د.هاني عاشور
يؤكد خبراء وإستراتيجيون عالميون كبار بلغتني بعض طروحاتهم عن طريق شخصيات مهمة جدا جدا ، ان ما يحصل من تدهور امني في العراق هو مقدمة تمهيدية لتقسيم العراق ، وفرض الامر الواقع على الجميع للقبول بثلاث دول ، والرسالة الموجهة باختصار شديد للعراقيين ، ( الموت اليومي او التقسيم ) ، وببساطة يمكن تفسير الصمت العالمي والإقليمي والحكومي والسياسي في العراق بأنه جزء من مسهلات تمرير التقسيم .
ويشير الخبراء الى ان العنف سيتصاعد يوما بعد اخر دون إجراءات واضحة للرد عليه سوى أساليب بطيئة غير فاعلة وغير متوازنة تزيد من نار الاحتراب ، ويمكن تفسير بعض الظواهر التي بدأت تبرز على سطح الحدث العراقي بأنها تمهيد للتقسيم الذي يبدو ان دولا وافقت عليه وستسير في ركابه في خارطة جديدة للمنطقة . ربما يعتقد البعض ان ما اكتبه هو إطلاق تحذيرات عاطفية ولكنها الحقيقة التي سيراها الناس قريبا ، والتي ستبدأ او بدأت بكيل الشتائم الطائفية الى القتل التفجيري في المناسبات الدينية ، الى التصعيد في صدور تعليمات او قرارات تصعد من هوة الخلاف والفجوة المجتمعية ، ثم سيتم اختتامها بمعارك جانبية مثيرة وفق سيناريوهات مرتبه ، سيكون فيها التصعيد مادة مساعدة على تسريع التقسيم . المشهد لا يرتبط بالعراق حسب بل سيبدأ من سوريا وخلق مناطق عازلة تكون فيما أقاليم تمهد لدول صغيرة ، ثم ينتقل الى اعادة رسم خارطة المنطقة بسرعة مذهلة تبدأ من تفويض البرلمان التركي لجيشه للتدخل في سوريا ، الى استثمار الانتخابات العراقية لتوسيع التخندق تحت مختلف المسميات ، ولن يكون ذلك بعيدا عن الانسحاب الامريكي من أفغانستان بعد فترة قليلة ، لتكون ساحة المعركة ممتدة من افغانستان الى العراق ثم لبنان ومصر والجزائر وكل المنطقة ، ليصحو العالم على ( سايكس بيكو ) جديدة اقل ما فيها ظهور دول الآبار النفطية والغاز والتي لن يتجاوز سكانها بضعة ملايين، مع انقسامات وصراعات جديدة داخل تلك الدول الصغيرة المصنعة محليا وبادوات قتل جراحية حادة لتفتك بتلك الملايين الصغيرة . ليس غريبا وقبل أسابيع يقول رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة الأمريكية الجنرال مارتن ديمبسي امام الكونغرس في شهادته عن الوضع الامني للمنطقة بان خط العنف يمتد بين بغداد ودمشق وبيروت ، وليس غربيا ايضا ان تتغير مفاهيم الصراع بسرعة البرق فتصبح الانظمة التي كانت تصفها واشنطن بالدكتاتورية القاتلة لشعبها التي يجب ان تسقط مثل نظام سوريا ، الى دولة متعاونه ولها فضل في التعاون للقضاء على ترسانتها الكيمياوية .
العالم يتغير في منطقتنا بسرعة فائقة والناس يتغيرون كذلك ، ولا يظن احد ان حكومات المنطقة كبرت ام صغرت بيدها مفاتيح الامور فهي ليست اكثر من منفذة لسيناريوهات قديمة حان وقت تطبيقها على الارض ولكن بادوار مختلفة لتلك الحكومات وشعارات متقاطعة ، لكن اهم ما فيها هو الاقتناع بالتقسيم . الخوف القادم في العراق هو ان الحكومة صامتة عما يجري من سيناريوهات كبرى ، والكتل السياسية بعقولها الصغيرة تظن ان الانتخابات المقبلة مفاتيح مستقبل زاهر وهي تدرك ان ستة اشهر متبقية غير قادرة على انتاج برنامج سياسي مقنع مهم سوى تسطير الكلمات ، او كتلة كبرى سوى لملمة المشتت ، او زعيم منقذ سوى تلميع وجوه بأموال مريضة ، وانما سيعاد ترتيب التحالفات من جديد لتبرز بشكل اكثر اثارة من حيث ممهدات التقسيم واجبار الناس على قبولها .
ولكن .. مائة مرة لكن .. ليس كل ما يتم التخطيط يمكن ان يتم تنفيذه اذا اراد الشعب ان يحافظ على وحدته وكرامته وقوته ويفشل خطط الخصــــــــــــــوم والاعداء التقسيميين ، وليكن شعار العراق (وحدتنا حياتنا) ، وسيخيب فأل السوء وتبقى الحياة موحدة وتموت سيناريوهات الحقد .
794 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع