عبد الرزاق النايف رئيساً ثم طريداً ثم قتيلاً .. القصة الكاملة .. نجل النايف: بواب الفندق أمسك بخالد أحمد قاتل والدي وسجن 25 عاماً
كان علي عبدالرزاق النايف مع والدته في لندن حين توجه والده إلى الموعد القاتل. فجأة سمع الصبي خبراً عاجلاً بثه التلفزيون البريطاني فنبّه والدته. وهنا نص الحوار معه:
* هل كان والدك يعتقد أن صدّام هو المتهم باغتياله أم البكر؟
- صدام.
* هل كانت علاقته قوية مع الملك حسين؟
- علاقة قوية جداً بدأت في 1967. كان والدي يحترم الملك حسين جداً. وكان العاهل الأردني يبادله هذه المشاعر. زاره في 1967 بوصفه معاون مدير الاستخبارات العسكرية.
* والتقى شاه إيران؟
- التقاه مرتين، الأولى في 1967 والثانية في 1970.
* 1970 في إطار قضية الراوي؟
- أعرف ان زيارة حصلت في 1970 وواضح أن الشاه دعم عملية 1970.
* لماذا تخلى والدك عن العملية قبل موعد تنفيذها؟
- والدي شارك مع عبدالغني الراوي في هندسة العملية. لكن الراوي كان شخصاً متسرعاً ومتهوراً ما سهل للسلطة اختراق الحركة، وهو ما أدركه والدي. وثق الراوي بالشخص الذي زرعته السلطة وهو كاكا أحمد وأعطاه اسماء الضباط. وتردد أن كاكا أحمد سجّل لقاءات عقدها مع الراوي. والدي كان حذراً.
* واغتيال والدك؟
- في 9 تموز يوليو 1978 تعرض لإطلاق النار وتوفي فجر اليوم التالي بعدما كان توفي سريرياً عقب الحادث مباشرة. يومها كانت المرة الوحيدة التي نقيم فيها في شقة خلال زيارة إلى لندن.
* ما سبب الزيارة؟
- نحن وصلنا إلى لندن في الأول من تموز 1978. والدي وصل في السابع منه آتياً من عمّان. أمضيت مع أبي يوماً جميلاً زرنا خلاله متحف الشمع ومنتزهاً للأطفال. في اليوم التالي لم أره. خرج صباحاً وعاد متأخراً في حدود العاشرة ليلاً. ابلغ والدتي أنه ذاهب لتناول العشاء فأصرت على مرافقته.
كان العشاء مع مسؤول المخابرات العراقية، واعتقد أنه كان في نادي "سبورتينغ" واقتصر على الثلاثة. ربما وجود المسؤول العراقي هو ما يفسر قلق والدتي وإصرارها على الحضور.
في 9 تموز، التاسعة صباحاً، قبلني والدي وقال لي أنا خارج وأعود في الحادية عشرة. طلبت منه أن يصطحبني إلى مكان معين فوعدني بذلك لدى عودته. في الساعة الثانية عشرة اتصل وقال إنه آت إلى المنزل.
في الرابعة بعد الظهر وكنا ما نزال في انتظاره وفيما كنت أشاهد التلفزيون، قطع التلفزيون البرنامج لتقديم خبر عاجل وظهر فندق "انتركونتيننتال" ورجال الشرطة يتمشون أمامه. وسمعت ان اطلاق نار حصل وان المستر عبدالرزاق اصيب. نظرت إلى والدتي فلاحظت أنها لم تعرف ماذا يجري. كانت انكليزيتها ضعيفة. سألتني ما بي، فقلت لها انهم يتحدثون عن اصابة شخص اسمه عبدالرزاق. فجأة ضربت والدتي على رأسها واصيبت بنوع من الانهيار. طلبت مني الاتصال بالشرطة للتحدث معهم. اتصلت وقلت لهم ان شخصاً اسمه عبدالرزاق تعرض لإطلاق نار فمن هو. بعد تردد أكد الضابط وقوع الحادث وطلب مني ابلاغ والدتي أن والدي في مستشفى سانت ماريز. سألته أين اصيب فأجابني في كتفه. نزلنا بسرعة واستقلينا تاكسي إلى المستشفى. شاهدت والدتي سيارة اسعاف وراح المصورون يلتقطون لي الصور وأنا أبكي. كنت في العاشرة. الصحفيون لا يرحمون. حضر محقق من اسكوتلنديارد وأخرج أمامنا الجواز الأردني الديبلوماسي الذي كان يحمله والدي ومكتوب فيه دولة عبدالرزاق النايف.
* هل عرفت والدتك بمن كان والدك سيلتقي في الفندق؟
- نعم ذهب للقاء عبدالحميد الخربيط سفير سابق للعراق ظهر في حياتنا في 1975 هو وشقيقه عبدالكريم الخربيط والمسؤول العراقي. كنا نرى الخربيط مرات عدة في السنة وكان يزعم أنه يسعى إلى ترتيب العلاقات بين السلطة ووالدي. كان يفترض أن يكون الخربيط حاضراً لكن عندما سأل والدي عنه في الفندق أجابوه أنه غادر. عندها التقى المسؤول العراقي في غرفته.
كل ما نعرفه أن المسؤول العراقي نزل مع والدي إلى بهو الفندق مودعاً وعاد إلى غرفته. فور خروج والدي من الفندق كان القاتل بانتظاره وعاجله برصاصات عدة.
* ما اسم القاتل؟
- خالد أحمد. عراقي. سجن لمدة 25 عاماً. البواب أمسك بالقاتل. أما المسؤول العراقي فقد غادر لندن ولم يظهر اسمه في التحقيقات. بالتأكيد جاء بجواز ديبلوماسي واسم مستعار.
قلت انني توجهت مع والدتي إلى المستشفى، وبعد توسلات تمكنا من رؤية والدي وكان المشهد مؤلماً.
* أين دفن والدك؟
- في مقبرة سحاب على طريق العراق.
* هل ترك وصية؟
- مسألة عادية كتبها في 1971، وقال فيها إذا تعرضت لمكروه فالمطلوب تسديد 4 دنانير لفلان في بغداد ومبلغ صغير لميكانيكي السيارات فيها.. ارقام لا قيمة لها.
* وبعد ذلك؟
- عدنا إلى البيت وإذ بنا نبلغ أن الملك حسين في طريقه إلينا. دخل وجلس معنا أربع ساعات. ترك لنا حراسه ليبقوا مع رجال الشرطة البريطانية.
في 11/7 بدأ التحقيق واستمر 3 أيام. كانت شقتنا في "كوينز واي" وكان العاهل الأردني يحضر يومياً ويرافق التحقيق.
الغريب في هذا الموضوع أن جواز والدي أظهر أنه دخل مصر في 8 تموز وغادرها في اليوم نفسه عائداً إلى لندن. لم تكن والدتي على علم برحلة مصر.
* هل تعتقد أن والدك ظلم؟
- نعم ظلم كثيراً. لقد أحب العراق باخلاص. والأمر نفـــسه بالنـــــسبة إلى إبراهيم الداود. أخذ والدي حبه للعراق معه إلى القبر. كان والدي يحب الدولة العراقية أيضاً وإن اختلف مع مسؤوليها. اذكر أن ابن عمي جاء لزيارتنا وكان شاباً صغيراً واستخدم لفظة قاسية في نعت أحمد حسن البكر. انتهره والدي وقال له اخرس، انك تشتم رئيس الجمهورية العراقية.
* كم كان عمر والدك حين اغتيل؟
- 45 عاماً.
المصدر:المشرق
762 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع