جميل عبد الوهاب ... السياسي الطموح
يقرّ أغلب المؤرخين والباحثين والمتطلعين إلى تاريخ العراق الحديث وكل مَن عاصر الأنظمة السياسية المتعاقبة، أن النظام الملكي، هو أفضل الأنظمة التي حكمت البلاد خلال تاريخه السياسي منذ نشأت الدولة العراقية عام 1921، وحتى الآن، على الرغم من حداثة التجربة السياسية لرجالاته آنذاك والأحداث الجمّة التي مرّ بها العراق والعالم خلال القرن الماضي.
أثناء فترة الحكم الملكي وبعد سقوطه، قام العديد من رجالات ذلك الزمن، الذين يعود لهم الفضل في تثيبت أركان الدولة ونشأتها ونهضتها، بتدوين مذكراتهم الشخصية عن تلك الفترة ونشرها ليطلع عليها أقرانهم والأجيال القادمة والاستفادة من تجاربهم، كما أن الكثير من المؤرخين والباحثين وطلبة التاريخ، كتبوا عن ساسة ورجال آخرين، إلا أن ثُلّة منهم وهم كُثر نأو عن نفسهم الخوض بهذه الاتجاه والكتابة عن أنفسهم، ربما لأسبب سياسية أو اجتماعية أو أسباب أخرى، وظلَّ تاريخهم طيّ الكتمان وبعيدين عن الأضواء حتى أن أغلب الناس لم يعد يستذكرهم أو يتذكر مناصبهم وأصبحوا في قائمة الغائبين والمنسيين، وهذا ما يؤسفنا؛ لأنها خسارة للتاريخ الموروث والمؤرشف، وفقدان لذكريات مرحلة مهمة بحلوها ومرّها، ومن بين هؤلاء السياسي جميل عبد الوهاب.
فسعت إحدى المتطلّعات في قسم العلوم السياسية، وهي الطالبة زينب حسن ميّوك، لدراسة التاريخ السياسي لهذا الرجل، في كل مراحله التفصيلية لتنال من بحثها -وهو الأول من نوعه عن هذه الشخصية-درجة الماجستير كجزء من متطلبات نيل هذه الدرجة من كلية التربية في الجامعة المستنصرية مطلع هذا العام، من خلال رسالتها الموسومة: (جميل عبد الوهاب ودوره السياسي في العراق حتى عام 1958) حتى نالت تلك الشهادة بجدارة.
لكن الأجدر من ذلك والفائدة الأعم للمهتمين من هذه البحث هو ما قامت به عائلة المرحوم جميل متمثّلة بابن شقيقه السيد لهب عطا عبد الوهاب، بإن أحال هذه الرسالة إلى كتاب أنيق متوسط الحجم معزّز ببعض الصور التاريخية مع توطئة بقلمه، فطبعهُ على نفقته الخاصة، ليوزع على العائلة والأصدقاء ويأخذ مكانه بين الكتب في رفوف المكتبات الجامعية المختصّة والمكتبات العامة.
وقد أهداني السيد لهب عطا، مشكورًا نسخة من هذا الكتاب، الصادر عن دار الفارس للنشر والتوزيع، قبل توزيعه في الأسواق. ومن خلال تصفّحي لأوراقه وقراءة سطوره، وجدت نفسي أمام شخصية وقورة ومحافظة كان لها دور سياسي ومحوري مهم أبان حقبة معقّدة من تاريخ العراق الحديث، من خلال مناصبه الرفيعة والمتعدّدة في الحكومة، فعمل في بداية حياته كمحامي ثمَّ كقاضي في عدّة محاكم ومنها اختير نقيبًا للمحامين لدورتين متتاليتين، وأصبح نائبًا في البرلمان عن لواء ديالى ثمَّ عن لواء بغداد، لدورات عدّة ما بين عامي 1940و1954، واستوزرَ لوزارة الشؤون الاجتماعية، ووزارة العدلية، في خمسة وزارات مختلفة وعملَ مع ثلاثة رؤساء وزارات، كما تولّى أيضًا منصب سفير العراق في لبنان في فترة قصيرة لكنها جسيمة.
ويبدو إن تلك الشخصية كان مدعومة سياسيًا من الأمير عبد الإله ومن ثمَّ الملك فيصل، لكفاءتها وإخلاصها في العمل، وموالاتها للتاج الملكي. حتى أن هذه السمعة الطيبة والتاريخ السياسي الطويل لجميل كانت خيرُ تزكية وسبباً غير مباشر لنقل شقيقه عطا عبد الوهاب، الدبلوماسي في السفارة العراقية في واشنطن إلى البلاط الملكي ليكون سكرتيرًا شخصيًا للملك فيصل والأمير عبد الإله، عندما التقاه الأخيران، أثناء زيارتهما إلى أمريكا عام 1952، وعرفَا أنه شقيق الوزير جميل عبد الوهاب.
هذا الجهد الواضح في تتبع سيرة هذا الرجل وما تمَّ جمعه من معلومات وبيانات، ناتج عن المثابرة والاجتهاد للطالبة زينب حسن ميّوك، في تحرّيها وتقصّيها عن مصادر تاريخية عديدة من وثائق رسمية في دوائر الدولة العراقية وتراجم وثائق بريطانية، ومن صحف الوقائع العراقية وصحف يومية، محلية وعربية، وأطاريح جامعية سياسية متنوعة، ومقابلات ومراسلات مع شخصيات ذات شأن ومنها عائلة المرحوم، فضلًا عن إضبارته الشخصية، حتى أنجزت رسالتها، ثمَّ طُبعت ككتاب بهذه الحلّة.
لذلك وبعد قراءتي الهادئة للكتاب وجدتُ أن من الواجب الأدبي كمهتم بتاريخ العراق الحديث وكذلك الصداقة التي تجمعني مع السيد لهب وعائلته، أن أُقدّم هذا العرض المقتضب ورؤيتي لهذه الشخصية المحافِظة.
جميل عبد الوهاب، إنسان عراقي ولدَ في بغداد سنة 1909. كان والده ضابطًا في الجيش العثماني ثم في الجيش العراقي، وجميل هو الأخ الأكبر لأشقائه الثلاثة: جميلة، البنت الوحيدة، وزكي المحامي وعطا عبد الوهاب، السياسي والدبلوماسي المعروف.
أكمل دراسته الأولية في الإعدادية المركزية ودخل كلية الحقوق، ومن خلال هذه الكلية بدأ نشاطه السياسي كشاب مندفع ومشارك مع زملاءه في التظاهرات ضد الإنكليز عام 1928، أيام الانتداب حتى تطورت إلى اعتصامات ومصادمات مع قوات الشرطة وتعرض جميل مع زملاءه إلى الاعتقال والحبس والطرد من الكلية وهذا ما دأب عليه الكثير من طلاب الكليات آنذاك وخاصة هذه الكلية. وهذا نابع من شعورهم الوطني في الدفاع عن المبادئ الوطنية، كونهم الطليعة المثقفة والواعية في المجتمع العراقي والمدافعة عن القضايا القومية، ويلاحظ أيضًا إن أغلب أبناء الذوات في تلك المرحلة هم أيضًا شاركوا في هكذا اعتصامات مع زملائهم، لا تفرقهم الأسماء والنعوت، أو الجاهة والسمعة، أو مناصب أباءهم، وكانت في حينها رسالة واضحة للحكومة العراقية والمندوب السامي بأن في العراق رجالات قادرة على الوقوف بوجه المخططات الاستعمارية. ومن هذه النقطة بدأت حياة جميل عبد الوهاب، في المعترك السياسي. ثمَّ جاء دوره مرة أخرى في معارضته للمعاهدة العراقية-البريطانية عام 1930، والقيام بتظاهرات مناهضة لها مع زملاء معروفين في هذا الحِراك، منهم: فائق السامرائي، وعزيز شريف، ويونس السبعاوي، وحسين جميل، وآخرون، وألقي القبض عليهم وصدرت أحكام قضائية بحبسهم لمدة ستة أشهر.
بعد تخرجه في كلية الحقوق بدأت حياته العملية في سلك المحاماة لفترة قليلة قبل أن ينتمي إلى الوظيفة الحكومية كحاكم في عدة محاكم لمدة أربع سنوات ومنها بدأ مشواره وغريزته في الدفاع عن الحق وإظهاره وحل الخلافات.
من خلال الاندفاع الوطني لجميل عبد الوهاب وزملاءه، استمر في نهجه المعارض للسياسات الخاطئة للحكومة مع عدد كبير من الشباب المثقف، منها تظاهره ضد حكومة جميل المدفعي الرابعة عام 1937، لعدم قيامها بمحاكمة المشتركين بانقلاب بكر صدقي. وعلى إثر ذلك تم نفي جميل، إلى منطقة علي الغربي، وفرضت عليه الإقامة الجبرية لمدة سنتين.
تزوج جميل، عام 1933، من السيدة وجيهة، وهي ابنة أخت نوري باشا السعيد. كانت هذه الزيجة بمثابة عامل مساعد لتحقيق طموحه وأحلامه، مكنته من الولوج في عالم السياسية بقوة وبصفة رسمية. ففي عام 1949، شكل نوري السعيد، حزب الاتحاد الدستوري وأصدر جريدة بنفس أسم الحزب. انتمى جميل عبد الوهاب، لهذا الحزب مع شخصيات سياسية أخرى وانتخب عضوًا في اللجنة المركزية وبرز اسمه فيه من خلال نشاطه وآراءه في القضايا التي كان يناقشها، بدأها بدعوته لتعديل معاهدة 1930.
لم يكن جميل، في صفوف المعارضة دائمًا وضد كل قرار تتخذه الحكومة بل له استقلاليته في اتخاذ المواقف مع حزبه ومنا ما هو مؤيد في قسم منها وهذا ما انبرى لنا عندما وقع العراق مع الشركات النفطية الأجنبية عام 1952، على اتفاقية لتنظيم عمل هذه الشركات وسمّيت بـ (اتفاقية مناصفة الأرباح)، فالحزب الدستوري ومعهم جميل عبد الوهاب كان مؤيدين لها معتبرين إنها مكسب مهم وإيجابي للعراق دون أن يوصد باب التأميم، على عكس الأحزاب الأخرى المعارضة لكل قرار حكومي.
لم تقف مواقف جميل عبد الوهاب، الوطنية والحماسية على قضايا الداخل فقط بل تعدّاها إلى القضايا العربية المصيرية أيضًا منها قضية تقسيم فلسطين وتأييديه لمشروع الاتحاد مع الجارة سورية معتُبرًاها إياها أفضل وسيلة لمواجهة الأخطار الخارجية ضد البلاد العربية.
وتخطّى أعضاء الحزب الدستوري، اهتمامه بالقضايا المحلية والعربية إلى القضايا الدولية ومنها ما اقترحته الولايات المتحدة عام 1949، بتقديم المساعدات الصناعية والمالية والعلمية إلى الدول المتأخرة في هذا المضمار. في ضوء ذلك دعى أعضاء الحزب ومنهم جميل عبد الوهاب، الحكومة العراقية إلى التنسيق مع الولايات المتحدة والاستفادة القصوى من هذا البرنامج طالما أنه لم يمس نفوذ وسلطة البلاد. وأيضًا مشروع الدفاع عن الشرق الأوسط الذين عرضته بريطانية عام 1951، مع فرنسة والولايات المتحدة وتركية للدفاع عن دول المنطقة ضد أي عدوان خارجي. وأيّد جميل، هذا المشروع واعتبره خطوة للوقوف بوجه خطورة الاتحاد السوفيتي آنذاك والعداء الشديد الذي يكنّه زعيم الحزب نوري سعيد، للشيوعية. كما كانت لجميل عبد الوهاب، وجهة نظر مؤيدة لانضمام العراق وأقطار عربية أخرى إلى حلف بغداد ومنها لبنان حينما كان سفيرًا فيها في محاولة منه لإقناعها بالانضمام.
عندما انتخب جميل عبد الوهاب، نائبًا عن لواء ديالى، (1940-1948) كان من الشخصيات المؤثرة ومن الأصوات المهمة داخل البرلمان ومواقف مشهودة من القضايا الوطنية التي طالما صفق لها أعضاء المجلس لما كان يبديه من أراء ناضجة وحجج منطقية. ومن أبرز تلك المواقف دعوته وإصراره على استحداث وزارة للشؤون الاجتماعية، وهذا ما حدث واستوز فيها فيما بعد. وناقش جميل أيضًا الكثير من القضايا الداخلية المهمة طيلة عضويته، وتولى مناصب فرعية في المجلس منها انتخابه عضوًا في لجنة تعديل الدستور.
واُنتخب أيضًا نائبًا عن لواء بغداد، (1950-1954) فكانت له الكثير من الآراء الجيدة والملاحظات في المواضيع المطروحة للمناقشة خاصة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والصحية، ومصادقته على عدد من اللوائح القانونية المهمة والاستراتيجية التي تهم البلد والمواطن، وكان مواظبًا على حضور جميع الجلسات على الرغم من التزاماته الوزارية والتوجيهات التي كانت تتخذها الحكومة لقيادة دفة الحكم. ويلاحظ هنا إنه جمع بين منصبين في آن واحد، ولأكثر من مرة وهو ما سمح به القانون في حينها.
أستوزر جميل عبد الوهاب لأول مرة وهو بعمر 37 سنة لوزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة المعارف وكالةً في حكومة نوري السعيد التاسعة عام 1946، وكان اهتمامه منصبًا على تحسين ظروف العمال وتوفير الخدمات الطبية وإصلاح الواقع التعليمي والاهتمام بشريحة المعلمين وتطبيق التعليم الإلزامي. لكن هذه الوزارة لم تستمر سوى ثلاثة أشهر، شكل صالح جبر وزارته الأولى واختار جميل عبد الوهاب، وزيرًا في نفس وزارته السابقة إضافة إلى وزارة العدلية وكالةً، حيث استمر بتطبيق منهاجه الوزاري في تعديل القوانين واتخاذ القرارات المهمة والاهتمام بالشؤون الاجتماعية بشكل عام واعتمدت وزارته أيضًا إجراء تعداد سكاني في العراق وحدد يوم 19 تشرين الأول من عام 1947، موعدًا لذلك، لكنه استقال منها مع وزراء آخرين بعد المصادمات الدموية بين المتظاهرين والشرطة عقب توقيع معاهدة بورتسموث عام 1948، قبل أن تستقيل الوزارة نفسها.
في عام 1950، عُيّن جميل عبد الوهاب وزيرًا للعدلية في حكومة نوري السعيد الحادية عشر، حيث اهتم من خلال منصبه هذا بتحسين المستوى المعاشي والاجتماعي للقضاة وغيرها من القضايا ذات العلاقة. وأُعيد تعين جميل في نفس منصبه في وزارة نوري السعيد الرابعة عشر التي تشكلت في آذار 1958، بعد عودته من مهامه كسفير للعراق في لبنان، إلا أن هذه الوزارة لم تستمر سوى شهرين. شكّل بعدها أحمد مختار بابان وزارته الأولى في 19 مايس 1958، وعيّن جميل فيها وزيرًا للعديلية أيضًا واستمرت هذه الوزارة شهرًا وستة وعشرين يومًا سقطتّ بعدها أثر سقوط النظام الملكي في 14 تموز 1958.
خلال عمله كوزير للشؤون الاجتماعية ووزير للعدلية وفي عدّة وزارات لاحظنا أن جميل عبد الوهاب، أبدى حرصًا واضحًا وجهود متميّزة في أدق تفاصيل العمل الإداري والفني التي تعود بالفائدة على جميع الشرائح المجتمعية، على الرغم من قصر عمر الوزارات التي عمل فيها وكذلك إجاباته التفصيلية على أسئلة النواب حول عدد من القوانين والتشريعات ذات العلاقة وتعديل بعض اللوائح وغيرها من المقترحات، وأثنى الكثير من النواب على جهوده في هذا المجال. أما ساحة القضاء فكان ينظر لها نظرة مقدّسة ويعاملها بحيادية ونزاهة، كونه مارس مهنة القضاء في عدة محاكم وعمل في المحاماة في مرحلة مبكرة من حياته.
أما بالنسبة لدور جميل عبد الوهاب، الدبلوماسي فعلى الرغم من قصر المدة التي عمل بها سفيرًا في لبنان من عام 1955 إلى 1957، إلا إنها كانت زاخرة بالنشاط السياسي المهم أكثر من الدور البروتوكولي المتعارف عليه،
ونجح في ذلك نتيجة خبرته الطويلة في العمل السياسي والحزبي، وظهر ذلك واضحًا من خلال تقاريره الدورية التي كان يرسلها إلى وزارة الخارجية العراقية، علاوة على أهمية لبنان ورئيسها كميل شمعون الحليف القوي بالنسبة للحكومة العراقية. لذلك كان دور السفير العراقي مهمًا في تقوية مكانته في لبنان الذي بات يتعرض إلى ضغوطات من التيار العربي القومي في تلك المرحلة التي قد تؤدي إلى انضمام لبنان إلى التيار المضاد للعراق. كذلك كان دور السفير جميل عبد الوهاب فاعلًا في مفاوضات النفط كون أنبوب النفط العراقي يمر من سورية إلى موانئ لبنان.
لكن هناك مسألتان برزت بشكل مفضوح خلال عمله كسفير والتي اعتقد من وجهة نظري الخاصة، أنها جعلت جميل عبد الوهاب، يشعر أنه مطلوب قضائيًا من قبل النظام الجديد في العراق بعد 14 تموز1958. الأولى: هو دخوله طرف في قضية ضم سورية إلى العراق عام 1956، ولو بصورة غير مباشرة عندما شرعت بغداد بالتخطيط للقيام بعمل عسكري في سورية من خلال الاتصال ببعض القادة العسكريين في سورية من جهة، وقيام الرئيس اللبناني بإقناع بعض رجال السياسة فيها، وهذا تطلّب تقديم مساعدات مالية شهرية من العراق إلى الرئيس شمعون، عن طريق السفير العراقي، وهذا ما اكتشفته الحكومة السورية لاحقًا.
أما المسألة الثانية: هي وقوف العراق وتدخّله إلى جانب الرئيس اللبناني كميل شمعون، في الانتخابات الرئاسية عام 1957، من خلال التنسيق مع الولايات المتحدة وبذل الجهد في هذا الاتجاه ومنح مساعدات ماليه للرئيس شمعون، على وجه السرعة والبرقيات التي كانت تبعثها السفارة في بيروت إلى وزارة الخارجية العراقية، لحثها على تقديم تلك المساعدات.
مُنح جميل عبد الوهاب، وسام الاستقلال من الدرجة الثانية عام 1946، من حكومة شرق الأردن، ثمَّ منحه الملك عبد الأول ملك الأردن عام 1947، لقب الباشوية، لدعمه القضايا العربية، ومشاركته في احتفالات جلاء القوات الفرنسية عن لبنان عام 1946، كما أنعمتْ عليه الحكومة اللبنانية عام 1947، بالوشاح الأكبر من وسام الأرز الوطني.
بعد انقلاب 14 تموز 1958، تخفّى جميل عبد الوهاب، وتوارى عن الأنظار لمدة خمسة أشهر تجنّبًا لاعتقاله، وظلَّ يتنقّل سرًّا من مكان إلى آخر بمساعدة شقيقيه زكي وعطا، حتى وصل بمساعدة آخرين إلى إيران عبر رحلة دراماتيكية طويلة، ومنها طار إلى الأردن فاستقبله الملك حسين، الذي يكنُّ له مودّة واحترام، ثمَّ غادر إلى بيروت ليستقرّ فيها.
في عام 1973، أصيب جميل بمرض سرطان الكبد، وعلِمَ الملك حسين بذلك، فأرسله على نفقته إلى لندن للعلاج، لكنه توفي في مستشفى Royal Free، بعد أيام من وصوله مخلّفًا زوجة وولدين وخمسة بنات، وإرثًا ناصعًا، وحياة سياسية طموحة وحافلة، ودفن في مقبرة إسلامية في ضواحي لندن، حيث تولت السفارة الأردنية في لندن تكاليف الدفن بأمر من الملك حسين.
رحم الله السياسي الوطني والرجل البار جميل عبد الوهاب ، وإنا لله وإنا إليه راجعون
1041 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع