أهمية الورق في انطلاق حضارة العرب

التفاصيل

تم إنشاءه بتاريخ الأربعاء, 22 تموز/يوليو 2015 20:36

كتب بواسطة: علاء الأعرجي

                       علاء الدين الأعرجي

المعارفَ التي كانت معروفةً وسائدة، قبل العَصر العباسيّ، وخصوصًا قبلَ العَصرِ الأُمويّ، كان أكثرُها مُتداولاً في الغالبِ شفَويًّا، أي عن طريق الروايةِ والقَولِ والسماع.

فقبلَ معرفةِ الوَرق، الذي انتشرَت صناعتُه في العَصرِ العبَّاسيّ، والمأخوذ أصلاً من صُنّــاع صينين وقعوا في الأسر عندما فتح المسلمون سمرقند،  فقبل ذلك كانت الكتابةُ نادرة، لاسيَّما بسببِ وسائلِها المحدودة. ومن هذه الوسائل الرقّ، وهو الجِلدُ المرقَّق، وعظامُ أكتاف الإبل والغنَم؛ والقِرطاس، وهو ورقٌ يُـتَّخذُ من بَرديّ مصر، كما وردَ في ”صُبح الأعشى“. وبشأنِ جَمعهِ للقرآن، يقولُ زَيد بن ثابت: ”فجعلتُ أتتبَّعُ القرآن من العُسب واللُخاف.“ واللُخاف حجارةٌ بيضٌ رِقاق، وعُسب النخل هي الجريد الذي لا خُوصَ له.
أمَّا في العَصر العباسيِّ الأوَّل، حيث انتشرَت صناعةُ الوَرق، ولاسيَّما خلال خلافة المنصور (136-158هـ)، فقد بدأ عصر جديد تركَ أثرَه في جميعِ العُصورِ التي بعدَه، حتَّى عصرِنا الحديث. هو:
عصر التدوين
يقولُ  الفقيه الشامي شمس الدين الذهبيّ: ”في سنة ثلاثة وأربعين ومائة، شرعَ عُلماءُ الإسلام في تَدوينِ الحديثِ والفِقه والتفسير. فصنَّفَ بنُ جُريح بمكَّة، ومالك ”الموطَّأ“ بالمدينة، والأوزاعيّ بالشام، وابنُ أبي عروبة وحمَّاد بن سلمة... وصنَّف ابنُ إسحاق ”المغازي“، وأبو حَنيفة ”الفِقه الأكبر“ والرأي إلخ". وفي هذا السياق يقولُ السُّيوطّي: ’وقبل هذه العُصر كان الأئمَّةُ يتكلَّمون من حِفظهم أو يَروون العِلمَ من صُحفٍ صحيحةٍ غير مُرتَّبة‘ “4 (ص 11). كما إنَّ العِلمَ الدينيَّ هو الذي كان سائدًا، على وَجه العموم، ولكنْ لم تتميَّز فروعُه، مثلُ الفِقْهِ والتفسيرِ والحديثِ وغيرِها، من الفروعِ التي ظهرَت فيما بعد. أمَّا في العَصرِ العباسيِّ حين بدأ عصرُ التدوين، فقد ”وُضِعَت في العربيَّةِ أُسسُ جميعِ العُلومِ تقريبًا، فقلَّ أن ترى عِلمًا إسلاميًّا نشأَ بعدُ ولم يكنْ قد وُضعَ في العَصرِ العباسيّ،“ وَفقَ ما أشارَ إليه الذهبيّ.
ولكن إذا سألنا عن  صناعة الورق في عراق اليوم، فسنجد إجابة سريعة تقول: لا توجد الآن. محاولة واحدة قام بها المرحوم الرئيس عبد الكريم قاسم بإنشاء أول مصنع ورق في البصرة، جهزه بكل ما يحتاج وبدأ بالعمل ، إلا أنه أُهمل بعد ذلك، لاسيما عندما لوحظ أن كلفة الإنتاج تزيد على ثمن الورق الأجود المستورد.