يحاول الإيزيديون أن ينسوا ما طالهم من عنف وتهجير على أيدي أعداء الحياة، فيحاولون إقامة أعيادهم والالتقاء للم الشمل والفرح بقدوم الربيع أو موسم الحياة، لكن غياب بعض الإيزيديات اللاتي وقعن في قبضة الدواعش ينغص هذه الفرحة التي لن تكتمل إلا إذا حررت الأسيرات.
العرب/نينوى- احتفل الإيزيديون في مناطق تواجدهم في العراق ودول المهجر، الأربعاء، بعيد “سر صال”(رأس السنة)، وسط دعوات إلى إنقاذ الإيزيديات المختطفات من قبضة تنظيم داعش.
وقبل مغيب شمس الثلاثاء، بدأت العوائل الإيزيدية الاحتفال بطقوس سر صال، عبر سلق كميات من البيض، وتلوينها بأشكال مختلفة، وذبح الأضاحي من الدجاج، والخراف، والثيران، بما يتوافق مع الوضع المادي للأسرة، كما يقول الصحافي والباحث الإيزيدي، لقمان سليمان محمود.
ويضيف محمود، “العيد دائما يكون يوم الأربعاء، وتحديدا في أول أربعاء من شهر أبريل الشرقي، والذي يتخلف بـ13 يوما عن التقويم الغربي”.
والأربعاء هو اليوم المقدس لدى الإيزيديين حيث تتوقف فيه كافة الأعمال، وهو يوم للراحة والتأمل والعبادة، حيث كان يوم العطلة في العراق القديم.
ويقول محمود “يعتقد الإيزيديون أن الحياة بدأت في فصل الربيع، ولهم فلسفتهم التي يتشاركون فيها بهذا الشأن مع العديد من الشعوب القديمة، حيث يعتبرون سلق البيض مشابها لتجمد الكرة الأرضية بيضاوية الشكل، وتلوينه رمزا لتفتح الأزهار بمختلف الألوان”.
ويقول الناشط الإيزيدي لقمان سليمان إن “سلق البيض وتلوينه يحملان فكرة فلسفية لدى الإيزيديين، مفادها اعتقادهم بأن الأرض تجمدت في مثل هذا اليوم، وسلق البيضة هو محاكاة لتجمد الأرض، وكسر البيض بواسطة ألعاب الأطفال أو غيرها علامة على انتهاء موسم البرد والتجمد وزوال القشرة الجليدية، أما الأصباغ فهي تشير إلى قدوم الربيع وتفتح الورود الزاهية واستمرار الحياة”.
وعند بدء احتفلات أبريل يتوقف الزواج وتبدأ أعياد المدن والقرى والمعابد وتمتد إلى أكثر من عشرين يوما، ومن أبرزها عيد جز الصوف، حيث يحضر الرعاة للتطواف مع قطعان الأغنام ثلاث مرات حول المعبد، بمرافقة فرق عزف التراتيل الدينية من قبل القوالين (الكالو قديما).
ويشير محمود إلى أن معبد “لالش” (45 كلم جنوب شرقي مدينة دهوك بالإقليم الكردي في العراق) شهد ليلة الثلاثاء، حضورا غير متوقع من المئات من العوائل الإيزيدية للاحتفال بالعيد. وأشعل المحتفلون، الذين هم في غالبيتهم نازحون من مناطق في العراق لا تزال تحت سيطرة داعش، الآلاف من الفتائل التي أنارت ظلام الليل في ساحة معبد لالش.
والديانة الإيزيدية هي بقايا ديانة شرقية قديمة لا تزال تحتفظ ببعض التقاليد والعقائد التي تعود لشعوب وادي الرافدين الموغلة في القدم، وهي ديانة لا تقوم على التبشير، وتؤمن بوجود الله وتؤدي طقوسها باللغة الكردية.
ومعبد لالش، له قدسية لدى الإيزيديين ويقع في منطقة جبلية، يتواجد فيها أيضا قبر الشيخ عدي بن مسافر المقدس لدى أتباع الديانة، كما أنها مقر المجلس الروحاني للديانة الإيزيدية في العالم، حيث يحج الإيزيديون مرة واحدة خلال حياتهم على الأقل إلى لالش، بينما يحج القاطنون في المنطقة بشكل سنوي إليه خلال فصل الخريف من 23 سبتمبر وحتى الأول من أكتوبر.
ويقول الباحث محمود إن “غالبية الدعوات خلال الاحتفال وخلال تبادل التهاني كانت أن يكون الاحتفال القادم بهذا العيد وقد تمت هزيمة تنظيم داعش وإطلاق سراح المختطفات الإيزيديات”.
وبعيدا عن معبد لالش، وفي مركز ناحية “سرسنك”(60 كلم شمال شرقي دهوك) والذي تقطنه نحو 700 عائلة إيزيدية نازحة من مناطق “سنجار” و”سهل نينوى”، في محافظة نينوى شمالي البلاد، كانت الفتاة إلين (13 عاما)، تجمع في وقت مبكر من صباح الأربعاء، باقة من أزهار شقائق النعمان الحمراء، لتعلقها على باب منزلها، بعد أن تزينه بقشور البيض الملونة والعجين احتفالا بالمناسبة.
مركز لالش الثقافي والاجتماعي، الذي يعد إحدى أكبر منظمات المجتمع المدني في العراق، ويبلغ عدد منتسبيه أكثر من 7 آلاف، أصدر بيانا بمناسبة حلول عيد رأس السنة، قال فيه إنه “لن تكون هنالك أي مظاهر كبرى للاحتفال بهذا العيد، لأن الفرح لا يدخل إلى القلوب المجروحة والمتألمة على فقدان الأحبة. عيدنا الحقيقي يوم تحرير ما تبقى من مناطق سيطرة داعش”.
وأضاف مركز لالش أن “تحرير مختطفاتنا وأسرانا من قبضة داعش هو العيد الحقيقي والأكبر والذي يمكن أن يدخل البسمة إلى قلوب الأمهات وإلى عموم الإيزيديين”. ودعا المجتمع الدولي إلى عدم إهمال قضية المختطفين الإيزيديين، والعمل من أجل إنقاذهم من داعش.
والإيزيديون مجموعة دينية، يعيش أغلب أفرادها قرب الموصل (شمال)، ومنطقة جبال سنجار في العراق، فيما تعيش مجموعات أصغر في تركيا، وسوريا، وإيران، وجورجيا، وأرمينيا.
719 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع