أخبار وتقارير يوم ١٧ تموز
في الذكرى لحركة أو ثورة ١٧ تموز
حركة 17 تموز أو ثورة 17 تموز هي انقلاب أو حركة سياسية حدثت في العراق في شهر يوليو من عام 1968، حيث أطيح بنظام حكم الرئيس عبد الرحمن عارف وتولى حزب البعث العربي الاشتراكي السلطة بما يعرف بالثورة البيضاء بقيادة أحمد حسن البكر، ونائبه صدام حسين، وذياب العلكاوي ولكن اعتقالات واغتيالات كثيرة جرت بعد تسلم حزب البعث للسلطة شملت العسكريين والسياسيين السابقين من أمثال عبد الرحمن البزاز رئيس الوزراء الأسبق وطاهر يحيى وعبد العزيز العقيلي ولاحقا رشيد مصلحومن العسكريين الآخرين بينما أحيل عدد كبير من القادة العسكرين على التقاعد.
————————-
ملحوظه /المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب وليس مجلة الكاردينيا /مع التقدير
اسرار انقلاب 17 تموز 1968
حامد الحمداني
لماذا أعد الانقلاب ؟
لاشك أن هناك أمور كثيرة تتعلق بالوضع السياسي في العراق كانت قد أقلقت الإمبرياليين الأمريكيين والبريطانيين، وجعلتهم يستبقون الأحداث، ويدبرون انقلابهم ضد حكومة عبد الرحمن عارف، وكان أهم تلك الأمور ما يلي:
1 ـ ضعف سلطة عبد الرحمن عارف ، وتنامي النشاط الشيوعي من جديد، وظهور اتجاهات لدى الحزب، ولدى القيادة المركزية، للسعي لقلب الحكم بالقوة، واستلام السلطة، مما أثار قلق الإمبرياليين الذين وضعوا في الحسبان إمكانية إسقاط ذلك النظام الهش الذي يفتقر لأي سند شعبي، وتتآكله الصراعات بين الضباط المهيمنين على السلطة، وانشغالهم في السعي للحصول على المكاسب والمغانم، مما جعل الحكم في فوضى عارمة يمكن أن تسّهل عملية الانقضاض عليه، وتوجيه الضربة القاضية له.كما أن محاولات القوى الناصرية تحقيق الوحدة مع الجمهورية العربية المتحدة، كانت تسبب للإمبرياليين المزيد من القلق، لأن الوحدة تشكل أكبر خطر على وجودهم في المنطقة وعلى إسرائيل، القاعدة المتقدمة للأمريكا، وسيفها المسلط على رقاب العرب.
2- قرار حكومة طاهريحيى، في 6 آب 967 ، باستعادة حقل الرميلة الشمالي من شركة نفط العراق ، وإلحاقه بشركة النفط الوطنية ، ومعروف أن هذا الحقل غني جداً بالنفط ، مما أثار حنق شركات النفط الاحتكارية التي اعتبرته تحدياً جدياً لمصالحها الإمبريالية .
3- عقد اتفاقية نفطية مع الاتحاد السوفيتي، بتاريخ 24 كانون الأول 967 ، تعهد الاتحاد السوفيتي بموجبها بتقديم كل المساعدات التقنية وتجهيزات الحفر لحقل الرميلة الشمالي ، واستخراج النفط وتسويقه لحساب شركة النفط الوطنية، وقد اعتبرت الإمبريالية هذا الأمر تغلغلاً سوفيتياً في هذه المنطقة الهامة التي تحتوي على نصف الخزين من الاحتياطات النفطية في العالم، واتخذت قرارها بالتصدي لهذا التغلغل المزعوم .
4-إقدام حكومة عارف على عقد اتفاقية نفطية مع شركة [أيراب] الفرنسية للتنقيب والحفر واستخراج النفط في منطقة تزيد مساحتها على 11000كم مربع تقع في وسط وجنوب العراق، وذلك بمعزل عن الاحتكارات النفطية البريطانية والأمريكية، حيث اعتبر ذلك تجاوزاً على مصالحهما النفطية في المنطقة.
5- رفض حكومة عارف منح شركة [ بان اميركان ] الأمريكية امتيازاً لاستخراج الكبريت في العراق، حيث اكتشفت كميات كبيرة منه على نطاق تجاري مما أثار نقمة الحكومة الأمريكية.
كل هذه العوامل جعلت الإمبريالية تقرر قلب نظام عبد الرحمن عارف الهش، والإتيان بحكومة جربتها يوم دبرت انقلاب 8 شباط 1963، تلك التي أعلنت الحرب الشعواء على الشيوعيين، وكل الوطنيين، واغتالت ثورة الرابع عشر من تموز وقائدها عبد الكريم قاسم، وصفت كل منجزات الثورة التي دفع الشعب العراقي من أجلها دماء غزيرة .
ثانياً: كيف أُعدّ الانقلاب ؟ وَمنْ قاده ؟
جرت عملية الإعداد للانقلاب من قبل الدوائر الإمبريالية في كل من بريطانيا والولايات المتحدة حيث سعت تلك الدوائر لتعاون العناصر الموالية لكلا الجانبين، فهناك البعثيون على الجانب الأمريكي، وعبد الرزاق النايف وإبراهيم عبد الرحمن الداؤد وزمرتهما على الجانب البريطاني حسث كان النايف يشغل منصب رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية، يما كان الداؤد يشغل منصب آمر الحرس الجمهوري.
سارع الإمبرياليون،عن طريق عميليهما الدكتور [ناصر الحاني]، سفير العراق في بيروت، وبشير الطالب، الملحق العسكري في السفارة المذكورة، والذي سبق أن شغل قيادة الحرس الجمهوري في عهد عبد السلام عارف، حيث تمت الاتصالات بالانقلابيين، وتجنيدهم من خلال السعودية، وقد قام النايف والداؤد بالاتصال بسعدون غيدان آمر كتيبة الدبابات المكلفة بحماية القصر الجمهوري، والملحقة بالحرس الجمهوري، واستطاعا جره إلى جانبهما.وبعد أن تم للإمبرياليين تأمين اشتراك القادة الثلاثة في الانقلاب طلبوا من النايف الاتصال بالبعثيين ودعوتهم للمشاركة في الانقلاب. وجد البعثيون فرصتهم الذهبية للعودة إلى الحكم من جديد، وأعلنوا على الفور استعدادهم للمشاركة في الانقلاب، فقد ورد ذلك على لسان عبد الرحمن عارف في حديث له مع المؤرخ عبد الرزاق الحسني في اسطنبول، في18 شباط 1970، حيث قال:
{ إن النايف لم يكن إلا أداة حركها إغراء المال، وإن شركات النفط العاملة في العراق، والقوى التي تقف وراءها، كانت قد سعت منذُ منحت حكومته عقداً لشركة إيراب الفرنسية، وعقد اتفاقية التفاهم والمساعدة الفنية مع الاتحاد السوفيتي لاستثمار حقل الرميلة الشمالي الذي تم سحبه من شركة نفط العراق، وإلحاقه بشركة النفط الوطنية، وكذلك حجب الحكومة امتياز الكبريت عن شركة ـ بان أميركان ـ الأمريكية، سعت إلى البحث عن عملاء يعملون على تدمير حكمه، ووجدوا في النهاية أن عبد الرزاق النايف، هو الرجل الذي يحتاجون إليه، واشتروه من خلال السعودية بواسطة الوسيطين الدكتور ناصر الحاني و بشير الطالب، وأكد عبد الرحمن عارف أنه يقول هذا عن معرفة أكيدة وليس مجرد شكوك}.
أما عبد الرزاق النايف فقد أكد دوره في ذلك المخطط، بعد أن قام البعثيون بانقلابهم ضده، بعد مرور 13يوماً من تنفيذ انقلاب 17تموز 1968، ونفيه إلى خارج العراق، حيث عقد مؤتمراً صحفياً فضح فيه دوره، ودور شركائه البعثيين في الانقلاب، وعلاقاتهم بالإمبريالية حيث قال:
{أنا لا أنكر علاقتي بالأمريكيين، لكنهم هم الذين فرضوا علي التعاون مع البعثيين} وكان عراب الانقلاب الدكتور ناصر الحاني الذي أصبح وزيراً للخارجية عند وقوع الانقلاب وقد سارع البعثيون إلى اغتياله في أحد شوارع بغداد، ثم اتبعوه باغتيال النايف بعده في لندن، محاولين بعملهم هذا حجب نور الشمس بواسطة الغربال!.
كيف نفذ انقلاب 17 تموز 1968:
سارع عبد الرزاق النايف إلى إعداد خطة تنفيذ الانقلاب بالاشتراك مع إبراهيم عبد الرحمن الداؤد، وسعدون غيدان، واحمد حسن البكر، وصالح مهدي عماش، وحردان عبد الغفار التكريتي، وأنور عبد القادر الحديثي، حيث جرى الاتفاق فيما بينهم على تفاصيل خطة الانقلاب، معتمدين على كتيبة الدبابات التي كانت في القصر تحت إمرة سعدون غيدان، وجرى الاتفاق على أن يأخذ سعدون غيدان كل من أحمد حسن البكر، وصالح مهدي عماش، وحردان التكريتي بسيارته الخاصة إلى داخل القصر الجمهوري ليقوموا جميعاً بالسيطرة على كتيبه الدبابات فجر يوم 17 تموز 1968، فيما يقوم عبد الرزاق النايف بالسيطرة على وزارة الدفاع، وأنيطت مهمة السيطرة على دار الإذاعة إلى إبراهيم الداؤد.
وفي فجر ذلك اليوم قام سعدون غيدان بإدخال الضباط المذكورين ـ وهم يمثلون حزب البعث ـ بسيارته الخاصة، وتم لهم على الفور السيطرة على كتيبة الدبابات المذكورة، وأحاطوا بها القصر، وقاموا بإطلاق 5 إطلاقات من مدافع الدبابات كخطوة تحذيرية لعبد الرحمن عارف، الذي استيقظ من نومه مذعوراً، وحالما وجد القصر مطوقاً بالدبابات، أعلن استسلامه على الفور، وطلب تسفيره إلى خارج العراق.وفي الوقت نفسه تحرك عبد الرزاق النايف نحو وزارة الدفاع بمساعدة عدد من الضباط الموالين له وسيطر على الوزارة دون عناء، فيما توجه الداؤد إلى دار الإذاعة بعدد من الدبابات وسرية من الحرس الجمهوري وسيطر عليها دون قتال، و قام بإذاعة البيان الأول للانقلاب في الساعة السابعة والنصف من صباح ذلك اليوم 17 تموز 1968.
حاول الإنقلابيون في بيانهم هذا التغطية على الأهداف الحقيقية للانقلاب، وجرى ذلك تحت شعار حل القضية الكردية، وإحلال السلام في كردستان، وإقامة الديمقراطية في البلاد، وإتاحة الفرص المتساوية للمواطنين، وانتصار حكم القانون، والتأييد الحازم للقضية الفلسطينية، داعين إلى تحديد مسؤولية الهزيمة في حرب حزيران، ولم ينسى البيان التهجم على الحكم السابق، واتهامه بشتى التهم، من رجعية وعمالة وغيرها.
وخلال الساعات الأولى من صباح ذلك اليوم تم للانقلابيين السيطرة على البلاد وانتهى كل شيء وجرى اعتقال رجالات نظام عارف، وعلى رأسهم رئيس الوزراء [طاهر يحيى]، وجرى على الفور تسفير رئيس الجمهورية، عبد الرحمن عارف بطائرة عسكرية إلى لندن، حيث كانت زوجته تعالج هناك، ثم انتقل بعد ذلك إلى تركيا واتخذها مقراً لإقامته لسنين عديدة، ولكونه لا يشكل خطراً على النظام، فقد وافق البعثيون على طلبه بالعودة إلى العراق، بعد سنين عديدة ليعيش حياته كمواطن عادي.أما الشعب العراقي فقد أستقبل الانقلاب ببالغ القلق والاكتئاب، فالوجوه هي نفسها التي أغرقت البلاد بالدماء، إثر انقلاب 8 شباط عام1963.
الإنقلابيون يتقاسمون المناصب:
ما أن أستتب الأمر للانقلابيين حتى سارعوا إلى توزيع المناصب الهامة في البلاد فأعلنوا عن تعين أحمد حسن البكر رئيساً للجمهورية، فيما أصبح عبد الرزاق النايف رئيساً للوزراء، كما عُين إبراهيم الداؤد وزيراً للدفاع، وجاءت وزارة النايف على الوجه التالي:
1-عبد الرزاق النايف ـ رئيساً للوزراء.
2 -إبراهيم عبد الرحمن الداؤد ـ وزيراً للدفاع.
3 -ناصر الحاني ـ وزيراً للخارجية.
4 - صالح مهدي عماش ـ وزيراً للداخلية.
5 - عزت مصطفى ـ وزيراً للصحة.
6- مهدي حنتوش ـ وزيراً للنفط.
7 -جاسم العزاوي ـ وزيراً للوحدة.
8 - إحسان شيرزاد ـ وزيراً للأشغال.
9 - صائب مولود مخلص ـ وزيراً للمواصلات.
10 -ذياب العلكاوي ـ وزيراً للشباب.
11- صالح كبه ـ وزيراً للمالية.
12-محمد يعقوب السعيدي ـ وزيراً للتخطيط
13 - طه الحاج الياس ـ وزيراً للإرشاد.
14ـ عبد المجيد الدجيلي ـ وزير الإصلاح الزراعي.
15 ـ خالد مكي الهاشمي ـ وزيراً للصناعة.
16 ـ محمود شيت خطاب ـ وزيراً للبلديات.
17 ـ عبد الله النقشبندي ـ وزيراً للاقتصاد.
18ـ عبد الكريم زيدان ـ وزيراً للأوقافز
19 ـ أحمد عبد الستار الجواري ـ وزيراً للتربية.
20 ـ أنور الحديثي ـ وزيراً للشؤون الاجتماعية.
21 ـ محسن القزويني ـ وزيراً للزراعة.
22 ـ رشيد الرفاعي ـ وزيراً لشؤون رئاسة الجمهورية.
23 ـ محسن ديزئي ـ وزيراً بلا وزارة.
24 ـ كاظم معله ـ وزيراً بلا وزارة.
25 ـ ناجي خلف ـ وزيراً بلا وزارة.
وبموجب هذه التشكيلة أصبح للبعثيين ثمانية مقاعد وزارية، فيما شغل الأكراد ثلاثة مقاعد، والإخوان المسلمون مقعدين، وشغل بقية المقاعد وعددها اثنا عشر مقعداً عناصر من مختلف الاتجاهات القومية والرجعية.
أما المراكز العسكرية الحساسة فقد جرى توزيعها على الوجه التالي:
1 ـ سعدون غيدان ـ قائداً للحرس الجمهوري، وقد كسبه البعثيون إلى جانبهم.
2 ـ حردان التكريتي ـ رئيساً للأركان، وقائداً للقوة الجوية .(بعثي)
3 ـ حماد شهاب ـ قائداً للواء المدرع العاشر، وهو أقرب واخطر وحدة عسكرية على بغداد وهو من العناصر البعثية أيضاً.
بدأ البعثيون منذُ الساعات الأولى للانقلاب يعملون بأقصى جهدهم لتثبيت مواقعهم في صفوف الجيش، واستغل حردان التكريتي فرصة سفر الداؤد إلى الأردن، لتفقد القوات العراقية هناك، بكونه رئيساً للأركان، بإجراء مناقلات لعدد كبير من الضباط الموالين لحزب البعث ، تمهيداً لمخططهم الهادف إلى إزاحة كتلة النايف، واحتكار الحكم لحزب البعث وحدة.
*الصراع بين جناحي البعث والنايف:
منذُ اليوم الأول للانقلاب، بدت بوادر الخلافات بين كتلتي البعث والنايف، فلم يكن أحدهما مرتاحاً لوجود الآخر في السلطة، إلا أن الظروف التي تحدثنا عنها سابقاً، وإرادة الإمبرياليين، هي التي جمعتهم في هذه التركيبة غير المتجانسة.
كانت صحيفة البعث [الجمهورية]، وصحيفة النايف [الثورة] على طرفي نقيض، وبلغ ذلك التناقض حداً أضطر فيه وزير الإرشاد إلى إصدار قرار في 24 تموز بدمج الصحيفتين بناء على أمر النايف، وطرد المحررين البعثيين من الصحيفة، كما قرر النايف إبعاد البعثيين من دار الإذاعة ومنعهم من الدخول إليها، واستغل البعثيون قرارات النايف الاقتصادية، والتي صبت كلها بشكل سافر في خانة الإمبريالية الأمريكية، واتخذوها سلاحاً ضده.
لقد كانت باكورة توجهات النايف تلك قد تضمنت مايلي:
1 ـ إلغاء عقد شركة إيراب الفرنسية للنفط، والتي كانت قد عقدته حكومة عبد الرحمن عارف قبل وقوع الانقلاب.
2 ـ إلغاء قرار إعادة حقل الرميلة الشمالي إلى شركة النفط الوطنية.
3 ـ إلغاء شركة النفط الوطنية العراقية.
4 ـ محاولة منح شركة ـ بان أميركان ـ امتياز استغلال الكبريت.
حزب البعث يحسم الصراع، ويستولي على كامل السلطة:
منذُ اليوم الأول لانقلاب 17تموز 968، كان حزب البعث قد أتخذ قراره بإزاحة كتلة النايف، واستلام السلطة كاملة، وقد أشرنا إلى أن الحزب كان قد أستقطب كل من [حماد شهاب ] قائد اللواء المدرع العاشر، المكلف بحماية بغداد، و[سعدون غيدان] الذي أصبح قائداً للحرس الجمهوري بعد نجاح الانقلاب، هذا بالإضافة إلى تولي حردان التكريتي منصب رئاسة الأركان، وقيادة القوة الجوية، وتولي صالح مهدي عماش وزارة الداخلية، وفي المقدمة من كل ذلك تولي [احمد حسن البكر] رئاسة الجمهورية، ولذلك فقد كان الجو مهيئاً لحزب البعث لكي يضرب ضربته ويزيح كتلة النايف من طريقه.
وجاء سفر[إبراهيم الداؤد] وزير الدفاع إلى الأردن لتفقد القوات العراقية المتواجدة في الأردن، فرصة لا تضيع للانفراد بالنايف، حيث قرر حزب البعث توجيه ضربته الخاطفة له في 30 تموز ـ ولما يمضي على الانقلاب سوى 13يوماً، فقد تحرك اللواء العاشر المدرع بقيادة اللواء حماد شهاب نحو بغداد، واحتل المرافق والنقاط الرئيسة فيها، وتمكن [صدام حسين] وبمعييته مجموعة من الضباط من اعتقال النايف، وتسفيره على متن طائرة عسكرية إلى خارج العراق، وجرى حل مجلس الوزراء وتأليف وزارة بعثية جديدة، كما تم تأليف مجلس دعوه[مجلس قيادة الثورة] ومنحوه صلاحيات تشريعية وتنفيذية واسعة.وجاء تأليفه على الوجه التالي :
1 ـ أحمد حسن البكر ـ رئيساً للمجلس.
2ـ صدام حسين التكريتي ـ نائباً للرئيس.
3 ـ سعدون غيدان ـ عضواً
4 ـ عزت الدوري ـ عضواً
5 ـ طه ياسين رمضان ـ عضواً
6 ـ عزت مصطفى ـ عضواً
ثم أضاف البعثيون إليه أعضاء جدد في 9 تشرين الأول من نفس العام ليصبح عدد هم 14عضواً، أما الأعضاء المضافة فهم كل من:
1ـ حردان التكريتي .
2ـ صالح مهدي عماش .
3ـ حماد شهاب.
4ـ عبد الكريم الشيخلي.
5ـ عبد الله سلوم السامرائي.
6 ـ شفيق الكمالي.
7 ـ عبد الخالق السامرائي.
8 ـ مرتضى الحديثي.
ويتضح من تشكيلة لمجلس، مجلس الوزراء، والقيادة القطرية للحزب، أن العنصر السني كانت له الأغلبية المطلقة[ 85%] والعنصر الشيعي إلى [ 6%] ، وكانت أغلبية القيادات من محافظتي تكريت والرمادي السنيتين .
موقف الشعب من انقلاب 17 ـ 30 تموز68 :
قابل الشعب العراقي انقلاب 17 ـ30 تموز بالقلق وعدم الارتياح بسبب التاريخ الدموي للبعثيين عندما جاءوا إلى الحكم إثر انقلاب 8 شباط الفاشي عام 1963 ، واغرقوا البلاد بالدماء ، واستباحوا حرمات المنازل ، وزجوا بمئات الألوف من الوطنيين في غياهب السجون ، ومارسوا ابشع أساليب التعذيب الجسدي والنفسي ضدهم ، وفصلوا عشرات الألوف من أعمالهم ووظائفهم ومدارسهم وكلياتهم ، وصفوا كل مكاسب ثورة الرابع عشر من تموز المجيدة .
وفي الوقت نفسه شعر البعثيون بالضعف، بسبب ابتعاد جماهير الشعب عنهم ، ودفعهم خوفهم من فقدان السلطة إلى اللجوء إلى الأساليب الوحشية والعنيفة لإخافة القوى العسكرية والسياسية ، ومنعها من القيام بأي تحرك ضد سلطتهم ، وقد توجوا عملهم ذلك بحملة إعدامات وحشية لعدد من المواطنين ، بتهمة التجسس للأجنبي!، وتعليقهم في ساحة التحرير، فقد اعدم البعثيون 29 ضابطاً وضابط صف رمياً بالرصاص، بالإضافة إلى 12 مدنياً أُعدموا شنقاً .
كما أقدم البعثيون على إعدام 77ضابطاً، في 7 شباط 1969، بتهمة الاشتراك في محاولة انقلابية بقيادة الزعيم الركن عبد الغني الراوي ، شريكهم في انقلاب 8 شباط 963 ، والذي تمكن من الهرب إلى إيران .
لقد جرت حملة الاعدامات ،بعد محاكمات صورية سريعة ، من قبل طه ياسين رمضان ، الملقب بالجزراوي، ولقبه الشعب العراقي بالجزار ، وبمعييته عدد من أعضاء القيادة القطرية للحزب . وخلال دقائق، كانت المحاكمات تجري وتصدر قراراتها، وتنفذ أحكام الاعدامات بالضباط المتهمين بالمحاولة الانقلابية المزعومة، وقد ظهر بعد ذلك، أن العديد من أولئك المعدومين ثبت عدم تورطهم بالمحاولة المزعومة، وتم إرسال رسائل اعتذار إلى ذويهم !.
وبصرف النظرعن صحة أو كذب وقوع تلك المحاولة، فقد كان هدف البعثيين من هذه الجريمة إفهام القوى السياسية منها والعسكرية أن حزب البعث سوف يضرب بيدٍ من حديد، كل من يفكر بالتصدي لحكمه الفاشي
——————————————
رأي اليوم
العراق: 17 – 30 تموز 1968 في ذاكرة احد المشاركين الفاعلين في الترتيب لها والذي يتحدث لأول مرة
ملحوظه /ماسيرد يعبر عن وجهة نظر مصدر الناشر والمحاور
حوار سعد ناجي جواد
بعد نكسة حزيران المؤلمة عام ١٩٦٧ بدا الشارع العربي يغلي غضبا على الأنظمة العربية التي اُعتُبِرت مسؤولة بصورة مباشرة عن الهزيمة المخزية. ولم يكن الشارع العراقي بالمختلف، حيث نشطت الاحزاب السياسية غير الرسمية وصعدت من فعالياتها. وبدا واضحا آنذاك ان ثلاث تيارات كانت لها نفوذا في الشارع العراقي. الاول هو التيار الشيوعي الذي نجح في الفوز باكبر عدد من المرشحين في الانتخابات التي حصلت في الجامعات العراقية عام ١٩٦٧. كما ان المظاهرات التي حركها الحزب الشيوعي وخاصة في البصرة ونشاط الطرف المنشق عن الحزب والذي عرف بجماعة الكفاح المسلح بدا يكون له صدى في الشارع العراقي. من ناحية اخرى، ولقطع الطريق على الحزب الشيوعي كثف الاتجاهين القومي العربي والبعثي محاولاتهما للوصول الى الحكم عن طريق انقلاب عسكري اعتمادا على ما يملكونه من مؤيدين وكوادر في القوات المسلحة، العامل الذي لم يكن متوفرا بنفس الثقل للشيوعيون خاصة بعد التصفيات الشاملة التي تعرضوا لها بعد عام ١٩٦٣.
وأخبرني الاخ المرحوم أمير الحلو، الذي كان احد قياديي حركة القوميين العرب بأنهم كانوا على وشك التحرك للإطاحة بنظام المرحوم عبد الرحمن عارف عندما فوجئوا بوصول البعثيين الى السلطة. وفِي الحقيقة فان البعثيين كانوا أكثر تنظيما من الاتجاهين الآخرين ويمتلكون قيادة عسكرية واضحة تمثلت بالمرحومين احمد حسن البكر وحردان عبد الغفّار التكريتي وصالح مهدي عماش، وقيادة مدنية فاعلة تمثلت بالمرحومين عبد الله السلوم السامرائي وصدام حسين و عبد الخالق السامرائي وغيرهم. وكان اهم تعبير على قوة هذا الطرف هو التظاهرة الشعبية الكبيرة التي دعى لها الحزب بعد نكسة حزيران والتي قادها الثلاثي البكر وحردان وعماش، واخترقت شارع الرشيد الرئيس في بغداد من بدايته حتى نهايته. وبدا واضحا ان حزب البعث كان يخطط لتغيير نظام الحكم، الامر الذي تم في ١٧ تموز/ يوليو ١٩٦٨.
عائليا ارتبطت عائلتي بعائلة المرحوم مولود مخلص بعلاقة اخوة متينة بدأت بين المرحومين والدي والدكتور غائب مولود مخلص الابن الأكبر، وانتهاءا بعلاقتي مع الابن الأصغر رعد (الدكتور)، الذي كنت ادرس معه في ايّام الامتحانات الوزارية التي تسبق الالتحاق بالجامعة. وكثيرا ما كنت الاحظ تردد الشخصيات التكريتية البارزة على دارهم ، مثل حردان التكريتي واحمد حسن البكر، لزيارة السيدية (العلوية) الحاجة والدتهم ام غائب والتي كانت تتمتع بشخصية قوية وعقل راجح ، بالاضافة الى نسبها الرفاعي الشريف، وكونها زوجة الباشا كما كانوا ينادونها، صاحب الافضال الكثيرة على رجال تكريت وإلحاقهم بالكلية العسكرية. واتضح لي فيما بعد ان هذه الشخصيات كانت تعقد اجتماعات في ببت ال مخلص أعدادا للانقلاب على الحكم .
ونظرًا للدور الذي لعبه الملازم (اللواء) احمد مولود مخلص في الإعداد لما جرى في ١٧ نور/ يوليو ١٩٦٨ (ثورة ١٧-٣٠ تموز كما تعرف في ادبيات البعث)، حاولت ان اخرجه من صمته بعد هذه المدة الطويلة خدمة للتاريخ وللباحثين. وكانت نتيجة الحوار والاجابة على أسئلتي هذه الذكريات التي رواها بنفسه، يقول السيد احمد مخلص في رده :
*(دوري في الإعداد)
تخرجت من قسم العلوم السياسية في عام ١٩٦٦ والتحقت بكلية ضباط الاحتياط وتخرجت برتبة ملازم ثان، والتحقت بمديرية الاستخبارات العسكرية، وأصبحت احد ضباط الركن في المديرية حتى يوم ١٧ تموز ١٩٦٨. اثناء عملي، وبسبب من قربي من المرحومين حردان التكريتي اولا واحمد حسن البكر ثانيا، علمت إنهما، مع مجموعة اخرى من الضباط و المدنيين البعثيين، كانوا يخططون للقيام بانقلاب عسكري للإطاحة بحكومة المرحوم الفريق عبد الرحمن عارف. وطلب مني الاثنان ان أكون عينهما في مديرية الاستخبارات العسكرية. وقمت بذلك على أكمل وجه، حيث كانت التقارير التي ترفع عنهما وعن تحركاتهما تصلني بصورة مباشرة، وكنت أقوم بتشذيبها ورفع ما لا يشكل خطرا عليهما وانقل لهما التقارير التي اشعر بأنها قد تؤثر على خططهما. لا بل اكثر من ذلك كنت اكشف لهما الأشخاص المندسين بينهم وتنقل الأخبار عنهم كي يكون حذرين منهم. ويبدو ان المرحوم العقيد عبد الرزاق النايف معاون مدير الاستخبارات العسكرية، والذي كان الشخص الاقوى والأكثر نفوذا في المديرية، بسبب ضعف المدير المرحوم العميد شفيق الدراجي، قد علم بخطط البعثيين. ( الذي نبه النايف هو المقدم ابراهيم عبد الرحمن الداود آمر لواء الحرس الجمهوري المكلف بحماية القصر الجمهوري والنظام، والذي فاتحه البكر وحردان برغبتها بالتعاون معه لقلب النظام لعلمهما بنفوذه وسيطرته من خلال قيادة للحرس، وذلك نظرا للعلاقة القوية بينه وبين النايف. سعد). مباشرة قام النايف بإشعار المرحوم حردان التكريتي بعلمه بمخططاتهم ورغبته في التعاون معهم. وعندما اسقط في يد حردان اخبره انه سيتواصل معه عن طريقي، وإني انا سأكون صلة الوصل بينهما. ثم استدعاني حردان وأخبرني بان النايف سيرسل علي وطلب مني ان أنكر اية صلة لي به او بأية خطة للإطاحة بالنظام. في اليوم التالي استدعاني النايف وما ان دخلت عليه حتى بادرني بالسب والشتم وقال لي “انت بعثي ونحن لا نعلم بك ، بعثي في الاستخبارات وتعمل بحرية، والله لأجعل منك عبرة لمن يعتبر. ساصدر الان أمرا بنقلك الى ابعد نقطة على الحدود”. وعندما أنهى حديثه قلت له سيدي انت غلطان انا لست بعثيا وان معلوماته غير دقيقة، وانا رجل عسكري ومستعد لتلبية وإطاعة اي امر يصدر لي. وبعد حوار عنيف قصير حاول فيه استدراجي واخافتي، وامام استمرار انكاري قال لي اجلس، فجلست. فقال انا اعلم بما يخطط له البكر وحردان وعماش، وأريد ان التقي بهم. فقلت له سأنقل رغبتك الى حردان. (كانت علاقة حردان بعائلة مولود مخلص قوية جدا ومعروفة. سعد).نقلت الى حردان ما جرى بيني وبين النايف ورغبته باللقاء، فاخبرني بان اصطحبه الى اللقاء الاول. وبالفعل اصطحبته مع المقدم ابراهيم الداود، آمر الحرس الجمهوري والمقدم سعدون غيدان، امر كتيبة الدبابات في الحرس الجمهوري، الى دار عائلتنا في المنصور، حيث كان في انتظارهم كل من البكر وحردان وعماش. طبعا اضافة الداود وغيدان لللقاء كانت حسب رغبة النايف للعلاقة الوطيدة التي كانت تجمعه بهما.(هذا القول يفند ما قيل بان النايف، او الداود، كان يخطط لانقلاب يقوده هو، وانه لكي يضمن نجاح حركته بدا يبحث عن احزاب تدعمه، وانه استقر على البعثيين واستبعد القوميين لانه وجدهم أكثر تنظيما وتاثيرا. كما ان مفاتحة البعثيين الداود الذين أوصل الخبر للنايف جعله يطلب حضوره الاجتماع ، في حين كان غيدان ، وبحكم دهائه، قد استشعر بقدرات حزب البعث التنظيمية وقام بمد خطوط مع القيادة العسكرية للحزب وأصبح اقرب لقيادة الحزب منه الى النايف. وبالتالي فانه كان الوحيد من الثلاثة الذي استمر مع الحزب حتى وفاته. سعد). بعد اجتماعات عدة في منزل عائلة مولود مخلص، لم يحضرها سوى الأشخاص الستة المذكورين وبعد عدة لقاءات تظاهر البكر وحردان بالقبول بمشاركة النايف وبشروطه. في هذه الأثناء كانت هناك اجتماعات اخرى لقيادة حزب البعث تجري يوميا في بيت احمد حسن البكر، وكانت تضم اضافة الى العسكريين الثلاثة الكبار الكادر المدني في الحزب. (في هذه الاجتماعات كان يحضر صدام حسين وكريم الشيخلي و عبد الله السلوم السامرائي رحمهم الله، وصلاح عمر العلي وغيرهم من الكادر المتقدم في الحزب.سعد). وفِي هذه الاجتماعات وضعت تحفظات على اشراك النايف والتركيز على الداود وغيدان.
*(تحديد موعد الثورة)
بعد ان تم تحديد الموعد النهائي للحركة، قرر المجتمعون عدم اطلاع النايف عليه، وأخبروا الداود فقط، الذي كان إشراكه أساسيا كونه يقود القوة التي تحمي القصر الجمهوري، وطلبوا منه ان لا يخبر النايف بذلك. الا انه نظرا للعلاقة الوطيدة التي كانت تربطه بالنايف قام بأخباره. في ليلة الحركة استدعاني النايف الذي كان منزعجا جدا، وطلب مني ان أذهب من توي الى البكر واسلمه رسالة كان قد كتبها على قصاصة ورق وتركها مفتوحة. وفِي الطريق الى منزل البكر قراتها فوجدته يقول فيها انه يبارك لهم حركتهم يوم غد ويرغب في المشاركة. ولما قرا البكر الرسالة اصفر وجهه وقال يجب ان نلغي الموعد، فخالفه الحضور الذين أكدوا ان كل الكادر الحزبي قد تَبَلَغَ ولا يمكن إلغاء الخطة او تأجيلها، وان الحل هو الموافقة على اشراك النايف والقبول بشروطه. وكانت شروط النايف ان يكون هو رئيسا للوزراء والداود وزيرا للدفاع. في حين ان البكر وصحبه عرضوا عليه ان يكون وزيرا للامن القومي، الا انه اصر وقال “انا الاحق بهذا المنصب والذين أصبحوا روؤساء وزارات في السابق ليسوا بافضل مني”. (في كتابه عن الرئيس الراحل صدام حسين يروي أمير إسكندر نفس القصة نقلا عنه ويضيف ان من اقترح القبول بمشاركة النايف هو المرحوم صدام بنفسه،’ والذي اشترط ان يتم تصفية النايف مباشرة بعد الاستيلاء على القصر وعزل عارف. سعد). وعلى الرغم من ضمان دعم وتأييد النايف والداود الا اننا قمنا بنقل شاحنتين عسكريتين من الشباب البعثيين المسلحين الى كتيبة دبابات الحرس الجمهوري، التي يقودها غيدان، للمشاركة في العملية. بعد نجاح العملية طُلِبَ مني انا نقل الرئيس المرحوم عبد الرحمن عارف الى منزل حردان التكريتي في منطقة اليرموك، الذي كان قد اخلي من عائلته التي ارسلها الى تكريت. وقمت بالعمل على أحسن وجه و تعاملت مع الرجل بكل احترام و مهنية عسكرية يستحقها مركزه ورتبته، وبعد ان اطمانيت على سلامته ووضعت الحراسة المطلوبة على الدار أديت له التحية العسكرية ، و عدت الى دار الإذاعة التي بدا فيها المرحوم حردان بتلاوة البيانات والمراسيم الجديدة. عندما اطمأنت القيادة على نجاح الثورة طُلِبَ مني ان اصطحب الرئيس السابق عبد الرحمن عارف الى المطار حيث كانت هناك طائرة في انتظاره نقلته الى تركيا. ومن ذلك اليوم تم تنسيبي كمرافق اقدم لحردان الذي عين رئيسا لأركان الجيش وقائدا للقوة الجوية.
*(الإطاحة بالنايف والداود)
لقد كان التفكير بإزاحة النايف والداود هاجس قيادة البعث منذ الأيام الاولى. وكانت تتحسب للنايف اكثر وتعتبره ذَا صلات مشبوهة مع دوائر مخابرات خارجية. ( تاكدت هواجسهم عندما قام بترشيح وضم وزراء لوزارته كانت تثار حولهم شبهات الارتباط باجهزة مخابرات خارجية، كما ادعت قيادة البعث بعد الإطاحة به انه طرح بل وأصر على فكرة إلغاء شركة النفط الوطنية، مما يعني الغاء كل مكاسب القانون رقم ٨٠ الذي جرد الشركات الأجنبية من ٩٠٪ من الاراضي العراقية غير المستثمرة. وللتاريخ ففي تلك الفترة كانت شركة النفط الوطنية تشغل البناية التي كان المرحوم والدي يمتلكها في شارع السعدون في بغداد ، والتي كان الطابق الأرضي منها مخصصا لتجارة والدي للساعات. وبعد ايّام من تنصيبه رئيسا للوزراء شاهدنا من متجر والدي حضور النايف بمفرده الى مقر الشركة. وآثارت زيارته و سر اهتمامه بالشركة اكثر من سؤال لدينا ولغيرنا، خاصة وانه كان أمامه قضايا اخرى اهم كان يجب ان يركز عليها في الأيام الأُوَلْ من حكمه. ولا ادري هل كانت هذه الزيارة سبب الاتهام ام ما تحدث به عن الشركة بعدها هو ما اثار شكوك البعثيين تجاه نواياه؟ سعد).
في الأيام الاخيرة من تموز طُلِبَ من الداود بصفته وزيرا للدفاع ان يذهب الى تفقد القطعات العسكرية العراقية في الاْردن/ المفرق، ويشرح لها التغيير ويطمئنها على الأوضاع في العراق. وفِي يوم ٣٠ تموز ذهبنا جميعا قادة ومرافقين لتناول وجبة الغذاء اليومية في القصر الجمهوري التي كان يقيمها البكر لكل القيادة. وكانت العادة بعد كل وجبة غذاء ان تذهب القيادة الى غرفة الرئيس البكر لتناول الشاي. ولما قاموا لفعل ذلك التفت البكر للباقين وقال لهم “اخوان اسمحوا لي ان اختلي بالأخ ابو دريد” (وهي كنية النايف). بمجرد ان انفرد به توزع الباقين كل الى حيث يجب ان يكون تحسبًا لما سيجري، وما كنّا نحن المقربون جدا نعرفه، وهو الإطاحة بالنابف. فقام حردان بصفته قائدا للقوة الجوية، بالاتصال بقاعدة معسكر الرشيد وطلب منهم تجهيز طائرة عسكرية من طراز أوكرانيا مع طاقمين لنقل شخصية ما الى خارج العراق. في حين ان عماش ذهب مباشرة الى كتيبة دبابات الحرس الجمهوري التي كان اغلب أفرادها من عشيرة الجميلات، نفس العشيرة التي ينتمي لها النايف، وليكون الى جانب سعدون غيدان ، وكذلك فعل اللواء حمّاد شهاب امر اللواء المدرع الثامن المكلف بحماية النظام الجديد. في تلك الأثناء دخل غرفة البكر كل من صدام وبرزان وصلاح عمر العلي وجردوا النايف من سلاحه. وطلب منه صدام ان لا يحاول المقاومة وقال له تسير بهدوء وكأن كل شيء طبيعي وترد على التحية العسكرية حتى نصل الى السيارة التي ستقلك الى قاعدة الرشيد، وتذهب الى المغرب حيث تم تعينك سفيرا هناك، وانا خلفك ويدي على الزناد. وبالفعل امتثل النايف لذلك، ولم يثير الموقف أفراد حمايته في الخارج، (الذين كانوا اصلا محاطين دون ان يعلموا بالموالين لحزب البعث. سعد). ونقل الى القاعدة الجوية التي سُفِر منها. اما بالنسبة للداود فلقد تم الإيعاز الى ضباط بعثيين في القوات العراقية في الاْردن ، بإلقاء القبض عليه وتسفيره الى الجهة التي يختارها وانه اذا حاول العودة فسيتم إسقاط طائرته، وتم ذلك في نفس اليوم.
في مساء ذلك اليوم ايضا أعلن عن تشكيل حكومة جديدة رأسها البكر وعُينَ حردان وزيرا للدفاع وعماش وزيرا للداخلية، وكلاهما أصبحا نوابا لرئيس الجمهورية. ( كما تم اعادة تشكيل مجلس قيادة الثورة ليضم مدنيين من قادة حزب البعث اليه، كان من بينهم المرحوم صدام حسين. سعد)
*(الخطوة التالية : الإطاحة بالفريق حردان التكريتي)
بعد ابعاد النايف كُلِفَ حردان بترأس جلسات مجلس الوزراء، وأصبح ينظر اليه بانه الشخص الثاني بعد البكر. ولكن مع مرور الأيام بدأت تظهر إشارات واضحة على محاولة الجناح المدني في الحزب لاضعاف كل من حردان وعماش، مع التركيز على الاول اكثر لمعرفتهم بشجاعته ومكانته بين ضباط الجيش عامة وطياري القوة الجوية خاصة. ورغم كل التحذيرات التي حاولت ان انقلها له بصورة مخففة، كان يرفض بعصبية ان يستمع لما أقول. وفِي احد الأيام نقلت له ما نقله لي المرحوم عبد الكريم الندا(من شيوخ تكريت ومقرب من البكر. سعد) عن النيه لإبعاده، وكان جالسا في مكتبه فما كان منه الا ان انفعل وحطم جهازي الهاتف الموضوعين جنبه، وأمرني ان لا انقل مثل هذه الأخبار الكاذبة له مطلقا. اما قصة اطمئنانه لانه اقسم مع البكر على ان لا يخون احدهما الاخر فلا صحة لها واعتقد انها مفبركة. ثم بدأت تحدث حوادث متفرقة لا يمكن ان يفهم منها الا انها كانت محاولات للتقليل من مكانة حردان، او إظهاره بمظهر العاجز او الضعيف ، كإلقاء القبض على أشخاص محسوبين عليه، كما بدأت اشعر بان هناك من يراقبه من مكتب العلاقات العامة ( المكتب الذي شكل نواة جهاز المخابرات) . ولكنه ظل لا يأبه بما يجري حوله. ( لا بل حتى الصحف كانت تساهم في هذا المجال بأساليب مختلفة وواضحة. كما انه وفي عام ١٩٦٩ صدر قرارا بتعين المرحوم صدام حسين نائبا لرئيس مجلس قيادة الثورة، الذي كان يرأسه المرحوم البكر. ولم يكن هذا القرار لوحده يمثل صعود الرجل الى مستوى قيادي متقدم ، واضعاف للخط العسكري، بل ما نص عليه القرار ايضا من ان نائب رئيس مجلس قيادة الثورة هو من ينوب عن رئيس الدولة في حالة سفره او شغور منصبه. وهذا يعني ان كل من حردان وعماش اصبحا، بحكم كونهما أعضاء في المجلس ، تابعين للبكر ومن ثم لصدام. وكان هذا كافيا لتنبيه كل من حردان وعماش عما ينتظرهما، الا إنهما اما لم يكن باستطاعتهما فعل اي شيء، وربما كانا مطمئنين بوجود البكر. سعد). ثم كانت هناك محاولات لإزعاجي ومضايقتي ، ليس لشخصي وانما لزج حردان في مشاحنات جانبية. وابرز مثل كان في عام ١٩٦٩ عندما حان وقت ترقيتي الى ملازم اول، اذ جرى استثناء اسمي من جداول الترقية. وعندما حاول حردان التدخل رفضت لأني كنت اعرف السبب الحقيقي. ثم قمت بمقابلة البكر وقلت له بالحرف الواحد “سيدي هذه النجمة على كتفي منحني إياها الرئيس السابق عبد الرحمن، وانا الان جئت لكي أعيدها لك لكي تمنحها لمن هو أفضل مني بنظركم” ، فرد علي ماذا تقول ابن الباشا، الا تعرف مكانتك عندنا الم أكن انا من اطلق عليك لقب “أمير الثورة”؟ نظرا لدورك فيها، قلت له فما هو سبب تاخر ترقيتي اذا؟ فقال ربما هناك خطأ غير مقصود. قلت له على كل حال ارجو ان تعتبر كلامي هذا طلبا للاستقالة. وتركته وعدت آلى بيتي. وفِي اليوم التالي اتصل بي شخص من الرئاسة وأخبرني بان مرسوما قد صدر بترقيتي الى رتبة ملازم اول.
في تشرين الاول / اكتوبر ١٩٧٠ كُلِفَ المرحوم حردان بتراس وفد للذهاب الى نيويورك للمشاركة في اجتماعات الامم المتحدة. وكانت خطة السفر هي ان يقوم بزيارة الى اسبانيا تلبية لدعوة رسمية من الجنرال فرانكو، حاكم اسبانيا آنذاك، ثم التوجه الى نيويورك، وكان الوفد يضم المرحوم الدكتور احمد عبد الستار الجواري وزير التربية، والسيد يحيى ياسين من ديوان الرئاسة و موظف كبير من الخارجية لا اتذكر اسمه. بعد يومين من بداية الزيارة وصل لنا تبليغ من الخارجية العراقية بعدم التوجه الى نيويورك والعودة الى بغداد بدعوى ان قرارا قد اتخذ بتمثيل العراق على مستوى وزير الخارجية. فتوجهنا الى جنيف، ومنها استقلينا الطائرة العراقية المتوجهة الى بغداد عن طريق بيروت. ونحن في الجو صدر أمرا باعفاء الفريق حردان من كافة مناصبه. وطبعا نحن كنّا في الطائرة ولا نعلم شيئا. وعندما حطت الطائرة في مطار بيروت وجدت شقيقي المرحوم باسل، والذي كان موظفا في السفارة العراقية، واقفا قرب سلم الطائرة وما ان نزلنا حتى أخذني جانبا وقال لي هل سمعتوا الخبر؟ فقلت اي خبر؟ فأخبرني بالقرار الذي صدر ومعه توجيه للسفارة بمنع حردان من العودة للعراق. و كان في استقبالنا القائم بالاعمال في السفارة العراقية آنذاك، الذي حاول بتودد ان يقنع حردان بالبقاء في بيروت لمدة أطول، وكان حردان يشكره ويرفض متعللا بمشاغله الكثيرة. وامام إلحاح القائم بالاعمال على ابقاء حردان مدة أطول واستغراب حردان من هذا الإصرار نهضت وقلت له سيدي الحقيقة التي لا يجروء احد على نقلها لك هو ان قرارا قد صدر قبل ساعات بإعفائك من كل مناصبك، مع تبليغ للسفارة بمنعك من العودة الى بغداد. فانتفض رحمه الله وقال انا عائد الى بغداد مهما كلف الامر وكانت النتائج، ومن لا يرغب في مرافقتي يمكنه البقاء هنا وتوجه للطائرة، وتبعناه نحن الوفد المرافق جميعا. عندما وصلنا الى بغداد وقبل الهبوط لاحظنا ان المطار ملغوم بالدبابات والمدرعات والقوات العسكرية المدججة بالسلاح. وعندما فتح باب الطائرة وترجل منها حردان ونحن خلفه استقبلنا المرحوم كريم الشيخلي على سلم الطائرة. وقام باصطحابنا نحن الوفد المرافق جانبا، في حين تم اصطحاب المرحوم حردان الى حيث كان يقف ناظم كزار مدير الامن العام، ورافقه الى داخل المطار، بينما نحن ذهبنا مع الشيخلي الى قسم اخر من المطار. من هناك اجرى الشيخلي اتصالات من احل تجهيز طائرة لنقل شخصية ما الى الخارج والى حيث يرغب. وبعد وقت ليس بالقصير من الانتظار طُلِبَ منا ان نذهب للتعرف على حقائبنا، ثم طلب مني الشيخلي الذي كان يرافقه عدد من تابعي ناظم كزار ان اؤشر لهم حقائب المرحوم حردان ، فاخذوها وذهبوا. اما بالنسبة لنا الوفد المرافق فلقد تم نقلنا الى مساكننا. ثم علمت ان حردان حاول الهبوط في لارنكا الا ان السلطات القبرصية رفضت ذلك، ثم توجه الى المغرب ، وبعدها انتقل ليقيم في الجزائر، بعد يوم او يومين اتصل بي شخص من مكتب رئيس الجمهورية وطلب مني ان أقوم بترتيب سفر زوجة وأبناء حردان على نفقة الدولة للالتحاق به. وبالفعل قمت بذلك، الا ان بسبب إصابة المرحومة زوجة حردان بمرض الربو وبسبب طول السفرة توفيت مباشرة بعد وصولها المغرب، وحاول حردان ان يعود لمرافقة الجثمان ودفنه في تكريت، الا ان طلبه رفض. اما بالنسبة لي فلقد تم نقلي الى مطبعة الجيش، وبعدها الى وزارة المواصلات، دائرة الخطوط الجوية العراقية وبقيت فيها حتى تقاعدت من الخدمة وتفرغت لرعاية عائلتي.
بعد حرب الخليج ١٩٩١، تم استدعائنا نحن من اطلق علينا ثوار ١٧ تموز، الى القصر الجمهوري حيث التقى بِنَا الرئيس صدام حسين وابلغنا بأنه قد تمت أعادتنا الى الخدمة والحاقنا بمكتب تابع لرئاسة الجمهورية. وفي الحقيقة اننا لم نكن نقوم باي عمل حقيقي سوى بعض المشاركات الرمزية للمكتب في بعض الفعاليات. وفِي اللقاء ابلغنا الرئيس بان من كان يحمل رتبة عسكرية يمنح رتبة أسوة بأقرانهم في الخدمة وتتم ترقيتنا معهم. اما بالنسبة للجنود وضباط الصف فابلغهم بأنهم سيمنحون رتبة عقيد في الجيش من اجل الراتب ويبقون عليها مدى الحياة. وهكذا منحت رتبة عميد ثم ترقيت الى لواء، حتى الاحتلال عندما غادرت العراق.)
———————————
*(الأخبار العامه )
١-سكاي نيوز…الأونروا: غزة على وشك فقدان جيل كامل من الأطفال،
أعلنت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) أن قطاع غزة على وشك فقدان جيل كامل من الأطفال بسبب الحرب الإسرائيلية المدمرة التي دخلت شهرها العاشر.جاء ذلك على لسان مديرة الإعلام والتواصل في الأونروا جولييت توما بمنشور على منصة "إكس" اليوم الجمعة، حيث أوضحت أن 600 ألف طفل في غزة لم يتمكنوا من الذهاب إلى المدارس منذ بدء الحرب الإسرائيلية.وأشارت توما إلى إغلاق عدد كبير من المدارس، وتحوّل مدارس الأونروا إلى ملاجئ للنازحين.وأضافت أن استمرار هذه الحرب قد يؤدي إلى فقدان جيل كامل من الأطفال، وأكدت أن غياب الأطفال عن المدارس سيجعل من الصعب تعويض خسائرهم التعليمية، داعية إلى وقف إطلاق النار من أجل هؤلاء الأطفال.وسبق أن أفاد المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) جيمس إلدر بأن الأطفال هم أكثر الفئات تضررا جراء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وأن منظمته تصف ما يجري في القطاع بأنه "حرب على الأطفال".وأكد إلدر خلال مقابلة مع وكالة الأناضول أن غزة لم تعد مكانا مناسبا للعيش بالنسبة للأطفال بسبب الحرب، إذ يتعرضون للاستهداف ويعانون من ضغوط نفسية كبيرة، داعيا إلى وقف الحرب لتجنيب الأطفال مزيدا من المعاناة.ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 تشن إسرائيل حربا مدمرة على غزة بدعم أميركي خلفت أكثر من 126 ألف شهيد وجريح فلسطيني -معظمهم من الأطفال والنساء- وأكثر من 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال.
٢-شفق نيوز…
بعد فشل قمته مع ترامب.. الزعيم الكوري الشمالي يعدم مبعوثه إلى واشنطن
أفادت وسائل إعلام، بأن زعيم كوريا الشمالية، كيم جونغ أون، أعدم مبعوثه الخاص إلى الولايات المتحدة، كيم هيوك تشول، على خلفية فشل قمته الثانية مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.ونقلت "تشوسون إلبو"، أكبر صحيفة في كوريا الجنوبية، الجمعة عن مصدر مطلع قوله إن المبعوث الخاص وأربعة مسؤولين آخرين في وزارة الخارجية عملوا على ترتيب القمة الثانية التي عقدت بالعاصمة الفيتنامية هانوي في شهر فبراير الماضي، أعدموا في شهر مارس بمطار "ميريم" في بيونغ يانغ، بتهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة.وأوضح المصدر أن التهمة الموجهة إليهم تنص على أنهم "أعدوا تقارير ضعيفة عن المفاوضات، دون استيعاب النوايا الأمريكية بشكل صحيح".وتابعت الصحيفة، أن تلك الحملة طالت أيضا الجنرال كيم يونغ تشول، نائب رئيس اللجنة المركزية لحزب العمال الكوري الشمالي الحاكم، والمسؤول عن العلاقات مع كوريا الجنوبية والولايات المتحدة، وتم إخضاعه لعمل قسري و"لتعليم إديولوجي".ولم يصدر بعد أي تعليق رسمي على الموضوع من الكوريتين أو من الولايات المتحدة، لكن وكالة "رويترز" سبق أن نقلت عن مصدر دبلوماسي تأكيده ورود مؤشرات على معاقبة كيم هيوك تشول ومسؤولينآخرين، بسبب انهيار القمة، بطرق من بينها إرسالهم إلى معسكر عمل "لإعادة تأهيلهم".وفشلت القمة الثانية بين كيم وترامب في التوصل إلى أي اتفاق بسبب خلافات حول دعوة الولايات المتحدة لنزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية، ومطلب كوريا الشمالية برفع العقوبات المفروضة عليها.
٣-شفق نيوز…
مقتل مطلق النار على ترامب
قالت وسائل اعلام أميركية نقلا عن الشرطة انه تم قتل مطلق النار على الرئيس الأميركي السابق ومرشح الرئاسة دونالد ترامب خلال لقاء انتخابي في ولاية بنسلفانيا مساء السبت.وأصيب ترامب بجروح وظهرت الدماء على اذنه ووجه اثناء القائه كلمة في تجمع انتخابي امام مناصريه في ولاية بنسلفانيا الاميركية السبت.وقال مسؤولون أميركيون انه تم ابلاغ الرئيس جو بايدن بمحاولة اغتيال دونالد ترامب.وتم اتخاذ اجراءات امنية وقائية والتحقيق جار.وقال المتحدث باسم دونالد ترامب، ستيفن تشيونغ، إن الرئيس السابق "بخير". وأوضح تشيونغ: "الرئيس ترامب يشكر سلطات إنفاذ القانون والمستجيبين الأوائل على تحركهم السريع خلال هذا العمل الشنيع. إنه بخير ويتم فحصه في منشأة طبية محلية. وقال تشيونغ في بيان "سنتبع المزيد من التفاصيل".وتعرض الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، ومرشح الانتخابات الرئاسية القادمة، إلى محاولة اغتيال فاشلة، حيث تعرض لإطلاق نار خلال تجمع انتخابي له في ولاية بنسلفانيا في شمال شرق الولايات المتحدة.
٤-جريدة المدى …سقوط ضباط برتب رفيعة.. الداخلية والقيادة العسكريةتشرفان على اشتباكات "بساتين ديالى"
تغييرات بقادة فرق الجيش وأمنية البرلمان: "الإجراء روتيني"
بغداد/ تميم الحسن
ارتفع عدد ضحايا الاشتباكات بين القوات الامنية ومسلحين في جنوبي ديالى الى 6 قتلى من العسكريين، فيما عادت عمليات التمشيط المستمرة منذ يومين، في البساتين الكثيفة.ويعتقد ان قيادات مهمة قد تكون مختبئة في تلك المناطق الزراعية الكثيفة بعد تصاعد ملحوظ لنشاط مسلحين يعتقد انهم تابعين لـ"داعش".وفي نفس التوقيت قتل عسكري وأصيب اخر في كركوك اثناء اشتباكات مع مسلحين في شرق المدينة كانوا يخططون لعمليات في المنطقة.وتجري هذه التطورات في وقت بدأت فيه الحكومة بإجراء تغييرات على مستوى قادة الفرق العسكرية وسط انباء عن وجود ملاحظات على أداء بعض القيادات.وابلغت مصادر محلية في ديالى مساء أمس (المدى) بان القوات الامنية "تقترب من القضاء على الخلية الارهابية" في بساتين ناحية خان بني سعد، جنوب غربي ديالى".ووصل أمس وزير الداخلية عبد الامير الشمري، ورئيس أركان الجيش عبد الأمير الله الى ديالى بعد مقتل عسكريين بينهم ضابطين رفيعين.وبحسب المصادر ان القوات الامنية استطاعت أمس، ان تخلي جثة اخر عسكري وهو مازن المياحي، الذي قتل في اشتباكات مساء السبت، ليرتفع عدد الضحايا العسكريين الى 6 اشخاص.وبسبب كثافة الاشتباكات لم تستطع القوات الامنية ان تخلي جميع العسكريين من الموقع، حيث استمر القتال لعدة ساعات.الى جانب ذلك اصيب 4 عسكريين اخرين، فيما كان ضابطين برتبة عميد وهو مسؤول الزوارق، ومقدم وهو آمر حماية قائد شرطة ديالى قتلا بالحادث.وذكر بيان لوزارة الدفاع، أمس، أن "وفداً أمنياً رفيع المستوى برئاسة رئيس أركان الجيش الفريق أول قوات خاصة الركن عبد الأمير رشيد يار الله، ونائب قائد العمليات المشتركة وصل اليوم الى قيادة عمليات ديالى، يرافقهما معاون رئيس الأركان للعمليات وقائد القوات البرية ومدير الاستخبارات العسكرية".وأضاف أن "هدف الزيارة جاء للاطلاع على الوضع الأمني وآخر المستجدات في محافظة ديالى".كما ذكرت الوكالة الرسمية ان وزير الداخلية عبد الامير الشمري، وصل الى ديالى بسبب الاحداث الاخير بالمحافظة.ووفق المصادر المحلية ان هذه البساتين جنوب ديالى، "تم معالجتها عسكريا عدة مرات" لكن بسبب كثافة المزروعات يعود نشاط المسلحين.وقالت المصادر ان القوات الامنية أحرقت عدد من المضافات داخل البساتين، فيما كانت القيادة العسكرية قد اعلنت مقتل قيادات من "داعش".
وذكرت خلية الإعلام الأمني، أمس السبت، أنه "بعد أن شرعت القطعات الأمنية ضمن قاطع قيادة عمليات ديالى بعملية أمنية في بساتين العيط ذات التعقيد الجغرافي الكبير التي تحتوي على بزول وأحراش وأشجار تحد من الرؤية أو تمنعها نهائياً، حاصرت القطعات الأمنية مجموعة من العناصر الإرهابية ضمن هذه المنطقة، وقتلت عدداً منهم وإصابة آخرين بعد الاشتباك معهم".وأضاف البيان: "كما أسفر الواجب عن استشهاد عدد من المقاتلين وإصابة آخرين، فيما لا تزال العملية مستمرة بناءً على معلومات استخبارية دقيقة"، مؤكدا ان "القطعات الأمنية تعمل على تمشيط المنطقة بشكل دقيق".وكانت العملية الأمنية قد نفذت يوم الجمعة، في بساتين العيط أسفرت عن قتل مسلحين اثنين أحدهما يكنى بـ "أبو الحارث"، وهو مسؤول خان بني سعد في ديالى.
ووفق المصادر ان انتحاري كان قد فجر نفسه أثناء عمليات التمشيط الاخيرة التي شارك فيها قوات مختلفة، مثل كتائب الامام علي.وتعد ديالى التي تواجه اضطراب سياسي منذ أشهر، من أكثر المدن التي تضم فصائل مسلحة، واول المحافظات التي اعلنت عن تحريرها بالكامل من "داعش" في 2015.ومنذ الانتخابات المحلية الاخيرة نهاية العام الماضي، تنقسم القوى السياسية والفصائل في ديالى على اختيار محافظ.ولا تستبعد المصادر القريبة من دوائر استخبارية ان يكون عدم الاستقرار السياسي في ديالى أحد أسباب تصاعد نشاط التنظيم في المدينة.وتزامن حادث ديالى مع اشتباك اخر جرى في شرقي كركوك في ناحية (قره هنجير)، أسفر عن مقتل منتسب في الأسايش وإصابة اخر، بحسب بيان للقوات الامنية بالمدينة.وقال مسؤولون في كركوك لوسائل اعلام ان الاشتباكات استهدفت مسلحين كانوا "يخططون لأعمال ارهابية" في الناحية، فيما اعتبروا ان ما حدث هو بسبب الفراغ الأمني بين الاقليم وكركوك.وأعلن جهاز الأمن الأسايش في اقليم كردستان، أمس الأحد، بمقتل عنصر من تنظيم داعش واصابة آخر بجروح في اشتباك حصل معهما أثناء محاولة إلقاء القبض عليهما في ناحية (قره هنجير) شرق كركوك.
*(تقديرات.. وتغييرات)
وتختلف تقديرات الوضع الميداني بالعراق بين بغداد وواشنطن. البلدان يفترض انهما يخوضان حوارات حول مستقبل وجود القوات الامريكية، ومدى قدرة القوات المحلية.حكومة محمد السوداني ترى ان "داعش" لايمثل خطرا في العراق، بعد نحو 7 سنوات من إعلان النصر على التنظيم، وهو مخالف للرؤية الامريكية.وفي حزيران الماضي، قال يارالله رئيس أركان الجيش ان "داعش" في العراق "انتهت عسكرياً". واكد ان بقايا التنظيم تعمل في أماكن محددة في المثلث (كركوك وصلاح الدين وديالى) وتم تشخيصه.وفي نفس الشهر أعلن الجيش أن القائد العام للقوات المسلحة وجه بتنفيذ "عمليات استباقية ضد ما تبقى من عصابات داعش الإرهابية وبإشراف العمليات المشتركة".وبحسب ما يتداول في الاوساط السياسية ان حدوث خروقات او استمرار "داعش" على المواجهة في بعض المناطق، سببه ضعف قيادات ميدانية.وتستعد الحكومة، بحسب تلك الاوساط، باجراء تغييرات كبيرة في مناصب مهمة بالجيش، فيما لا يعرف فيما لو هذه التعديلات بالمواقع تخضع لمعادلات سياسية.
يفترض ان التغييرات ستشمل قائد القوات البرية قاسم محمد صالح المحمدي، وقيادات عمليات نينوى وصلاح الدين والفرقة 21 التي تشكلت العام الماضي بالمحافظ، حيث ستسند الى العميد مقداد زينل الشبكي.
ويعتقد ان قيادة الفرقة 14 بالجيش المتواجدة في مخمور، جنوب اربيل، ستذهب الى اللواء ركن نصير مهدي صالح أو العميد الركن حسين منديل جارح، بدلا من اللواء الركن شكر روضان النعيمي.وبحسب لجنة الأمن والدفاع في البرلمان فان هذه التغييرات هي "روتينية" وليست لها علاقة بوجود أشارت على أحد القادة.
كريم ابو سودة عضو اللجنة أكد في اتصال مع (المدى) ان "اجراء تعديلات بالمناصب العسكرية امر طبيعي يحدث بين فترة واخرى، حيث يتم وفق سياقات اعداد الضباط او زج البعض بدورات للترقية".وعلى الرغم من ذلك فان ابو سودة يعترف بوجود "نقاط ضعف" في بعض المفاصل العسكرية في البلاد، لكنه يقول ان "التغييرات الأخيرة لا تتعلق بعدم كفاءة اي من القيادات".
مع تحيات مجلة الكاردينيا
941 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع