تداولت العديد من وكالات الانباء اليوم خبر مفاده حضور وفد امركي كبير الى العراق للتدوال حول الاوضاع الامنيه والعنف الذي يسود العراق والمساعده في التوصل الى السبل الكفيله لايقاف هذا العنف ..
لقد اعلنت السفاره الامريكيه في بغداد وبكل وضوح وبصورة رسميه يوم الثلاثاء 22-4-2014 على لسان مايكل بدناريك رئيس مكتب التعاون الامني التابع للسفارة الامريكية بان امريكا تواصل دعم الحكومة في العراق بكافة انواع الدعم ضد الشعب العراقي ، وكشف عن تقديم واشنطن ( متطلبات طارئة ) لمعركة الانبار منها 14 مليون قذيفة وطلقة وسبعة الاف نوع من الاسلحة المختلفة، مؤكدة ان هذا الدعم ( سيبقى وسيستمر ) .
في الوقت الذي تشير جميع المعلومات المتوفره عن تقدم ثوار العشائر باتجاه بغداد من ثلاث اتجاهات وان تأخير دخولهم الى بغداد هو بسبب عملية اغراق المناطق الغربيه من محيط بغداد وتشير المعلومات الى ان الاهداف الحيويه في بغداد اصبحت ضمن مرمى اسلحة الثوار المتوسطه وان الاجراءات التي اتخذتها الحكومه دليل على حراجة الموقف اضافة الى الخسائر الكبيره بالارواح حيث بلغت خسائر الاشخاص بحدود ( 6000 ) شخص و( 50 ) طائره وعدد كبير جدا من عجلات الهمر والمدرعات وناقلات الاشخاص وكاسحات الالغام في كانت خسائر الثوار قليله جدا بقارنة الخسائر اعلاه وقد لجأت الحكومه الى التعتيم والكذب في كثير من بياناتها ومنها علىسبيل المثال ماقاله قائد القوه الجويه العراقيه من ان القوه الجويه لم تفقد اي طائره ونسي انه كان قبل اسبوع من تصريحه هذا في تشييع الفريق حسن البيضاني في حادثة سقوط طائره ..
هل هذا الدعم يثير القلق ؟ نعم اذا نظرنا الى الجانب الانساني فهذا الدعم العسكري الضخم سوف يزيد من ضحايا العراق المدنيين ويوسع نطاق الدمار العمراني ، ولكن على مستوى ستراتيجي فان هذا الدعم واي دعم اكبر منه سوف لن يغير مجرى الصراع في العراق والذي تقرر بصورة ثابتة وليس بامكان احد تغييره غير الثوار من ابناء العراق . ولهذا الاصرار والجزم الامريكي اسباب ؟
1 . لكي لاننسى الامس القريب فان امريكا بكل ما تملك من اسلحة متطورة ، بعضها استخدم لاول مرة اثناء غزو العراق ولم تعرف طبيعته الكاملة حتى الان مثل القنابل التي حسمت معركة المطار ، فشلت في تحقيق النصر على المقاومة العراقية وعلى شعب العراق العظيم . وايضا نذكّر بان امريكا التي تعد المصدر الاول للسلاح في العالم وصلت مرحلة نفاد مخازنها من السلاح والعتاد فاضطرت لشراء عتاد من دول اخرى لسد النقص الحاصل في ذخيرتها في العراق نتيجة حدة وشراسة المعارك التي دارت بين امريكا والمقاومة العراقية .
امريكا بكل قدراتها التسليحية عجزت عن قهر شعب العراق ومقاومته الباسلة بالرغم من خيانة البعض تحت مسميات مختلفه كالصحوات مثلا واصطفاف بعض آخر تحت عناوين مختلفه ، فهل يمكن بجزء بسيط جدا من تلك الترسانة العسكرية تحقيق النصر على المقاومة في كل العراق والتي اشتعلت ثورتها المباركة منذ مجزرة الحويجة وتظهر نتائجها الاوليه مبشره وذات اندفاع قوي واصرار وطني عالي ؟
2. ان جيش الحكومة ليس جيشا بالمعنى الدقيق لمصطلح جيش بل هو عبارة عن ميليشيات دمجت بما يسمى الان ( الجيش العراقي ) ، لذلك فانها تبقى ميليشيات بحكم تكوينها الاصلي تربويا ونفسيا ، وقد عززها نوري المالكي باستخدام المليشيات الاخرى ( عصائب الخزعلي ) مع الجيش مما يزيد في تخبطه وهذه الحقيقة تجعل هذا الجيش يفتقر الى :
أالقيم الاخلاقية ، لانهم مجموعه من اللصوص تفتقر الى الاخلاق والشرف العسكري والانضباط والتربيه والذين لا يكتفون بقتل النساء واغتصابهن بالاضافة للرجال والاطفال بل يسرق ما تقع عليه يداه من بيوت الضحايا .
بيفتقر للروح الوطنية ، لانه جيش طائفي وتابع رسميا وفعليا للعدو التاريخي الاكثر شراسة للعرب وهو ايران .
تليس لهذا الجيش اذا جازت التسميه اية عقيدة عسكرية تدريبا وانضباطا وقدرات . بل ان هذا الجيش يعتمد المليشيات وبشكل لا يشبه المليشيات الاخرى في العالم فالميليشيات التابعة لايران في العراق عبارة عن حثالات متخلفة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى ، ولو قورنت بميليشيا حزب الله اللبناني ، وهي ايضا تابعة لايران ، لرأينا فرقا هائلا فالاخير ميليشيا مدربة تدريبا راقيا وتحولت الى جيش حقيقي تدريجيا ، وهذا ما اثبتته الحرب الاهلية السورية حيث لعبت هذه الميليشيا الدور الاكثر حسما في بقاء نظام بشار الاسد وانقاذه من انهيار حتمي كما اعترف حسن نصر الله .
فهل ( جيش ) بهذه المواصفات يستطيع تحقيق نصر عجزت عن تحقيقه امريكا بذاتها بعظمتها وبتقدمها التكنولوجي وبامتلاكها اقوى جيش في العالم ؟ الجواب واضح وقدمته ساحات معارك الانبار ونينوى وصلاح الدين وديالى وبابل وبغداد في الشهور الاربعه الماضية ، فقد شهد الجميع كيف ان هذا الجيش المزعوم كان ما ان يبدأ هجوما حتى تبدأ عمليات الفرار والانهيار تحدث بسرعة كبيرة جدا ، ولتسهيل الهرب يرتدي افراده (دشداشة) تحت الملابس العسكريه .
3 - اذن ما الهدف الامريكي من تزويد حكومة الخضراء بهذه الكميات الضخمة من السلاح ؟ ليس سرا ان الهدف المباشر هو منع حسم الصراع في العراق بسرعة وتعمد ادامته كي يسقط اكبر عدد ممكن من العراقيين بين قتيل وجريح ومشرد ، من جهة ، وتدمير اكبر مساحة ممكنة من العمران من جهة ثانية . فامريكا تعرف اكثر من غيرها بان ما يسمى بالجيش غير مؤهل لخوض معارك مع مقاومة مدربة تدريبا عاليا ومعبئة تعبئة وطنية وعقائدية عميقة وفاعلة جدا ، لكن امريكا تريد له ان يشتبك في معارك من اجل سقوط اكبر عدد ممكن من القتلى من الجانبين لان ذلك قد يجر الى ثأرات لاحقا تخرب النسيج الاجتماعي وتفككه وتمنع عودة العراق متلاحما كما كان قبل الغزو ، بالاضافة الى مواصلة تدمير ما تبقى من بنيه تحتيه وعمران.
4 – الدعم العسكري الامريكي (للجيش العراقي ) هو رسالة لحكومة الخضراء ولايران تقول : واصلوا الحرب ضد شعب العراق ونحن ندعمكم ، والهدف الواضح هو سحق العراق وتجريده من اي امكانية لمدة نصف قرن قادم على استعادة القوة والعافية . لكن هذه الرسالة تنطوي على امر اخر بعيد المدى وهو ان هذه الكميات من الدعم العسكري الغير قادر على حسم الصراع سوف تجبر ايران على التورط الرسمي والمباشر في حرب اخرى في العراق اشد ضراوة وتكلفة من حربها على الشعب العربي السوري وسبق ان نوهنا في مقاله سابقه ان الصراع العربي الايراني القادم سوف ينتقل من سوريا الى العراق وسوف يكون الحسم النهائي على ارض العراق ، ووهاتين الحربين اللتان لن تنتهيا بسرعة ، الامر الذي يجعل ايران عاجزة عن الخروج منها الا وهي مضعضعة او مهزومة ، وفي الحالتين فان تلك النتيجة سوف تسهل مهمة تحقيق هدف ستراتيجي لامريكا وهو اعادة تركيب النظام الايراني لاجل دمجه في النظام الشرق اوسطي الجديد لتكون ايران مع تركيا واسرائيل الاضلاع الثلاثة لمثلث النظام الجديد هذا وكما قال بعض السفراء الغربيين في احدى الحفلات في العاصمه الاردنيه عمان ( لايمكن السماح ببقاء دول متعدده في الشرق الاوسط ونتحمل مشاكلها وسياساتها وتنوع انظمة الحكم فيها بل يجب توكيل ذلك الى ثلاث دول كبيره هي التي تبقى في الشرق الاوسط وتديره وهي ( اسرائيل وايران وتركيا ).
5–الحالة الاقتصاديه التي وصلت اليها الدول الغربيه مضافا اليها الحاله التفسيه والتي لاتتيح لها خوض حروب اخرى واثبت ذلك فشل امريكا في العراق في قهر المقاومه واجبرتها على الانسحاب وعدم التفكير بالعوده الى العراق او المجازفه في مكان آخر . و الذي يترتب على هذه الحقيقة الميدانية ؟ اول ما يترتب ان امكانية امريكا والغرب للتدخل العسكري الواسع والمستمر لزمن طويل في العراق مرة اخرى امر مستبعد ، وبما ان المقاومة العراقية حاليا تمسك بزمام المبادرة وتتقدم بسرعة نسبية لتحرير كل العراق فان جعل الدعم الامريكي للحكومة في بغداد كافيا للصمود الى ما لانهاية امر غير ممكن ، وهذا يشبه عجز امريكا واسرائيل في الحرب العراقيه الايرانيه عن جعل نظام خميني يواصل الحرب ضد العراق رغم الدعم الامريكي الاسرائيلي لايران كما اثبتت فضيحة (ايران كيت) ، بعد ان استنزفت ايران معنويا وبشريا وماديا ووصلت حافة الانهيار الشامل فاضطر خميني لتجرع سم الاعتراف بالهزيمة .
6– انجرار ايران الى حرب اخرى في العراق سوف يتسبب في استنزاف آخر كبير وقد يكون مضاعف عما يجري في سوريا وهي عاجزه عن خوض معارك طويله وحرب عصابات منظمه بشكل جيد على مدى طويل وتخوض حربا في سوريا في نفس الوقت مع احتمال انلاع ثوره شعبيه داخليه وبناء على هذه الحقيقة فان تواصل اجبار ايران على خوض الحرب في سوريا في نفس وقت تدخلها في العراق مباشرة وعلنا كما فعلت في سوريا ، هو احد اهم عوامل انهيار ايران في العراق وسوريا في ان واحد .
7– تغير الموقف العربي تجاه العراق وايران وخاصة بعد الغزو الامريكي ونتائجه على العراق والمنطقه ومواقف ايران من الشعب السوري ومن الشعب العراقي واصرارها على الاحتفاظ بالجزر العربيه ودعمها لممارسات حزب الله في لبنان وسوريه ولذلك انتهت المبررات العربيه التي كانت تدعو الى دعم ايران بسبب القضايا العربيه ومنها فلسطين
وهكذا اصبح دعم ايران من قبل اي عربي يساوي الخيانة الوطنية والقومية فتراجع الدعم بصورة كبيرة واصبح مقتصرا على المضللين طائفيا من العرب ، كما في العراق ولبنان واليمن والبحرين والخليج العربي ، اما من ليس متورطا بالطائفية فلا تفسير لتواصل دعمه لايران سوى انه مرتزق بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى وضيع ، وهذه الحقيقة تنطبق الان على كل من يدعم ايران وبلا اي استثناء بعد ان عرف ما فعلته وتفعله في العراق وسوريا واليمن والبحرين ولبنان وغيره .
8 - ايران تعرف مسبقا انها تخوض معركة كسر العظم مع العرب ، فهي الان دولة امبريالية معادية بنظر الاكثرية الساحقة من العرب وهي لا تختلف من حيث الجوهر عن اسرائيل ، بل هي اخطر من اسرائيل كما نرى ذلك في العراق وسوريا ولبنان واليمن والبحرين وغيرها ، فكلاهما لديها مطامع توسعية وكلاهما تحتلان اراض عربية وكلاهما تجاهران بالعداء العنصري ضد العرب . فهل بالامكان بعد الان استمرار تداخل الخنادق ؟
اذن الدعم الامريكي لحكومة العمالة في العراق هو دعم للمخطط الايراني وهو ذاته من حيث الجوهر المخطط الصهيوني الامريكي ، وهذه الاطراف الثلاثة تدرك الان بانها تخوض معركة مصيريه مع الامة العربية ، لذلك كشفت كل اوراقها واصبح الصراع واضحا وتحقق فرز انهى عملية خلط الاوراق وتداخل الخنادق ، وتلك هي الخطوة الصحيحة المطلوبة لخروج الامة العربية من نفق مظلم ادخلت فيه رغما عنها ، واخذت القوى الوطنية والقومية والاسلامية ترى النور الذي يمكنها من تحقيق اهم متطلبات هذه المعركة الوجودية وهو التوحد في اطارات جهادية لابد منها .
تسليح امريكا لحلفاء ايران لن يمنع التحرير القادم لان اهم متطلباته قد توفرت وهي انهيار قوة وحجج العدو التاريخي وانكشاف اهدافه الحقيقية وسقوط ( القناع الفلسطيني ) عن الوجه الفارسي البشع وظهور وجه استعماري قبيح من تحته ، ومقابل ذلك لم تشهد الامة العربية اصرارا جهاديا واستعدادا للتضحية من اجل دحر ايران كما نراه الان في العراق وسوريا بشكل خاص ، فابشروا يا عرب ، فمن بوابات بغداد او دمشق سوف تمر قوافل التحرير الشامل للامة العربية وبيد عرب سوريا والعراق سوف تدفن احلام واطماع ايران مع شرورها الى الابد .
هل باستطاعة امريكا انقاذ حكومة الاحتلال التي نصبتها في العراق بالدعم التسليحي والاعلامي ؟؟؟ اعتقد ان الصراع على الارض هو من يجيب على هذا السؤال ..
صديق المجله / بغداد
26\4\2014
591 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع