السلع الإباحية والخمور باتت تباع سرّا في العراق بعد سيطرة المحافظين
المجتمع المحافظ في العراق ضيّق الخناق على بائعي الخمور والسلع الإباحية، ما دفعهم إلى البيع بشكل سري، من دون أن تتراجع تجارتهم. والكل يعترف أن التحريم والتجريم لن يحدّا من هذه التجارة لأن كل ممنوع مرغوب.
إيلاف/وسيم باسم من بغداد: سلعتان يتم تداولهما بصورة سرية، وشبه علنية، في العراق هما اللوازم الجنسية والكحول. فعلى الرغم من أن القيم المحافظة والسياق العام الذي يسّير الدولة والمجتمع يمنعان مستلزمات الجنس والمشروبات الكحولية، الا أن الناس تتداولهما بطريقة شبه علنية احيانًا وسرية جدًا في أحايين أخرى، بحسب المكان والظرف.
يبدو كما لو أن الناس يعيشون حياة مزدوجة في حياتهم، بحسب الباحث الاجتماعي قاسم صلاح، اذ يرى أن كثيرين لا يجرؤون على البوح بتناولهم المشروبات الروحية على الرغم من انهم أدمنوها.
يتابع: "يتصرفون بطريقة توحي بعدم اقترابهم من هذه الامور، تجنبًا للإشكاليات التي تسببها لهم معرفة الاخرين بذلك".
لا يعون الحرية الشخصية
يقول الشرطي ليث حسين إن بسطات بيع الأشرطة الجنسية لا توقفها أي رقابة أمنية، "لأن التجار والبائعين والمستهلكين يأخذون جانب الحيطة القصوى، ويمكن رصد ذلك في منطقة الباب الشرقي، وسط بغداد، عبر دكاكين متنوعة، توفر كل ما يتعلق بالجنس".
ينطبق الامر ذاته على تداول المشروبات الكحولية، الذي يجري في الغالب بطريقة شبه سرية، بسبب طبيعة العلاقات المحافظة في المجتمع.
ويقول رباح حسين، الذي دأب على تناول المشروبات الكحولية، "إن تجنب الخوض في هذه الامور امر لا بد منه لمنع تدخل الاخرين في شؤونك الخاصة".
يضيف: "كثيرون لا يعون معنى الحرية الشخصية، لا سيما بعض المتطرفين الذين يعتبرون التدخل في حياة الاخرين الخاصة واجبًا دينيًا، ولهذا يسعون إلى تقديم النصائح، ويلجأون أحيانًا إلى التهديد".
عادة التجارة السرية
أقفل اغلب متاجر الكحول في العراق أبوابه بسبب تهديدات جماعات محافظة بحرقها أو قتل أصحابها. أحدهم ليث حنا الذي تحول من البيع بالعلن إلى التجارة السرية تجنبًا للتهديدات.
إلى الكحول، الحال نفسه ينطبق على تجارة أشرطة الفيديو والاقراص المدمجة الاباحية، اذ يحرص حسن عبود على إخفائها، يبيعها إلى جانب الموبايلات والسجائر وأقراص الاغاني، مؤكدًا أن أرباحه من هذه السلع الممنوعة اكبر بكثير من المبالغ التي يجنيها من بيع السلع العادية.
وكان مجلس محافظة بغداد اغلق في تشرين الثاني (نوفمبر) 2010، جميع النوادي الليلية ومحال بيع المشروبات الكحولية في بغداد بحجة أنها لا تملك إجازة بممارسة المهنة.
تخضع هذه التجارة شبه العلنية ايضًا لقوانين خاصة وأسرار يحرص المتعاملون بها على عدم كشفها. وكان العراق شهد عبر سنوات احتقانًا شديدًا في العلاقة المجتمعية بين محافظين ومنفتحين على قيم وعادات يطلق عليها البعض صفة "الغربية". ووقعت مواجهات بين متشددين وأصحاب المحلات، فأغلقت وأحرقت محلات بيع الخمور، كما صودرت وأتلفت الاقراص واللوازم الاباحية.
يقول حليم الاسدي، الذي يعرض بضاعته في الباب الشرقي في بغداد، إن البائعين لا يعرضون لك البضاعة الا بعد أن يثقوا بك، سواء كانت كحوليات او لوازم إباحية.
باعة صغار أو في المنازل
يدلّ الاسدي على فتى لا يتجاوز الخامسة عشرة، يمسك بيده أقراصًا مدمجة إباحية. تجرأ الفتى على اظهارها بعدما تأكد من هوية محدثه، قائلًا إنه يبيع يوميًا اكثر من ثلاثين قطعة.
يتابع: "اغلب هذه الاقراص منسوخة من الانترنت، وهي رخيصة جدًا مقارنة بالأقراص الاصلية التي يصل سعر الواحدة منها إلى نحو الاربعين دولارًا".
أما الكحول على أنواعها فتباع سرًا في البيوت. يعترف سعدون الجبوري انه اعتاد شراء الكحول من تاجر سري في مدينة المحمودية، يبيع منتجاته الكحولية في منزله.
لا يرى الباحث الاجتماعي قاسم صلاح، فعالية أي قانون يحرّم بيع الخمور، لانها متداولة بشكل شبه سري، وبالتالي لن يغير تحريمها في الأمر شيئًا، بل قد يزيد حجم هذه التجارة، وفق قاعدة كل ممنوع مرغوب.
يبدو أن لجنة الأوقاف والشؤون الدينية في مجلس النواب العراقي تدرك تطوّر هذه المسألة، إذ أعلنت اللجنة أن مقترح قانون مكافحة الخمور "لا يمنع تناولها لكنه سينظم محال بيعها ويحدد الأماكن المخصصة لها".
لكن اللجنة تؤكد ضرورة وجود ضوابط لفتح وإغلاق تلك المحال والنوادي الليلية، معتبرة أن هذا القانون الجديد لا يقيد الحريات.
وقال شريف سليمان، عضو اللجنة، إن القانون ينظم تناول الخمور في الأماكن المخصصة لها، كالمناطق السياحية وغيرها، إضافة إلى تحديد عمل المحال المخصصة لبيعها.
604 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع