مصممون على مقارعة النظام الإيراني
العرب/السليمانية (العراق)- أثار قرار السلطات الكردية في السليمانية بإجبار مسلحي الأحزاب الكردية المعارضة لإيران وكوادرها على إخلاء جميع مقارها قسرا في منطقة زركويز جنوبي السليمانية ونقلهم جميعا إلى منطقة سورداش التابعة لقضاء دوكان، غربي السليمانية، مقر حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، الغضب بين الأكراد.
وأصدر حزب “كوملة” اليساري الكردستاني المعارض لطهران بلاغا إلى الرأي العام حول نقل مسلحي الأحزاب الكردية ونزع أسلحتهم، أكد فيه أن السلطات العراقية والسلطات الأمنية في السليمانية اتخذتا قرارا بنقل جميع مسلحي وكوادر الأحزاب الكردية في منطقة زركويز جنوبي السليمانية وذلك تنفيذا لطلب وضغوط تمارسها السلطات الإيرانية على السلطات المحلية في الإقليم.
واستنكر الحزب قرار نقل مقار الأحزاب تحت الضغوط الإيرانية معتبرا إياه قرارا تعسفيا وغير مبرر، في حين أن مسلحي الأحزاب الكردية قدموا تضحيات جسيمة وأرواحا نصرة للاتحاد الوطني الكردستاني والأحزاب الأخرى في إقليم كردستان.
وجدد التأكيد على أن نقل مقرات الأحزاب الكردية الإيرانية لن يغير من موقفهم الثابت من أجل تحقيق الأهداف القومية وأن هذه الأحزاب ستواصل كفاحها لمقارعة النظام الإيراني.
وتمت عملية النقل هذه بعد مرور عام على تنفيذ اتفاقية طهران – بغداد الأمنية لنزع سلاح الأحزاب الكردية الإيرانية وإغلاق معسكراتها ومقارها العسكرية.
وتصنف طهران هذه الأحزاب، على أنها انفصالية وإرهابية، وطالبت إيران مرارا وتكرارا الحكومة العراقية والإقليم بنزع سلاح المقاتلين وطردهم من الأراضي العراقية.
وذكرت مصادر مطلعة أن سلطات الإقليم سبق أن تعهدت بتوفير التسهيلات والمستلزمات لأعضاء حزب “كوملة” الكردستاني الإيراني وعائلاتهم للاستقرار في الموقع الجديد.
وتشير التقارير إلى أن الموقع الجديد الذي نقلت إليه هذه الأحزاب سيكون أقرب إلى الحدود الإيرانية، وأن التضاريس الجغرافية تجعل من الصعب على قوات هذه الأحزاب الدخول إلى الأراضي الإيرانية.
ويرى مراقبون أن نقل مقرات الأحزاب الكردية رسالة واضحة من النظام الإيراني إلى تلك الأحزاب والفصائل المعارضة بأنها ستسلبها القدرة على النشاط المسلح، وأنها تستطيع اتخاذ أيّ إجراء ضدها من خلال الأحزاب الكردية النافذة في الإقليم.
وكشف مصدر رفيع في حزب “كوملة” عن أن قوات الأمن الداخلي “الآسايش” في السليمانية توجهت إلى منطقة زركويز وطالبت بإخلاء ثلاثة مقار رئيسة من قيادات الأحزاب الكردية.
ووفقا لمصدر مقرب من هذه الأحزاب فإن منطقة سورداش كانت قد استُخدمت سابقا كمخيم للاجئين، الذين فروا من حرب تنظيم داعش في منطقة مخمور في محافظة نينوى شمال العراق، والآن تم تخصيص هذا المخيم للأحزاب الكردية، لكن المخيم، الذي يتكون من وحدات سكنية جاهزة، لا يوفر الظروف المعيشية الملائمة لأعضاء الأحزاب وعائلاتهم.
وكان قد تم اقتراح موقع آخر بالقرب من بلدة عربت، على الطريق بين بنجوين والسليمانية، إلا أن الأحزاب رفضت هذا الموقع؛ لأنه كان سيضعها في موقع أكثر ضعفًا وأقرب إلى الحدود الإيرانية.
وكان لهذه المجموعات مقاتلون يرتدون زيا عسكريا مشابها لزي “جنود الاحتياط” الذين يتدربون على استخدام السلاح.
لكن في نهاية العام 2023، وبعد عدة ضربات نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.
واتهمت طهران هذه المجموعات بالتشجيع على التظاهرات التي اندلعت في إيران في سبتمبر 2022 بعد مقتل الشابة الكردية مهسا أميني لعدم التزامها بقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.
وبحسب التسريبات فقد التقى قادة هذه الأحزاب نائب رئيس وزراء إقليم كردستان العراق وشقيق الأمين العام الحالي لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، قوباد طالباني الذي أبلغ قادة هذه الأحزاب أن الضغوط الإيرانية على حكومة الإقليم، خاصة على حزب الاتحاد الوطني، أصبحت كبيرة للغاية.
واستمرت الضغوط الإيرانية لنزع سلاح الفصائل العسكرية للأحزاب الكردية الإيرانية في إقليم كردستان العراق وإخلاء معسكراتها على مدى السنوات الماضية، ولكن هذه الضغوط تصاعدت مع اندلاع الاحتجاجات الثورية في عام 2022، وبلغت ذروتها مع قصف الحرس الثوري الإيراني مقرات هذه الأحزاب بالصواريخ والطائرات المُسيّرة الانتحارية.
ويرى المراقبون أن عملية نقل الأحزاب المعارضة لطهران في هذا التوقيت لها دلالات أكثر عمقا خاصة أن الاتحاد الوطني ربما يستقوي بإيران لتغيير المعادلات السياسية لصالحه في الانتخابات البرلمانية المقبلة بإقليم كردستان، حيث يعاني الحزب من انشقاقات في صفوفه وحتى في القوات الأمنية التابعة له ويرجح أن يكون لذلك تأثير على نتائجه.
وسلّمت قوات الأمن الداخلي الكردية في السليمانية السلطات الإيرانية ناشطا كرديا إيرانيا ينتمي إلى حزب معارض بارز، على ما أكّد الحزب السبت في بيان.
وتتعارض رواية الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني مع البيان الذي أصدرته الأسايش مساء الجمعة في المدينة حيث تقيم السلطات المحلية علاقات جيدة تقليديا مع طهران.
وقالت الأسايش مساء الجمعة إن تحقيقاتها كشفت بعد “اعتقال المواطن (الإيراني بهزاد خسروي) الأسبوع الماضي.. لعدم وجود (تصريح) إقامة له في السليمانية” أنه بالفعل “لا يحمل أوراق إقامة في إقليم كردستان ولا علاقة له بالنشاط السياسي”.
وأشارت إلى أن خسروي “طلب العودة إلى جمهورية إيران الإسلامية” بعدما أُلقي القبض عليه وأنه وقّع تعهدا قانونيا على ذلك.
من جهته، أكّد الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني السبت أن خسروي عضو فيه، لافتا إلى أنه استُدعي مرتين من جانب الأسايش قبل أن “يتم اعتقاله وتسليمه إلى مديرية الاستخبارات الإيرانية”.
وأشار الحزب إلى أن الناشط “حاصل مع والدته وشقيقته.. على تصريح إقامة في السليمانية وكانت إقامتهم في المدينة قانونية ويعيشون فيها منذ أكثر من 10 سنوات”.
994 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع