عادل عبد الله .. أسطورة الكرة الكركوكلية متى صفق له الملك فيصل مرتين ولماذا؟

       

عادل عبد الله .. أسطورة الكرة الكركوكلية متى صفق له الملك فيصل مرتين ولماذا؟

المشرق:إنَّ التشكيلَ الهجوميّ الذي ظهر في الخمسينيات من القرن الماضي، وكان مؤلفاً من الاعبين (عادل عبد الله وعمو بابا وناصر جكو وعباس حمادي) كان أبرز وأخطر خط هجومي شهده ميادين الكرة وعاشته ساحات العراق، وكان يعزز هذا الخط بين فترة وأخرى وحسب الظروف اللاعبان (يورا إيشابا وفخري محمد سلمان)، وأعتبر هذا الخط في ذلك العهد من أخطر وأقوى التشكيلات الهجومية في تأريخ الكرة العراقية خاصة، وفي تأريخ الكرة العربية عامة.

ولد عادل في سنة 1933 في محلة آغالق في قلعة كركوك، وأنهى دراسته الإبتدائية فيها، ومن ثم دخل في مدرسة المتوسطة الغربية، وفيها توضح كل شيء، فعادل يلاعب الكرة بكلتا قدميه ويداعبها ويدحرجها يمنى ويسرى، وينطحها برأسه مرات عديدة من دون أن تسقط أرضاً، ومرات كان يتركها لتستقر فوق رأسه أو على كتفه اليمنى، وكان يوجه الكرة بإتقان تام الى مختلف الجهات بحيث أصبح حديث المدرسة، بل مساجدها ولاعبها الأول وبطل مدارس كركوك جميعها.
انتقل عادل في المتوسطة الغربية التي كانت واقعة في نهاية شارع أطلس وبالتحديد خلف حلويات حسن نجم من الصف الأول الى الصف الثاني ومنه الى الصف الثالث بمساعدة الهيئة التدريسية، وفي هذا الصف بدأ يراوح في محلة سنة بعد أخرى لعدم استيعابه مواد التدريس على الرغم من تشجيع ومؤازرة الهيئة التدريسية له إلا إن هذا الفشل وذلك الرسوب لم يمنعه من مواصلة تمارينه، وبالتالي بروزه وتفوقه حيث تعدت شهرته حدود المدرسة وشرعت كركوك تتحدث باسمه وعن بطولاته وفي سنة 1950 اختطفته شركة نفط العراق عن طريق الإغراء وعينته كاتباً لديها.
عادل لم يبق في عمله كثيراً لأن خدمة العلم نادته، وأصبح لاعباً في الفرقة الثانية، ومع ذلك لم يترك المدرسة، في النهار كان يتمرن مع فريق الفرقة الثانية، وفي المساء كان يداوم في متوسطة نقابة المعلمين، حيث تشكل فريق لكرة القدم مع الطلبة الرياضيين الموجودين معا في نفس المتوسطة، وبدأوا يقيمون المباريات مع فريق كركوك الأهلية والرسمية.
في سنة 1958 وبعد زوال النظام الملكي وقيام حكومة الثورة أهدى مجلس قيادة الثورة البشرى الى جماهير الطلبة وذلك باحتساب امتحانات سنة 1958 زحفاً أو سنة العبور من صف الى صف آخر، وبذلك حالفه الحظ واجتاز حاجز البكالوريا بنجاح، وبذلك ترقى من صنف الجندية الى صف نواب الضباط.
ضمن تصفيات كأس العالم العسكري في 30/1/1955 جرت مباراة على ملعب الكشافة ببغداد تحت رعاية الملك فيصل الثاني،
بين الجيش المصري الذي كان يقوده أقوى بل أعتى مدافع في ذلك العهد وهو حنفي البستان والجيش العراقي الذي كان يقوده لاعبنا المعروف جمولي والملقب بسد العراق العالي. في بداية الشوط الأول سجلت مصر هدفها البكر، وقبل نهاية هذا الشوط سجل ناصر جكو قلب الهجوم العراقي هدف التعادل.
وفي شوط الثاني تمكن الفريق العراقي من سحب البساط من تحت أقدام الفريق المصري حيث شن عدة هجمات عنيفة أدت الى تفكيك الدفاع المصري، وفي الدقيقة الثلاثين تسلم عادل كرة عالية من زميله عمو بابا ووجهها برأسه الى المرمى المصري محرزاً الهدف الثاني للعراق على أثره نهض الملك فيصل الثاني وهو يصفق لهذا الأنجاز الرائع، ومن ورائه عشرات الألوف من المتفرجين. وفي الدقائق الأخيرة من الشوط الثاني تسلم لاعبنا عادل كرة طائشة في ملعب الخصم تقدم بها أماماً واجتاز ثلاثة من المدافعين وراوغ حنفي البستان، وأصبح مرمى المصري أمامه مكشوفاً مفتوحاً، وأدى حركة خدع بها حامي الهدف الذي ظن أن عادل سيوجه الكرة الى يساره، وعلى هذا الأساس رمى نفسه يساراً، وإذا بعادل يغيره اتجاه الكرة ويوجهها الى يمين الحارس مسجلاً الهدف الثالث والأخير للعراق. وهذا الهدف ألهب الملعب وأخجل دفاع الخصم، وهز مدرجاته كأنها أصيبت برعد قادم من أعالي السماء حيث نهض الملك الفيصل وللمرة الثانية إجلالاً وتقديراً لهذا الهدف، وبعد دقيقتين من هذا الهدف أعلنت صافرة الحكم نهاية المباراة بفوز العراق بـ 3-1، وفي دورة الخليج الخامسة التي جرت مبارياتها في ملعب الشعب ببغداد 1978 وفاز ببطولتها العراق، كرمت اللجنة الأولمبية العراقية 59 لاعباً مثلوا العراق بكرة القدم في مختلف المناسبات، وكان خمسة منهم من كركوك وهم (عادل عبدالله، وكريم أفندي، وفاضل عبدالمجيد، وأخوه محمد، وهداف العراق في الخمسينيات آرام كارم وكان ترتيب عادل في قائمة التكريم سادساً).
سيظل عادل أسما في تاريخ الكرة الكركوكلية خاصة وفي تاريخ الكرة العراقية عامة كأول لاعب يصفق له الملك فيصل الثاني مرتين، لأنه كان لاعب المهمات الصعبة، وصاحب التسديدات القوية، ومن هذا المنطلق خطف الأنظار والأضواء. ولاعبنا عادل أعطى كل شيء للكرة، ولم يحصل منها على أي شيء من رحلة طويلة دامت 20 سنة قضاها مع محبوبته الكرة، كان خلالها بطلاً كروياً لامعاً ورياضياً مؤدباً من الطراز الأول وإنساناً مخلصاً نذر حياته من أجل كركوك والذود عن اسمها وإسعاد الجماهير الرياضية. وكان يقسم بين فترة وأخرى، ويقول إن اللعب لمنتخب كركوك وارتداء قميصه شرف وواجب وطني مقدس، ويجب تقبيل وتقديس هذا القميص الذي هو شرف لا يدانيه شرف آخر، ومن هذا المنطلق اعتبر عادل عبد الله رمزاً من رموز مدينة كركوك. عانى عادل التهميش كثيراً ومن الإهمال طويلاً، ومن الضروري الآن أن نعمل جميعاً على إقامة صرح تذكاري له في إحد الأماكن العامة يليق به ويناسب تاريخه الطويل والزاخر بالإبداعات، لإسعاد وتشجيع اللاعبين الجدد الذين يعدون عادل رمزاً وقدوة لهم.
وبعد اعتزال عادل اللعب، أصيب بمرض في حنجرته صعُب على الأطباء كشفه، ومن ثم معالجته، وحين ساءت حالته المرضية

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

850 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع