (عاصفة في إبريق الشاي) بمعنى الكثير من الغضب والقلق غير الضروريين بشأن أمر غير مهم. أما عالمة الفيزياء د. هيلين تشيرسكي فقد وضعت كتاباً بعنوان (عاصفة في كوب شاي) أوردت فيه عشرات التجارب الحياتية التي مسحت فيها البحار والمحيطات وما يحدث من ظواهر غريبة أو غير مفهومة أمامنا وفي حياتنا كل يوم لتقدمه لنا في هذا الكتاب، الذي يحاول أن يربط بين الفيزياء وتفاصيل الحياة اليومية.
تقول المؤلفة الكثير في كتابها مما قد يهم البعض، ويغريه بتصفح الكتاب بشغف، وقد لا يثير ما جاء فيه اهتمام كثيرين آخرين، وتلك في الحقيقة مسألة تتعلق بالاختيار ونوعية الذائقة التي تصنع الشغف المعرفي عند البشر وهي بالتأكيد تختلف من شخص لآخر، لكنني توقفت كثيراً عند هذه العبارة في الكتاب والتي تفتح الباب واسعاً لمناقشة فكرة اتساع نطاقات وأوعية المعرفة التي أصبحت متاحة للإنسان بسبب الثورة المعرفية والتقنية، إضافة لصورة الاتصال ومواقع التواصل.
تقول د. تشيرسكي «كان ثمة اعتزاز كبير في الماضي بالمعلومات أكثر من الآن، فكان الناس يحصلون على كل شذرة علم بصعوبة، مما يجعلها ثمينة. أما في أيامنا الحالية فنعيش على ساحل محيط من المعرفة يغرقنا بتسونامي معرفي منتظم يهدد سلامتنا العقلية. فإن كان لك أن تتدبر أمور حياتك كما أنت، فلماذا تسعى لمعرفةٍ أكثر، وبالتالي إلى تعقيداتٍ أكثر؟»
فإلى أي درجة يصح طرح هذا السؤال أساساً؟
805 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع