بغداد وحكامها / ح ٦ - عجم محمد
اصبح العراق في عهد حكم المماليك ملجأ وملاذا للمشردين والمغامرين وارباب السوابق والمجرمين والشواذ وقصده الكثير من الاتراك والايرانيين والقفقاسيين والارمن واليونانيين ومن كل فج عميق , وكان من ضمن هؤلاء ايام الوالي (سليمان ابو ليله ) الذي سبق ذكره جاء الى بغداد شاب امرد جميل الخلقه حلو الطبائع ايراني الاصل معه امه واختان جميلتان تجيدان الرقص وكانت بغداد ومجتمعها في تلك الفتره يميل الى حياة اللهو والقصف فما كان من هذا الشاب الذي ضاقت به سبل العيش الا ان يؤلف جوقه ترفيهيه تقوم الام بالضرب على الطنبور (الطبله) ويتولى هو الغناء والاختان ترقصان واشتهرت هذه الجوقه و بدأت ترتاد بيوت القوم وخاصة السراةمنهم والطبقه الحاكمه حتى اصبح لها صيت معروف باسم (عجم محمد) اي محمد العجمي , عظم شأنه وصار يتوسطه الناس لقضاء حاجاتهم ويتلقى نضير ذلك الهدايا والاموالاضافة لوارده الاول فأزدادت ثروته وانفتحت الافاق امامه وبدأ يتطلع الى المناصب الحكوميه وهذا حال كل وضيع ,وبقي عجم محمد على هذا الحال اكثر من عشرين سنه,,
تمكن عجم محمد من السيطره على عمر باشا ببضاعته المغريه واستولى على لب الباشا حتى وصل الامر ان يتطلع الى منصب الكهيه (نائب الوالي ) وبدأ هذا بالتلاعب بامور الباشويه وبدأ يتطلع لما هو ابعد وفي تلك الفتره ساءت العلاقه بين الوالي و(كريم خان الزند) حاكم ايران فجهز الاخير جيشا كبيرا وحاصر البصره واخذت تستغيث ولكن الكهيه كان يهبط من عزم الباشا لارسال المعونه وعلمت الاستانه بان الوالي تماهل وبتوجيه من كهيته (عجم محمد) فصدر فرمان بنقل الوالي وتعين الحاج مصطفى باشا ولكن ه انخرط بحبال عجم محمد وقبل اللهو وانصرف عن نجدة البصره واخذ يوعز الاى متصرف البصره بالاستسلام حتى سقطت البصره بيد الايرانيين .. لقد ادركت الدوله العثمانيه خطورة الوضع فتم اعدام مصطفى باشا وتعين عبد الله باشا وهو من المماليك ولكنه ضعيف وعدم امكانيته استرداد البصره وعينت اخر وانغمس الجميع بالملذات والمال حتى ساء الوضع في بغداد وعين محمد عجم بمنصب الكهيه وبذلك اصبح الراقوص والسمسار نائبا للوالي وانغس دست الحكم بالسهرات والليالي الملاح والطرب ولكن عجم محمد ظل يتطلع الى كرسي الباشويه بعد ان جتدت عليه الظروف ما لم تجود على (لكع) مثله ...
كانت الاوضاع في بغداد تنذر باقتراب العاصفه حيث انفجر الوضع في بغداد وانقسم اهلها الى فريقين احدهم يؤيد اسماعيل اغا المعزول واخر يؤيد عجم محمد واستعان وكيل الوالي بوجيه بغداد (محمد بيك الشاوي ) وتمكن من تهدئة الوضع عدة مرات ولكن كانت في النهايه وصلت الى الاقتتال الذي استمر خمسة اشهر وكان الكرخيون مع اسماعيل اغا والرصافه مع عجم محمد الذي اشترى الانكشاريه وتغير ميزان القوه بعد دخول قبيلة العبيد الى جانب عشيرة عكيل واصبح الكرخيون بموقف قوي جعلهم يعبرون الى الرصافه واحتلال (الموله خانه ) وفي ذلك انتهبت اموال وسفكت دماء وهتكت اعراض ولكن عجم محمد استعان بقوه عسكريه كانت ترابط في بعقوبه وجائت الى بغداد واشتركت في القتال الى جانب اهل الميدان ,, خلال ذلك نشط البغداديون من كلا الجانبين الى تنظيم المضابط الى الاستانه لترشيح الوالي واستغل حسن باشا والي كركوك هذه الظروف ورفع تقريرا مفصلا عن الاوضاع الى الاستانه وصدر الفرمان الهمايوني بتعينيه واليا على بغداد والبصره وعندما وصل الامر الى بغداد ثارت الفتنه وخبت وتملص الكثير من الاتباع من الطرفين وهرب الكثير منهم الى القرى والارياف واختبأ عجم محمد في القلعه واعطاه اهل الميدان العهد على حمايته,,,, دخل حسن باشا بغداد وبصحبته الحاج سليمان الشاوي واستلم الباشا الجديد منصبه ولكنه اهمل عجم محمد بالرغم من ارسال عجم محمد رسولا ليبلغ الباشا البت في امره لانه اصبح لاللموت ولا للحياة ولكن الباشا اهمله حتى هاجم اتباعه القلعه واخرجوه الى خارج بغدادعند احمد خليل الاوند قائد القوه العسكريه التى اعانته اثناء الفتنه وهناك بويع واليا على بغداد ومنح لقب الباشويه وعادت الفتنه مره اخرى ولكن وفاة حسن باشا وتولي اخيه محمود الباشويه وتهيئة القوات الازمه للقتال ودارت معركه حاميه بين قوات محمود باشا تسانها قوات العبيد وقوات عجم محمد تسانده قوات الاوند ودارت المعركه في (تل اسود )على طريق الخالص اندحر فيها عجم محمد وترك امواله وكنوزه وهرب الى ايران واستجار عند امير الفيليه (اسماعيل خان ) وخدمه الحظ وكرر هجماته على بغداد عدة مرات باسناد القوات الايرانيه وبدأوا بمهاجمة القرى والمدن الصغيره والتنكيل والعبث فيها واستمر هذا الحالحتى تولى الباشويه سليمان باشا الكبير الذي قضى على عجم محمد في معركه شمال جسر ديالى وتمكن من تدمبر قوته وقتل قائدها وهروب عجم محمد الى ايران ولكنه ظل يرنو الى بغداد وبعد فارقه الحظ زحسن الطالع قرر الدخول الى محيط بغداد متخفيا ونزل دخيلا عند الشيخ سليمان الشاوي فقبلها مرغما ووصلت الاخبار الى بغداد ومن ثم الى الوالي الذي ارسل (احمد بن الخربنده) ليأتي بهما مكبلين ولكنهما هربا وما كان من عجم محمد الا الهروب الى مصر ومات فيها شريدا طريدا بعد ان لعب دورا كبيرا في الحياة السياسيه والاجتماعيه لمدينة بغداد ....
مع تحيات عبد الكريم الحسيني والحلقه الجديده (طواعين بغداد)
1375 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع