إعداد / إبراهيم الأعظمي
مَــن مِنّــــا لا يتذكــر هــذا البرنــامج الذي كان يطّـــلُ علينـــا فــي كــل أســــبوع مِـن تلفزيــون بغـــداد؟؟؟
الدكتور مصطفى جواد عالم اللغة والنحو والقواعد والفقه و الادب والشعر والنثر
لقد كان المرحوم علماً يرفرف مع علم العراق وراية من رايته التي أرفدت الأجيال
بوافر من علوم اللغة والثقافة والتعليم و فصاحة الكلام والمصحح اللغوي
الأســـتاذ الدكتور مصطفـــى جــواد
علامة العراق الأكبر والمؤرخ الكبير الأستاذ الدكتور مصطفى جواد علم أعلام العراق المعاصر ولد بمحلة القشلة ببغداد عام 1904 . ينتمي إلى عائلة سرايلو التركمانية التي تقطن بمنطقة ( قره تبه ) التابعة لمدينة كركوك . تنقل في طفولته بين بغداد وقضاء الخالص التابعة لمحافظة ديالى . لدية العشرات من الكتب والمؤلفات العلمية واللغوية والتاريخية عضو المجمع العلمي العراقي والمصري والسوري والمغربي والاردني رحمة الله عليه
بلغ الشهرة أكثر فأكثر في موضوع (قل ولاتقل) أي قل الصحيح وانبذ الخطأ الشائع، وطبع له من هذا الموضوع جزآن (1970- 1988) وربما استعار عنوان كتابه من الدراسات اللغوية الفرنسية التي شاعت في أثناء دراسته في جامعة باريس
أبتدأ بنشره منذ عام 1943في مجلة(عالم الغد) فكان يذكر أولا الصحيح أو الفصيح ويشفعه بالغلط أو الضعيف، وكان يرتب ذلك على حروف المعجم
من اللطائف التي تروى عنه وفي أحد الأيام عند ركوبه إحدى سيارت الأجرة في بغداد وفي الطريق أدار السائق المذياع فأذيع برنامجه من الإذاعة (قل ولا تقل)، فضجر السائق وأغلق المذياع وقال باللهجة العراقية العامية: (أسكت .....!). فطلب مصطفى جواد التوقف ونزل من السيارة وهمس في أذن السائق: (قل قواد ولا تقل ...!). فسارع السائق للأعتذار منه وقَبِل الدكتورمصطفى أعتذاره وهو يضحك.
لقد كانت له روح فكاهة، مع طيبة قلب ويروي عنه البغداديون الكثير من النكات والمواقف الأدبية الساخرة في حياته وتعاملاته اليومية مع الناس والأصدقاء
ومن خلال حلقات برنامجه التثقيفي والتعليمي فما زالت ذاكرتنا تحتفض بالعشرات المهمة منها ، الاولى قال فيها بان تيمورلنك حين أحتل بغداد عسكر في موقع ساحة عنتر حاليا في بغداد_ الأعظميــة ونصب له أمام معسكره هرم يتكون من ستمائة الف رأس من أهالي بغداد , فتصوروا حجم المآسي التي مرت بها مدينتنا الحبيبة على مدى تأريخها وحتى يومنا هذا وما يفعله الأشرار فيها والحاقدين عليها من ألأعاجم الحاكمين على مقدراتها . والمعلومة الثانية هي حين أصيب العلامة بالجلطة القلبية في أواخر الستينيات حيث خصص في حينها حلقة من برنامجه الجميل ليقول فيها .. قل الغلطة القلبية ولا تقل الجلطة القلبية
توفي رحمه الله في 17 ديسمبر عام 1969 في بغــداد عن عمر ناهز الثامنة والستين على اثر مرض عضال لازمه سنواته الأخيرة ، وسار في تشييعه رئيس الجمهورية العراقية السابق أحمد حسن البكر وأقيمت في الذكرى الأربعينية لوفاته حفلة تأبينية كبرى حضرها مندوب عن رئيس الجمهورية وعدد كبير من الوزراء والمسؤولين وشعراء الدول العربية والإسلامية وجمهور غفير من أصدقائه وطلابه ومحبيه ثم نظمت وزارة الثقافة والاعلام معرضاً يضم مخلفاته وآثاره الشخصية والعلمية أفتتح يوم 25/3/1970
اللغــة ليست وسيلة تخاطب فقط، وإنما هي وسيلة تفكيــر وهي أحد أركان أمن الشعـب ثقافياً وفكرياً
مقتطفات من أقوال الدكتور العلاّمـة مصطفــى جــواد رحمــه اللــه لكــي لا ننســى لغتنــا الجميــلة
لا تقل: سارت الأمور بشكل جيد أو على نحو جيد
بل قل : سارت الأمور سيرًا حسنًا أو سارت الأمور جيدًا
جاء في القرآن الكريم﴿فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا﴾«٭3:37»
لا تقل: ضغوطات، خروقات، مسوحات
بل قل: ضغوط، خروق، مسوح، لأن ضغوط جمع ضغط، ولا يجوز أن تجمع مرتين
لا تقل: عند النظر إلى الموضوع ككل
لأن ككل لا أصل لها في اللغة
بل يفضل أن يقال: بشكل كامل
من الشائع أن يقال: على الرغم من أن هذه المسألة... على الرغم من كون البلوتونيوم مادة سامة
ويفضل أن يقال: ومع أن هذه المسألة ليست...، مع أن البلوتونيوم...
لأن كلمة (الرغم) لا تستعمل في غير التراكيب التي يكون معنى القَسْرِ وعدم الرغبة ملحوظًا غالبًا.
لا تقل: ينبغي علينا أن نفعل كذا
بل قل : ينبغي لنا أن نفعل كذا
جاء في القرآن الكريــم ﴿لا الشمس ينبغي لها أن تُدرك القمر﴾«٭»
﴿وما علّمناه الشعر وما ينبغي له﴾
لا تقل: الفرسان البواسل
بل قل : الفرسان البسلاء أو الباسلون
لأن البواسل جمع باسلة للمرأة، و باسل للحيوان كالأسد.
لا تقل: جهاز تصنت
بل قل : جهاز تنصت
لا تقل: حققت الشركة نموا مضطردا
بل قل: حققت الشركة نموا مطّردا
لأن المطّرد مشتقة من الجذر (طرد). قال الأستاذ مصطفى جواد
ليت شعــري من أين أتوا بالضاد؟
لا تقل: مدينة مومباسا هي ثاني أكبر مدينة في كينيا
بل قل: مدينة مومباسا هي الثانية بعد أكبر مدينة في كينيا
أو قل: مدينة مومباسا هي الثانية كبرًا في كينيا
من الشائع أن يقال: يتوجب علينا فعل كذا
ويفضل أن يقال : يجب علينا فعل كذا، أو ينبغي لنا فعل كذا
جاء في (المعجم الوسيط): «تَوَجَّب فلانٌ: أكل في اليوم والليلة أكلةً واحدةً.»
لا تقل: قابلت فلانًا منذ أسبوعين
بل قل : قابلت فلانًا قبل أسبوعين
لأن منذ تفيد استمرارية الفعل (بمعنى أنه لا زال مستمرًا حتى الآن، مثل: "أعيش في هذا المنزل منذ عشرين عامًا")
لا تقل: أعتبرت زيدًا صديقًا
بل قل : عددت زيدًا صديقًا
لأن "أعتبرت" تعني أتخذته عبرة وعظة والصواب عددته. جاء في القرآن: ((وقالوا ما لنا لا نرى رجالاً كنا نعدهم من الأشرار)). ولم يقل نعتبرهم.
لا تقل: تعرّف على كذا ! متعارف عليها
بل قل : تعرف إلى كذا ، وعادات متعارفة
لا تقل: نتج عن هذا الدواء أعراض جانبية
بل قل : نتج هذا الدواء أعراضا جانبية
لإن نتج فعل متعدٍ، فلا حاجة لوجود حرف الجر
لا تقل: تَحَسّبًا من كل طارئ
بل قل : تَحَسّبًا لِكِّل طارئ
لأن معنى تحسّبًا هو توقعًا واستعدادًا له، وليس استعدادًا منه
لا تقل: ثبت بأنه متهم
بل قل : ثبت أنه متهم
لأن ثبت فعل لازم يتعدى بالهمزة والتضعيف
لا تقل: حاز فلان على الشهادة أو الأموال
بل قل : حاز فلان الشهادة أو الأموال
لأن الفعل "حاز" يتعدى بنفسه
لا تقل: أحسنَ إليك زيد بينما أنت أسأت إليه
بل قل : أحسنَ إليك زيد، على حين/ في حين أسأت أنت إليه
لأن (بينما) لها الصدارة في الجملة
لا تقل: يجب أن نتأكّد من حدوث كذا
بل قل : يجب أن نتحقق حدوث كذا، أو نتيقَّن أو نستَيْقِنَ حدوثَ كذا، أو نَتَوثَّق من كذا أو نستوثق منه
لأن : أكَّد الشيءَ تأكيدًا فهو مؤكَّد. فكان الأصح قولنا: يجب أن يتأكَّد لنا حدوث كذا
إعــداد .... إبراهيــم الأعظمــي
769 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع