غاليري تريتيكوف في موسكو (المتحف الوطني الروسي للفنون)
عميقة وعريقة هي الثقافة الروسية. ضاربة بجذورها في القدم وعمق التاريخ لدى روسيا مراكز ثقافية في أغلب بلدان العالم تساهم في نشر ثقافتها. ربما شكل انتشار اللغة الروسية بين عدد كبير من الناس العامل المحدد لذلك.
ولعلنا عندما نتكلم عن ثقافة وحضارة دون المتاحف، لا نكون قد تكلمنا عنها البتة. ولا غرو، إذ تشكل المتاحف كوكبة لامعة في سماء موروث جميع الشعوب، والروسي ليس استثناء منها، فهي الجسر الذي يعبره الزائر إلى الحضارة ويفوح منه عبق التاريخ. وهي رسالة الأقدمين إلينا في الحاضر والمستقبل في كل مدينة أو بلدة روسية يوجد متحف أو أكثر يعرّف الزائر بالثقافة والفنون الروسيين، ومن أهم المراكز الثقافية في موسكو هو غاليري تريتياكوف، الشجرة التي امتدت أغصانها لتعانق العاصمة وسط المدينة..
متحف تريتياكوف: بين الماضي والحاضر
البداية كانت في موسكو ولجامع التحف بافل تريتياكوف الذي كان يعمل تاجرا. وعند تجاوزه العشرين من عمره بدأ تريتياكوف بإقتناء أعمال فنية لمعاصريه، ومن ثم خلد أحد أفكاره وأسس متحف الفنون، وبدأ عرض بانوراما روسية فنية، وبالرغم من حبه لهذه الأعمال كان تريتياكوف يتمتع بعلاقات جيدة مع أغلب الفنانين، حيث استطاع أن يقتني الكثير من أعمال المدرسة الواقعية خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر.
إضافة إلى المجموعات الفنية التي كان قد اقتناها تريتياكوف سابقا، إلا أن الكثير من الأعمال الفنية جاءت كهدايا من محبي الفنون، وانضمت إلى مجموعة هذا الإنسان الذي كرس حياته لجمع هذه التشكيلة الفنية الجميلة والبديعة التي تزين قاعات المتحف الذي رعته الدولة عام ألف وتسعمئة وخمسة وتسعين عندما أعيد إنشاؤه مرة أخرى.
غاليري تريتياكوف من المتاحف العالمية التي تعرض الفن الروسي الشامل من فنون زيتية وروائع البورتريه والأعمال التي لها أهمية تاريخية لاحتوائها على فنون الفلكلور الروسي الراسخة التي تبرهن على موهبة وقدرة إبداع الفنان الروسي خلال فترة مهمة من تاريخه.
غاليري تريتياكوف أو المتحف الوطني الروسي للفنون، واحد من أشهر وأعظم قاعات العرض في وقتنا الحالي في العالم، حيث يحتوي على أعمال فنية مميزة ورسوم رائعة يفوق عددها المئة ألف لوحة.
ومنذ البداية عام ألف وتسعمئة وثمانية عشر من القرن الماضي وأسماء عمالقة الفن الروسي تزداد باطراد لـتزدان بها جدران هذا المتحف العريق.
غاليري تريتياكوف اليوم
لم يعد دور الغاليري الشهير يقتصر اليوم على التعريف بالتراث الفني، بل تعداه إلى الفعاليات المختلفة.. فقد قدم غاليري تريتياكوف في العشرين من شهر فبراير/شباط من العام الحالي قاعاته للمباراة النهائية لبطولة العالم في الشطرنج والذي تنافس فيها بطل العالم الهندي فيشفاناتان أناند ومنافسه الإسرائيلي بوريس غليفاند.
وتقول إحدى منظمات الحدث أن الاختيار وقع على غاليري تريتياكوف ليتعرف عليه أكبر قدر من الجماهير حول العالم، لأن البعض يعرفه بالاسم فقط دون معرفة فحواه، والبعض الآخر يجهل محتويات صالاته الغنية بالقطع الفنية النفيسة. وتؤكد السيدة ذاتها أن ذلك يتعلق بمكانة الثقافة الروسية كون الشطرنج ليس مجرد رياضة وإنما هو بحد ذاته فن من الفنون.
إلى جانب عرض نماذج من الفن الحديث التي تلقي الضوء على تاريخ تطور هذا المنحى من الفن في روسيا بدءا من ستينيات القرن الماضي وحتى يومنا الراهن.هكذا تظهر أعمال جديدة مرتبطة بالوقت الحالي موزعة بين الرسم والنحت والتراكيب التصويرية، التي تمثل أحدث الاتجاهات الفنية وأكثرها متعة وتشويقا.
وفي إطار مثل هذه الفعاليات يندرج عرض غاليري تريتياكوف اعمالا لنحاتين من العهد السوفيتي، تركوا بصماتهم على هذا النوع من الفن الملتزم بالإيديولوجيا.
حيث عرض في الغاليري حوالي عشرين عملا مكرسة للمفاهيم الإيديولوجية من الفن المنتمي في العهد السوفيتي من عام ألف وتسعمائة وثلاثين الى عام ألف وتسعمائة وخمسين، وهي الفترة التي أُطلق عليها "فترة ستالين" وكانت احد موضوعاتها الفنية هي "الشخصيات السوفيتية الجديدة".
وكما تقام بين جدران غاليري تريتياكوف مهرجانات موسيقية مختلفة، التي غالبا ما تصبح أحداثا بارزة في العاصمة الروسية والتي تضفي نغمة فنية هامة على غاليري تريتياكوف.
أجواء ساحرة في القاعات الشهيرة ترحب بعشاق الفنون من كل حدب وصوب، حيث يواظب غاليري تريتياكوف على رفد جمهوره المحب بشتى المواضيع المختلفة التي تكسب ماضي وحاضر العاصمة الروسية نكهته الفريدة الخاصة.
بعض من لوحاته ألمعروضة
641 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع