الرئيس مسعود بازراني و المنتدی الإقتصادي العالمي في دافوس

                                        

                                                 د.سامان سوراني

مع تفجير أطر الزمان والمكان بسبب ظهور الإنسان الرقمي و العمل الإفتراضي والفاعل الميديائي و إنتهاء زمن العقل الإمبراطوري، نری اليوم صدارة الإستثمارات الأجنبية في قضايا الإقتصاد المعاصر، التي كانت قبل عقود قليلة موضع الشك والريبة، بإعتبارها كانت تفسر كأداة للتجنيد وممارسة أنشطة مناهضة للإيديولوجيات والنظريات القومية الضيقة، التي إحتلت زهاء نصف قرن عقول النخب السياسية الضالة في العالمين العربي والشرقي و ساهمت مساهمة سلبية في تأخر المجتمع و الإقتصاد القومي.

بعد سقوط نظام الجمود العقائدي و الفكر الإستبدادي في العراق، نمت فكرة تشجيع الإستثمار الأجنبي لا فقط في نقل رأس المال، كما يتخيله سذجة علوم الإقتصاد، بل في نقل التكنولوجيا والإدارة الحديثة و تطوير ثقافة العمل و الإشراك في النهضة العلمية الحديثة. حكومة إقليم كوردستان بادرت في إصدار قانون الإستثمار، کخطوة مهمة لجذب الاستثمارات الأجنبية و منحها إمتيازات وعرضت مجموعة من الفرص الاستثمارية في الاقليم وتم بفضل هذه المبادرة تنفيذ مشاريع سكنية وفندقية عظيمة و إنشاء عدد من الجامعات الخاصة مثل الجامعة الأمريكية ومحطات توليد الطاقة الكهربائية ومجموعة أخرى من المشاريع الصناعية.
في هذا الزمن الكوكبي لا مجال للفصل بين الداخل والخارج، فهناك تداخل في الأنشطة الإقتصادية و تشابك بين الميادين والحقول المختلفة و ترابط في المصالح و مشاركة فاعلة بين الأطراف المختلفة بعيدة عن فكرة الطرف القوي والطرف الضعيف، بل هناك مفاوض ضعيف و مفاوض قوي. فآراء الجهات المختلفة تٶخذ بعين الإعتبار لكي لا تخلق إختلال في البنية الإقتصادية المشتركة ولكي تتحقق أهداف الأنشطة الإقتصادية بشكل كلي.
إن مشاركة الرئيس مسعود بارزاني، الذي يكون ضمن ٥٠ رئيس دولة و حكومة، في منتدی إقتصادي عالمي يحمل عنوان «الدينامية المثابرة» دليل علی إهتمام حکومة الإقليم بالفلسفة الجديدة للإقتصاد و سعيها الدٶوب في الدخول الی منظمة التجارة العالمية من أجل تحقيق مكاسب علی أرض الواقع و يقينها بأن الشعوب أصبحت تقيّم النظم الإقتصادية من خلال المكاسب، لا من خلال الإنغلاق السياسي والإقتصادي أو من خلال نظريات طوباوية و كلمات منمقة و رفع شعارات زائفة.  
اليوم، ٢٣-١-٢٠١٣، سوف تبدأ دورة المنتدى الاقتصادي العالمي في منتجع دافوس السياحي شرق سويسرا، التي تحولت من مجرد ملتقى مصغر لمسيري مؤسسات اقتصادية غربية كبرى، إلى محفل دولي بارز لكبار قادة العالم، اضطر للإنفتاح شيئاً فشيئاً على حكومات دول الجنوب والإقتصاديات الصاعدة. ومن المتوقع أن ينصب التركيز هذا العام على عدد من القطاعات الإجتماعية، وفي مقدمتها القطاع الصحي بعد تقييم التطورات والتغيرات الحادثة في العالم. وسوف يسمح هذا المحفل للوفد الكوردستاني المشارك بالإلتقاء بالأوروبيين والأمريكيين وإبرام صفقات تجارية و طرح مشاكل آنية والبحث عن حل للصراعات القائمة في المنطقة. ففي المجتمعات التي تنوي التنمية و البناء، تكون القرارات علی المستوی الأعلی حصيلة التداولات و التأثيرات المتبادلة، علی مختلف المستويات و في كل الإتجاهات.
أما المنتدی، الذي إجتذب علی مدی تاريخه أسماء لامعة من عالم الأعمال و الأكاديميين و السياسة والفن، منهم نيلسون مانديلا، بيل كلينتون، أجيلا ميركل، بيل غيتس، توني بلير، مسعود بارزاني، فهو منظمة غير ربحية، تمول نفسها  بالإشتراكات التي يدفعها أعضاؤها، تأسس من قبل كلاوس شفاب، رجل أعمال الماني الأصل، بهدف ربط الصلة بين زعماء المال والأعمال الأوروبيين ونظرائهم في الولايات المتحدة لإيجاد طرق تعزيز التعاون وحل المشاكل بدأ أعماله عام ١٩٧١ تحت عنوان "منتدى التسيير الاقتصادي الأوروبي". المشرفون علی المنتدی يدّعون بأن منتداهم ساهم في الماضي بشكل فعّال في تهدئة الخلافات بين تركيا واليونان، وبين الكوريتين، وبين ألمانيا الشرقية والغربية، وفي جنوب إفريقيا أثناء نظام التمييز العنصري.
نتمنی أن يحصل الوفد الكوردستاني، المٶمن بالسياسة الديمقراطية و الحداثة و الإقتصاد الليبرالي المعولم، المزيد من الدعم العالمي لقضية شعبه العادلة و تعزيز و تثبيت المكانة الإقتصادية للأقليم دولياً من أجل ترسيخ مبادیء الديمقراطية الجذرية في العراق و إستدعاء مفهوم التعددية وإستبعاد مفهوم المطابقة والإنفراد و منع ظهور فكرة الزعيم الأوحد و القائد الملهم أو المهدي المنتظر، الذي يهوی حراسة ثوابت معيقة و مقولات مستهلكة و نماذج بائدة أو يريد أن يختزل المجتمع بأكمله و يستبد العراق بأسره، لأن الهدف وراء هذه الفكرة هو تشكيل حشود بشرية و قطعان عمياء تصفق وتطرب و تعد و تتوعّد، لكي تقع في النهاية ضحية من تقدسه و تبجّله.
وختاماً: "لا سبيل اليوم لمجتمع أن ينمو و يتطور أو أن يتقدم و يزدهر من غير أن يمارس حيويته الإقتصادية، فالهوية هي صيرورة تصنعها العلاقة مع الغير، كما الدين هو المعاملة و العقل هو المداولة و السياسة هي الشراكة."
الدكتور سامان سوراني

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

689 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع