في أربعينية العزيز حسين السامرائي
عزيزي أبا سيف ها قد انقضت الأربعين يوماً على رحيلك عن هذه الدنيا الفانية، رحيل أبدي.
مرت كأنها لحظات.
انقضت مثل وميض برق عابر، كنت طوالها لم تغب عني لحظة.
لم أكن أتصور أنها سوف تمر بهذه السرعة.
ان أحداث هذه الدنيا التي عشناها معاً أخي أبا سيف وهموم تشاركنا معاناتها معاً، ومسرات فرح تقاسمناها لأربعة عقود ونصف من الزمان معاً، تدفع عقلي المرهق الى استرجاع خزينها في الذاكرة صوراً تبقيني في دوامة الحزن والحيرة، وتبقيك قريباً مني مهما طالت المسافة، وابتعد الزمن.
لقد مرت مرور كرام يذكرني فخراً بأيام الشباب والعمل العسكري الذي خدمنا فيه معاً، وفي كل صفحة أتصفحها من هذه الذكريات طوال هذه الأربعين يوماً أجد تلك الهمة والتواصل والابداع الذي لم أجده عند أحد غيرك أو أحد من أقرانك في ذاك الزمان وهذا.
أجد وفاء صداقة يندر في هذا الزمان كنت فيه سباقاً على الدوام.
أجد صفحة بيضاء وكفاح انسان كان متميزاً على طوال الطريق الذي سلكته في دنياك، وسلكنا بعضه معاً علي ذات الطريق.
أجد صبراً وقدرة تحمل أشهد وقعها منذ اليوم الذي حشروك فيه سجين رأي وساعة النطق بالحكم إعداماًظلماً، أشهد بقاءك طوالها صامداً شامخاً لم يزيدك السجن الا صلابة، ولم يترك الحكم بالإعدام فيك الا إيماناً بالله تعالى.
لكن الزمن يا صديق العمر يقسو، ولا يدع الأمور تسير طوال فتراته كما نشتهي، كانت قساوته في أخذك من بيننا في لحظة أسى لم يمهد لها، ولم تكن في واقع الحال محسوبة، وكانت قساوته في فراقك هذا دون وداع، إذ لم يعطينا الزمان الصعب فرصة وداع كما يعطيها للغير.
لقد رحلت عن هذه الدنيا فجأة، فأرهقنا رحيلك وأحزننا فراقك.
أربعون يوماً على هذا الرحيل الأبدي أقول:
أنك باق بيننا تعيش وسطنا، كما كنت قبل الرحيل.
ستبقى ابتسامتك مرهماً يخفف معاناتنا، يوم تحل المعاناة وهي كثيرة في هذا الزمان.
وأقول أنك قد سبقتناً الى دار الحق لأمر أراده الله سبحانه، وسنكون من بعدك لنلتقيك هناك في دنيا الحق بلا هموم ولا معاناة كما هي الدنيا.
نم قرير العين، وديعة عند الله.
الى روحك الطاهرة الرحمة.
فؤاد حسين علي
1700 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع