بات واضحا أن النظام السوري سوف يسقط بين لحظة وأخرى، وأغلب الظن أن نموذج القذافي هو السيناريو الأقرب للرئيس بشار الأسد لأسباب من بينها أن بشار سيظل مصرا إلى آخر لحظة على قمع شعبه واستعمال آلته الحربية في ذبح الثوار، إلى جانب أن بحور الدم التي فجرها بشار ومئات الألوف الذين فقدوا سيقانهم أو أيديهم أو عيونهم والذين هدمت بيوتهم وتركوا وطنهم ظلما، كل هذا سيجعل النهاية المتوقعة هي نهاية القذافي، إلا إذا كانت إيران أو روسيا لديها خطة سيتم تطبيقها في آخر لحظة لإنقاذ الرئيس ونقله إلى خارج بلده الذي أحرقه وحوله إلى أطلال.
ولكن هذا السيناريو أو غيره ليس هو الأهم الآن، بعد أن بات سقوط النظام شيئا مؤكدا، ولكن الأهم والأخطر الذي يجب أن يشغل العرب حاليا هو مصير سوريا بعد رحيل الأسد عن الحكم.
فهل سيكون السوريون، بعد محنتهم التي طالت أكثر من غيرهم، هل سيكونون على مستوى اللحظة التاريخية التي وصلوا إليها بفضل الشهداء والمصابين والمقهورين؟ هل سيتجاوزون خلافاتهم ويستطيعون بناء سوريا والعودة بها سريعا إلى مكانتها الطبيعية بين أمتها العربية؟
أم أن سوريا في انتظار معارك سياسية أشرس وأطول من تلك التي دارت في ليبيا وتلك التي تدور حاليا في مصر بين من تحالفوا ووقفوا في الميدان جنبا إلى جنب وأنجزوا ثورة تصلح لأن تدرس في جامعات العالم ثم تحولوا إلى ضرب وتخوين بعضهم البعض.
إذا كانت مصر الدولة القديمة المتماسكة ذات النسيج الواحد، البعيدة عن النزاعات الطائفية، فيها ما فيها الآن من صراعات مرعبة بين رفقاء الأمس القريب، فكيف سيكون الحال في سوريا في ظل تنوع فصائلها وتعدد أعراقها؟
أسئلة كثيرة مخيفة حول سوريا، ليس فقط بسبب التركيبة السكانية والطائفية لها، وليس فقط بسبب الجماعات التي تسلحت وساهمت في إسقاط النظام ولن تتنازل عن حقها في إدارة شؤون البلاد بعد بشار، ولكن أيضا بسبب الأطراف الدولية والإقليمية ذات المصالح في سوريا.
الولايات المتحدة بكل تأكيد سوف تسعى إلى دعم الفصيل الذي يضمن أمن ربيبتها إسرائيل ويضمن مصالحها هي الأخرى، وإيران التي فقدت نظاما حليفا لها سوف تسعى بطبيعة الحال لدس أنفها بقدر ما يمكن في الشأن السوري للتنغيص على الأميركيين واستثمار الوضع في مساومة الولايات المتحدة، وحزب الله الموجود بجوار سوريا لن يسكت طبيعة الحال وسيمارس دوره المعروف في خدمة الأهداف الايرانية حتى ولو تحولت سوريا إلى أطلال، ناهيك عن مصالح دول سنية أخرى في المنطقة يهمها إبعاد سوريا الجديدة عن الحضن الإيراني.
ولربما تقف الولايات المتحدة إلى جانب جماعة الإخوان المسلمين كفصيل سني منظم يمكن التفاهم معه كما فعلت في مصر ويكون ذلك بمثابة وضع حجر الأساس لحرب طائفية بين السنة والشيعة في المنطقة.
861 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع