بغداديات – كافيه بغداد اول مقهى مختلط في العراق

       

بغداديات – كافيه بغداد ..اول مقهى مختلط في العراق

   

اشتهرت بغداد بكونها من اكثر العواصم العربيه بعدد المقاهي ويقدر عدد المقاهي في مطلع القرن العشرين باكثر من 250 مقهى وهذه المقاهي تتصف بمواصفات متشابهه عدا القله منها وكانت جميعها تحتوي على مجموعه من اماكن الجلوس ( التخت ) او ما يسميه البعض ( الكرويت ) وهي متشابه في كل المقاهي وتتصف بارتفاعها عن الارض وعدم وجود مساند مدعومه بالحشوات القطنيه او الصوفيه او الاسفنجيه..

وتقتصر على فراش جلوس البعض منه  مكون من فجه او جودليه او من القطن الخفيف ..

  

واكثرها يكون من الحصير المحاك يدويا باحجام وقياسات موحده خاصه للمقاهي وبعضها القليل كان يضع الحصير من ورق سعف النخيل ومناضد صغيره امام التخوت منها من سعف النخيل وبعضها من الحديد وهناك بعض المقاهي تخوتها من جريد النخيل وخاصة في اطراف بغداد والمناطق الريفيه .

     

ومن تجهيزات المقهى البغدادي هو عدد من ( الحبوب ) المخصصه لشرب الماء مع طاسة الصفر الحمراء وغطاء اضافة الى ( الوجاغ ) وهو مكان صنع الشاي والحامض والدارسين والقهوه احيانا وتراه مملوء بالقواري والسماور الخاص بالماء الحار ورفوف تحتوي على لعب الدومينو والطاولي وفي مكان قريب تجد الاركيله مرصوفه مع مكان صغير للفحم الخاص بها وبعض علب الحلقوم والمسقول لاغراض اللعب والمراهنات وقد تجد في بعض المقاهي ورق اللعب او قفص للطيور ولكن نادرا ما تجد فيها من يتناول الطعام الا غريب او مسافر او مضطر ويكون الطعام من خارج المقهى طبعا والمقاهي التي تقدم الطعام كانت تسمى بالكازينو ..

  

هكذا كان حال المقاهي الى فترات قريبه وقد نجد منها البعض هذه الايام ,, وكانت هذه المقاهي مخصصه للرجال فقط ولايمكن للنساء الدخول اليها في اي حال من الاحوال واذا اضطرت أمرأه في حاجه ملحه فنها تقف على مسافه بعيده نسبيا وترسل احد الاطفال لاستدعاء من تريد  وكانت هذه تعتبر من الامور التي تضايق الرجل ويخجل منها واذا مرت امرأه من امام مقهى فأنها تغطي وجهها وتنظر الى الجهه المعاكسه خجلا ,,

  

لقد قدمت هذه المقدمه لتقريب المقارنه لان تحولا مهما كانت بغداد الرائده الاولى فيه وهو افتتاح مقهى جديد كما هو متداول اليوم فيها وفي الغرب وفي اقليم كردستان وهي المقاهي المختلطه التي تجمع بين المقهى والمطعم والارجيله وبعض الاحيان المشروبات الكحوليه وبشكل مختلط والتي كانت اوربا ولبنان ومصر بعض الشيء يمتازون بها ,, وهذا هو موضوع مقالنا الذي يتطرق لاول مقهى في بغداد من هذا النوع ..
في عام  1970 بدأت بوادر الانفتاح وظهرت بعض مظاهر التحرر الاجتماعي وسمح للشباب ببعض الحريه في المجالات الاجتماعيه وكنا نرى تغاضي الشرطه عن الفتيان والصبايا وهم يتجولون على شارع ابونؤاس والبعض يجلسون تحت ظلال الاشجار يتسامرون وآخرين يرتادون المحلات العامه دون مضايقات وافتتحت عددا من البارا الجديده وباسماء رنانه كل ذلك كان دافعا للبعض ان يفكر بما هو حديث وعصري ..  
راودت بعض الشباب من الكراده الشرقيه فكرة انشاء مقهى على غرار ماكان موجود في اوربا ولبنان واكثرهم شاهد هذا النوع من المقاهي..

 

           أسواق سلومي وبعدها مطعم تاج محل

وظلت الفكره محل تداول ونقاش فتره من الوقت وكان الرأي الاول ان تفتح في ساحة المسبح في الكراده الشرقيه ( خارج ) في الركن المقابل لمطعم تاج محل والسفاره الالمانيه ( مكان مصرف الرافدين سابقا) ولكن الايجار كان عاليا وتم تغير الاتجاه الى العلويه وبالتحديد في الجهه المقابله لفندق دار السلام وفي بضع محلات من شركة ( فورد تاونس ) لبيت عريم والتي اقفلت معرضها الواسع جدا بعد تأميم كل الشركات الخاصه الكبرى  وتم تقسيمه الى عدد من المحلات وكانت حصة المقهى ثلاث محلات مع خلفيه واسعه وموقع وسطي بين المحلات وبايجار مقبول..

            

باشر الشباب بالتخطيط التهيئه والديكور والتأثيث وارسل اثنان من الشباب الى بيروت لالتقاط صور لبعض المقاهي في شارع الحمره وفي عاليه وبحمدون مثل ( اكستاز – تام تام ) مع تأشير الملاحظات المهمه  وبوشر العمل بعد الاتفاق على الشكل والاثاث والاسس واستمر العمل مايقارب اربعة اشهر واخرجت المقهى بشكل رائع في مفاهيم تلك الفتره وهي تتكون من باب زجاجيه للدخول ..

 

وكانت تعتبر في تلك الفتره من الامور الحديثه وبعد ان تتجاوزها  تقابلك ثلاثة مناطق جلوس واحده منها مرتفعه عن الارض عن باقي المناطق  وتحتوي كل منطقه على عدد من قنفات الراحه من الجلد وباحجام واشكال متنوعه وهي تستخدم لاول مره في المقاهي ومناضد من الزجاج ولاول مره توضع المناديل الورقيه بحاويات خاصه جلبت من لبنان..

  

ومكائن القهوه الجاهزه ( الاكسبريس ) والكاباشينو والعصائر اضافة الى الاطعمه التي كان الرأي ان تكون خفيفه مثل ( الهمبركر – كريم جاب – الستيك – السندويج بانواعه ) اضافة الى ( الدوندرمه ) الايس كريم..

                 

مع تقديم المشروبات الكحوليه ( البيره فقط ) وكانت هذه الكافيه تستقبل الشباب من الجنسين وبشكل كثيف وتجدها مزدحمه دائما بطلبة الجامعات وخاصة في اوقات الظهيرة لكونها متنفس جديد وفيه نوع من الحريه والحداثه للشباب وخاصة وان انطلاق الحريات الشخصيه الاجتماعيه كان قد بدأ في بداية السبعينات من القرن الماضي كما ذكرنا انفا .
تعرضت الكافيه كما هو حال اي مرفق سياحي الى بعض المضايقات من الشرطه تاره ومن الامن العام وغيرها ومن السياحه ومن بعض ( الشقاوات ) قبل تصفيتهم وتحولت ملكيتها عدة مرات ولكنها ظلت فاعله وشاهدا على ان بغداد كانت الرائده في كل شيء في المنطقه ..

       

اليوم نرى العديد من هذه المقاهي في بغداد وفي المحافظات على اساس انها حداثه وهي كانت موجوده قبل اكثر من اربعين سنه في العاصمه العزيزه وهي ( كافيه بغداد ) اول مقهى ومطعم ومشرب مختلط  في وقت واحد في العراق ..

مع تحيات
عبد الكريم الحسيني

   

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

779 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع