ينشغل العراقيون في رمضان بتأمين لقمة العيش وتوفير السلع الرمضانية، وسط مخاوف من حدوث تفجيرات أمنية تعكر عليهم أجواء الشهر الفضيل.
إيلاف / وسيم باسم/ بغداد: يصوم العراقيون رمضان الفضيل في وقت يتخوفون فيه من تصاعد أعمال العنف، بعدما ارتفعت معدلات ضحايا التفجيرات خلال الشهر الماضي. مقابل ذلك، تحولت الأسواق والمحلات التجارية والشوارع إلى ورشة بيع وشراء في ظل ارتفاع كبير للأسعار. ولم تحل الاجراءات الامنية حيث تحاط الاسواق ومراكز المدن بحراسة الشرطة وأفراد الامن من تدفق الناس إلى هذه المناطق، التي غالبًا ما تكون هدفًا للتفجيرات. وتقول الجهات الآمنة إنها وضعت خطة أمنية خاصة بشهر رمضان في عموم البلاد، تشمل تأمين دور العبادة والأسواق والمناطق الشعبية والمكتظة بالسكان.
وعلى الرغم من أن المواد الغذائية متوافرة بشكل كبير في الاسواق، إلا أن التاجر أحمد كامل من الشورجة في بغداد يؤكد أن الكثير من المواطنين يعانون ارتفاع اسعار المواد الغذائية، مؤكدًا أن اصحاب الدخل المحدود لا يستطيعون مجاراة التكاليف الباهظة.
هوس الشراء
لكن بالرغم من ذلك كله، فإن هوس الشراء لدى الاسرة العراقية كبير جدًا في رمضان حتى ولو اضطرها الأمر إلى القرض المالي على امل التسديد في المستقبل. ويقول كامل إن اغلب زبائنه من النساء من ربات البيوت المدمنات على التسوق، لاسيما في الايام القليلة قبل رمضان. وترى الباحثة الاجتماعية كوثر البياتي أن هناك هستيريا شراء تجتاح الاسر العراقية، "يعود ذلك إلى أن الاسرة العراقية تفتقر إلى الكفاءة في التخطيط والاقتصاد، حيث أن التبذير من سماتها الرئيسية لاسيما في شهر الصيام".
وتضيف: "لا تدبر الاسرة العراقية استهلاكها بشكل عقلاني، وبالمقابل ليست لديها احتياطات من احتمال حصول تفجيرات، وما معنى أن تصطحب الام افراد اسرتها من ضمنهم الاطفال وهي تعرف أن احتمال التعرض لانفجار كبير جدًا؟".
فوضى التجارة
وبسبب الحركة التجارية النشطة، تتحول ارصفة مراكز المدن العراقية إلى دكاكين تعرض أنواعاً لا تحصى من المشروبات والمواد الغذائية، ليتحول المشهد إلى حالة من الفوضى، بدلًا من أن تكون هذه المدن في الشهر الفضيل امكنة منظمة تشجع على العبادات والمواقف الروحية. وتقول كوثر: "حتى النساء يتحولن إلى تاجرات على الرغم من انهن صائمات، وكل ذلك بسبب الجشع المادي أو الحاجة إلى لقمة العيش". ولا يمكن الجزم بالعدد الكلي بأعداد الصائمين في العراق حيث لا تتوفر احصائية في ذلك، لكن كوثر تتوقع أن نسبتهم بحدود 45 في المئة من عدد السكان. وافترشت ام علي الارض لبيع مختلف انواع المواد الغذائية، حيث يحيط بها العاطلون الذين يجدون في رمضان فرصة مؤاتية لتحسين وضعهم المالي.
وفي جانب آخر من السوق، يبيع الشاب العاطل عن العمل جعفر محمد التمر والبيض والعصائر، ويؤكد أن اغلب اصحاب المخازن يوزعون السلع على الشباب العاطلين لتصريفها بالسرعة الممكنة. ولا تخضع السلع المعروضة لرقابة صحية.
ثقافة التباهي
يُرجع الباحث الاقتصادي إياد الجبوري ما يحدث إلى أن المواطن العراقي يتحول إلى مستهلك بدرجة الضعف في رمضان، مشيرًا إلى أن الموائد الرمضانية في الغالب فائضة عن الحاجة بسبب العادات الاجتماعية وثقافة التباهي. وفي زيارة ميدانية إلى الاسواق، يشهد المرء على طريقة العرض غير الصحية للمواد الغذائية في حرارة تتجاوز في بعض الايام 45 درجة مئوية. وفي السوق بمدينة الحلة ، يحمل الصبية لحومًا وموادَّ غذائية أخرى في أوانٍ عريضة ويتجولون بين المستهلكين. ويقول الفتى قاسم إن اغلب اصحاب المتاجر والمخازن يُخرجون بضاعتهم في رمضان على امل تصريفها بسرعة كبيرة وبأسعار مرتفعة.
هاجس أمني
ينتقد الجبوري ثقافة تخزين المواد الغذائية التي تلجأ اليها الأسر في إطار استعداداتها لاستقبال الشهر الكريم. وبدلاً من أن يكون رمضان شهرًا للذكر والعبادة وصلة الرحم، يتحول إلى مطعم كبير يكثر فيه الاكل الزائد، وفي الوقت نفسه تطول فيه حفلات السهر للمتعة وتناول المشروبات والدخان إلى ما بعد منتصف الليل.
في غضون ذلك، قال عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية حسن جهاد، في اتصال معه أن خروج المواطنين في الليل في رمضان سيزيد من احتمال استهدافهم. وبعيدًا عن الهاجس الاقتصادي تقول الناشطة النسوية ايمان حسن أن الهاجس الامني هو المسيطر على اجواء رمضان في العراق. كما يشير ضابط الشرطة احمد فاضل إلى توقعات بحدوث اعمال تفجير، مؤكدًا أن هناك حالة استنفار أمني لاسيما في المراكز الدينية والمساجد والحسينيات.
1013 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع