عبدالله عباس
لعل القراء الكرام يتذكر تعليقنا قبل فترة على احدى اللقاءات التي اجرتها قناة ( بي بي سي) سيئة السمعة والتاريخ رغم هالة الالوان الكاذبة ‘ مع احد رؤساء العشائر والذي تنتشر عشيرته في مساحة شاسعة بين سوريا والعراق وشرحنا كيف ان مديرة اللقاء كانت تلح على الضيف لتورطه في ابداء رغبته :
هل يطمح بعد حل الازمة السورية أن تكون لعشيرته سلطة يحكمون انفسهم في كيان منظم وعلى المساحة التي ينتشر عليها ابناء العشيرة ؟ ‘ وقلنا ان الاستعمار القديم و التابع الامريكي الحالي بريطانيا ( العظمى ) لايتخلى عن سياسة فرق تسد ‘ وها نحن نرى ظهور تقارير تؤكد عمل القوى الغربية باتجاه إعادة النظر بتلك النظرية ( فرق تسد ) المتفق مع المتغيرات على الارض وخوفهم من موقف اهل الشرق من اي نهوض في المستقبل .
نشر في الاونة الاخيرة تفاصيل التقرير الصادر عن مايسمى بـ ( المجلس الاطلسي ) ومقره واشنطن ‘ تم اعداده من قبل ( مادلين أولبريت – وزيرة الخارجية الامريكية في عهد كلنتون ) عن الحزب الديمقراطي و( ستيفن هادلي – مستشار الأمن القومي في عهد جؤرج بؤش عن الحزب الجمهوري ‘ ومضمون التقرير يجب على السؤال التالي : هل يمكن للولايات المتحدة الامريكية من حل مشكلاتها من خلال اقامة منظومة تعاون إقليمي جديد وبتعزيز الحكم المحلي في منطقة الشرق الاوسط ؟ حيث في النهاية يرى التقرير أن الادارة الامريكية الجديدة لاتحتاج الى خطة مارشال جديدة ولا الى غزو أخر كما حدث في العراق .
قبل عام من الان كتبنا تحليل متواضع بعنوان ( معاهدة سايكسبيكو .... تلغى أو تعاد إنتاجها ) نشر في أكثر من موقع صحفي ‘‘ رداً على احلام بعض من كان ولايزال يحلم أن ادارات الشر والعدوان في الغرب ستفكر وتتجه الى اتخاذ موقف لتغفر عن ذنب تفكيك الشرق الاوسط ويعطي لكل ذي حق حقه ويدعم ظهور ارادات الوطنية والقومية ويشجع الديمقراطيات من خلال تغيير تلك المعاهدة المشؤمة ‘ وقلنا ممكن يحصل ان يعيد الغرب النظر بتلك المعاهدة ولكن لنشر تفكيك وتفريق العن من السابق ‘ و قلنا نصاً : ( ...... إنهم ومنذ يوم تنفيذ معاهدة ( سايكس بيكو) ينظرون هكذا إلى المنطقة على أنها مصدر التخلف! معتبرين أنفسهم مسؤولين عن تحويل هذا التخلف إلى تطوير مبرمج وإشراف على كل التغييرات الضرورية فيها مع الاستعداد الدائم لمواجهة أي خطر أو ظهور أي بادرة تهدد مصالحهم ، ولهذا لهم مخططات جاهزة ويعتبرون أن كل تعويض عن كل تصرف من هذا النوع يكون كلفته مضمونة وعلى حساب أهل المنطقة ، كما هو الآن يعتبرون أن الاستغلال والتدخل بحجة محاربة داعش ضمانة للكلفة المطلوبة لترميم الأزمة المالية والاقتصادية الخانقة في أمريكا وعند حلفائها ، وذلك عن طريق بيع الأسلحة والنفط بطريقتين التجارية المعلنة وحتى عن طريق المافيا ... في ضوء قراءتنا المتواضعة هذه : أن سبب اهتمام الإدارة الأمريكية وحلفائها بمسألة داعش وضرورة محاربتها يقابلها ضمانات إضافية لاستمرار نهب المنطقة وأهلها وترسيخ أكثر للهيمنة .) واضفنا : ( إن سايكس بيكو والتفكير بتبديلها أو إجراء تغييرات فيها سيكون دائماً عند أمريكا والغرب باتجاه دعم وتعميق الثوابت من أهدافهم و يزيد من عدد الدكاكين – وليس قوى وإرادات – لكي يسهل تحريك جميعهم لنشر المزيد من الفوضى والتخلف والتراجع للخلف وليس التقدم إلى أمام ، وليس تراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية وما سميت بالصراع العربي الإسرائيلي في المنطقة والعمل الدقيق والمتقن تمهيداً لبدء صراع طويل الأمد تحت عنوان (الصراع العربي الإيراني) أو الصراع بين الإسلام السني والإسلام الشيعي !! إلا دليلاً على إعادة إنتاج سايكس بيكو وليس تغييرها لصالح تقوية دور الإرادات الوطنية في المنطقة ، بحيث يكون طريق مفتوح أمامهم لمعالجة مشاكلهم بأنفسهم ولصالح استقلالهم الوطني ، وإذا انتصرت أمريكا وحلفائها الغربيين في هذه الإستراتيجية فإن الخطر سيكون في وصول معركة سايكس بيكو إلى تركيا وإيران ....!!! وأن القيادات التركية والإيرانية واعين لهذه الحقيقة .) فهذا تقرير ( اولبريت – هادلي ) جاء ليؤكد على تخطيط منظم لبناء دكاكين ( متناحرة من الاساس ) وهذه المرة تحت عنوان ( حكم محلي وتعاون اقليمي ..) حيث يحتوى التقرير على نتائج التي توصلت لها مايسمى ( مجموعة عمل استراجيية الشرق ) التي بدأت عملها في شباط 2015 لمناقشة القضايا الكامنة وراء فشل الدولة والشرعية السياسية التي تدفع إلى التطرف العنيف وتهدد المصالح المشتركة (لاحظو المصالح المشتركة ..!) على نطاق واسع بين شرعية الدولة والغرب في منطقة الشرق الاوسط وبقية العالم .
والاهم في التقرير وما يركزعليه وهو الهدف المقصود في المرحلة القادمة ‘ هو الامرين الاساسيين ‘يمثلان مدخلاً جديدا للتعامل مع المنطقة بعد سنوات طويلة من التدخل الغربي المباشر او غير المباشر ‘ والامرين : أولاً دعم الإدارات المحلية للمدن والمحافظات داخل الدول المنطقة (دكاكين : مناطقية ‘‘ طائفية ‘‘ وحتى العشائرية متخلفة – تحت عنوان حرية الاختيار ...!!) والثانية اقامة منظومة تعاون أقليمية شرق اوسطية تركز على تعاون الأمني والاقتصادي والسياسي ‘ مع اهتمام خاص ليكون هذين الامرين يفتح الباب على مصراعية امام الدولة العبرية لتفعل ماتشاء ...! لمعرفة الادارة الامريكية بكل خباثة ونتيجة للاحتلال العراق ان هذا التوجه ( اي الحكم المحلي على ارض منطقة غارق اساساً في التناقضات العميقة ) سياتي بصراعات مدمرة وطويلة الامد ‘حيث عندما يتحدث التقرير عن سوريا والعراق يرى ان تقوية وتعزيز استقلالية الإدارة المحلية للمدن أمر ضروري في ظل تأكيد التقرير أن صراعات المنطقة لن تتوقف وستستمر لوقت طويل .
598 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع