حسن ميسر صالح الأمين
(أقوال من أجل الموصل في محنتها ومستقبلها - 23) .
شخصية عربية صادقة وعالمٌ عاملٌ متخصص بلغتها ، شَغِفَ بحب الموصل وأهلها ، قال عنها الكثير ، وكرّر القول مرات عدة ، وأصدق القول في التعبير عن شعوره تجاهها ، شعرًا وكتابةً وحديثًا ، قال بأن الموصل الحدباء هي مدينته التي أحبها ، ولم تطأ قدماه أرضها ، وهي عشقه ، لكنه وان لم يزرها فقد عشق أدبها وفكرها واسهامات أبنائها ، وهي من سَرَت في دمائه ، لكنه لم يشرب من مائها ، وهي من حقق ذاته بها ، وعَرّفَ نفسه بإسمها ، فهي المحفورة في قلبه كما في قلوب أبنائها من الذين رسموا صورة جميلة عنها ، وكانوا خيرة الأوفياء لها ، فقد حقَّ لهم أن يفخروا بها ، وحقَّ لها أن تبادلهم الفخر ، لأنهم صدقوا عهدها ، وأخلصوا لها ، وبرّوا أبناءها ، فهي التي عاشوا من أجلها ، ولا يزالون ، فقد ضربوا أروع الأمثلة في الوفاء والتضحية والإيثار ، فهنيئاً لهم بها ، وهنيئاً لها بهم .
وصفها بأنها (جنه الأرض) وأشار الدكتور سمير بشير حديد إلى هذه التسميه في مقالته المنشورة تحت عنوان (أسماء الموصل عبر التاريخ) على موقع البيت الموصلي في (تشرين الأول عام 2013) وكذلك في كتابه الموسوم (الموصل قبل نصف قرن) - صفحة (24) ، أنه قال عن الموصل في قصيدة مطلعها :
غَنَّيْتُ لِلموصلِ الحَدْبَـاءِ أَلحَـانَـا ،
حُبّاً وَعِشْقاً وَإِخْلاصاً وَعِرْفَانَا .
يَا عُرْبُ هَلْ جَنَّةٌ فِي الأَرْضِ تَعْدِلُهَا ،
زَرْعاً وَنْهْراً وَبُنْيَاناً وَسُكَّانَا ؟
عاش محنتها وما عانت خلال ثلاث سنين عجاف وما قبل وما بعد ، واكب أحداثها أولًا بأول وتابع مجريات العمليات العسكرية وتفاصيلها ، فَرِحَ لتحريرها وخلاصها وأرسل مهنئًا لأهلها ومواسيًا لنكبتها بعد التحرير بأيام قلائل حين قال (ستبقى الحدباء شمسًا مشرقةً ، وقمراً منيراً ، ودُرةً مُتلألئةً ، تقف بكل صبر ، وجَلَدٍ ، وإيمان ، أمام المحن والإحن ، وستبقى صامدة حرة ، عربية شامخة بإذن الله ، بحكم ما تمتلكه من عمق حضاري ممتد لآلاف الأعوام ، وبحكم رسالة التواصل الحضاري التي تحمل رايتها نحو المستقبل) ، وأرسل أبياتًا شعرية فيها ، وفاءً لها بعد تحريرها وخلاصها قال فيها :
يَا (مُوصِلَ) الْعُرْبِ أَيَّامٌ مَضَتْ أَلَماً ...
أَحْزَانُنَا نَكْبَةٌ وَأَنْتِ تُسْلِينَا .
فَلْتَنْفُضِي مِحْنَةً ، أَنْتِ الْفِنيِقُ نَجَا ...
لِيْغْسِلَ الْعَارَ مِنْ كُرْبَةٍ فِينَا .
كَمْ كُنْتِ صَابِرَةً، وَالظُّلْمُ مُحْتَكِمٌ ...
كَمْ كٌنْتِ مُؤْمِنَةً ، وَالضَّعْفُ يُصْمِينَا .
فِيكِ الْمَآذِنُ كَبَّرَتْ، وَمعْتِصِمٌ ...
لَبَّ النِّدَا مَدَداً ، وَالرُّسْلُ تَحْمِينَا .
هَذَا الْعَبِيرُ شَذَا (الْحَدْبَاءِ) نَعْرِفُهُ ...
وَالتِّبْرُ فِي أَرْضِهَا ، وَالْمَاءُ يُحْيينَا .
لِلَّهِ دَرُّ مِيَاهِ (دَجْلَةَ) انْهَمَرَتْ ...
مِثْلَ اللآلِئِ دُرّاً فِي أَرَاضِينَا .
أَنْتِ الْسَّنَا ، وَالْبَهَا ، وَالسِّحْرَ تَفْتِنُهُ ...
يَا مَجْدَ عُرْبٍ بِكَ الأَمْجَادُ تُعْلِينَا .
رَبِّي أَدِمْهَا عَلَى الأَزْمَانِ نَاجِيَةً ...
رَوْحاً ، وَرَيْحَانَ بُسْتَانٍ وَنِسْرِينَا .
إنه الشاعر الفلسطيني الأصل ، الأردني الجنسية ، موصلي الهوى عراقي الشعور عربي الهوية ، الأستاذ الدكتور (هاشـم صالـح محمد منَّـاع) ، مواليد عام (1951) ، تخرج من المدرسة الفاضلية الثانوية في فلسطين عام (1971) ، وحصل على شهادة البكلوريوس (لغـة عربيـة) من جامعــة بيروت في لبنان عام (1977) ، أعقبها بشهادة الماجستير في الأدب الحديث من جامعــة عيـن شمـس في القاهرة عام (1981) ، عن رسالته الموسومة (القضايا القومية في شعر المرأة الفلسطينية) ، ثم شهادة الدكتوراه في الأدب العباسي - عن رسالته الموسومة (الحسين بن الحجاج ـ ت 391هـ/1001م ـ حياته و شعره و تحقيق الجزء الأخير من ديوانه) من جامعــة لنـــدن عام (1986) .
ألتحق بالعمل في كلية الدراسات الإسلامية والعربية في إمارة دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة ، حيث تولى تدريس مادة (الأدب والنقد) للفترة من عام (1987 ـ 1992) ، ثم أستاذ الأدب والنقد المساعد (المشارك) للفترة من عام (1992ـ 1997) ، وأستاذ الأدب والنقد للفترة من عام (1997ـ 2004) ، إضافة إلى توليه منصب وكيل الكلية لمرتين منذ عام (1988ـ1991) وكذلك عامي (2003 ـ 2004).
ثم انتقل للعمل كأستاذ الأدب والنقد في قسم اللغة العربية في كلية التربية – جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا عام (2004) ، وتولى منصب رئيس قسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية فيها منذ عام (2009 - 2005) ، وأصبح مدير مركز الدراسات والبحوث اللغوية والترجمة في جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا للفترة من عام
(2011 - 2009) ، علاوةً على توليه منصب رئيس الأمانة العامة لكرسي القدس الشريف في الجامعة للأعوام (2010 ، 2011) ، وتولى منصب رئيس هيئة النهوض باللغة العربية في الجامعة ذاتها للأعوام (2010 ،2011) ، ثم منصب رئيس مجلس الإدارة التنسيقية لكيانات (كرسي الإعجاز القرآني) و(كرسي القدس الشريف) و(هيئة النهوض باللغة العربية) و(مركز الدراسات والبحوث اللغوية والترجمة) منذ عام (2013 - 2011) .
ترك دولة الإمارات العربية المتحدة عام (2013) وأستقر به المطاف في جامعة الإسراء في المملكة ألأردنية الهاشمية منذ عام (2013) وعمل (أستاذ الأدب والنقد) بكلية الآداب في الجامعة ، ثم تولى منصب رئيس قسم اللغة العربية في كلية التربية منذ عام (2013) وحتى الآن ، إضافة إلى توليه أعمال (منسق) الدراسات العليا في الجامعة .
بالإضافة إلى اعماله في التدريس والإدارة ، فهو عضو مستشار بالجامعة الأمريكية في لنـدن للأعوام (2002 - 2001) ، وكذلك مستشار لمجلة (عَالِمِ للدراسات العربية) والتي تصدر عن جامعة إلورن في نيجيريا منذ عام (2013) وحتى الآن ، وعضو في لجنة تحكيم في (جائزة راشد بن حميد للثقافة والعلوم في عجمان (دولة الإمارات العربية) منذ عام (2006) وحتى الآن ، عضو في جمعية حماية اللغة العربية في إمارة الشارقة ، عضو في اتحاد الكتاب العرب في دمشق ، عضو في المجلس الدولي للغة العربية ، عضو في اتحاد الكتاب الأردني .
تولى رئاسة وعضوية عددٍ كبير من اللجان (العلمية ، التربوية ، الإنسانية ، البحثية ، الجودة ، لجان الترقيات ، لجان الامتحانات ، تطوير الخطط والمناهج التدريسية ، تطوير برامج الدراسات العليا وكذلك لجان مسابقات التحكيم ، ولجان تحكيم البحوث العلمية) .
له حضور متميز في عددٍ كبير من المؤتمرات العلمية والإنسانية والبحثية وكذلك المهرجانات الشعرية والاحتفالات والدورات التثقيفية والندوات العلمية والحلقات النقاشية الدولية والعربية التي عقدت في دولة الإمارات العربية المتحدة والاردن وغيرها .
حصل على جائزة (ORS) في البحوث الطلابية لما وراء البحار من بريطانيا عام (1985) ، وأشرف على رسالة للماجستير في الأدب و النقد في الجامعة الأمريكية في لندن .
نشر العديد من المقالات العلمية واللغوية والبحثية في جريدة الخليج اليومية التي تصدر في إمارة الشارقة وكذلك في مجلة جمعية حماية اللغة العربية في الشارقة وفي مجلة الكاتب التي تصدر عن اتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين .
نشر اكثر من (30) بحثًا علميًا وادبيًا وتاريخًيا ودينيًا ولغويًا وعن الشعر والشعراء وكذلك الدراسات النقدية والتحليلية ، نشرها في عددٍ من الصحف والدوريات والمجلات العربية والعالمية الشهيرة وفي عدد من مواقع النشر الألكترونية .
قام بتأليف وإصدار (29) كتابًا متنوعًا في الاتجاهات العلمية والأدبية والثقافية والدينية ، نُشرت عن دور نشر عربية وعالمية منها (القضايا القومية في شعر المرأة الفلسطينية الصادر عن شركة كاظمة للنشر والترجمة والتوزيع في الكويت عام 1984) ، وعن دار الفكر العربي في بيروت صدرت له الكتب التالية (الشافي في العروض والقوافي عام 1988 - ط3 عام 1995) ، (خطبة النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع عام 1989) ، (روائع من الأدب العربي - (ط2 و ط 3) عامي (1991 و 1993) - ط1 عن دار الوسام في بيروت عام 1990) ، (النثر في العصر الجاهلي عام 1993) ، (بشَّـار بن بـرد ( حياته وشعره ) عام 1994) ، (أبو العتاهيـة ( حياته وشعره ) عام 1994) ، (أبو تمام ( حياته وشعره ) عام 1994) ، (بدايـات في النقد الأدبي عام 1994) ، (النثر في العصر العباسي ( بالاشتراك مع الدكتور مأمون ياسين) عام 1998) ، (البحتري – حياته وشعره عام 2002) ، (مختارات من الأدب الأندلسي عام 2004) ، (الأدب الجاهلي (طبعة جديدة منقحة) عام 2005) ، (مختارات من الأدب العربي (مشترك) عن دار القلم في دبي عام 1994) ، (خطبة الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الـوداع عن دار المنار في دبي عام 1996) ، (في الأدب الجاهلي عن دار المنار في دبي عام 1996 و ط2 عام 1998) ، (ديوان أسامة بن منقذ -تحقيق وشرح - عن دار المنار في دبي عام 1996) ، (سلوة الكئيب بوفاة الحبيب صلى الله عليه وسلم لابن ناصر الدمشقي- تحقيق ودراسة (مشترك) عن دار البحوث التابع لحكومة دبي عام 1999) ، (الشعر العربي في مرحلة الحروب الصليبية عن دار المنار في دبي عام 2000) ، (علماء مكرَّمون ( مازن المبارك ) ( بالاشتراك ) عن دار الفكر المعاصر في بيروت ودمشق عام 2001) ، (حكم أبي الطيب المتنبي عن المكتب الجامعي الحديث في الإسكندرية عام2011) ، (الأدب العباسي عن مكتبة الفلاح في دبي عام 2011) ، (الرسالة الحاتمية فيما ذكره أبو الطيب المتنبي في شعره مجانساً لكلام أرسطو ، لأبي علي الحاتمي - تحقيق ودراسة (قيد الطبع - دار كنوز المعرفة في عمان) . (كتاب اللغة العربية (الاستدراكي) - (بالاشتراك) - عن دار كنوز المعرفة في عمَّان عام 2014) ، (كتاب اللغة العربية (بالاشتراك) عن دار كنوز المعرفة في عمَّان عام 2014) ، (حكاية الأدب العربي الجاهلي (طبعة جديدة منقحة) عن دار يافا في عمَّان عام 2017) ، (العروض والقوافي (طبعة جديدة منقحة) عن دار يافا في عمَّان عام 2017) ، (كفاية المطالب لكفاءة الطالب عن دار يافا في عمَّان عام 2017) ، (الرسالة الحاتمية فيما ذكره المتنبي موافقاً لكلام أرسطو (تحقيق ودراسة) عن دار يافا في عمَّان عام 2017) .
وفي المجال الإبداعي والشعري ، اصدر عدد من دواوين الشعر والحكايات والمجموعات القصصية وأخرى قيد الطبع ، تم نشرها عن دور نشر عربية وعالمية رصينة ، منها (ديوان مغترب - عن دار القلم في دبي عام 2005) ، (ديوان خليجيات عن المكتب الجامعي الحديث في الإسكندرية عام 2010) ، (حكاية زيتا (من ذاكرة الأوطان) - مجموعة قصصية - عن دار كنور المعرفة في عمّان عام 2016) ، (ديوان الغربة والاغتراب - شعر - قيد النشر في بيروت) ،(ديوان أحزان وأشجان - شعر - قيد النشر في القاهرة) ، (ديوان فلسطينيات - شعر - قيد النشر في القاهرة) ، (ديوان المراثي - شعر - قيد النشر) ، (ديوان حريريات - شعر - قيد النشر في عمان) .
ووفاءً لشخصه الكريم ولمشاعره الفياضة بالحب وبكل الشعور النبيل الخالص وتقديرًا لمواقفة النبيلة ومشاطرته أحزاننا وأتراحنا على ما حل بالموصل وأهلها في ثلاث سنين عجاف ، وحيث أن سلسلة الأقوال من أجل الموصل في محنتها ومستقبلها التي ننشرها تباعًا ليست محصورة بنطاق أهل الموصل فحسب بل تتعدى لتشمل كل ذي موقف مشرف وكلمة صادقة وموقف نبيل في أرجاء المعمورة وبغض النظر عن الهوية أو الجنس أو الديانة أو القومية ، فكان حقًا لنا وعلينا أن يكون حضوره المشرف ضمن السلسلة أعلاه وان يُسجل اسمه في صفحاتها ليأخذ استحقاقه بكل شرف وتميز فيما سيسطره التاريخ عنها وعن رجالاتها .
لقد اخترت مقولته كما في الصورة أدناه وهي جزء من حواره أعلاه ، فكان جلَ حضوره وتعليقاته ومواكبته للأحداث وطيب كلامه وطراوة لسانه هي مبعث فخر وسرور وتعكس شخصية هذا الإنسان النبيل والمخلص والشغوف حبًا للموصل وأهلها رغم بُعد المسافات ، والدؤوب عملًا وحضورًا ، أضعها أمامكم سادتي الكرام آملًا أن تنال إعجابكم وأن يلقى صاحب المقولة في مشاركتكم وتفاعلكم معها ما يبعث إلى سروره وسعادته وتعكس ردا لجميل مواقفه ولتغدوَ شهادة حق في موقفٍ وقولٍ لرجلٍ عالمٍ حصيف يُكِنُ كل المحبة للموصل وأهلها ، متأملًا تفاعلكم القيم ومسجلًا عظيم الشكر والإمتنان للشخصيات التي تواكب ما ننشر بكل حرص وسرور وتقدر عاليًا ما نبذل من جهود في سبيل إظهار المواقف والحقائق ، وفق الله الجميع لما فيه خير العباد والبلاد وتقبلوا وافر الاحترام والتقدير .
حسن ميسر صالح الأمين
30/10/2017
والمقولة هي :
ستبقى الحدباء شمسًا مشرقةً ، وقمراً منيراً ، ودُرةً مُتلألئةً ، تقف بكل صبر ، وجَلَدٍ ، وإيمان ، أمام المحن والإحن ، وستبقى صامدة حرة ، عربية شامخة بإذن الله ، بحكم ما تمتلكه من عمق حضاري ممتد لآلاف الأعوام ، وبحكم رسالة التواصل الحضاري التي تحمل رايتها نحو المستقبل .
الأستاذ الدكتور
هاشم صالح مناع
* لقراءة المقال على الفيس بوك ومتابعة التعليقات على الرابط ادناه :
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=10213909557034267&id=1269245661
4794 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع