خالد بن الوليد أعظم قائد حربي عرفه التاريخ

                                               

                              الصقر


   خالد بن الوليد أعظم قائد حربي عرفه التاريخ

تحل ذكرى رحيل القائد الفذ خالد بن الوليد يوم 18 رمضان، وفي هذا المقال نكشف أسرار عبقريته العسكرية، وكيف أنه أعظم قائد حربي ظهر عبر كل عصور التاريخ، وليس التاريخ الإسلامي فحسب.

قال عنه الجنرال الألماني الشهير فون غولتز: إن أستاذي في القتال ووضع الخطط هو ذلك الداهية خالد بن الوليد.
أما المارشال رومل (ثعلب الصحراء) الذي كان أفضل قائد ميداني بالعالم في عهد هتلر، يقول في مذكراته: إن كتاب سيرة خالد بن الوليد لم يفارقني أبداً.
 
في كثير من الكليات العسكرية في العالم تم اعتماد معركة الحصيد مع جيش الفرس التي قادها خالد كنموذج عسكري حديث، وكان قد تحدث عنه الخبير العسكري الروسي الشهير "بروميكوف".. وأيضاً تحدث عن بطولاته الضابط البريطاني الشهير "جلوب".
 
خالد بن الوليد، الذي يعد واحداً من أبرز القادة العسكريين الذين أسسوا القواعد الاستراتيجية في العلوم والخطط العسكرية وطريقة إدارة الحروب، وكان هو الأسبق في تأسيس استراتيجية الهجوم غير المباشر على مر التاريخ العسكري الإنساني، وهي الاستراتيجية التي ركز عليها المؤرخ العسكري الإنكليزي ليدل هارت في كتابه (الاستراتيجية)، فعبقرية بن الوليد لم تكن في تقسيم الجيوش لأول مرة إلى ميمنة وميسرة وقلب فقط، أو بالأساس، بل كانت عبقريته في بدء استراتيجية الهجوم غير المباشر كنمط لترتيب وتحضير الجيوش والخطط، وفي إدارة القتال بل وفي تحديد أهداف القتال.
 
ففي معركة أُحد التي انتصر المسلمون في مرحلتها الأولى، خالف الرماة الذين وضعهم الرسول صلى الله عليه وسلم خلف جيش المسلمين التعليمات المعطاة لهم بعدم الحركة والاشتراك في القتال إلا بأمره، واندفعوا إلى المعركة، ولاحظ خالد بن الوليد الذي كان يحارب في صفوف قريش هذا الخطأ، كما لاحظ الضعف الذي انتاب ترتيب المسلمين الهجومي، فاستغل الفرصة والتف على جيش المسلمين وهاجمهم من الخلف، فكانت هذه الحركة التكتيكية -التي ترقى إلى الخطة الاستراتيجية في إدارة المعركة- سبباً في اختلاط المسلمين وهزيمتهم.
 
وفي معركة مؤتة كانت قوات المسلمين مؤلفة من ثلاثة آلاف مقاتل بقيادة زيد بن حارثة، وعندما نزل هذا الجيش في معان، كان هرقل قد أقام معسكره في مآب، ومعه جيش من الروم تعداده مائة ألف مقاتل مع مائة ألف من قبائل لخم وجذام والقين وبهراء، وتقدم جيش المسلمين من معان إلى مؤتة والتقى الفريقان على مزرعة قرب مؤتة، وقاتل المسلمون حتى قتل زيد بن حارثة، ثم قتل جعفر بن أبي طالب، وقتل عبد الله بن أبي رواحة وتسلم خالد بن الوليد القيادة.
 
درس خالد الموقف فوجد أن أحسن السبل هو الانسحاب، وتحت ستار الليل تمكن من تغيير ترتيب الجيش، فنقل الميسرة إلى الميمنة، والميمنة إلى الميسرة، ووضع المقدمة مكان المؤخرة، والمؤخرة محل المقدمة، ووضع خلف الجيش مجموعة من الجنود يثيرون الغبار ويحدثون جلبة عند طلوع الصباح، وتمكن بذلك من خداع الروم والغساسنة وأمّن الانسحاب، وخشي الروم من اللحاق به خوفاً من الوقوع في كمين، وتبين هذه العملية كيف استطاع قائد محنك كخالد بن الوليد أن يخدع جيشاً أكبر منه بثمانين مرة، وأن يثبته وينسحب انسحاباً استراتيجياً رائعاً.
 
ويعد ما فعله خالد بن الوليد في معركة "أحد" تطبيقاً رائعاً لاستراتيجية الهجوم غير المباشر التي أشاد بها ليدل هارت في كتابه، والتي تهدف إلى مفاجأة الخصم من ناحية غير متوقعة؛ حيث يعتبر هارت أن الإخلال بتوازن العدو قبل محاربته، نفسياً ومادياً، هو المقدمة التي لا غنى عنها لتدميره والقضاء عليه.
 
وإذا قارنا بين حركات خالد بن الوليد والقائد مارلبورو، لوجدنا أن الأخير قام بحركة واسعة بعيدة عن قاعدته بعدة أميال كي يمنع العدو من اكتشاف هدفه الحقيقي، وهذا ما سبقه إليه خالد بعدة قرون، سواء من خلال استراتيجية الهجوم من عدة جهات في وقت واحد إما بالكمين أو المفاجأة، فعندما أرسله الخليفة أبو بكر الصديق لنجدة الشام من العراق، اتخذ طريق الحيرة إلى دومة، ثم عرج من طرق غير مطروقة إلى قراقر؛ حيث أراد أن يسلك إلى المفازة ومنها إلى سوى، لأنه لو اتخذ الطرق المألوفة إلى المفازة ومنها إلى سوى؛ لأنه لو اتخذ الطرق المألوفة إلى المفازة لوجد جيش الروم أمامه، ومنعه ذلك عن الوصول إلى جيش المسلمين ونجدته، ولذا فإنه قام بحركة التفاف واسعة حول جناح العدو، فابتدأ من قراقر بعد اجتياز وادي السرحان عبر الصحراء مسافة مائتي ميل في أرض لا ماء فيها إلى أن وصل إلى سوى، ثم تحرك منها إلى تدمر والغوطة فبصرى، ثم اتصل بجيش المسلمين في درعا، وكان وصوله مفاجأة استراتيجية رائعة لجيش الروم.
 
وإذا سايرنا الجنرال جلوب في كتابه "الفتوحات العربية الكبرى"، فيما ذهب إليه من أن خالد بن الوليد أراد من وراء تلك الحركة الالتفافية الواسعة تهديد دمشق وإرغام جيش الروم على ترك مواقعه الدفاعية في درعا، فإننا يمكننا اعتبار هذه الحركة التي تحمل كل صفات الهجوم الاستراتيجي غير المباشر، واحدة من أبرع الحركات الاستراتيجية في التاريخ.
 
وأمام حصون اليرموك تمكن خالد بن الوليد من القيام بحركة بارعة نجح خلالها في فصل مشاة الروم عن خيالتهم، وذلك من خلال إفساح الطريق للخيل كي تفر أمام ضغط المسلمين، فعاد مشاة الروم إلى خنادقهم وهم محرومون من دعم الخيالة، فالتف عليهم العرب فولوا هاربين إلى وادي الرقاد أو هوة الواقوصة، وهكذا تم الهجوم غير المباشر الاستراتيجي والتكتيكي، وكانت هذه المعركة حاسمة في التاريخ، إذ فتحت أبواب سوريا أمام الزحف الإسلامي.
 
ومن المواقف التي توضح بجلاء رؤية خالد بن الوليد العسكرية الاستراتيجية، ما قام بفعله بعدما غنم السفن الفارسية بعد واقعة أليس، لقد أركبَ خالد جيشه هذه السفن إلا أن الفرس عندما علموا بذلك منعوا النهر بأن أغلقوا سدود الحيرة فجف الماء، فما كان من خالد إلا أن أرسل بعض قواته لاحتلال القناطر وإطلاق المياه وحراستها، وتبدو هذه العملية إذا ما قورنت باحتلال جسور الرين لتأمين عبور الحلفاء أثناء الحرب العالمية الثانية الأحكم تخطيطاً والأدق تنفيذاً.
 
كما يمكن مقارنة تلك العملية بعملية احتلال جزيرة كريت من قِبل القوات الألمانية أثناء الحرب العالمية الثانية، والفرق هنا أن قوات خالد ركبت الجمال أو الخيول، بينما ركبت القوات الألمانية الجو ليتحقق لكليهما مفاجأة استراتيجية.
 
فخالد بن الوليد -رحمه الله- كان عبقرية عسكرية فذة وفريدة لن تتكرر.
رحم الله أبا سليمان سيف الله خالد بن الوليد أعظم قائد عسكري عبر كل عصور التاريخ.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

3211 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع