علي الكاش
مسيرة مقتدى الصدر وتياره ضلال تحت ظلال العقيدة -١٢
قال ابن أم الصاحب:
فَإنْ تَمْنَعُوا مَا بِأيْدِيكُمُ ... فَلَنْ تَمْنَعونِي إذَا أنْ أقُولاَ
(الوحشيات/219).
المقدمة
سوف نتحدث عن مسيرة مقتدى الصدر وجيشه (جيش المهدي) الذي غير جلده الى (سرايا السلام) بعد تلطخت اياديه بدماء العراقيين الأبرياء، فتخفى بحجاب التسمية الحرباوي الجديد، دون ان يدرك ان لدماء الشهداء لسان حاد لن يرحم من سفك دمائهم لأسباب طائفية ووطنية. لم نأتِ بشيء جديد، فلا احد يجهل منجزات جيش المهدي الكارثية، انما هو عرض على شكل محطات للتأريخ القريب لرجل لم يشهد له العراق من مثيل في تقلب الآراء، وعدم الثبات على موقف، كأنه أشبه بقارب في بحر هائج وجو عاصف، تتلاعب به الأمواج. بالطبع الكتابة عن مقتدى الصدر وتياره تحتاج الى موسوعة وليس مقالات، بل ان تدوين سيرة الصدر نفسه تحتاج الى مجلدات بسبب مواقفه الغريبة، فهو لم ينجح كقائد سياسي، ولا كرجل دين، اخفق في الجانبين، وقد ورث عن ابيه عوام الصدريين، وهذه حالة فريدة في تأريخ الشعوب، ان يرث الرجل تراث ابيه المعنوي والموالين له. لكن في العراق بعد عام 2003 لا تستغرب المفاجئات وتحول الاساطير والبدع والدجل الى حقائق راسخة، انه عراق المعممين والفاسدين والجهلة والعملاء والخونة، انه الولاية التابعة للولي الفقيه في ايران.
أولا: أول من أسس الميليشيات في العراق هو مقتدى الصدر، ولم يكن في العراق ميليشيات قبل عام 2003، اما الجيش الشعبي فقد كان ظهير الجيش العراقي، ولم تكن له سلطة او نفوذ على المؤسسة العسكرية، بل خاضع لها، ومدربيه كانوا ضباط وضباط صف اكفاء من الجيش العراقي، ويخضع لقوانين المؤسسة العسكرية. غالبية الميليشيات الإرهابية تفقست تحت عباءة مقتدى الصدر، من عصائب اهل الحق، وحزب الله العراقي، والنجباء وغيرهم. ربما يستثنى من ذلك عناصر قوات بدر وجماعة الإرهابي جلال الصغير. وغالبتها تعمل وفق توجيهات الولي الفقيه في ايران سرا او علنا.
ثانيا: مقتدى هو اول مجرم تصدر بحقه مذكرة القاء قبض ولا تنفذ، بسبب قتله للسيد عبد المجيد الخوئي، ابن المرجع الشيعي الأعلى السابق (الخوئي)، وجريمة القتل موثقة بالفيديو، مع عدد كبير من الشهود، مع هذا لم تجرأ قوات الاحتلال ولا الحكومات السابقة بتنفيذ مذكرة الاعتقال، وخلال (صولة الفرسان) التي قام بها رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي ضد عناصر التيار الصدري في البصرة، هدد المالكي بفتح الملف، ولم يفعل.
ثالثا: مقتدى الصدر هو اول من اقام محاكم شرعية خارج القانون، حاكم فيها معممو جيش المهدي العديد من أبناء السنة وفقا لوشايات من عناصر التيار، ونفذ فيهم العقوبات من قتل واعتقال وعنف لا يمكن تصوره. ولا يفوتنا ذكر الجرائم التي ارتكبها ارهابيو التيار مثل حاكم الزاملي وأبو درع وعناصر (سيارة البطة) التي اعترف الصدر بانها تعود لتياره، وهم عناصر متخصصون بالاغتيالات سيما في جنوب العراق (البصرة). حتى ان رئيس الوزراء السابق نوري المالكي صرح في لقاء تلفازي" لا نسمح بعودة أصحاب البطة"، ولكنها عادت بعد ذلك وبقوة.
رابعا: اول من قام بتنفيذ حكم الاعدام بحق اهل السنة، وقام بدفنهم في مدينة الصدر (خلف السدة) وهم بالمئات، ولحد الآن لم تفتح تلك المقابر الجماعية، فالملف لا يسمح بفتحه، وسبق خلال الأزمة بين نوري المالكي ومقتدى الصدر، هدد المالكي بفتح ملف المغدورين والمدفونين خلف السدة. هي نفسها المقابر الجماعية التي كانوا ينتقدون فيها النظام السابق.
خامسا: يزعم الصدر بان العراق يعاني من مشكلة الفساد الحكومي المتفاقم، مما يتطلب إصلاحه، مع ان تياره كان مشاركا في جميع الحكومات الفاسدة (قبل الانسحاب من البرلمان)، للصدر وزراء، نواب رئيس وزراء، ومدراء عامين، وسفراء، وقادة في الأجهزة الأمنية، بمعنى انه مشارك في حكومات الفساد، بل ان وزاره هم الأكثر فسادا بعد منظمة بدر وتيار الحكمة. رغم ادعاء الصدر بمكافحة الفساد، والدعوة الى الإصلاح، ومعاقبة الفاسدين الا ان العراقيين يستذكرون ان وزاراته كانت من اسوأ وأفسد الوزارات، سيما وزارتا الصحة والكهرباء، بإعتراف وزير الصحة السابق (جعفر صادق علاوي) الذي استقال من الوزارة بسبب الضغوط الصدرية على صدره حول صفقات فاسدة. فقد ذكر عن تلك الضغوط" إنها كثيرة منها يشمل تغيير موظفين، ومنها يشمل الحصول على عقود من وزارة الصحة". وكان عهد المالكي هو الأكثر فسادا في تأريخ العراق، مع هذا كان مقتدى الصدر هو من عضده ووافق على ولايته الثانية بعد ان أعطاه مهلة (100) يوما للإصلاح، وانسحب من مهلته دون ان يوضح الأسباب كالعادة!
سادسا: بعد مقتل الصدر الأب من قبل عناصر إيرانية، (كانت الحكومة العراقية تحضره ليتولى مهمة المرجع الأعلى بدلا من الفرس المهيمنين على المنصب بدعم بريطاني إيراني)، ارسل الرئيس السابق صدام حسين على مقتدى الصدر واستقبله وقدم له التعازي، وكرمة بسيارة مرسيدس و(10) مليون دينار، وزوده برقم هاتفه الخاص، في حال الحاجة الى امر ما، وثمن الصدر تكريم الرئيس وأشاد به.
سابعا: كل الذي ورثه أبناء (محمد محمد صادق الصدر) من ابيهم هو بيت متواضع في مدينة الثورة (الصدر لاحقا) مع سيارة (مسيو بيشي) قديمة فقط، واليوم يمتلك الصدر اسطول من ارقى السيارات المصفحة، والوية من الحراسات والحمايات، وثروة ضخمة. فمن اين نزلت هذه الثروة على آل الصدر؟
ثامنا: يزعم الصدر انه مؤمن بالحرية والديمقراطية، مع انه نموذج متقدم في الدكتاتورية، فهو الزعيم الأوحد، وصاحب القرار الأوحد، وصوره منتشرة في جميع ارجاء العراق اسوة بمن يسميه (الدكتاتور صدام حسين)، مع انه دكتاتور فعلا، فسطوته على الشارع واضحة، وكل من يتعرض له او ينتقده يكون مصيره الموت، بل فرض على العراقيين عقوبات غريبة مثل حلاقة الرأس والشارب، والتعنيف بالعصي، وتهجير أصحاب البيوت، والاغتيالات.
تاسعا: يطالب الصدر بنزع سلاح الميليشيات، ويصف ميليشيات التيار التنسيقي بأنها "ميليشيات وقحة"، مع ان ميليشيا الصدر (سرايا السلام) تحتوى على جميع الأسلحة، بل ان بعض مستودعات الأسلحة والذخيرة توجد بين بيوت المدنيين، ونستذكر قبل بضعة سنوات عندما انفجر مستودع ومحى شارع من الخارطة في مدينة الصدر، وقتل العشرات من المدنيين جراء ذلك، وتمت التغطية على الموضوع دون فتح تحقيق بتلك الجريمة البشعة. يطلق الصدر وصف (الميليشيات الوقحة) على بقية الميليشيات الأخرى في العراق، مع ان اعنف ميليشيا وأكثرها ضراوة وشراسة وفتكا بالعراقيين هم ميليشيا جيش المهدي، بل يمكن الجزم ان اكثر الميليشيات وقاحة هم ميليشيا جيش المهدي، وذكريات الحرب الاهلية لا تفارق الذهنية العراقية.
عاشرا: تبنى الاطار التنسيقي الشيعي مقترح خصمه اللدود مقتدى الصدر في إقرار يوم الغدير كعطلة رسمية في العراق دون الاخذ بمشاعر اكثر من مليار مسلم لا يشكل الشيعة منهم اكثر من 10%، وتبين زيف الشعارات التي تشدق بها الصدر حول المواطنة، وذهب شعار (اخوان سنة وشيعة، هذا الوطن ما نبيعه)، وقول علي السيستاني السنة هم انفسنا ادراج الرياح، كانت الغلبة لأصحاب عقيدة التقية الذين اضمروا الفتنة الطائفية واعلنوا الشراكة والمواطنة، ربحوا الغدير وخسروا اهل السنة، وكان السياسيون السنة ضمن الاطار التنسيقي هم الأكثر حرجا، وتناسوا ان مراجع الشيعة افتوا بعبارة (باهتوهم) أي اكذبوا عليهم. لقد ابثوا مداسا انتعله الصدر والبرلمان الاطاري بجدارة وذكاء ثعلبي. ان شيعة العراق عندما طالبوا بإقرار عيد الغدير رسميا، فإنما هم يعلنوا بصراحة ان تشيعهم صفوي، وليس علويا، لأن أول من قال بهذه البدعة واعتبر يوم الغدير عيدا يجب الاحتفال به، هو معز الدين البويهي عام 352 هجري". (البداية والنهاية11/276). كما ذكر المقريزي "اعلم أن عيد الغدير لم يكن عيداً مشروعاً، ولا عمله أحد من سلف الأمة المقتدى بهم، وأول ما عرف في الإسلام بالعراق أيام معز الدولة علي بن بويه، فإنه أحدثه في سنة (352 للهجرة) فاتخذه الشيعة من حينئذ عيدا". (المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار للمقريزي2/254). وقد فصل ابن تيمية هذه المسألة بقوله "مما يبيّن أن الذي جرى يوم الغدير لم يكن مما أمر بتبليغه، كالذي بلّغه في حجة الوداع، فإن كثيرًا من الذين حجّوا معه -أو أكثرهم- لم يرجعوا معه إلى المدينة، بل رجع أهل مكة إلى مكة، وأهل الطائف إلى الطائف، وأهل اليمن إلى اليمن، وأهل البوادي القريبة من ذاك إلى بواديهم، وإنما رجع معه أهل المدينة ومن كان قريبًا منها. فلو كان ما ذكره يوم الغدير مما أمر بتبليغه كالذي بلّغه في الحج، لبلّغه في حجة الوداع كما بلّغ غيره، فلما لم يذكر في حجة الوداع إمامة ولا ما يتعلق بالإمامة أصلًا، ولم ينقل أحد بإسناد صحيح ولا ضعيف أنه في حجة الوداع ذكر إمامة عليٍّ، بل ولا ذكر عليًّا في شيء من خطبته، وهو المجمع العام الذي أمر فيه بالتبليغ العام، عُلِم أن إمامة عليٍّ لم تكن من الدين الذي أمر بتبليغه". (منهاج السنة النبوية7/ 227).
احد عشر: من الذي سلم الفاسدين على حد قول الصدر(أي الاطار التنسيقي) الحكم في العراق؟ وهل هناك حكمة في تسليم الفاسدين والخاسرين في الانتخابات ادارة الدولة والتحكم بثروات البلد؟ اليس ما حدث من نهب وسلب لخيرات العراق وتدمير مؤسساته الارتكازية، وما يعاني العراقيون من أزمات الماء والكهرباء والنفايات والفقر والمرض والبطالة من نتائج انسحاب التيار الصدري من البرلمان؟ من يسلم الفاسد السلطة لا يمكن ان يكون عاقلا او مصلحا.
اثنى عشر: غالبا ما يصف مقتدى الصدر عناصر تياره بأنهم (جهلة) وتلك حقيقة لا جدال فيها، فمعظمهم من العوام والفقراء والرعاع والجهلة، لكن هل هناك زعيم يتفاخر بان له انصار من الجهلة؟ لكن من المفارقة ان مقتدى الصدر لا يفوته من الجهل الا القليل، فقد قيد ملفه الدراسي بعد رسوبه في الصف السادس الابتدائي، وهو يعرف بجهله، ورغم انه نال من ايران لقب (حجة الإسلام) لكنه غير قادر على قراءة آية من الذكر الحكيم بشكل مضبوط وسليم. وعثراته في اللقاءات لا جحود لها، لذا فهو اكتفى بكتابة التغريدات كي لا يفضح جهالته اكثر.
ثلاثة عشر: يزعم الصدر انه يرفض الطائفية، مع انه طائفي للنخاع، قال مقتدى الصدر خلال تدوينة اطلعت عليها موازين نيوز في 6/7/2025 " شتان بين الشجرة الخبيثة وبين شجرة الحسين عليه السلام.. فهي كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها … وتؤتي عاشورها كل حين وتؤتي كربلائها كل حين فيثبت الله الذين آمنوا بدماء الحسين وثورته ويُضل الله الظالمين بإراقتهم لدماء الإمام الحسين فذلك ثار الله وابن ثأره والوتر الموتور". غالبية مراجع الشيعة يعتبرون بني أمية هم المقصودون بالشجرة الخبيثة ويلقنوا انصارهم بذلك.
وهو انه يهين الرسول الأعظم، لأنه زوج بناته الثلاث (رقية، ام كلثوم وزينب) من الشجرة الخبيثة، بل وتزوج الرسول نفسه من الشجرة الخبيثة (ام حبيبة اخت معاوية)، الا يعلم من يتصف بحجة الإسلام موقف علي بن ابي طالب من معاوية؟ الم يقرأ التأريخ، صحيح انه فاشل في دراسته، لكن هذا لا يعفيه بعد اصبح زعيم لتيار من الجهلة (على حد قوله) والغوغاء واللصوص والمجرمين، والجهلة. هل يوجد في العراق معمم غير طائفي من المرجع الأعلى ووكلائه الى اصغر مرجع شيعي؟ وما رأيه بقول امامه" كان بدء أمرنا أنا التقينا والقوم من أهل الشام. والظاهر أن ربنا واحد ونبينا واحد، ودعوتنا في الاسلام واحدة. لا نستزيدهم في الإيمان بالله والتصديق برسوله صلى الله عليه وآله ولا يستزيدوننا. الأمر واحد إلا ما اختلفنا فيه من دم عثمان ونحن منه براء". (نهج البلاغة3/114).
اربعة عشر: يتهكم مقتدى الصدر على أحزاب الاطار التنسيقي بتبعيتهم الى النظام الإيراني، وهو محق في ذلك تماما: لكننا نسأل من المرجع الذي يقلده مقتدى الصدر؟ بمعنى يأخذ الفتوى منه، بالطبع ليس علي السيستاني، بل هو المرجع الشيعي الفارسي كاظم الحائري المقيم في ايران، وهو الذي سلم عباءة التقليد الى سيده الخامنئي في مسرحية سمجة. ولو رجعت الى كتيب الحائري ( دليل المجاهد) لعرفت على الفور من اين استمد مقتدى وجيش المهدي كل تلك الأساليب الاجرامية، فقد كان مقتدى وفيا لمرجعه الحائري وطبق تعاليمه بحذافيرها، فدفع اهل السنة ثمن جرائمه، قبل وبعد الحرب الطائفية عام 2006 ـ 2007.
تضمن كتاب (دليل المجاهد)، المرجع الرئيس للتيار الصدري، ما يلي:
ـ سؤال: ما حكم الاموال المزورة، وهل يجوز استبدالها في البنوك بأموال صحيحة؟
ج: ما دفعتموه الى البنوك الحكومية لتحصيل عملة غير مزورة أنتم مجازون في ذلك.
ـ سؤال: البنوك هل يجوز الاستيلاء على اموالها؟
ج: نسمح لكم بذلك في العراق لخصوص الاغراض الجهادية.
ـ سؤال : هل يجوز سرقة الطابعات من المدارس او سرقة الادوية من المستشفيات، او سرقة البطانيات من الاقسام الداخلية؟
ج: يجوز اخذ جميع الاموال الحكومية واستعمالها في الاغراض الجهادية ، وتأمين حاجيات المجاهدين
ـ سؤال : هناك شركات ومخازن اغذية باستطاعة المجاهدين سرقتها ولن قد يتضرر الحراس. فما هو الحكم؟
ج: يجوز لكم أخذها وتخصيصها لأعمال الجهاد بما فيها توفير حاجات المجاهدين.
لا نعرف هل هذه وصايا رجل دين ومرجع شيعي يقلده الملايين ام زعيم مافيا إجرامية لا علاقة له بالشرع الاسلامي؟
لكن اليس هذه الفتاوى قد عمل بها جيش المهدي خلال الحرب الأهلية عامي 2006 ـ 2007؟
علي الكاش
863 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع