إيلاف/ عبدالأله مجيد:واشنطن مهتمة بزيادة تعاونها الأمني مع حكومة نوري المالكي العراقية، بوجه تمدد القاعدة في العراق، لكنها تخشى أن تقدم له ما يريد من طائرات أباتشي هجومية، مخافة أن يستخدمها ضد السنة المعترضين على إقصائهم من الحياة السياسية.
يشهد العراق تصعيدًا لم يعرفه منذ سنوات في نشاط تنظيم القاعدة، حتى ان شهر تموز (يوليو) الماضي كان الأشد دموية منذ العام 2008 بمقتل اكثر من 1000 شخص، بحسب ارقام الأمم المتحدة. وإزاء عجز القوى الأمنية العراقية عن التصدي للموجة الجديدة من اعمال العنف، والاستياء الذي اثاره هذا العجز بين العراقيين، تسعى حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي إلى تعزيز التعاون الأمني مع الولايات المتحدة، بدعوى انهما تواجهان خطرًا مشتركًا.
وأبدت الولايات المتحدة استعدادها للاستجابة لدعوة الحكومة العراقية بتعزيز التعاون في المجال الاستخباراتي ومكافحة الارهاب، وبيعها منظومات عسكرية متطورة، على امل المساعدة في منع العراق من التحول إلى منطلق لنشاط القاعدة ضد اهداف أخرى في العالم، بعد التهديدات الارهابية الأخيرة التي كان مصدرها اليمن.
اعتراضات أميركية
لكن اعتراضات أُثيرت داخل الكونغرس الاميركي على استجابة واشنطن، داعية إلى التروي في خطط ادارة اوباما التي لا تهدف إلى تنسيق جهود مكافحة الارهاب مع الحكومة العراقية فحسب، بل تزويدها بمعدات متطورة تشمل منظومات دفاع جوي ومروحيات اباتشي الهجومية.
ويرى بعض المعترضين أن التطورات التي تعصف بالمنطقة تستدعي التريث في تقديم اسلحة فتاكة إلى حكومة مختصمة مع قطاع واسع من شعبها، في اشارة إلى التظاهرات والاحتجاجات المستمرة منذ أشهر في المحافظات العراقية ذات الأغلبية السنية.
ويقول معترضون آخرون إن على الولايات المتحدة أن تفكر مرتين قبل بيع منظومات عسكرية متطورة للعراق، لا سيما أن حكومة المالكي لم تحرك ساكنًا من الناحية العملية لمنع ايران من استخدام الأجواء العراقية لنقل السلاح إلى النظام السوري في حربه ضد معارضة مدعومة من الدول الغربية، بما في ذلك الولايات المتحدة.
لكن المسؤولين العراقيين يسعون جاهدين إلى اقناع الولايات المتحدة بأن لها مصلحة في مساعدة المالكي ضد القاعدة. وقال وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري في واشنطن، حيث اجتمع مع نظيره الاميركي جون كيري ومسؤولين اميركيين آخرين الاسبوع الماضي في اطار الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة بين العراق والولايات المتحدة: "نريد ان نعمل معكم ضد عدونا المشترك". وشدد على ان تنظيم القاعدة يصوب نيرانه على اميركا والعراق، قائلًا: "لن يبقى شيء بنيناه معًا ما لم نربح الحرب ضد الارهاب".
صفقة الأباتشي
ويقول مسؤولون اميركيون ان لدى الولايات المتحدة جملة مصالح قومية حيوية في العراق، تجعل التعاون مع حكومة المالكي اولوية عليا، على رأسها مساعدة العراق في مواجهة تنظيم القاعدة. ونقلت صحيفة كريستيان ساينس مونتر عن مسؤول في الادارة الاميركية، حضر محادثات الاسبوع الماضي بين المسؤولين العراقيين والاميركيين، قوله إن الأولوية الاميركية الأولى هي كبح صعود تنظيم القاعدة في العراق، والتوثق من عدم استعادته الملاذات التي كانت له في العراق خلال الأعوام 2005 و2006 و2007.
واضاف المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه ان هذا الهدف يتطلب الكثير من العمل لتحقيقه، مشيرًا إلى ان اولويات الولايات المتحدة الأخرى تشمل زيادة انتاج النفط والحفاظ على وحدة العراق وبناء مؤسسات ديمقراطية وتعزيز المسيرة الديمقراطية.
لكن منتقدين لاحظوا ان هذا الهدف الأخير تحديدًا، أي بناء الديمقراطية، يُضرب به عرض الحائط من جانب الولايات المتحدة، ويُداس بأقدام حكومة المالكي التي تواجه احتجاجات متزايدة من السنة، يطالبون بانهاء تهميشهم.
وهنا تأتي صفقة مروحيات اباتشي، التي تريد حكومة المالكي شراءها من الولايات المتحدة، إذ قدمت ادارة اوباما طلبًا لموافقة الكونغرس على صفقة قيمتها 4.7 مليارات دولار من المعدات العسكرية التي تريدها بغداد، لكن لجان الكونغرس في مجلسي الشيوخ والنواب على السواء حجبت موافقتها على صفقة اصغر لبيع مروحيات اباتشي، خشية ان تستخدمها حكومة المالكي ضد خصومها السياسيين العراقيين. ورفض زيباري هذه المخاوف، مؤكدًا ان الحكومة العراقية لم تستخدم الاجراءات التي استُخدمت في مصر لفض الاحتجاجات في المناطق السنية، واشار إلى أن حزمة الاجراءات التي اتخذتها بغداد لتلبية مطالب السنة وتبديد مخاوفهم تجد طريقها إلى التنفيذ من خلال البرلمان.
وفي ما يتعلق بالطائرات الايرانية التي تنقل السلاح إلى نظام الأسد في سوريا عبر الاجواء العراقية، قال زيباري إن على الاميركيين الذين يريدون من العراق ضبط اجوائه ان يمدوه بالوسائل التي تساعده في ذلك. وأعلن وزير الخارجية العراقي امام جمهور في مركز الدراسات الاستراتيجة والدولية: "لمعلوماتكم، لا يملك العراق طائرة مقاتلة واحدة".
1027 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع