الساعات الاخيرة من حياة فاروق ملك مصر
الملك فاروق توفاه الله يوم 18 مارس/اذار 1965 في مطعم بايطاليا بعد عشاء سجله التاريخ في كتابه الامريكي ( ميشيل سترن) المعنون (فاروق في كتاب لم يمر على الرقابة)
والمطعم اسمه ( ايزل فرانس) وهو مطعم متواضع في طريق باريس – اورليان . وقد استقبله المشرف على المطعم في ترحيب حار وسأله عن صحته فقال : ليست جيدة تماماً اما صاحبته في تلك الليلة (آنا ماريا جاتي) فهي سيدة منفصلة عن زوجها وام لطفل في الخامسة من عمره.
فقال ميشيل سترن عن هذا العشاء : قد هاجم فاروق طبقاً فيه إثني عشر محارة من الصنف الكبير غارق في مرقة ( التابسكو) الشهيرة، وقد أعانه على إبتلاع هذه الوجبة الضخمة زجاجة كاملة وضخمة حجمها 32 أوقية ماء (أفيان).
ثم جاء دور فخذة خروف تساوي اربع وجبات كاملة من اللحم لاربعة رجال مع البطاطس المحمر تيسر وصولها الى بطنه بفضل زجاجة من الصودا .اما الحلو فقد كان كومة ضخمة من الصنف المعروف في ايطاليا ( الجبل الابيض) أو( مونت بيانكو) والمكون من دقيق الكستناء (ابو فروة) المغلي في اللبن – الحليب- والمخلوط بمحلول السكر والمحلى بالقشدة المضروبة المتوجة بالفاكهة . وقد تبع ذلك زجاجتان من الحجم الصغير من الكوكا كولا .
وتبعاً للنظام الايطالي ، أنهى الملك هذه الوجبة بعدد من البرتقالات ، ثم عدد آخر من زجاجات الكوكا كولا . وبعد هذا استحق فاروق – وكأنما هو في سباق بحلبة العدو ووصل الى ختام السباق – ان يستريح فقد اضطجع في مقعده وأخرج من جيبه سيجاراً ضخماً من تبغ( هافانا) ثم اشعله واخذ منه أنفاساً قليلة عميقة ، وأطلق حوله سحابة من الدخان . وفجأة شملت عضلات وجهه مسحة من الجمود . وقد تدحرج السيجار من فمه واتجهت رأسه الى الخلف ، وحدقت عيناه تحديقاً خفيفاً في سقف حجرة المطعم .
ولما كان فاروق – غفر الله له – صاحب مزاج خاص في المزاح الثقيل ، فإن صاحبته تلك الليلة كانت واثقة من انه يمزح ، وعلقت على هذه الحركة تعليقا قصدت به المداعبة. ولما لم تسمع على تعليقها ردا مجلجلاً من صديقها النائم او المتناوم فقد كررت المداعبة ، وكانت مداعبة خفيفة هذه المرة ولكنها لم تسمع رداً ايضاً ، ولما كانت رأس الملك قد إتجهت الى الخلف فإن الفتاة لم تستطع أن ترى وجهه في هذه اللحظة، لذلك تركت مكانها وذهبت الى جواره وبنظرة واحدة ادركت الحقيقة فصدرت عنها صرخة جاء على اثرها خادم المطعم ( اليويبرماني) ومديره ( البرتو ساردي) كان الملك غائبا عن صوابه يتنفس بصعوبة . وقد تعاون الثلاثة في رفعه عن مقعده وأنامته على منضدتين من مناضد المطعم مستلقيا على ظهره ثم فتح عامل المطعم سترة الملك وراح يدلك صدره عند موضع قلبه ،أما مدير المطعم فقد ذهب ليتصل بالاسعاف تلفونياً . وفي دقائق وصلت سيارة الاسعاف تابعة للصليب الاحمر . كما اقبل الدكتور ( نيقولا ماسا) الى الملك الغائب عن صوابه فتبين ان النبض ضعيف وان تنفسه يجري بصعوبة . وفي الحال ملأ الطبيب حقنة بسائل الكافور ، ثم طلب حملة النقالة ونقل فاروق الى مستشفى ( سان كاميليو) حيث وضع في الحال في خيمة اوكسجين لانعاشه ثم تقاطر عدد من الاطباء واحاطوا به في حين كان نبضه يزداد ضعفاً.
وبعد عشر دقائق وبالضبط الساعة التاسعة والدقيقة الثامنة من مساء 18 مارس/اذار 1965 وفي تمام اليوم الخامس والثلاثين التالي لعيد ميلاده الخامس والاربعين لفظ فاروق انفاسه.
776 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع