مأساة إنسانية جديدة ، وكارثة وطنية مروعة ، ومصيبة مضاعفة من مصائب الزمن العراقي التعيس والمتتالية أحداثه المأساوية فصولا متصاعدة تأبى أن تنتهي أو تتلاشى ، فقد أعلن خفر السواحل اليوناني عن إنتشال عشرات الجثث لشباب عراقيين حاولوا الهجرة السرية وبقوارب الموت لسواحل اليونان هربا من تعاسة الوضع العراقي تحت حكم غلاة الطائفيين و اللصوص وبحثا عن الخلاص و الإنعتاق من التخلف و اللصوصية وسعيا وراء أمان وحرية وإستقرار طال إنتظاره..
مسألة تكرر أحداث ( قوارب الموت ) لشباب العراق في بلد يعتبر القمة في إنتاج و تصدير البترول وفي دولة ميزانيتها المنهوبة تتصاعد مؤشرات أرقامها لتتجاوز المائة مليار دولار هي أكبر من الفضيحة بكثير و تلقى ظلالا هائمة وعائمة على حقيقة التواطؤ و المؤامرة التي يعيش في ظلها الشعب العراقي بغالبيته المسحوقة و المشردة والتي تعيش في بيوت الطين و الصفيح و تأكل من المزابل فيما حكومة حزب الدعوة وشركاه ومن خلال حصونها البغدادية الخضراء تنهب البلد و تبدد الأموال في صفقات التسلح الفاسدة المشبوهة ، وتحول العراق لساحة عزاء كبرى و لميدان دولي للطم الشامل وفي مهرجانات لا تنتهي من أساليب الإلهاء و التدجيل و الضحك على ذقون البسطاء و تدجين العقائد لإستغلالها في صفقات الفساد المستشري و ملفاته العفنة التي تسوه وجه تلك الحكومة الناقصة بقائدها غير الكفوء و الذي قذقته الصدفة التاريخية اللعينة ليتصدر الموقف وليتلبس روح القائد المستبد الذي كان و يحاول إشعال الحروب الداخلية من أجل الهروب من مواجهة الإستحقاقات المحلية الملحة ، حكومة عراقية ناقصة و متأزمة لا يمكنها أبدا أن تكون المنقذ من الضياع ، ولا تستطيع على الإطلاق قيادة العراق سوى نحو الكارثة المؤكدة بكل تأكيد !! غرق العراقيين بالجملة في بحار العالم و محيطاته يعيد الأذهان و ينشط الذاكرة لأحداث واخر تسعينيات القرن الماضي حينما بدأت موجات الهروب و اللجوء الكبرى للعراقيين سواءا من داخل العراق أو من تجمعاتهم في سوريا و إيران وحيث تبددت مئات بل آلاف الأرواح في بحار آسيا الجنوبية في الطريق نحو أستراليا أو في البحر المتوسط وعرف العراقيون لأول مرة في تاريخهم الحديث قصة و ملف ( قوارب الموت ) التي كانت حكرا على الشباب المغاربي و الأفريقي في سعيهم لدخول القارة الأوروبية فإذا بها تتحول اليوم لتكون منهجا وطريقا عراقيا للشباب في ظل دولة حزب الدعوة العميل الفاشل وشركاه و الذي لم يكتف بنهب الوطن و تنمية إستثماراته و أملاكه في أوروبا ومناطق أخرى وليتحول صبي الحلاق و إبن القائد الضرورة لمستثمر و ملياردير من طراز خاص تحدث عن ملفاته وملفات مكتب ( دولة الرئيس الضرورة الجديد ) الشيخ صباح الساعدي المهتم بمتابعة ملفات الفساد ؟ وقد تبدو مهزلة سلطوية حقيقية أن تتصاعد فضائح الحكومة العراقية من خلال ملف إغتصاب السجينات العراقيات أو النهب المنظم أو فبركة الإتهامات ضد خصوم حزب الدعوة أو ملفات الفساد و الإفساد التسليحية التي يقود زمامها اليوم مجموعة من الضباط المتكرشين الفاشلين المرتزقة المعروفين أو من خلال إستمرار تصاعد الفتنة الداخلية وملف التقاتل و الإحتراب العربي الكردي و بما سيؤدي لتقسيم العراق لا محالة ، فيما مجلس النواب العراقي ضائع في الطوشة ويتفرج ببلاهة على تصرفات و أساليب حكومة ناقصة يسعى رئيسها ويا لمهزلة الأقدار للتجديد لرئاسته حتى عودة غودو!! أو لربما حتى يسلمها للمسيح المنتظر وفقا لنظرية بنو العباس في الحكم ؟!... طبعا ستتكرر حكاية ومآساة قوارب الموت طالما إستمر الوضع العراقي بالتردي ، وطالما كانت حالة الخنوع الجماهيري هي السائدة ، وطالما كان التخدير و الإلهاء سيد الموقف ، لنتأكد بعد ذلك بأن التغيير الحقيقي في العراق كان مجرد مضيعة للوقت و بأنه في الحقيقة لم يتغير شيء بالمرة ، بل أن الدجل والنصب و الإحتيال بات سيد الموقف ، وبأن ( شهاب الدين ألعن من أخيه )!! ، ويبدو أن أهل حزب الدعوة بعد كل فضائحهم سيتجدد نظامهم و ستستمر حكومتهم و ستنتعش ميزانيتهم المسروقة من أفواه العراقيين ، فهنيئا للشعب العراقي بأفواج اللصوص الحاكمين ، والرحمة و الغفران للشعب الذي كان ذات يوم مضرب الأمثال في الثورة من أجل العزة و الكرامة ، فإذا به اليوم يبحث عن قارب ليقله بعيدا عن الوطن الغارق ، إنها أسوأ نهاية لبلد عربي عريق ولشعب صال وجال في التاريخ ، فإذا به اليوم أضيع من اليتيم على مأدبة اللئيم ، و إلى مزيد من جثث الشباب العراقي في قوارب الموت تحت قيادة حزب الدعوة وشركاه... وإنه لهروب حتى النصر...!.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
934 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع