تلاحم الهلال والصليب في مقارعة الاحتلال الصهيوني
الإكسرخوس المجاهد الفلسطيني رفيق المجاهد أمين الحسيني ١٨٨٣ - ١٩٦٤
كنا قد نشرنا في موضوعنا عن المجاهد الفلسطيني الحاج أمين الحسيني ودوره الجهادي في الدفاع عن القضية الفلسطينية، صورة للحاج الحسيني في مقابلة له مع الزعيم عبدالكريم قاسم يرحمهما الله عام 1962 عند انعقاد مؤتمر العالم الاسلامي في بغداد وظهر في الصورة الى جانبه الأب طيب الذكر يعقوب الحنا والذي رافق المجاهد الحسيني في رحلة الكفاح والجهاد والدفاع عن القضية الفلسطيني.
فمن هو الإكسرخوس يعقوب الحنا؟
نبذة تاريخيَّة عن حياة الإكسرخوس المُجاهِد الفلسطيني الراميّ الكبير, الذي ثارعلى الظلم والطغيان, والذي دافع عن أرض الوَطَن سحابة عمره قدس الأب الفـــاضل الخوري يعقـوب الحنـــا طَيِّب ِ الذِكر.
وُلِدَ في الرامة سنة 1883 وتزوج من رمزية راجي ناصر ابراهيم الحنا. ُ انتخِب أوّل رئيس لمجلس الرامة المحليّ سنة 1922، وقد ظلّ يتبوّأ هذا المنصب إلى أن سِيم كاهنًا لرعية الروم الأرثوذكس في الرامة سنة 1928.
يُعَدّ الإكسرخوس يعقوب الحنا بحقّ زعيمًا وطنيًّا من زعماء الطائفة الأرثوذكسيَّة والعرب في فلسطين, ضحّى بالكثير من وقته، وصِحَّته، وماله في سبيل وطنه، وبني قومه.. عاشَ دائمًا موفور الكرامة، عزيز الجانب لا تلين قناته، ولا يُعجم عوده، جريئًا في أقواله وأعماله.. وكان منزله دائمًا مصدرًا للسلام والمحبّة بين الناس, يصلح ذات البين بين المتخاصمين كما لو كان رئيس عشيرة، له الحكم عندهم، وقوله القول الفصل بينهم برضا وقبول خالصين.
ورثَ الأب يعقوب الحنّا عن آبائه وأجداده كرمَ الخلق وسخاء اليد، وحاز فضلا ً عن مناقبه المحبَّبَة جميع صفات الزعامة الجريئة المخلصة، والضيـــــافة السمحــــاء للقاصي والداني.
عمل على مقارعة الاحتلال الصهيوني في فلسطــين لسنينَ عديدة، وله في ذلك مــواقفَ مُشرِّفة، وفــــــي سنة 1934 انتخبَ رئــــيسًا للَّجنة العربية الأرثــــوذكسيَّه التي تسعى لمنع العرب من بيع أراضيهم، إذ اعتُبِر في حينه أنَّ أي مســــيحيّ يبيع أرضه، أو يقبل السمسرة لبيعها، هو خــائن لدينه، ووطنه، ولا يُصلـّى عليه، ولا يُدفن في مقــــابر المسيحيّـــين.
إضافة إلى ذلك كان الأب يعقوب الحنا عضوًا في فريق الدفاع عن حقوق العرب الفلسطينيين ضد لجنة التحقيق البريطانيّة، والتي ضمّت أيَضًا كلًا من سيادة المطران غريغوريوس حجّار، والأب الياس قنواتي، وإبراهيم عيّاد رحمهم الله جميعًا.
كان الأب يعقوب الحنّا عضوًا فعّالًا في المؤتمرات الفلسطينيَّة، ولجانها التنفيذيَّة، وقد خطبَ في "المؤتمر العربيّ القوميّ" الذي عُقِدَ في بلودان عام 1937 تأييدًا للفلسطينيّين َ، وقضيَّتهم، والذي ضمَّ مندوبين عن كل البلاد العربيَّة.
كما خطب أيضًا في"المؤتمر الإسلامي الأوَّل" الذي عُقِدَ في بغداد عام 1962، مُعلنًا أنَّ الأرثوذكس العرب هم أصحاب الأرض الأصليّين، وأنهم عَرَب صرحاء قبلَ الإسلام، طالِبًا اعتبار كنيسة القِيامَة، وَالمَسجِد الأقصى ملكًا للعَرَب وحدهم. وناشدَ المسلمين في العالم تأييد الفلسطينيّين لنيل ِ حقـــــــوقهم واستقلالهم.
شاركَ في الثورات الفلسطينيَّة، ولا سِيَّما ثورة 1936 وانتفاضة 1947/1948، وكانت كنيسته مأوًى للمُجاهدين. وقد أبعدته السلطات البريطانيَّة عام 1938 إلى لبنان، وحين رجع إلى الجليل اعتقلتهُ ثانية ً في عام ،1942 وفرضت عليه الإقامة الجبريَّة في غزَّة ثمَّ في بئر السبع، ومنها إلى رام الله فحيفا.
انتُخِبَ رئيسًا لأوَّل مُؤتَمَر لقيادَة عربيَّة محليَّة ضد الاحتلال اليهودي وذلك في 26 من حزيران سنة 1948.
حملَ السِلاح وشاركَ في محاربة اليهود، وعندما انسحبَ جيش الإنقاذ من الجليل في أواسط تشرين 1948، انتقلَ مع عائلته في شاحنة عسكريَّة سوريَّة إلى لبنان بمساعدة صديقه القائد العسكري أديب الشيشكلي، وقد حاول رجال القوّات الصهيونية القبض عليه حيًّا أو مَيتًا، وقد بلغ بهم الحقد أنّهم أعلنوا عن مُكافأة لمَن يعتقلهُ أو يرشِدهم إليه.
وخلال إقامته في لبنان شاركَ في كل المؤتمرات العربيَّة في دمشق، وبيروت وعمّان وكان يردِّدُ في خطَبهِ "لتنسني يميني إنْ نسيتك ِ يا أورشليم"، وسعى جاهدًا لكسب تأييد الدول لقضيّة فلسطين وشعبها، وبذلَ جهودًا كبيرة لإزالة الإشكالات بين الفلسطينيّين والدولة اللبنانيَّة.
حظي بتقدير عظيم لدى الرئيس السوري أديب الشيشكلي (1953-1954) والذي كانت تربطه به صداقة حميمة منذ اشتراكه في حرب فلسطين، وعندما انتخبَ رئيسًا لسوريَّا كَرَّمَهُ بدعوتهِ لدمشق لحضور حفل تعيينه، وذلك اعترافـًا منه بدوره الفاعل قبل النكبة، وتوقيرًا لانتمائه القومي، ووطنيّتهِ الصادقة.
تركَ رامتهُ سنة 1948 تحَسُّبًا من القبض عليه كما ذكِرَ آنفًا، سكن وعائلتهُ في مدينة بيروت في لبنان، بعدَ أن اشترى قطعة أرض في الحازميّة، وبنى عليها مَسكِنًا، توفي فيها في 19 تشرين الثاني سنة 1964 ودفن فيها .
وقد أقيمَ له في ذكرى الأربعين لوفاته مهرجان تأبيني كبير برعاية رئيس الجمهوريَّة اللبنانيَّة.
قاومَ الحكم التركي، وفي خطاب رثائه قالَ مُفتي فلسطين الأكبر الحاج أمين الحُسيني: " لقد كان الفقيد الكبير عَلمًا من أعلام الوطنيَّة, فقد حُكِمَ عليه غيابيًا بالإعدام من قبل السلطات العثمانيَّة وبذلَ كل غال ٍ ونفيس فداءً لفلسطين، وناضل ضد الصهيونيّين، وكانت خطبه الناريَّة في الكنائس والمساجد دروسًا خالدة في الوطنيَّةِ، وفي محاربةِ الاستعمار البريطاني والصهيونيَّة العالميَّة"، أما كنيسته فكانت مأوًى للمُجاهدين.
وَمِنَ الناحية الدينيَّة، كان رئيسًا من رؤساء الكنيسة، تفانى في خدمة رعيته، وصيانة حقوقها، كما دعا باستمرار إلى التسامح، وإلى وحدة جميع الطوائف، وكان دائم التذكير بأنَّ "الدين لله والوَطن للجميع".
وَفي أيّامه الأخيرة أوصى عائلته ألاّ تحزن عليه "كما يحزن باقي الناس"، لأنه سيلاقي ربَّهُ مرتاح الضمير، سعيدًا مطمئنّـًا، كما طلب التبرع بثمن الأكاليل إلى أعمال الخير والإحسان، فجاءَت وصيَّته هذه تصديقًا لمناقبه المسيحيَّة، وعقيدته الخالصة.
*******
برنامج الحفل التأبيني في بيروت بذكرى الأربعين لوفاته والكلمات التأبينيَّة
بطاقة الدعوة:
تتشرف لجنة تأبين المغفور له الإكسرخوس الخوري يعقوب الحنـّـا رئــــيس مؤتمرالكهنة الأرثوذكس العرب في فلسطــــــين وعضو المؤتمرات العربيّة الفلسطسنيّة ولجانها التنفيذيّة بدعوتكم لحضــور الحفلة التأبــينيّة التــــي ستقـــام تحت رعاية سيــــادة الحبر الجلـــيل المتروبوليت إيليّا صليبي الجزيل الإحترام في الساعة الخــامسة مساء الأحد، العشرين من كــانون الأوّل سنة 1964
*********
ألبرنـــــــــــامج
عَريف الحفلة – السيد خليل خليف
كلمة الهيئة العربيّة العليـــا لفلسطــــــين
كلمة النـــائب السيد منــــــير أبو فــاضل
كلمة القس الدكتــــور فـؤاد بهنـــــــان
كلمة الســـــــــيد خلــــــــيل طبـــــــري
قصيدة الخـــــــوري حنـــــــا سكـــــــــاب
حوَت كلمته في حفل التابـــين
الصور:
1. صورة الزعيم عبدالكريم قاسم وهو يلتقي الوفود العربية المشاركة في مؤتمر العالم الاسلامي ببغداد اواخر 1962 ويبدو المجاهدان كل من الإكسرخوس الخوري يعقوب الحنـّـا رئــــيس مؤتمرالكهنة الأرثوذكس العرب في فلسطــــــين والحاج امين الحسيني مفتي فلسطين رئيس الهيئة العربية العليا لفلسطين
2. صورة الاب الإكسرخوس الخوري يعقوب
3. صورة الحاج امين الحسيني
3846 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع