د يسر الغريسي حجازي
دكتوراه في الفلسفة وعلم النفس الاجتماعي
مستشارة نفسية ومدربة نظامية
28.03.2025
مشاكل الذاكرة والتركيز
من منا لا يعاني أحيانا من النسيان والتركيز؟ هل هذه الإخفاقات المتكررة تشكل خطرا على الصحة العقلية؟ ما هو السبب وكيفية التعامل معها؟
من المهم أن نعرف أنه ابتداءً من سن 35-40 عاماً، يبدأ الإنسان بفقدان قدراته العقلية. و"الذاكرة العاملة" هي أول ما يضعف: على سبيل المثال، مواجهة صعوبة في حفظ رقم هاتف للاتصال به. وفقا لمنظمة الصحة العالمية، يعاني ما بين 5 إلى 8 في المائة من الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 60 عاما من اضطرابات عصبية إدراكية في مرحلة ما. وتتفاقم الأعراض بما في ذلك فقدان الذاكرة، إلى الحد الذي تتدهور فيه قدراتهم ويفقدون استقلاليتهم. وفقا لدراسات حديثة حول اضطرابات الذاكرة، فإن النسيان المؤقت قد يكون ناجما عن التحميل المعرفي أو التعب، أو التوتر. هذه علامات على عدم الاستقرار العاطفي الذي يمكن أن يجعلنا مندفعين، مما يدفعنا إلى اتخاذ قرارات دون تفكير ووضع أنفسنا في مواقف مؤسفة نندم عليها لاحقًا: مثل الوقوع في نوبات الإنفاق في المصاريف، أو إظهار سلوك عدواني.
ان عدم الاستقرار العاطفي يعني أن الشخص يمكن أن يتفاعل بشكل غير متوقع، ومختلف تمامًا مع كل موقف جديد. كيف نعرف أننا غير مستقرين عاطفيا؟ يبدأ كل شيء بتقلبات المزاج والتصميم على القيام بعدة أشياء في نفس الوقت دون التفكير.
فيظهر حينها شعور بالفراغ، ولا نعود نتعرف على أنفسنا، لا في عائلتنا ولا في المجتمع. هناك العديد من العوامل التي يمكن أن تضعف الذاكرة بما في ذلك التوتر وقلة النوم ونقص التغذية. لكن مع ذلك فإن أسوأ عدو للذاكرة هو الانشغال بمهام متعددة في نفس الوقت، لأن عملية التذكر تتطلب جهداً أكبر حتى يكون الدماغ متاحاً.
أظهرت أبحاث طبية جديدة أن نقص التغذية يمكن أن يساعد في النسيان وفقدان الذاكرة.
قد يكون لقلة النوم عواقب على الذاكرة في حالات التوتر، أو القلق، أو التجارب المؤلمة. إن قلة النوم أو سوء نوعية النوم يمكن أن يقلل من القدرة على اكتساب معلومات جديدة في الذاكرة التقريرية.
وبحسب دراسة أميركية جديدة شملت نحو 1800 مشارك، فإن الحرمان الحاد من النوم في مرحلة البلوغ يساهم في تطور اضطرابات التركيز والذاكرة. من المعروف منذ فترة طويلة أن النوم الصحي يساعد في الحفاظ على الصحة الجيدة، سواء العقلية أو الجسدية.
وفيما يلي أنواع الذاكرة الخمسة (اندل توليفنج، 1972):
الذاكرة الإدراكية: إدراكات الحواس (الرؤية، اللمس، الشم، الصوت)
الذاكرة العاملة: ضرورية للقيام بمهمة ما. على سبيل المثال، تذكر رقم الهاتف أثناء كتابته
الذاكرة الإجرائية: ذاكرة الأفعال التلقائية مثل المشي أو ركوب الدراجة دون التفكير فيها
الذاكرة الدلالية: ذاكرة اللغة والمعرفة والثقافة والأماكن والأشخاص، يتم بناؤها وإعادة تنظيمها طوال الحياة
الذاكرة العرضية: هي ذكرياتنا وأحداث حياتنا. لحظات عشناها، ولكل منها أهميتها في تصرفاتنا اليومية
علاوة على ذلك، فإن نقص المغذيات الدقيقة لها آثار سلبية على الإدراك. وبحسب الخبراء الأميركيين، فإن مكملات المغذيات الدقيقة لا تعمل على تحسين الذاكرة فحسب، بل تعمل أيضاً على تحسين المزاج، ووضوح العقل، والتفكير، ومهارات حل المشكلات، والتوازن النفسي. على سبيل المثال، يلعب فيتامين أ دورًا أساسيًا في إنشاء نقاط الاتصال الأساسية لحفظ المعلومات. أما فيتامينات ب، وفيتامين ج، فبفضل خصائصهما المضادة للأكسدة، يعملان كوقاية من التوتر ويحافظان على القدرات الإدراكية على المدى الطويل.
وعلى العكس من ذلك، فإن استهلاك المنتجات المصنفة على أنها أطعمة غير صحية، أو المشروبات الغازية المحلاة، يرتبط بزيادة خطر ضعف الذاكرة والقلق والاكتئاب.
ولذلك فإن التغذية الصحية تعزز الحفاظ على الوظيفة الإدراكية الطبيعية. بالإضافة إلى ذلك، هناك دور للمغذيات الدقيقة مثل فيتامين ب، والأحماض الدهنية الأساسية، والفيتامينات المضادة للأكسدة التي تؤثر على وظائف المخ. إن تأثيرات مكملات المغذيات الدقيقة مهمة في معالجة نقص التغذية لدينا، وتساعد المجالات العامة للذاكرة والانتباه والتركيز، ووظائف مستقبلات المزاج (المساعدة في إعادة امتصاص الدوبامين).
وفي الختام، يمكن تعزيز قدرات الذاكرة من خلال التغذية الجيدة، وممارسة التمارين الرياضية، والتحفيز الفكري، والعلاقات الاجتماعية.
1185 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع