ميثاق الأمم المتحدة

الدكتور عبدالعزيز المفتي

ميثاق الأمم المتحدة

محكمة نورنبيرغ
تُعد محاكمات نورنبيرغ من أشهر المحاكمات التي شهدها التاريخ المعاصر، وتناولت المحاكمات في فترتها الأولى، مجرمي حرب القيادة النازية بعد سقوط الرايخ الثالث، وفي الفترة الثانية، تمّت محاكمة الأطباء الذين أجروا التجارب الطبية على البشر. وعُقدت أول جلسة في 20 نوفمبر 1945 واستمرّت الجلسات حتّى 1 أكتوبر 1946. عقد الحلفاء جلسات المحاكمات العسكرية في قصر العدل لدى نورمبرغ، ولعل من أهم أسباب عقد الجلسات في القصر المذكور الدّمار الشامل الذي آلت إليه دُور المحاكم الألمانية جرّاء قصف الحلفاء الكثيف إبّان الحرب العالمية الثانية. تناولت المحاكمات بشكل عام مجرمي الحرب الذين ارتكبوا فظائع بحق الإنسانية في أوروبا، ومن بين الفظائع المرتكبة إنشاء معسكرات الاعتقال للمدنيين الأوروبيين والزج بالمدنيين في تلك المعتقلات التي اتسمت بأسوأ الظروف المعيشية. فلم يعبأ النازيون بسلامة المعتقلين ولا بتوفير أدنى سبل الراحة في تلك المعتقلات.

المحاكم العسكرية الدولية
1) المحكمة العسكرية الدولية في نيرونبيرغ Nuremberg
بوادر تأسيس المحكمة العسكرية الدولية في نيرونبيرغ بدأت أثناء الحرب العالمية الثانية حيث كان مسؤولي وحكومات الدول المتحالفة ضد ألمانيا يجتمعون ويتبادلون الآراء حول ضرورة محاسبة ومعاقبة مرتكبي الجرائم العديدة التي ارتكبت إبان الحرب العالمية الثانية.
في المؤتمرات التي عقدت في موسكو وطهران عام 1943 وفي مالطا وبوتسدام عام 1945، اتفقت كل من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي وإنكلترا على لزوم محاسبة ومحاكمة مسؤولي جرائم الحرب. وعلى اثر ذلك تم تأسيس المحكمة العسكرية الدولية بموجب اتفاق لندن في 8 آب عام 1945 وبمشاركة فرنسا كطرف رابع.
المحكمة تتكون من أربعة أعضاء وكل بلد من البلدان الأربعة المذكورة أعلاه ترسل شخصين: أحدهما أصيل والآخر بديل واحتياط والهدف من المحكمة هو ضمان محاكمه عادلة وسريعة لمجرمي الحرب. رئاسة المحكمة تنسب على التوالي لكل عضو ممثل عن دولته أما بموجب اتفاق داخلي لأعضاء المحكمة أو بموجب التصويت. وقرارات المحكمة تصدر بأغلبية الأصوات وفي حالة تقاسم الأصوات، صوت رئيس المحكمة هو الحاسم في نتيجة التصويت.
* مهمة المحكمة تحددت بالنظر في الجرائم التالية:
محاكمة الجرائم ضد السلام، جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية.

* جرائم ضد السلام عُرفت من خلال ثلاث حالات:
- التهيئة والقيام وإدارة ومواصلة حرب اعتداء على طرف آخر.
- القيام بحرب مخالفة لمعاهدات واتفاقيات دولية.
- المشاركة في خطة أو تنفيذ احد الحالات المذكورة أعلاه.
*جرائم الحرب عُرفت بمخالفة وانتهاك قوانين وعادات الحرب.
وهذه المخالفات والانتهاكات تتمثل في القتل والمعاملة السيئة وتهجير المواطنين المدنيين لغرض العمل الشاق أو أي غرض آخر. والقتل يشمل وبطبيعة الحال قتل أسرى الحرب أو أشخاص في الحجز أو الرهائن. ومن جرائم الحرب أيضا نهب وسلب الأموال العامة والخاصة وتدمير وتخريب بدون مبرر المدن والقرى.
* أما الجرائم ضد الإنسانية فتشمل:
- قتل وتصفية واستعباد وتهجير المواطنين المدنيين قبل وخلال الحرب.
- إلقاء القبض على المواطنين وبدوافع سياسية أو عنصرية أو دينية، بغض النظر كون هذه الاعتداءات مخالفة أو غير مخالفة للقانون الداخلي للدولة التي ارتُكبت بها هذه الاعتداءات طالما أنها اعتداءات ارتُكبت على أعقاب جريمة ضد الإنسانية وتدخل ضمن صلاحيات المحكمة.
عرفت المحكمة وبصورة غير مباشرة المسئولية الجزائية للقادة والمسؤولين الذين يُنظمون أو يشاركون أو يتعاونون في إعداد وتنفيذ خطة ارتكاب جريمة من الجرائم التي عُرفت أعلاه واعتبرتهم مسؤولين عن كافة التصرفات التي ارتكبها الأشخاص الذين قاموا بتنفيذ الخطة.
المادة السابعة من قانون المحكمة تنص بصراحة على أن الموقع الرسمي للشخص المتهم بارتكاب إحدى الجرائم المذكورة أعلاه كونه رئيس دولة أو حكومة أو منصب آخر لا يكون مبرراً لعدم مثوله أمام المحكمة أو تخفيف العقوبات ضده.
والمادة الثامنة من القانون تنص أيضا على مسؤولية التابع أو المنفذ لأوامر رئيسه. حيث هذه العلاقة لا تخفف عنه العقوبة ولا تعفيه من مسؤوليته المباشرة.
بدأت المحكمة أعمالها ومرافعاتها في 18 أكتوبر 1945 برئاسة قاضي من الاتحاد السوفيتي وهو Lola T. Nikitchenko وبمحاكمة 24 متهم في جرائم النازية و6 منظمات.
الجلسة الأولى للمرافعات بدأت في 20 نوفمبر 1945 واستمرت حتى الأول من أكتوبر 1946 تحت رئاسة القاضي البريطاني Geoffrey Lawrence. وفي 218 يوم من المرافعات، استمعت المحكمة إلى 360 شاهد وراجعت 200.000 شهادة مكتوبة سواء بصورة مباشرة أو من خلال محاكم فرعية مُحلٌفة ومعتمدة من قبلها.
المتهمون تلاحقهم التهم التالية: حرب ضد السلام العالمي، حرب اعتداء، مخالفات لقوانين وعادات الحروب، حرب ضد الإنسانية.
الأحكام صدرت بحقهم وهي على الصورة التالية: 12 حكم إعدام، 9 حكم سجن مؤبد أو مؤقت وثلاث براءة.
بعد مرور 6 شهور على افتتاح محكمة Nuremberg وبالتحديد في تاريخ 3 /5/1946 بدأت محكمة عسكرية دولية أخرى أعمالها لمحاكمة 28 مجرم حرب ياباني وهي المحكمة العسكرية الدولية للشرق الأقصى ومقرها في طوكيو.

2) المحكمة العسكرية الدولية للشرق الأقصى TOKYO:
في الأول من شهر ديسمبر 1943 وبمناسبة انعقاد مؤتمر القاهرة، الدول المتحالفة الثلاث وهي الصين، إنكلترا وأمريكا صرحت بان هدف الحرب ضد اليابان هو إنهاء الاعتداء الياباني ومحاكمة المجرمين. وبتصريح آخر في بوتسدام في تموز عام 1945، الحلفاء الثلاثة أكدوا على ضرورة إجراء محاكمة عادلة لمعاقبة مجرموا الحرب لاسيما أولئك الذين ارتكبوا جرائم ضد السجناء.
في 2 سبتمبر 1945 وعندما خسرت واستسلمت اليابان تم تحديد كافة القضايا والأمور المتعلقة بإلقاء القبض ومحاكمة مجرمي الحرب. في نفس الوقت، لجنة جرائم الحرب التابعة إلى الأمم المتحدة أوصت بإنشاء وتأسيس محكمة عسكرية للجرائم التي ارتكبت من قبل اليابان.
في مؤتمر موسكو لوزراء خارجية الدول العظمى الأربعة (الاتحاد السوفيتي، الولايات المتحدة، إنكلترا والصين) هذه الدول اتفقت لإنشاء المحكمة في طوكيو. وفي كانون الثاني 1946 أعلن القائد Douglas عن جدول أعمال المحكمة. تشكلت المحكمة من 11 قاضي من جنسيات مختلفة وقانون المحكمة يتألف من 17 مادة. ومحكمة طوكيو لم تختلف في فحواها وأهدافها عن محكمةNuremberg لاسيما بخصوص تعريفها للجرائم التي يجب معاقبتها وهي جرائم ضد السلام وجرائم ضد اتفاقيات وعادات الحروب وجرائم ضد الإنسانية.
بدأت المحاكمات في مبنى وزارة الحرب اليابانية في شهر مايو/أيار 1948 واستغرقت سنتين ونصف السنة، تم من خلالها الاستماع إلى 400 شاهد وفحص وقراءة 1000 وثيقة ومحاكمة 28 متهم منهم 9 مدنيين و 19 عسكري.
لائحة الاتهام تنص على قيام المتهمون بإعداد خطة احتلال, مبنية على تحقيق برنامج دمار وقتل شامل حتى للسجناء، وتنفيذ تجارب علمية على البشر وأعمال نهب وسلب للأموال العامة والخاصة دون تبريرات عسكرية. وبالرغم من وجود اختلاف بين اليابان والصين حول الحقيقة التاريخية لما حدث أثناء الحرب، لكن هنالك حدثين ذو دلالات معبرة عن طبيعة الأعمال التي ارتكبها المتهمون أمام المحكمة:
• الحدث الأول هو مذابح Nankin في شهر ديسمبر 1937 حيث دخل الجيش الياباني العاصمة الصينية وبلغ عدد القتلى 300.000 شخص واغتصاب وقتل 20.000 امرأة.
• الحدث الثاني هو التجارب الطبية التي أجريت على الأسرى الصينيين والروس والأمريكيين من قبل الفرقة (731) والتي تقع حول مدينةHarbin.
بطبيعة الحال هناك اختلاف في المضمون وفي الشكل أيضا بين المحكمتين العسكريتين الدوليتين المذكورة أعلاه. على سبيل المثال محكمة نيرونمبيرغNuremberg كانت مؤلفة من أربعة قضاة وكل قاضي له من ينوب عنه بينما محكمة طوكيو مؤلفة من 11 قاضي ولا يوجد قضاة نٌواب، أربعة لغات استعملت في محكمة بيغومبيرغ بينما في محكمة طوكيو فقط اللغة الإنكليزية و اليابانية هي التي استعملت. في محكمة نيرومبيرغ تم محاكمة أشخاص ومنظمات بينما في محكمة طوكيو تم محاكمة أشخاص فقط رغم وجود منظمات يابانية ساهمت إلى حد كبير في الترويج للسياسة التوسعية اليابانية.
نلاحظ أيضا بان القضاة في محكمة طوكيو قد انقسموا واختلفوا فيما بينهم بعد انتهاء المحكمة وكل قاضي أدلى بتصريح يختلف تماماً عن الآخر حول طريقة المرافعة والعقوبات التي أنزلت بالمتهمين، فمثلاً القاضي الفلبيني يرى بأن العقوبات التي صدرت كانت غير قاسية وغير اعتيادية فيما يرى القاضي الإنكليزي Sir William Webb بان العقوبات التي أنزلت بحق المتهمين كانت قاسية كما أن التهم التي وجهت إلى المتهمين تفتقر إلى تعريف لها في القانون الدولي.
كذلك القاضي الهندي الذي كان محط لانتقاد كافة زملاءه حيث يرى بأن القارة الهندية يجب أن تُستغل وتدار من قبل الآسيويون أنفسهم ولا داعي لتدخل الدول الأخرى، ويرى أيضا أن كافة المتهمين يجب إطلاق سراحهم. لذلك يرى البعض بان نتائج محكمة طوكيو لم تكن مقنعة.
إن قرارات عديدة تخص النزاع تم إصدارها من قبل لجان أميركية متفرقة هنا وهناك أصدرت أحكاما مختلفة بحق يابانيين: مثلاً 215 ياباني مثلوا أمام هذه اللجان في الفلبين تم إعدام 92 فرداً منهم.
يمكننا القول - في ختام الحديث عن هذه المحاكم العسكرية- بأنها شكٌلت الخطوات الأولى لبناء عدالة جزائية دولية رغم الانتقادات التي وُجهت للمحاكم العسكرية الدولية كونها محاكم للمنتصرين.

* محكمة طوكيو
"محكمة طوكيو" هي محكمة أنشئت بقرار من القائد العام للقوات الحليفة عام 1946. وهي تتألف من أحد عشر قاضياً، يمثلون إحدى عشرة دولة حاربت اليابان. وقد دافع المتهمون عن أنفسهم بأنه لا تجوز محاكمتهم عن أفعال لم تكن معاقبة بنص قانوني يوم ارتكابها، وقد رفضت المحكمة هذا الدفاع، على خلاف في الرأي بين أعضائها، وقضت بإعدام عدد من كبار المسؤولين، بتهمة ارتكابهم جرائم بحق السلام، وجرائم حرب غير مسوّغة.
* جامعة الدول العربية
جامعة الدول العربية هي منظمة تضم دولاً في الشرق الأوسط وأفريقيا ويعتبر أعضاؤها دولاً عربية، ينص ميثاقها على التنسيق بين الدول الأعضاء في الشؤون الاقتصادية، ومن ضمنها العلاقات التجارية، الاتصالات، العلاقات الثقافية، الجنسيات ووثائق وأذونات السفر والعلاقات الاجتماعية والصحة. المقر الدائم لجامعة الدول العربية يقع في القاهرة، عاصمة مصر (تونس من 1979 إلى 1990). وأمينها العام الحاليّ هو نبيل العربي. المجموع الكلي لمساحة الدول الأعضاء في المنظمة 13,953,041كم²، وتشير إحصاءات 2007 إلى وجود 339,510,535 نسمة فيها، حيث أنّ مجموع مساحة الوطن العربي يجعل مجموعها الثاني عالمياً بعد روسيا ومجموع سكانها هو الرابع عالمياً بعد الصين، الهند والاتحاد الأوروبي.
تسهل الجامعة العربية إجراء برامج سياسية واقتصادية وثقافية وعلمية واجتماعية لتنمية مصالح العالم العربي من خلال مؤسساتٍ مثل مؤسسة جامعة الدول العربية للتربية والثقافة والعلوم (أليسكو) ومجلس الوحدة الاقتصادية العربية. وقد كانت الجامعة العربية بمثابة منتدىً لتنسيق المواقف السياسية للدول الأعضاء، وللتداول ومناقشة المسائل التي تثير الهم المشترك، ولتسوية بعض المنازعات العربية والحد من صراعاتها، كصراع أزمة لبنان عام 1958.كما مثلت الجامعة منصةً لصياغة وإبرام العديد من الوثائق التاريخية لتعزيز التكامل الاقتصادي بين بلدان الجامعة. أحد أمثلة هذه الوثائق المهمة وثيقة العمل الاقتصادي العربي المشترك، والتي تحدد مبادئ الأنشطة الاقتصادية في المنطقة.
لكل دولةٍ عضوٌ صوتٌ واحدٌ في مجلس الجامعة، ولكن القرارات تلزم الدول التي صوتت لهذه القرارات فقط. كانت أهداف الجامعة في عام 1945: التعزيز والتنسيق في البرامج السياسية والبرامج الثقافية والاقتصادية والاجتماعية لأعضائها، والتوسط في حل النزاعات التي تنشأ بين دولها، أو النزاعات بين دولها وأطرافٍ ثالثة. وعلاوة على ذلك، الدول التي وقعت على اتفاقِ الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي في 13 أبريل 1950 ملزمةٌ على تنسيق تدابير الدفاع العسكري.
لعبت الجامعةُ العربيةُ دورا هاما في صياغة المناهج الدراسية، والنهوض بدور المرأة في المجتمعات العربية، وتعزيز رعاية الطفولة، وتشجيع برامج الشباب والرياضة، والحفاظ على التراث الثقافي العربي، وتعزيز التبادلات الثقافية بين الدول الأعضاء. فقد تم إطلاق حملاتٍ لمحو الأمية، وعمليات نسخٍ للأعمال الفكرية، وترجمةٍ للمصطلحات التقنية الحديثة لاستخدامها داخل الدول الأعضاء. كما تشجع الجامعة اتخاذ التدابير اللازمة لمكافحة الجريمة وتعاطي المخدرات، وللتعامل مع القضايا العمالية، ولاسيما بين القوى العربية العاملة في المهجر.


الدكتور
عبدالعزيز المفتي

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

2250 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع