الدكتور هيثم الشيباني
خبير في البيئة
السلاح الهيدروجيني والحرب الكوريه
.المدخل:
سبق أن نشرت مقالا بعنوان . الطاقة النووية , الفوائد والمحاذير , وأشرت المحاذير التي تنطوي على استخدام الطاقة النووية في مجالات مثل المفاعلات النووية ومخاطر الاشعاع النووي والكوارث النووية التي حصلت وما زالت آثارها ماثلة أمامنا , كذلك الاستخدام الكارثي لقنبلتي هيروشيما وناكازاكي على اليابان في الحرب العالميه الثانية , وأعتبرت فيه أن السلاح النووي هو أسوأ وأخطر استغلال للطاقة النووية.
وأنا من أشد معارضي الأسلحة النووية , وأن قضية التوازن النووي بدعة يستفيد منها تجار الحروب ( حتى صار حق المعرفه سلعة تباع لمن يدفع أكثر) , وتنهك اقتصاد الدول النامية وتلهيهيا عن البناء والتعمير ورفاه شعوبها , ومن المطالبين بتقليص استخدام النضائر المشعة الى الحد الأدنى ووضع الرقابة الصارمة على استخدامات الاشعة المؤينة , حيث أجد أن اللوائح الصادرة من الجهات الدولية والرقابية لا تكفي وحدها في الوقت الحاضر.
2.المقدمة
أولا. حافظت الأزمة الكورية على دور الصدارة في الاهتمامات العالميه ، وتباينت المواقف لما ينبغي فعله وعاد خطاب التهديد الى الواجهة والتلويح بأن الحرب بالوسائل النووية ليست مستبعدة. ان مواقف حلفاء واشنطن من الاوروبيين والآسيويين أيضا الرافضين بشدة لحرب لا تبقي ولا تذر طلبت من البيت الأبيض تعديل لهجة الخطاب بإبقاء الخيار العسكري قائما لكنه ليس الخيار الأول.
يتطلب التحليل أن نطلع على مواقف أبرز القادة الاميركيين , سياسيين وعسكريين , على السواء, وتناول حزمة الخيارات المطروحة لطرفي الأزمة , وتسليط الضوء على موقف الصين بشكل أساسي الذي له مكانة محورية في معادلة الصراع .
ثانيا. أعرب صندوق مارشال الألماني عن شكوكه في أخذ رئيس كوريا الشمالية (خطاب الرئيس الأميركي بإحالة بلاده الى كتلة من اللهب وسط غضب) أميركي على محمل الجد , بل ما آل إليه التهديد هو ترويع الاوروبيين .. وشكل إقلاعا عن المقولة المتبعة باعتماد توازن بين خطابي الإدانة والتسويف , فيما يخص كوريا الشمالية , الذي عبر عنه وزير الخارجية الأسبق هنري كيسنجر في مقال نشره في صحيفة وول ستريت جورنال. واوضح ان الأزمة بالنسبة للأوروبيين تجري في بلاد نائية , بيد أن التحولات المتسارعة فرضت على القارة الأوروبية التعامل معها لما تنذر به من مخاطر تصعيد عسكري . وشدد على ضرورة تخطي الأوروبيين الحساسيات الآتية من الشاطئ المقابل للمحيط الأطلسي وتعزيز سبل التعاون مع أميركا بغية دعم جهود لحل سلمي للأزمة الكورية.
مؤسسة هريتاج :
ثالثا.اعتبرت (مؤسسة هاريتاج). تجربة التفجير النووي لكوريا الشمالية بواسطة قنبله هيدروجينيه بأنها رد على تهديد ترامب باحراقها باللهب والغضب , بلغت طاقته عشرة أضعاف تجاربها الخامسه السابقه , وأوضحت أنه التفجير الأول في عهد الرئيس ترامب ويترقب العالم كيف سيرد عليه. (1)
رابعا. حذر مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأمريكيه من الاستخفاف بالبرنامج النووي الكوري واعتبار التفجير الأخير بمثابة سلوك انتحاري اذ أن التفجير الأخير يزعزع الاستقرار في الاقليم و يشكل تهديدا للولايات المتحدة الأمريكيه و قد يجرها لشن غارات وقائيه وناشد الأخصائيون النظر بمنظار مختلف لمسلك كوريا الشمالية , ولا بد من مراعاة التوازن العسكري يشمل كوريا الجنوبيه واليابان والصين بصورة أكبر بكثير مما يتعلق بالولايات المتحده الأمريكيه , وحذر من نشوب حرب تقليديه شامله ضد كوريا الشمالية لما سينجم عنها تدمير هائل لآراضي كوريا الجنوبيه وما سيخلفه من ضحايا هائلة بين المدنيين. (2)
خامسا . ان تفجير كوريا الشمالية النووي الأخير جعل مؤسسة هاريتاج تعيد النظر برفع الحظر عن التسليح النووي لليابان , لا سيما وأن الرئيس الكوري الشمالي تحدي الموقف الأمريكي في شرق آسيا وكشف عن انقسام عميق في الفكر الأمريكي , وتوقعت المؤسسة أن التجارب النووية المتتاليه ربما تدفع اليابان لانتاج سلاح نووي خاص بها يعززه اعتقاد الخبراء أن الأمر سيستغرق بضعة أشهر لعبور اليابان من مراحل اتخاذ القرار لانجاز السلاح وأضاف أنه في ظل هذا المناخ المتوتر من المرجح ان تسعى كوريا الجنوبيه وتايوان الاقتداء باليابان. (3)
سادسا. ان قيام كوريا الشمالية بتطوير نظام صواريخ عابر القارات , ربما يضع واشنطن فى خطر التعرض إلى سلسلة غارات نووية.
سابعا. وقال وزير خارجية كوريا الشمالية ري يونج ,
أثناء حضوره اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك ,إن بيونج يانج يمكن إن تختبر قنبلة هيدروجينية في المحيط الهادئ ونقلت وكالة يونهاب الكورية الجنوبية للأنباء أن كوريا الشماليه قد تفكر في اختبار قنبلة هيدروجينية في المحيط الهادي وعلى نطاق لم يسبق له مثيل . (4)
3. المكونات التصنيعية للقنبلة الهيدروجية:
مبادئ تصميم تيللر- أولام للسلاح النووي الحرارى (الهيدروجيني).
فالقنبلة الهيدروجينية سلاح نووي ينتج طاقة نووية عالية تبدأ من تفاعل إنشطار نووي ابتدائي الذى يعمل على ضغط وإشعال تفاعل إندماج نووي ثانوى . وتزداد نتيجة الإنفجار إلى حد كبير من حيث القوة التفجيرية بالمقارنة مع أسلحة الانشطار ذات المرحلة الواحدة. يشار إليها باسم القنبلة الهيدروجينية أو القنبلة-H . إن مرحلة الانشطار في مثل هذه الأسلحة مطلوبة لإحداث الاندماج.
تصنع هذه القنابل بواسطة تحفيز عملية الاندماج النووي بين نظائر نوويه لعنصر الهيدروجين وبالأخص النظيرين التريتيوم (Tritium) والديوتيريوم (Deuterium) , حيث ينتج من اتحادهما نظير أثقل كتلة من الهيليوم الطبيعي، وتقاس قوة القنبلة الهيدروجينية بالميجا طن (مليون طن من مادة تي إن تي ).
ومن أجل تحقيق عملية الاندماج وفر العلماء حرارة عالية تصل لملايين الدرجات المئوية كتلك الموجوده في مركز الشمس وذلك عن طريق إحداث انشطار نووي متسلسل باستخدام (اليورانيوم 235 أو العناصر فوق اليورانيوم كالبلوتونيوم .
كانت أول قنبلة نووية جاهزة للاستخدام ( لأول اختبار سوفيتي لسلاح نووي حراري في 12 أغسطس 1953) , كما و طورت أسلحة مماثلة في المملكة المتحدة , والصين , وفرنسا والدول الأخرى المسلحة نوويا , وإسرائيل , والهند , وباكستان , و كوريا الشمالية .
و من أهم ميزات القنبلة الهيدروجينية عدم إنتاج مخلفات نووية تدوم لمدة طويلة على عكس القنبلة الانشطارية التي تكون فترة عمر النصف لمخلفاتها بضع آلاف من السنين.
(عمر النصف لماده نشطه اشعاعيا هو مقدار الوقت اللازم لهذه الماده كي تنخفض فعاليتها الاشعاعيه الى نصف قيمتها الأصليه , فنجد أنواعا من النظائر المشعه يبلغ عمر نصفها بضعة ثواني وأخرى بضعة سنوات أو آلاف السنوات أو حتى ملايين السنوات).
4. أهم المعلومات عن القنبلة الهيدروجينية :
أولا. الهزة الأرضية .
كانت أول علامة على إجراء التجربة الكورية الأخيرة , هي حدوث هزة أرضية سجلت في منطقة شمال شرقي كوريا الشمالية , حيث تجري كوريا الشمالية اختباراتها الذرية.
ثانيا.أشد من القنبلة الذرية .
تعد القنبلة الهيدروجينية , أخطر أسلحة الدمار الشامل ويمتد التأثير الناتج عن انفجار القنبلة مساحة قطرها 200 كم , وإن قوتها التدميرية تتفاوت بين ألف قنبلة ذرية , وخمسة آلاف قنبلة ذرية.
ثالثا. تعود تجربة أول قنبلة هيدروجينية إلى الولايات المتحدة الأمريكية , وذلك في المحيط الهادئ عام 1954 , فكانت قوتها 3.5 ميجا طن ( ميكا طن يساوي ألف كيلو واط).
رابعا.عرضت روسيا نسخة من أقوى قنبلة نووية في التاريخ وتعود هذه القنبلة إلى عهد الاتحاد السوفيتي السابق، وتُعرف باسم قنبلة القيصر.
حيث فجر الاتحاد السوفيتي السابق هذه القنبلة , التي تبلغ قوتها التفجيرية 58 ميغا طن، في عام 1961 في منطقة القطب الشمالي. وكانت قوتها أشد من قنبلة هيروشيما بثلاثة آلاف مرة .
وأسقطت الطائرة (توبوليف تي يو 95 بي ) القنبلة، التي تزن 26.5 طن , من على ارتفاع 10.5 كيلومتر , فوق أرخبيل نوفايا زيمليا بالمحيط القطبي الشمالي .
وقالت وسائل إعلام روسية إن الاهتزازات الناجمة عن القنبلة هزت الكرة الأرضية ثلاث مرات , وإن كرة اللهب بلغ اتساعها 4.6 كيلومتر , وإن غبار الانفجار النووي ارتفع إلى مسافة 67 كيلومترا فوق سطح الأرض .
خامسا : تأثير القنبله الهيدروجينيه لو تم اسقاطها على مدينة سيئول عاصمة كوريا الجنوبيه ؟
من المتوقع أن 2 مليون انسان من سكان سيئول سوف يقتل لوأسقطت قنبلة نووية من عيار قنبلة شمال كوريا التي تم اختبارها أخيرا.( 5 )
كلما قامت كوريا الشمالية بتصعيد عيار الرؤوس النووية , فان حكومتي الولايات المتحدة الأمريكيه وجنوب كوريا تقومان باجراء حسابات رياضية بواسطة الحواسيب لمعرفة مدى الخسائر البشرية والماديه ,التي سوف تصيب العاصمة سيئول لو تم اسقاط القنبلة عليها.
كانت الحسابات التي أجرتها أمريكا وكوريا الجنوبية في نموذج رياضي لحساب تأثيرات اسقاط سلاح نووي عيار 15 كليو طن في عام 1998 وهو نفس العيار التي استخدم ضد هيروشيما في شهر آب عام 1945.
أشارت هذه الدراسه الى أن حكومة جنوب كوريا بحاجة ملحة الآن الى تخمينات رياضية لقنبلة بعيار يصل الى 100 كيلوواط.
ان انفجارا بهذا العيار لو حصل فوق مدينة (سيئول ) عاصمة كوريا الجنوبيه , سوف يؤدي الى تبخر هياكل تقع على نصف قطر 1200 قدم من مركز الانفجار. وأن أبنية تقع لغاية 1.5 ميل من مركز الانفجار سوف تذوب أو تحترق , بينما سوف يواجه أي هدف على مسافة 7 ميل من مركز الانفجار تدميرا كبيرا.
كل شخص موجود على مسافة 2.5 ميل من مركز الانفجار سوف يعاني من حروق من الدرجة الثالثه وسوف لا يتمكن الأحياء من النجاة من هذه الكارثه , حسب ما ورد في التقرير.
أما في حالة اسقاط قنبلة هيدوجينيه بعيار (الميكاطن ) فلا شك أن الخسائر سوف تكون مروعة لعموم الحياة على الهدف وما حوله.
سادسا. أعلنت فرنسا أنها قامت بأول تجربة سلاح هيدروجيني في عام 1968.
سابعا. كما أعلنت الصين أن أول تجربه سلاح هيدروجيني كانت في عام 1967 .
ثامنا . الهند وباكستان وإسرائيل.
يعتقد أيضاً أن الهند وباكستان وإسرائيل تمتلكان قنابل .
5.الاستنتاجات.
أولا . ان الحرب النووية لو نشبت بين القوى العظمى,تؤكد ما ذهبنا اليه في مقالات سابقة بأنها لا تبقي ولا تذر.
ثانيا. سوف لن تنجو دول حليفة لأي قوة عظمى من ويلات الحرب النوويه, حتى لو امتلكت السلاح النووي .
ثالثأ.ان استراتيجية التهديد بالسلاح النووي , سوف تقابلها استراتيجية الردع وهذه سوف تتعرض الى الردع المتصاعد , ثم الردع للردع المتصاعد .والحال يصبح دمارا للبشرية بأجمعها لو نشبت الحرب النوويه.
رابعا.لا شك أن السعي لامتلاك السلاح النووي من قبل دولة ما سوف يحرم شعب تلك الدولة من العيش الرغيد والسعيد , خصوصا اذا كانت موارد تلك الدولة محدودة مثل دول الشرق الأوسط ونحن من ضمنها.
(3)https://www.hudson.org/research/13868-does-trump-want-a-nuclear-japan
(4)
https://abumahjoobnews.com/2017/09/22/%D9%83%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%AF%D8%B1%D8%B3-%D8%A7%D8%AE%D8%AA%D8%A8%D8%A7%D8%B1-%D9%82%D9%86%D8%A8%D9%84%D8%A9-%D9%87%D9%8A%D8%AF%D8%B1/
5)http://www.telegraph.co.uk/news/2017/09/05/would-impact-hydrogen-bomb-dropped-seoul/
3187 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع