فيصل الأول و دعبول البلّام

           

              فيصل الأول و دعبول البلّام

             

وجد فيصل الاول نفسه غريبا في العراق و لابد ان انتابته مشاعر الوحدة. سأل رئيس وزرائه ، نوري السعيد، عما يفعله العراقيون للنزهة و الاستئناس .

فأشار الى السفرات النهرية ليلا. و اقترح عليه ان يجربها متنكرين فأستحسن الفكرة. خرجا الى شريعة الميدان حيث ركبا بلم (زورق) البلّام دعبول فسار بهما نحو الصرافية. و كان دعبول معتادا على الشرب. فما انطلق حتى اخرج القنينة و صب منها ما يكفي من  الزحلاوي في طاسة معدنية.

  

اضاف لها ما يلزم من الماء و الثلج، ثم اظهركرمه البغدادي في الجود بالخمريات و قدمها للملك. "تفضل افندي خذ لك مصة."
​لم يذق فيصل بن الحسين الخمرة طيلة حياته و لكنه من باب المجاملة تناول الطاسة و مسها بشفتيه متظاهرا بالشرب. ثم مررها الى ابو صباح و اعادها للبلام شاكرا. " الله يزيدك" .

مسك البلام الطاسة و راح يكرع منها ما شاء على هواه. لم تمض غير دقائق حتى تنور وجهه و تألقت نفسه . وكان ذلك ايذانا لفتح القريحة العراقية بشتم الحكومة.
​انطلق ينتقد و يشتم كل هؤلاء الوزراء الحرامية، اذناب الاستعمار. نعم اخواني انا اقول لكم و الله شاهدعلى ما اقول. وراح يعدد اسمائهم واحدا واحدا. واخذه الحماس فرفع قريحته و راح يغني: يا ليلي يا ليلي يا ليل! عبيد للاجانب هم و لكن على ابناء بجدتهم اسود! مو تمام استاذ؟ القى السوآل وهو ينظر في وجه الملك.

و استمر في الكلام والشتائم حتى وصلا بساتين الصرافية، فأدار البلم من حيث اتى و قفل راجعا لشريعة الميدان.
 ​ارسى الزورق و ربطه جيدا. ناوله نوري السعيد فكة من الدراهم اجرة البلم ثم خطر له ان يدغدغ اعصاب دعبول فسأله : تعرف منو إحنا؟  قال ، لا سيدي خير. الشرطي قال لي زوج افندية يحبون سهرة بالنهر.

فقال له ابو صباح: " اسمع انا نوري السعيد رئيس الوزراء. وهذا اللي معي فيصل الاول ملك العراق.

" فضحك البلام و قال : امش منا. انت اخذت لك مصة ورحت تشوف نفسك رئيس الوزراء  وهذا صاحبك اخذ له نص مصة و قام يقول آني ملك العراق! يا الله تفضلوا امشوا!
خطر لنوري السعيد في اليوم التالي ان يواصل هذه المزحة لأستئناس الملك وبقية الوزراء. طلب من الشرطي ان يأتيه بالبلام دعبول. فجاء به و سلم على الحاضرين. سأله عن شغله و احواله فأجاب. "الحمد لله سيدي . بخير وكل شي تمام بفضلكم و فضل الحكومة الله يديمها."

عاد وسأله : لكن دعبول شفت شي غريب بالشط يلفت نظرك بها الايام؟"
"لا والله سيدي. لكن بس احب اقول لك ، البارحة ركبوا عندي اثنين افندية. واحدهم شرب مصة من مشروبي و قام يقول انا رئيس الوزراء والآخر اخذ نص مصة و شاف نفسه ملك العراق . "
تظاهر نوري السعيد بالغضب و صاح بالشرطي:

سمعت؟ روح دوّر عليهم وجيبهم نعاقبهم.
" لا سيدي لا. ما تدوّخ راسك وتدوّر عليهم. ما يسوون التعب. اثنين خايبين واحدهم ما يسوى اربع فلوس!!!.

       

الكاتب: الأستاذ خالد القشطيني

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

523 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع